< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجة الظواهر ـــ حجية ظواهر الكتاب
إلى هنا قد تبين انه لا دليل على عدم حجية ظواهر الكتاب وما استدل به الاخباريون من الروايات تبين انها أجنبية عن الدلالة على عدم حجية ظواهر الكتاب ومع الإغماض عن ذلك وتسليم انها تدل على عدم حجية ظواهر الكتاب إلا أنها مخالفة للسنة القطعية فإن الروايات التي تدل على حجية ظواهر الكتاب تبلغ من الكثر حد التواتر الاجمالي فتكون تلك الروايات مخالفة لها والروايات المخالفة للسنة مردودة ولا تكون حجة ومع الإغماض عن ذلك ايضا وتسليم انها تصلح ان تكون معارضة بالعموم من وجه لتلك الروايات كما اشرنا اليه فمع ذلك عند سقوطهما بالتعارض فالمرجع هو السيرة القطعية الجارية على العمل بظواهر الكتاب بين المسلمين قاطبة من زمن النبي الأكرم(ص) الى زمانا هذا، فمن اجل ذلك لا يمكن الاستدلال بهذه الاخبار على عدم حجية ظواهر الكتاب.
بقي هنا احتمالان:
الاحتمال الاول: ان طريقة التفهيم والتفهم والافادة والاستفادة من القرآن غير الطريقة المألوفة بين العرف والعقلاء في الافادة والاستفادة والتفهيم والتفهم والمفاهمة، وحيث ان هذا الطريق لم يبين لنا ولا نعلم به فمن اجل ذلك تصبح ظواهر الكتاب مجملة لأن طريق التفهيم والتفهم منها والاستفادة والافادة منها والمفاهمة مجهول ولا نعلم به فبطبيعة الحال تصبح ظواهر الكتاب مجملة ولا يمكن العمل بها.
وهذا الاحتمال مردود جدا، لأنه:
أولا: أنه مخالف لرواية الثقلين، لأن مقتضاها جواز التمسك بالكتاب في عرض التمسك بالعترة أي بالروايات الصادرة من الأئمة الأطهار(ع) فإذا كان طريق التفهيم والتفهم والافادة والاستفادة من الكتاب غير الطريقة المألوفة بين العرف والعقلاء فلازم ذلك هو التفرقة بين الكتاب والعترة وبين الكتاب والسنة فيجوز التمسك بالسنة ولا يجوز التمسك بالكتاب وهذا خلاف نص روايات الثقلين.
فمن اجل ذلك لا يمكن التمسك بهذا الاحتمال بل طريقة التفهم والتفهيم والافادة والاستفادة في الكتاب نفس طريقة العرف والعقلاء.
وثانيا: لو كان هناك طريقا آخر لدى الشارع للتفهيم والتفهم والافادة والاستفادة من الكتاب غير الطريقة المألوفة لدى العرف والعقلاء لبين ذلك وإلا لزم أن يكون ظواهر القرآن لغوا فإنه لا يمكن العمل بظواهره وهذا مما لا يمكن الالتزام به ولو كان الشارع بين هذا الطريق في مقابل الطريق المألوف بين العرف والعقلاء لأصبح معروفا ومشهورا بين الناس وبين العرف والمتشرعة ولسُجّل في التواريخ والكتب مع انه لا عين له ولا أثر ومن هنا نعلم أنه ليس للشارع طريق آخر غير طريق العرف والعقلاء في مقام التفهيم والتفهم والافادة والاستفادة من ظواهر الكتاب والشارع أمضى هذا الطريق في الكتاب والسنة.
فإذن هذا الاحتمال ساقط جزما.
الاحتمال الثاني: أن الكتاب نزل من الله تعالى على نبيه الأكرم(ص) وهو لغز ومجمل ومبهم ذاتا فلا يفهمه الناس العاديون ولا يدركه الانسان الاعتيادي لأنه لغز، وأيضا القرآن النازل من قبل الله تعالى مشتمل على مطالب معقدة ومعمقة ودقيقة ولا تصل اليها افكار الناس الاعتياديون.
فمن اجل ذلك لا تكون ظواهر الكتاب حجة.
وهذا الاحتمال خلاف الضرورة والوجدان لأن الكتاب قد نزل بلسان عربي مبين وهو بيان وتبيان ونور وهدى لأن الله تعالى نزّل القرآن لهداية البشر واخراجهم من الظلمات الى النور وتربية الناس ودعوتهم الى الاعتدال فكيف يكون الكتاب لغزا ورمزا ومجملا؟ فهذا ينافي حكمة القرآن لهداية البشر، وحيث ان القرآن نزل بلسان عربي مبين ولهذا يفهمه الناس العاديون وليس القرآن مشتملا على مطالب معقدة ومعمقة ودقيقة خارجة عن فهم الناس العادين ككتب الفلسفة والأصول وما شاكل ذلك، فليس القرآن من هذا القبيل حتى تكون مطالبه خارجة عن مدارك الناس العادين بل القرآن نزل بلسان عادي عرفي مبين.
فالنتيجة ان هذا الاحتمال ساقط وخلاف الضرورة والوجدان وخلاف حكمة نزول القرآن لهداية البشر.
ثم ينبغي التنبيه على أمور:
الامر الاول: أن موضوع حجية أصالة الظهور هو الظهور التصديقي النهائي العرفي، ويعبّر عنه في كلمات الأصحاب بالظهور الموضوعي، في مقابل الظهور الذاتي الشخصي ونقصد بالظهور الموضوعي الظهور الحاصل للفظ عند توفر العناصر الثلاثة التالية فيه:
العنصر الاول: ان يكون المتكلم إنسانا اعتياديا بحيث لا إفراط فيه ولا تفريط بحيث يكون انسانا اعتياديا وعرفيا وموضوعيا بدل ان يكون ذاتيا شخصيا.
العنصر الثاني: ان تكون علاقة المتكلم باللفظ علاقة عرفية موضوعية لا علاقة ذاتية شخصية.
العنصر الثالث: ان يكون اسلوبه في الافادة والاستفادة عرفيا أي بالطريقة المألوفة لدى العرف والعقلاء في الافادة والاستفادة والتفهيم والتفهم.
فإذا توفرت في اللفظ هذه العناصر الثلاثة تحقق ظهوره الموضوعي وهو موضوع لحجية أصالة الظهور، ونقصد بالظهور الذاتي الظهور الحاصل من العوامل الذاتية كالعوام لا النفسية التي تتأثر النفس بها وهي مؤثرة في سلوك الانسان الخارجي وفي ظروفه وملابساته وعلاقته الخارجية مع الناس لأن لها دورا كبيرا في ذلك كالشكّاك والقطّاع والوسواس والظنّان.
فإن العامل لحصول هذا الشك هو العامل النفسي لا العامل الاعتيادي الموضوعي ولهذا لا يكون هذا العامل صالحا لحصول الشك بنظر العرف، بينما العامل النفسي يوجب حصول الشك له وكذا القطع الحاصل من القطاّع فإنه يحصل من العامل النفسي وهذا العامل النفسي لا يصلح ان يكون سببا لحصول القطع الحاصل من العوامل العرفية والاسباب الواقعية والموضوعية وإنما يحصل من العامل النفسي وهو لا يصلح ان يكون سببا للقطع وكذا الظنّان والوسواس فإن القطع الحاصل للوسواس من العامل النفسي لا يصلح ان يكون سببا لحصول القطع لأنه ليس سببا واقعيا وموضوعيا، وكذا لو حصل له الظن من العامل النفسي، فإن العامل النفسي ليس سببا واقعيا لحصول الظن.
ومن هنا ظهور اللفظ عند الشكّاك او الظنّان او القطّاع او الوسواس في معنى يختلف من شخص الى شخص آخر ومن فرد إلى فرد آخر ومن زمن الى زمن آخر، ولا يمكن جعله تحت ضابط عام.
ومن الواضح ان الظهور الحاصل من العامل النفسي لا يصلح ان يكون سببا لظهور اللفظ لأنه ليس سببا واقعيا موضوعيا ولا يكون موضوعا لحجية أصالة الظهور.
هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى هل لنا طريق لإثبات ان هذا الظهور ظهور موضوعي وليس ظهورا ذاتيا؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo