< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: التواتر

ذكرنا ان تنجيز العلم الاجمالي في التواتر الاجمالي منوط بتوفر شرطين:

أحدهما: ان يكون المعلوم بالإجمال حكما إلزاميا على كل تقدير.

والثاني: ان لا ينحل هذا العلم الاجمالي.

فمع توفر هذان الشرطان يتنجز هذا العلم الاجمالي فيجب الاحتياط.

ثم ان أطراف العلم الاجمالي تنقسم الى قسمين:

القسم الأول: ان اطراف العلم الاجمالي احتمالات مستقلة وغير منافية وغير مشروط بعضها ببعضها الاخر ولا ارتباط بينها كالتواتر الاجمالي المتقدم فإن 100 شخص مثلا أخبر عن مائة قضية لا ارتباط بين هذه القضايا وهي احتمالات مستقلة ولا يرتبط بعضها ببعضها الآخر، أو إذا فرضنا ان زيد أخبر عن نجاسة الإناء الأبيض وعمرو أخبر عن نجاسة الإناء الأسود وبكر أخبر عن نجاسة الفراش والرابع أخبر عن نجاسة ثوبه والخامس أخبر عن نجاسة بدنه والسادس أخبر عن نجاسة بيته وهكذا فهذه الأخبار أخبار مستقلة واحتمال مطابقتها للواقع غير مربوط بمطابقة الآخر للواقع فإن كل واحد من هذه الأخبار احتمال مطابقته للواقع بنسبة 50% او ستين او أكثر او اقل ولا يرتبط احتمال مطابقة كل منها باحتمال مطابقة الاخر.

فهذا هو العلم الاجمالي بصدق أحد هذه الأخبار ومطابقة بعضها للواقع.

القسم الثاني: ان احتمالات اطراف العلم الاجمالي احتمالات مربوط بعضها ببعضها الآخر كما هو الغالب في أطراف العلم الاجمالي فإذا علمنا إجمالا بنجاسة أحد الإناءين الأبيض و الأسود، فإن القيمة الاحتمالية لنجاسة الإناء الأسود ترتبط بالقيمة الاحتمالية لنجاسة الإناء الأبيض فإذا كبرت القيمة الاحتمالية لنجاسة الإناء الأبيض تضاءلت القيمة الاحتمالية لنجاسة الإناء الأسود فإذا فرضنا أن القيمة الاحتمالية لنجاسة الإناء الأبيض بلغت 60% فبطبيعة الحال تتضاءل وتتناقص القيمة الاحتمالية لنجاسة الإناء السود الى 40% بنفس الدرجة وإذا بلغت القيمة الاحتمالية لنجاسة الإناء الأبيض 70% تضاءلت القيمة الاحتمالية لنجاسة الإناء الأسود الى 30% وهذا هو معنى الارتباط أي أحد الاحتمالين مربوط بالاحتمال الآخر ومشروط به صعودا ونزولا بنفس الدرجة، وإذا وصلت القيمة الاحتمالية لنجاسة الإناء الأبيض الى 100% انقلب الى العلم بنجاسة الإناء الأبيض وعلما بعدم نجاسة الإناء الاسود.

فإذا فرضنا أننا علمنا بوقوع قطرة من الدم على أحد آنية عشرة ونسبة وقوع هذه القطرة على كل واحد منها نسبة 1 من عشرة او نسبة العشرة من مائة وإذا فرضنا ان هذه النسبة كبرت في واحد منها ووصلت القيمة الاحتمالية لوقوع قطرة الدم فيه الى 50% فبطبيعة الحال تضاءلت القيمة الاحتمالية لوقوع قطرة الدم على سائر الآنية إلى أقل من 5% وتسع الواحد.

فإذن كلما كبرت القيمة الاحتمالية في بعضها تضاءلت القيمة الاحتمالية في بعضها الاخر بنفس النسبة.

أو إذا فرضنا أن هناك 100 إناء وقد وقعت قطرة من الدم على أحدها فنسبة وقوع هذه القطرة على كل واحد منها نسبة 1% وأما نسبة عدم وقوعها على كل واحد منها فهي 99%، ففي مثل ذلك هل يكون عدم وقوع قطرة الدم على كل واحد منها قيمته تبلغ الى حد الاطمئنان ووقوع قطرة الدم على كل واحد يبلغ الى حد الوهم او لا يبلغ؟ فإذا فرضنا ان القيمة الاحتمالية لوقوع الدم على كل واحد من هذه الآنية البالغ عددها 100 إناء وصلت الى درجة الوهم ويكون وقوعها في كل واحد موهوما، وأما عدم وقوعها في كل واحد فقيمته تبلغ مرتبة الاطمئنان فإذا وصل الى درجة الاطمئنان انحل العلم الاجمالي باعتبار ان الاطمئنان يكون حجة ذاتا عند العقلاء وممضى شرعا، فلا يبقى أثر لذلك العلم الاجمالي ولا مانع من الرجوع الى الاصول المؤمنة في أطرافه.

وهل هذا الاحتمال الواحد في المائة منجز او لا؟ فإن لم يكن منجزا انحل العلم الاجمالي وإن كان منجزا لم ينحل العلم الاجمالي؟

الظاهر ان احتمال واحد بالمائة يكون منجزا كما هو الحال في الأخطار الخارجية فإذا فرضنا ان المسافر يرى في هذا الطريق خطر الموت او خطر آخر وإن كان هذا الاحتمال واحد في المائة فمع ذلك يكون منجزا ولا يختار هذا الطريق. فاحتمال 1% يكون منجزا وحينئذ يجب الاحتياط. وأما إذا كان الاحتمال احتمال واحد من ألف او أكثر فهو موهوم ولا يكون منجزا لأن مقابله الاطمئنان والاطمئنان يكون حجة لدى العقلاء ذاتا والشارع امضى ذلك ولا فرق في حجية الاطمئنان بين اطراف العلم الاجمالي وغير اطراف العلم الاجمالي والشبهة المحصورة والشبهة غير المحصورة، كما إذا كانت لدى واحد مكتبة فيها مائة ألف كتاب وهو يعلم اجمالا ان كتابا واحدا فيها مغصوب ولكن لا يدري انه من الكتب الاصولية او الفقهية او كتب التفسير او التأريخ او الفلسفة، فإذا أخذنا أي كتاب منها فاحتمال أنه مغصوب يكون بنسبة واحد من مائة ألف احتمال ومن الواضح ان هذا الاحتمال لا أثر له، ولا يكون منجزا وفي مثل ذلك لا أثر للعلم الاجمالي وانه ينحل الى الاطمئنان في بعض اطرافه والى الوهم في بعضها الاخر والاطمئنان يكون حجة عند العقلاء وعند الشارع ويوجب انحلال العلم الاجمالي كما هو الحال في الحجية الشرعية، كما إذا علم بنجاسة احد الإناءين الشرقي او الغربي وقامت البينة على ان الإناء الشرقي هو النجس فينحل العلم الاجمالي الى علم تفصيلي تعبدي والى شك بدوي فلا مانع من الرجوع الى اصالة البراءة.

فالنتيجة ان ضعف الاحتمال إذا وصل الى درجة الوهم وقيمة الاحتمال اذا كبرت ووصلت الى درجة الاطمئنان ينحل العلم الاجمالي الى عمل تفصيلي في موارد الاطمئنان وشك بدوي ووهمي في غير موارده فلا مانع من الرجوع الى الاصول المؤمنة.

ثم ان في هذا التواتر كما ان العامل الكمي مؤثر فيه فكذلك العامل الكيفي ايضا مؤثر فإذا فرضنا انه اخبر عن موت زيد ألف ثقة واخبر عن موته الف مجهول فيختلف الحال بينهما فإن من اخبار الثقة يحصل اليقين بسرعة دون اخبار غير الثقة فيحصل اليقين بأخبار الثقة إذا بلغ الى 100 ثقة بينما إذا اخبر مائة مجهول فلا يحصل اليقين بصدق القضية المتواترة، فالعامل الكيفي ككون المخبر ثقة او عدلا يؤثر في الاسراع بحصول اليقين، فالعامل الكمي وحده لا يكون مؤثرا الا إذا كان كثيرا.

هذا تمام كلامنا في التواتر الاجمالي.

وبعد ذلك يقع الكلام في التواتر المعنوي

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo