< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجية الظواهر- ظواهر الكتاب

الوجه الثالث: الذي استدل به الإخباريون هو الروايات التي تدل على عدم حجية ظواهر الكتاب، وهي على طوائف:

الطائفة الأولى: وهي التي تدل[1] على أنه لا يجوز التمسك بظواهر الكتاب بدون الرجوع الى الأئمة الأطهار(ع) ومعنى ذلك أن ظواهر الكتاب لا تكون حجة في نفسها وبقطع النظر عن الرجوع الى الأئمة الأطهار(ع) ولا يجوز الاستدلال بها على عملية استنباط الحكم الشرعي لا الحكم الفقهي ولا الحكم الأصولي.

هكذا استدل الإخباريون بهذه الطائفة.

فإن أرادوا بذلك انه لا يجوز العمل بظواهر الكتاب قبل الفحص عن وجود مخصصات ومقيدات وقرائن على خلاف ظواهر الكتاب.

إن أرادوا ذلك فهو صحيح ومتين جداً لأنه لا يجوز التمسك بعمومات الكتاب وإطلاقاته والعمل بظواهره قبل الفحص ولا بد من الفحص في مظان وجود هذه المخصصات والمقيدات والقرائن في الأبواب المناسبة لها، فإن وجد المخصص أو المقيد أو القرينة فلا يمكن العمل بأصالة العموم أو أصالة الإطلاق أو أصالة الظهور، وإن لم يجد مخصص أو مقيد في الأبواب المناسبة لها فلا مانع من التمسك بأصالة العموم أو أصالة الإطلاق وهذا واضح جدا، فإن قبل الفحص لا يجوز التمسك بعمومات الكتاب وإطلاقاته والعمل بظواهره ولا بد من الفحص عن وجود مخصصات ومقيدات في روايات الأئمة الأطهار(ع) ووجود قرائن لها في الأبواب المناسبة لها وفي مظان وجودها، إلا أنه لا فرق في ذلك بين ظواهر الآيات وظواهر السنة، فكما أن العمل بظواهر الآيات لا يجوز قبل الفحص عن وجود مخصصات ومقيدات وقرائن في الروايات الواصلة عن الأئمة الأطهار(ع) كذلك لا يجوز العمل بالعمومات والمطلقات والظواهر في السنة قبل الفحص عن وجود المخصصات والمقيدات والقرائن لها.

فإذن تخصيص الإخباريين ذلك بظواهر الكتاب دون ظواهر السنة لا وجه له.

وإن أراد الإخباريون من هذه الروايات الدالة على عدم جواز التمسك بالكتاب بدون الرجوع الى الأئمة الأطهار(ع) أن هذه الروايات تدل على عدم حجية ظواهر الكتاب مطلقا وأن مفادها إلغاء حجية الكتاب نهائيا وأن ظواهر الكتاب لا تكون حجة مطلقا لا قبل الفحص ولا بعد الفحص فلا يجوز التمسك بعموم الكتاب ولا بإطلاقه لا قبل الفحص ولا بعد الفحص، إن أرادوا ذلك.

فيرد عليهم أن هذه الروايات مخالفة للسنة القطعية ولا بد من طرحها فإن الروايات المخالفة للكتاب او السنة القطعية لا تكون حجة ولا بد من طرحها.

ومن الواضح ان الروايات الواردة من الأئمة الأطهار عليهم السلام بالرجوع الى الكتاب والتمسك به وأنه مصدر التشريع في الشريعة المقدسة فهذه الروايات روايات كثيرة تبلغ حد التواتر الإجمالي هذا مضافا الى الروايات الواردة في عمل النبي الأكرم(ص) وتابعيه بظواهر القرآن وكذلك الأئمة الأطهار(ع) وتابعيهم وقاطبة المسلمين الى حد الآن فهم يعملون بظواهر الكتاب.

فهذه الروايات الدالة على عدم حجية ظواهر الكتاب مطلقا مخالفة للروايات التي هي قطعية الصدور ومتواترة إجمالا فتكون هذه الروايات مخالفة للسنة القطعية، والروايات المخالفة للسنة لا تكون حجة ولا بد من طرحها لدلالة الروايات المتواترة على أن ما خالف كتاب الله وسنة رسوله فهو باطل أو زخرف أو لم أقله، فهذه التعبيرات استنكار لصدور الروايات المخالفة للكتاب او السنة.

فإذن هذه الروايات مخالفة للسنة فلا تكون حجة ولا بد من طرحها.

ولا يمكن حمل الروايات المتواترة على المخالفة لنص الكتاب فإنه حمل على الفرد النادر إذ قلّ ما توجد آية في آيات الأحكام تكون نصاً في مدلولها وفي معناها، والحمل على الفرد النادر قبيح عند العرف والعقلاء.

هذا مضافا الى ان هذا الحمل لا يناسب اهتمام الأئمة عليهم السلام بالرجوع الى الكتاب والعمل به والتمسك به فإن هذا الاهتمام شاهد على ان المراد من العمل بالكتاب هو العمل بظاهره لا العمل بنصه لأنه فرد إن وجد فهو نادر، هذا مضافا الى ان سيرة المسلمين قاطبة من زمن النبي الأكرم(ص) الى زماننا هذا جارية على العمل بظواهر الكتاب، فهذه السيرة شاهدة على ان ظواهر الكتاب حجة، وأن هذه الروايات تدل على وجوب الرجوع الى ظواهر الكتاب والتمسك بها وانها مصدر التشريع ولا يمكن الردع عن هذه السيرة القطعية بهذه الطائفة من الروايات، لأن هذه الروايات روايات آحاد وظنية فلا يمكن الردع عن السيرة القطعية بالدليل الظني.

فإذن هذه الطائفة من الروايات لا تصلح ان تكون رادعة عن السيرة.

فالنتيجة أن ما ذكره الإخباريون من التمسك بهذه الطائفة من الروايات على عدم حجية ظواهر الكتاب مطلقا لا يرجع الى معنى محصل.

الطائفة الثانية: وهي الدالة[2] [3] على النهي عن تفسير القرآن بالرأي، وقد ورد في بعض الروايات أن من فسر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار، وقد ورد في بعضها الآخر أن من فسر القرآن برأيه قد افترى على الله الكذب، وفي بعض آخر ما آمن بي من فسر القرآن برأيه، فهذه الروايات واضحة الدلالة على أن تفسير القرآن بالرأي غير جائز. فهذه الكبرى مسلمة.

ولكن الإخباريين جعلوا حمل ظاهر الكتاب على معناه الظاهر من التفسير بالرأي، فيكون مصداق لهذه الكبرى وصغرى من صغريات هذه الكبرى، فتنطبق الكبرى على الصغرى، فيكون حمل القرآن على ظاهره حيث انه تفسير بالرأي فهو غير جائز وممنوع.

ولكن الصغرى ممنوعة. فإن حمل ظاهر القرآن على معناه الظاهر فيه ليس من التفسير بالرأي فإن معنى التفسير هو كشف القناع والستر ولا قناع للظاهر فإن الظاهر مكشوف وغير مستور لدى العرف والعقلاء، فلا يصدق على حمل اللفظ على ظاهره عنوان التفسير فضلا عن التفسير بالرأي، ولو سلمنا صدق التفسير على حمل اللفظ على ظاهره إلا أنه لا شبهة في أنه ليس تفسيرا بالرأي، وقد تقدم ان الممنوع هو التفسير بالرأي لا التفسير مطلقا.

ثم أن للرأي معنيين:

أحدهما: أنه حمل آيات القرآن على طبق رغبات الشخص النفسانية وميوله الدنيوية والأخروية ووفق مصالحه الذاتية لا على طبق المصالح الواقعية الموضوعية.

ثانيهما: أنه المدرسة الفقهية التي أُسست في مقابل مدرسة أهل البيت(ع) وهي التي يدرس فيها الأفكار التخمينية والظنية والاستحسانات والقياسات كمدرسة أبي حنيفة وغيرها، بينما مدرسة أهل البيت مدرسة النص من الأحكام الشرعية.

وكلا المعنين غير صحيح أما المعنى الأول فهو أخطر ما يكون فإن تفسير القرآن على طبق الميول النفسية والرغبات الشخصية والمصالح الدنيوية والأخروية من أخطر ما يكون فإنه يؤدي الى عدم الإيمان بأن القرآن مصدر التشريع، بل قد يؤدي الى الكفر وعدم الإيمان بالرسالة.

وكذلك التفسير الثاني لأن المدرسة التي أُسست في مقابل مدرسة أهل البيت باطلة ولا شبهة في بطلانها.

فإذن التفسير بالرأي بكلا المعنيين باطل ولا واقع موضوعي له.

وأما الاجتهاد الشخصي في الآيات القرآنية فهل يجوز أو لا يجوز؟ فسنتكلم فيه إن شاء الله تعالى. نه ليس تفسيرا بالرأي أنه


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo