< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

41/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حکم المراهنة علی اللعب بغیر الآلات المعدة للقمار / القمار / المکاسب المحرمة

مسألة: هل یجوز الاستدلال بروایة محمّد بن قیس علی جواز ما نحن فیه[1] أم لا؟

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ[2] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى[3] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ[4] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى[5] عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَقِيلٍ[6] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ[7] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ[8] (ع)قَالَ: «قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(ع)فِي رَجُلٍ أَكَلَ[9] وَ أَصْحَابٌ لَهُ شَاةً فَقَالَ إِنْ أَكَلْتُمُوهَا فَهِيَ لَكُمْ وَ إِنْ لَمْ‌ تَأْكُلُوهَا فَعَلَيْكُمْ‌ كَذَا وَ كَذَا فَقَضَى فِيهِ أَنَّ ذلك بَاطِلٌ لَا شَيْ‌ءَ فِي الْمُؤَاكَلَةِ مِنَ[10] الطَّعَامِ مَا قَلَّ مِنْهُ وَ مَا كَثُرَ وَ مَنَعَ غَرَامَتَهُ مِنْهُ‌[11] ».[12]

بدعوى أنّ سكوت الإمام(ع)عن منع اللعب دليل على جوازه و إن كان باطلاً لا يوجب غرامةً.

ذهب الفقهاء إلی عدم جواز الاستدلال بهذه الروایة؛ کما سیأتي.

أقول: ظاهر الروایة أنّ هذا الشرط لا یحرم تکلیفاً و لکن لا یترتّب علیه أثر شرعاً؛ لعدم وجوب الغرامة. و لعلّ المراد تعارف صاحب الشاة بالأکل الکامل من دون ملاحظة، کما هو مقتضی المحبّة في ضیافة الأعراب الأسخیاء و لیس البحث في القمار، بل مزاح و تعارف في الحقیقة بین الأحبّاء و الرفقاء، حیث إنّ الأکل لا حرمة فیه من الرفقاء و الغرامة ممنوعة؛ لأنّ ذلك کلّه في مقام المزاح دون المعاملة الجدّیّه و القمار المتعارف؛ فلا یصحّ الاستدلال بها في المقام للجواز أو الحرمة و لکن یمکن التأیید بها للجواز في الجملة و الحقّ عدم جواز الاستدلال بهذه الروایة.

قال الشیخ الأنصاريّ(رحمه الله):

«ظاهرها من حيث عدم ردع الإمام(ع)عن فعل مثل هذا أنّه ليس بحرام إلّا أنّه لا يترتّب عليه الأثر؛ لكن هذا وارد على تقدير القول بالبطلان و عدم التحريم أيضاً؛ لأنّ التصرّف في هذا المال مع فساد المعاملة حرام أيضاً؛ فتأمّل».[13]

یلاحظ علیه: بالملاحظة السابقة.

کلام بعض الفقهاء ذیل کلام الشیخ الأنصاري

قال الشیخ المامقانيّ(رحمه الله):«غرضه[14] أنّه يتّجه الإيراد بالحديث على القول بالبطلان و عدم التحريم؛ كما حكاه(رحمه الله)عن بعض مشايخه المعاصرين له و وجه الإيراد هو أنّ الحديث يدلّ على البطلان و لازمه حرمة التصرّف؛ لأنّ التصرّف فيما قبض بالعقد الفاسد حرام و هو منافٍ للقول بالبطلان و عدم التحريم. لعلّ الأمر بالتأمّل إشارة‌ إلى أنّ الحديث إنّما دلّ على البطلان و لم يفد الحكم بحرمة التصرّف في الخطر[15] و إنّما جي‌ء به من الخارج بدعوى كون حرمة التصرّف فيه من لوازم البطلان».[16]

أقول: هذا کلّه یؤیّد ما ذکرناه في الملاحظة السابقة.

و قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «توضيح كلامه: أنّ سكوت الإمام(ع)عن بيان الحرمة في جهة لا يستلزم ثبوت الجواز فيها و إلّا لكانت الرواية دالّةً على جواز التصرّف في مال الغير بناءً على فساد هذه المعاملة؛ لأنّ الإمام(ع)قد سكت عن بيان حرمته أيضاً».[17]

أقول: هذا کلّه یؤیّد ما ذکرناه في الملاحظة السابقة.

و قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله) بعد إتیان الروایة: «إنّ الإستشهاد إمّا بسكوت الباقر(ع)عن بيان الحكم، ففيه أنّه بصدد بيان قضاء مولانا أمير المؤمنين(ع)و لم يكن لاعب عنده حتّى ينهاه أو بأنّ سكوته عن بيان منع عليّ(ع)دليل على عدم منعه(ع)و هو دليل على الجواز، ففيه أنّه(ع)بصدد بيان قضائه في الواقعة، لا مطلق ما وقع فيها. و لهذا لم يذكر کیفیّة الدعوى و المدّعي و المدّعى عليه. و لعلّ أمير المؤمنين(ع)نهى عن العمل و لم يكن أبو جعفر(ع)بصدد نقله، مع أنّ الواقعة كانت قضيّةً خارجيّةً لم تظهر حالها؛ فلا معنى لاستفادة شي‌ء من سكوته.

ثمّ إنّ في الرواية إشكالاً و هو أنّ نفي الغرامة خلاف القواعد؛ لأنّ المعاقدة إن كانت فاسدةً كان الأكل موجباً للغرامة؛ لأنّه كالمقبوض بالبيع الفاسد. و ما يقال: إنّ الإباحة المالکيّة ترفع الغرامة ليس بشي‌ء؛ لأنّ ما يوجب رفعها هو الإباحة المطلقة لا في ضمن معاملة فاسدة؛ فلو باع شاةً في بيع فاسد و قال: خذها و كلها، فهل يمكن دفع الغرامة بالإباحة المذكورة؟فالأولى أن يقال: إنّ كيفيّة الدعوى و المدّعي و المدّعى عليه غير مذكورة في الرواية، و لم يكن أبو جعفر(ع)بصدد بيان تمام الواقعة بل كان بصدد بيان نحو القضاء.فعليه يحتمل أن يكون المدّعي في الواقعة صاحب الشاة، مع إظهار أصحابه العجز عن الأكل بعد تماميّة المشارطة و قبل التصرّف في الشاة، فأراد أخذ الغرامة التي جاءت بعهدة أصحابه بتوهّم صحّة المعاقدة؛ فمنع أمير المؤمنين الغرامة.

و القول بعدم صدق الغرامة عليه وهم؛ فإنّ الغرامة ما يلزم أداؤه من المال، و لهذا يقال للمديون: الغريم. فالمال المشارط عليه يقع على عهدة المتخلّف، فيكون غرامةً و صاحبه غريماً. فمع هذا الاحتمال لا دلالة في الصحيحة على خلاف القواعد، فتدبّر».[18]

أقول: هذه الإشکالات تؤیّد الملاحظة السابقة.


[1] . المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدّة للقمار.
[2] . الکلیني : إماميّ ثقة.
[3] . العطّار : إماميّ ثقة.
[4] . أحمد بن محمّد بن عیسی الأشعري : إماميّ ثقة.
[5] . محمّد بن عیسی بن عبید : إماميّ ثقة.
[6] . البجلي: إماميّ ثقة.
[7] . أبو عبد الله البجلي : إماميّ ثقة.
[8] . الإمام الباقر (ع).
[14] . الشیخ الأنصاريّ (رحمه الله).
[15] . قد یطلق علی القمار الخطر؛ فالمراد من الخطر في العبارة هو القمار. راجع: معجم المصطلحات و الألفاظ الفقهیّة 3 : 112.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo