< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجية الظواهر ــــ حجية قول اللغوي
الوجه الثالث: دليل الانسداد.
بدعوى العلم الاجمالي بوجود حكم الزامي في دائرة اقوال اللغويين، والعلم الوجداني التفصيلي الطريق منسد اليه وكذلك العلم التعبدي لأن قول اللغوي لا يكون حجة، فمع انسداد باب العلم الوجداني والتعبدي معا فلا مناص من العمل بالظن الحاصل من قول اللغوي.
والجواب عن ذلك واضح: فإن دليل الانسداد مبني على مقدمات وهي غير متوفرة في المقام، لأن من هذه المقدمات العلم الاجمالي بوجود تكاليف الزامية من الوجوبات والتحريمات وغيرهما، وهذه المقدمة غير محرزة في هذه المسألة لأن العلم الاجمالي في الحكم في دائرة أقوال اللغويين او العلم الاجمالي بمتابعة بعض أقوال اللغويين ليس علما اجماليا بالحكم الالزامي، لأنه علم اجمالي بالحكم الجامع بين الحكم الالزامي والحكم الترخيصي او لا يكون هنا علم اجمالي بالحكم في دائرة اقوال اللغويين.
فهذه المقدمة غير محرزة لأننا لا نعلم اجمالا بوجود حكم في دائرة اقوال اللغويين ومع العلم الاجمالي بوجود حكم ولكن لا نعلم اجمالا بوجود حكم الزامي في دائرة اقوال اللغويين والسبب في ذلك ان حاجة الفقهاء في المراجعة الى اللغة في مقام عملية الاستنباط قليلة جدا لأن الفاظ الكتاب والسنة والروايات من الالفاظ الدارجة بين العرف والعقلاء في حواراتهم ومجالسهم واسواقهم وهذه الالفاظ ظاهرة في معانيها العرفية بظهور عرفي نوعي موضوعي وهو موضوع لحجية اصالة الظهور فالعمل بهذه الظواهر لا يحتاج الى الرجوع الى اللغة فالرجوع الى اللغة قليل جدا في بعض الخصوصيات او في بعض المصاديق.
وإن لم تكن لغة في البين فالمرجع هو الأصول العملية او الاصول اللفظية من الاطلاق او العموم.
فإذن الحاجة في الرجوع الى اللغة قليلة جدا فإن الفاظ الكتاب والسنة من الالفاظ العرفية الدارجة بينهم في حواراتهم فهذه الالفاظ ظاهرة في معانيها العرفية واللغوية وهذا الظهور حجة والفقهاء يقومون بالعمل بهذه الظواهر في مقام عملية الاستنباط ولا حاجة الى الرجوع الى اقوال اللغوين.
وإن كانت الفاظ الكتاب والسنة مجملة وهي وان كانت قليلة مجملة فالمرجع في مواردها الاطلاقات من اصالة الاطلاق والعموم ان كانت موجودة، وإن لم تكن موجودة فالمرجع هو الاصول العملية من اصالة البراءة او اصالة الطهارة او قاعدة الاشتغال في بعض الموارد.
ومن هنا الحاجة في الرجوع الى قول اللغوي نادر جدا في مقام عملية الاستنباط.
الى هنا قد تبين ان قول اللغويين إنما يكون حجة في موارد الاستعمال فقط فإذا أخبر عن ان اللفظ الفلاني مستعمل في المعنى الفلاني فهو حجة إذا كان اللغوي ثقة لأن أخباره عن حس وحيث ان أخباره عن حس فإن كان ثقة فأخباره مشمول لأدلة حجية أخبار الثقة فيكون حجة واما أن اهل اللغة من اهل الخبرة فهو ليس من أهل الخبرة بالنسبة الى الوضع وبالنسبة الى تمييز المعاني الحقيقة عن المعاني المجازية وإنما يكون من أهل الخبرة بالنسبة الى خصوصيات المعنى المستعمل فيه وحدوده سعة وضيقا من جهة كثرة ممارسته في هذه المسألة فإن الاخبار عن حدس لا يكون حجة إلا إذا كان الأخبار عن حدس واجتهاد واعمال فكر ونظر، لأن اخبار المجتهد أخبار عن اجتهاده ورأيه وهو حجة من جهة أنه أعمل النظر فيه والفكر والممارسة في تطبيق القواعد العامة المشتركة على عناصرها وتعيين حدودها وكذلك الطبيب والمهندس.
وأما الاخبار عن حدس ففي نفسه لا يكون حجة ولا دليل على حجيته وانما الدليل على حجية الاخبار عن حس إذا كان المخبر ثقة لشموله لأدلة حجية أخبار الثقة، وأما اذا أخبر الثقة عن حدس فلا يكون أخباره حجة الا إذا كان الشخص مجتهدا في هذه المسألة ويقوم بالاستنباط من جهة اعمال الفكر والنظر وتطبيق القواعد واستنتاج المسألة فحدسه يكون حجة حينئذ من باب حجية اخبار اهل الخبرة.
فإذن لا دليل على حجية الاخبار عن حدس الا إذا كان من باب الاخبار من اهل الخبرة والفكر والنظر.
هذا كله في قول اللغوي.
وبعد ذلك يقع الكلام في حجية الاجماع المنقول.
ولا شبهة في ان الاجماع في نفسه ليس بحجة لأنه عبارة عن قول العلماء وهو في نفسه لا يكون حجة فالإجماع في نفسه وجوده كالعدم. وإنما يكون حجة إذا وصل هذا الاجماع من زمن الأئمة(ع) الينا يدا بيد وطبقة بعد الطبقة فهذا الاجماع حجة إما من جهة أنه متضمن لقول الأئمة(ع) أو من جهة أنهم(ع) امضوه وقرّروه.
واما الاجماع اذا لم يكن واصلا الينا من زمنهم(ع) يدا بيد وطبقة بعد الطبقة أما بالتواتر او بطرق الآحاد ولكن الصحيحة والمعتبرة فإذا وصل الينا فهو حجة إما من جهة انه مشتمل على قول الأمام(ع) او من جهة امضاء الامام(ع) هذا الاجماع وتقريره.
وعلى هذا فالإجماع المحصل إذا كان لدى الفقهاء المتقدمين فهذا الاجماع لا يكون حجة في نفسه الا اذا وصل من زمن الأئمة(ع) اليهم يدا بيد وطبقة بعد الطبقة والا فلا يكون حجة وكذلك الاجماع المحصل عند المتأخرين فإن إحرازه عند المتقدمين مشكل إذ لا طريق لنا الى ذلك وسنشير الى ذلك في ضمن البحوث الآتية أي لا طريق لنا الى الإجماعات المتقدمة بين الفقهاء المتقدمين ووصولها الينا فضلا عن وصول هذه الاجماعات من زمن الأئمة (ع) الينا يدا بيد وطبقة بعد الطبقة.
فالنتيجة ان الاجماع المحصل سواء كان عند الفقهاء المتقدمين ام كان عند المتأخرين فلا يكون في نفسه حجة الا إذا كان هذا الاجماع موجودا في زمن الأئمة(ع) ووصل الينا من ذلك الزمان يدا بيد وطبقة بعد الطبقة.
وأما الاجماع المنقول فهو داخل في أخبار الآحاد وقد استدلوا على حجيته بوجوه:
الوجه الاول: أن ما دل على حجية أخبار الآحاد يشمل الاجماع المنقول أيضا لأن الاجماع المنقول بخبر الواحد من أفراد خبر الواحد وما دل على حجية خبر الواحد يدل على حجية الاجماع المنقول ايضا لأنه من أفراده.
الوجه الثاني: أنه حجة من جهة كشفه عن حكم الشارع في المسألة او عن وجود دليل شرعي في المسألة.
الوجه الثالث: أن حجيته مبنية على قاعدة اللطف.
الوجه الرابع: أن حجيته مبنية على تصديق الأئمة(ع) بأنهم لا يخطئون بإجماعاتهم.
أما الوجه الاول فهو مبني على مقدمتين. سيأتي التعرض لهما ان شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo