< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/07/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أدلة حجية خبر الواحد – آية النبأ.

الى هنا قد تبين ان ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني(قده) من أن المجعول في باب الأمارات هو الطريقية والكاشفية والعلم التعبدي لأخبار الثقة وظواهر الالفاظ، ومعنى حجية أخبار الثقة هي الطريقية والكاشفية. وهذا مما لا يمكن المساعدة عليه ثبوتاً لأن الجعل التكويني مستحيل وأما الجعل الاعتباري فلا أثر له ويكون لغوا وهو مستحيل.

وعليه فيكون مراد المحقق النائيني من جعل الطريقية لأخبار الثقة إما تنزيلها منزلة العلم في ترتيب أثاره عليها وهو غير صحيح:

أولاً: هو خلاف نص كلامه(قده)[1] فإن كلامه نص في أن المجعول نفس الطريقية والكاشفية لأخبار الثقة وأن الشارع جعل نفس أخبار الثقة فردا من أفراد العلم وللعلم فردان: فرد حقيقي وهو العلم الوجداني وفرد تعبدي وهو أخبار الثقة وظواهر الالفاظ.

فإذا كانت اخبار الثقة علما بحكم الشرع فيترتب عليه أثار العلم عليه قهرا ولا يحتاج الى الجعل. ومن هنا يكون قيام الأمارات على هذا القول مقام القطع الموضوعي على القاعدة ولا يحتاج الى دليل لأن الأمارات علم تعبدا ويترتب عليها آثار العلم قهرا.

فإذاً فرق بين أن يكون الجعل متعلقا بنفس أخبار الثقة وجعلها علما وأن يكون الجعل متعلقا بآثار العلم وجعل آثار العلم لأخبار الثقة بالتنزيل أو جعل آثار الطريقية الحقيقية للطريقية التعبدية. هذا اللسان وإن كان مختلفا إلا ان الحقيقة يرجع الجميع الى تنزيل أخبار الثقة منزلة العلم. وهو أحد معاني الحجية فإن الحجية إنما هي بمعنى الطريقية والكاشفية أو بمعنى تنزيل الأمارات منزلة العلم أو بمعنى جعل المنجزية والمعذرية أو بمعنى جعل الحكم الظاهري المماثل للحكم الواقعي في صورة المطابقة والمخالف في صورة عدم المطابقة.

فالنتيجة أن ما ذكره المحقق النائيني(قده) غير تام ثبوتا.

وثانياً: مع الإغماض عن ذلك وتسليم أن جعل الطريقية والكاشفية والعلمية لأخبار الثقة بأن يجعل الشارع أخبار الثقة فردا من العلم ممكن ثبوتا ولكن لا دليل على ذلك في مقام الإثبات فإن عمدة الدليل بل الدليل الوحيد على حجية أخبار الثقة وظواهر الالفاظ وغيرهما من الأمارات المعتبرة هو السيرة القطعية من العقلاء الجارية على العمل بها وامضاء الشارع لهذه السيرة. وقد ذكرنا ان لسان السيرة ليس لسان الجعل لأن السيرة دليل لبي ولا لسان له، فإذن لا جعل من قبل العقلاء وإما من قبل الشارع فالإمضاء فقط ويكفي في الامضاء سكوت المولى وعدم صدور الردع عنه بأن ينهى عن العمل بهذه السيرة ومن الواضح ان السكوت لا يستلزم الجعل.

فإذن لا جعل في باب الأمارات ولا مجعول لا من قبل العقلاء ولا من قبل الشارع وإنما جرت السيرة عملا بأخبار الثقة والشارع أمضى هذه السيرة.

وثالثاً: مع الإغماض عن ذلك أيضا وتسليم ان المجعول في باب الأمارات هو الطريقية والكاشفية والسيرة تدل على ذلك ولكن ما ذكره(قده) من ان مفهوم الآية حاكم على عموم التعليل فهو غير صحيح.

فإن حكومة مفهوم الآية على عموم التعليل مبنية على نقطة خاطئة. وهي أن التعليل متكفل للحكم المولوي التكليفي وموضوع هذا الحكم الأمارة غير المعتبرة أي التي لا تكون علما بالواقع فإن التعليل يدل على حرمة العمل بالأمارة على تقدير أن لا تكون علما كما هو الحال في جميع القضايا الحقيقية لأنها تدل على ثبوت الحكم للموضوع على تقدير وجود الموضوع في الخارج، مثلا آية الحج تدل على وجوب الحج على المستطيع على تقدير وجوده في الخارج ولكن لا تدل على ان المستطيع موجود في الخارج او أنه ليس موجودا لا نفيا ولا إثباتا.

فإذن التعليل يدل على حرمة العمل بالأمارة على تقدير أن لا تكون علما ولكن التعليل لا يدل على انها علم او ليست بعلم فهو ساكت عن ذلك نفيا وإثباتا.

وأما مفهوم الآية المباركة فهو يدل على أن خبر العادل علم تعبدا.

فإذن مفهوم الآية المباركة يكون رافعا لموضوع التعليل تعبدا ومن اجل ذلك يكون حاكما على التعليل ورافعا لموضوعه تعبدا.

ولكن هذه النقطة خاطئة فإن مفاد التعليل ليس الحكم التكليفي المولوي وهو حرمة العمل بالأمارة على تقدير أن لا تكون علما بل مفاده الإرشاد الى عدم حجية الأمارة الظنية وانها لا تفيد العلم بالواقع كأخبار الثقة. كما أن مفاد المفهوم الإرشاد الى حجية خبر العادل والتعليل مفاده الإرشاد الى عدم حجية خبر العادل فهما في عرض واحد، فالآية بمفهومها إرشاد الى حجية خبر العادل والتعليل إرشاد الى عدم حجيته سواء كانت الحجية بمعنى الطريقية والعلم التعبدي أم كانت بمعنى المنجزية والمعذرية أم بمعنى جعل الحكم الظاهري المماثل للحكم الواقعي في صورة المطابقة للواقع والمخالف في صورة عدم المطابقة.

فإذاً التعليل في عرض المفهوم وليس في طوله والمفروض ان يكون الدليل المحكوم في طول الدليل الحاكم والدليل الحكام متقدم على الدليل المحكوم رتبة. واما في المقام فالتعليل في عرض المفهوم إذ المفهوم يدل على حجية خبر العادل والتعليل يدل على عدم حجيته. فإذاً بينهما معارضة بالإيجاب والسلب وبنحو التناقض.

فالنتيجة عدم ثبوت حجية خبر العادل.

إلى هنا قد تبين أنه لا يمكن إثبات حجية خبر العادل في الآية فضلا عن كون الحجية بمعنى الطريقية والكاشفية للتعارض بين دلالة الآية على المفهوم ودلالة التعليل في ذيلها على عدم حجية خبر العادل وعليه لا يمكن إثبات حجية خبر العادل سواء كانت الحجية بمعنى الطريقية او بمعنىً آخر.

ثم أن المحقق الأصفهاني(قده)[2] قد ذكر أن حكومة الآية على التعليل تستلزم الدور ولا يمكن ان تكون الآية المباركة بمفهومها حاكمة على عموم التعليل.

وقد افاد في وجه ذلك: ان دلالة الآية المباركة على المفهوم وظهورها فيه تتوقف على عدم صلاحية التعليل للقرينية وإلا لم ينعقد ظهور للآية في المفهوم من جهة ان التعليل متصل بالآية وإذا كان صالحا للقرينية فهو مانع عن انعقاد ظهور الآية في المفهوم وحينئذ لو كان التعليل صالحا للقرينية كان مانعا عن انعقاد ظهور الآية في المفهوم.

وعلى هذا فلو توقف ظهور التعليل في القرينية على ظهور الآية في المفهوم لكان دورا وهو من توقف ظهور الآية في المفهوم على ظهورها في المفهوم وهو دور من توقف الشيء على نفسه وتوقف الشيء على نفسه كعلية الشيء لنفسه مستحيل.

هكذا ذكره المحقق الأصفهاني(قده).

وما ذكره غير تام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo