< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/07/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أدلة حجية خبر الواحد ـــ آية النبأ.

تحصل مما ذكرنا أن ما ذكره السيد الأستاذ(قده) من ان قيود الحكم في مقام الإثبات ترجع الى الموضوع بحسب مقام الثبوت ما ذكره لا يمكن المساعدة عليه.

أما ما ذكره من أن القيود في مقام الإثبات تارة تكون قيودا للحكم وأخرى تكون قيودا للموضوع فهذا صحيح.

وأما ما ذكره(قده) من أن جميع قيود الحكم في مقام الإثبات ترجع الى الموضوع في مقام الثبوت. فهو غير مسلم إذ ان قيود الحكم في مقام الإثبات تنقسم إلى أقسام:

القسم الأول: القيود المأخوذة في لسان الدليل مفروضة الوجود في الخارج كما هو الحال في القضايا الحقيقية إذ الموضوع فيها مأخوذ مفروض الوجود بتمام قيوده وعناوينه. فمثلا المكلف بالحج مأخوذ مفروض الوجود بعنون المستطيع لأن الاستطاعة قيد لوجوب الحج في مقام الإثبات وهي مرحلة الجعل وقيد للموضوع وهو المكلف في مقام الثبوت وكذلك البلوغ قيد لوجوب الصلاة او وجوب الصوم او وجوب الحج هو قيد للحكم في مرحلة الجعل وهو مرحلة الإثبات وقيد للموضوع وهو المكلف واقعا في مرحلة الثبوت وكذلك العقل والقدرة والوقت وما شاكل ذلك من القيود المأخوذة في لسان الدليل مفروضة الوجود في الخارج فإن هذه القيود كما انها قيود للحكم في مرحلة الجعل كذلك هي قيود للموضوع في مرحلة الثبوت وفي مقام اللب والواقع.

فما ذكره(قده) تام في هذه القيود فإن قيود الحكم في هذا القسم ترجع جميعا الى قيود الموضوع في مقام الثبوت ولباً.

القسم الثاني: ما يكون القيد حالة للموضوع وليس من مقومات الموضوع كما في إذا جاء العالم فاستقبله فإن وجوب الاستقبال معلق على مجيء العالم والموضوع هو العالم وأما المجيء فهو شرط للوجوب وهو وجوب الاستقبال، فمثل هذا الشرط هل يرجع الى الموضوع في مقام الثبوت أو لا يرجع؟

والظاهر أنه يرجع الى الموضوع أيضا فإن وجوب الاستقبال إنما هو ثبات لحصة خاصة من العالم وهو العالم الجائي. وأما العالم الذي لم يجئ فلم يثبت له وجوب الاستقبال. وكذلك الحال إذا قيل: [إن جاءك زيد فأكرمه][1] فإن وجوب الإكرام إنما هو ثابت لزيد الجائي لا لزيد مطلقا سواء أ جاء أو لم يجئ.

ففي هذا القسم أيضا يرجع قيد الحكم الى قيد الموضوع ولكن ليس قيدا مقوما للموضوع.

القسم الثالث: فإن قيد الحكم في هذا القسم لا يرجع الى قيد الموضوع كما إذا قال المولى: [أن جاء ولدك من السفر سالما فأكرم العلماء] فإن طبيعي العلماء هو الموضوع في القضية ووجوب الإكرام وجوب مشروط بشرط وهو مجيئ الولد سالما من السفر ومعلق عليه فيكون هذا الشرط شرط للوجوب ولا يرجع الى الموضوع فالموضوع طبيعي العلماء والقضية قضية خارجية وليس قضية حقيقية.

فما ذكره السيد الاستاذ لا يتم في مثل هذا القسم من القيود وإن كان هذا القسم قليلا بالنسبة الى القسم الأول إذ غالب القضايا الصادرة من الشارع صادرة بنحو القضايا الحقيقية التي يكون الموضوع فيها مأخوذ مفروض الوجود بتمام قيوده.

ثم أن الآية المباركة هل يمكن تطبيق القسم الأول عليها وانها من القسم الأول إذ وجوب التبين معلق على مجيء الفاسق بالنبأ والموضوع هو طبيعي النبأ ومجيء الفاسق به شرط لوجوب التبين وقيد له. فهذا القيد يرجع لبا الى الموضوع فيكون الموضوع أيضا مقيدا أي النبأ أيضا يكون مقيدا بحصة خاصة منه وهي نبأ الفاسق.

فإذا مجيء الفاسق بالنبأ قيد للحكم في مقام الإثبات فهو قيد للموضوع أيضا في مقام الثبوت.

وعلى هذا فلا مانع من دلالة هذه القضية على المفهوم لأن المناط في دلتها على المفهوم إنما هو في مقام الإثبات وحيث أن في مقام الإثبات الشرط قيد للحكم وهو الجزاء وليس قيدا للموضوع فلا مانع من دلالة القضية على المفهوم وهو انتفاء وجوب التبين بانتفاء مجيء الفاسق بالنبأ.

فإذاً الآية تدل بمنطوقها على وجوب التبين عن النبأ إذا جاء الفاسق به وتدل بمفهومها على عدم جوب التبين إذا جاء العادل به. هكذا ذكره(قده).

ولكن تقدم سابقاً أن الآية ظاهرة في ان الموضوع خصوص نبأ الفساق ﴿ إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا [2] حيث لا شبهة في ظهور الآية في أن الموضوع خصوص نبأ الفاسق وإرادة طبيعي النبأ بحاجة الى عناية زائدة وذلك حيث يكون النبأ معرفا باللام أو يكون مذكوراً في صدر الآية الكريمة. وكلا الأمرين في المقام مفقود، حيث أن النبأ غير معرف باللام ولا هو مذكور في صدر الآية المباركة.

فلا قرينة في الآية المباركة على ان المراد من النبأ طبيعي النبأ.

ولا قرينة من خارج الآية المباركة تدل على أن طبيعي النبأ هو الموضوع.

وعليه فلا قرينة على ان المراد من النبأ في الآية المباركة هو طبيعي النبأ. فيكون الموضوع هو نبأ الفاسق وحينئذ لا تدل الآية على المفهوم إذ القضية الشرطية في الآية مسوقة لبيان تحقق الموضوع ولا مفهوم لها إذ مفهومها السالبة بانتفاء الموضوع وهو ليس من المفهوم في شيء.

هذا أولاً.

وثانياً: مع الإغماض عن ذلك وتسليم ان المراد من النبأ هو طبيعي النبأ في الآية المباركة إلا أن لا شبهة في أن طبيعي النبأ قد خصص بحصة خاصة وهي نبأ الفاسق فإن الفاسق إذا جاء به يوجب تخصص طبيعي النبأ بخصوص نبأ الفساق وحينئذ يكون الموضوع هو نبأ الفاسق حيث أن وجوب التبين عنه لا عن طبيعي النبأ لأن التقدير حينئذ يكون إن جاء الفاسق بالنبأ فتبينوا وهذا يعني أن وجوب التبين ليس عن طبعي النبأ بل إنما هو عن نبأ الفاسق فيلزم المحذور وهو ان القضية الشرطية في الآية المباركة لا تدل على المفهوم حيث أنها مسوقة لبيان تحقق الموضوع.

واما ما ذكره المحقق الأصفهاني(قده)[3] من الإشكال من أن المراد من النبأ إن كان طبيعي النبأ لزم وجوب التبين عن طبيعي النبأ عند مجيء الفاسق به إذ مجيء الفاسق به شرط لوجوب التبين عن طبيعي النبأ ومن الواضح أن طبيعي النبأ ينطبق على نبا العادل أيضا فلازم ذلك وجوب التبين عن نبأ العادل أيضا وهو كما ترى فلا يمكن الأخذ به بل هو خلاف الضرورة والوجدان.

والظاهر أن الأمر ليس كذلك فإن المراد من النبأ في الآية الكريمة إذا كان طبيعي النبأ هو الطبيعي المنحل إلى أفراده ومعنى ذلك أن كل فرد من أفراده إذا جاء به الفاسق وجب التبين عنه فالآية غير ناظرة الى نبأ العادل ونبأ الثقة إذ المراد في الآية لو كان طبيعي النبأ فهذا الطبيعي ينحل بانحلال أفراده ومعناه أن كل فرد من أفراده إذا جاء به الفاسق وجوب التبين عنه وهذا هو معنى الآية المباركة فلا يلزم المحذور إذ المحذور ان مجيء الفاسق به شرط حتى لوجوب التبين عن نبأ العادل به الذي لا معنى له بل المراد أن كل فرد من أفراد النبأ إذا جاء به الفاسق وجب التبين عنه. هذا هو معنى الآية الكريمة بناءً على ان يكون المراد من النبأ طبيعي النبأ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo