< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/01/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجية الظواهر

ملخص ما ذكره ببعض المحققين (قده) من ان سيرة العقلاء على العمل بالظواهر في الاغراض التكوينية اليومية بشتى انواعها واشكالها فهذه السيرة بقطع النظر عن تحليل مناشئها ودوافعها واسبابها فهي سلوك يومي في حياة كل فرد وكل عاقل في حياته الاعتيادية، وهذ الحياة الاعتيادية بالتدريج تشكل عادة وجبلة وفطرة للإنسان بحيث تكون بابه باب العادة لا باب التعقل، ويتحول هذا السلوك العقلائي من السلوك التعقلي والتدبري الى السلوك العفوي فإن السلوك انسان في الخارج على نوعين.

فتارة يكون سلوكه من باب التعقل والتفكر أي بعد التفكر والتعقل والتدبر والدراية لجهات القضية يقدم على هذا العمل وهذا السلوك فسلوكه مستند الى التعقل والتفكر، وأخرى يكون سلوكه عفويا وهذا اذا كان سلوكه مستندا الى العادة والتقاليد والفطرة والجبلة فالإنسان يصدر منه العمل بدون تعقل وتدبر حينما يكون منشأ العمل عفويا.

فإذن هذا السلوك التعقلي يتحول من السلوك التعقلي الى السلوك العفوي ويصبح تدريجا أدبا ونهجا عقلائيا وعرفيا بحيث يذم على مخالفته ويعاب عليه، باعتبار ان مخالفته مخالفة للآداب والعرف، فإذا اصبح أدبا عقلائيا وعرفيا فبطبيعة الحال يعاب على مخالفته، وعلى هذا يخاف من هذه العادة على الاغراض التشريعية فإن هذه العادة قد تؤثر في الاغراض التشريعية والاغراض التشريعية تتأثر بها وتوجب قلبها من الاغراض التشريعية الى الاغراض الاعتيادية، فمن اجل ذلك لا بد من صدور الردع من المولى لأنه لو رأى ان هذ العادة قد تؤثر في الاغراض التشريعية والاغراض التشريعية تتأثر بها وتوجب قلبها الى الاغراض الاعتيادية فلا محالة يقوم بالردع عنها ومنعها، وإذا لم يصدر من المولى ردع ومنع فهو كاشف عن انها لم تكن مؤثرة في الاغراض التشريعية وأن الاغراض التشريعية لم تتأثر بها، فعدم صدور الردع من المولى وسكوته كاشف عن ذلك، فيكون هذا إمضاء من الشارع لهذه السيرة.

وأما ما ذكره المحقق الاصفهاني(قده) فموافقة الشارع للعقلاء لا تحتاج الى هذه المقدمة فإن الشارع بما انه من أحد افراد العقلاء بل هو في مقدمتهم ورئيسهم فعندئذ اذا جرت سيرة العقلاء على شيء فأحد أفرادهم هو الشارع فيكون الشارع موافقا لهم.

وقد تقدم الجواب عن المحقق الاصفهاني، وقلنا ان هذه الموافقة من قبل الشارع بما انه من افراد العقلاء والكلام في أحراز موافقته بما هو شارع.

وأما ما جاء في كلام بعض المحققين فيمكن ان يجاب عنه بوجوه:

الوجه الاول: ما ذكرناه من انه لا سيرة من العقلاء على العمل بالظواهر في الاغراض التكوينية اليومية بكافة اشكالها، فإن سيرة العقلاء في هذا المقام قد جرت على العمل بالاطمئنان والوثوق الشخصي لا بظواهر الالفاظ بما هي ظواهر الالفاظ وإن لم تفد الاطمئنان والوثوق، بل العقلاء يعملون في الاغراض التكونية اليومية بالاطمئنان وكذلك في الامور الاقتصادية والتجارية لا بالظواهر بما هي ظواهر وإن لم تفد اطمئنان بل لم تفد الظن بل قد يكون الظن على خلافها.

الوجه الثاني: مع الاغماض عن ذلك وتسليم ان سيرة العقلاء قد جرت على العمل بظواهر الالفاظ في الاغراض التكوينية فعندئذ لا تتحول هذه السيرة الى السلوك الاعتيادي والعادة والجبلة والفطرة والتقاليد بل هي عمل بالظواهر كعمل العقلاء بأخبار الثقة فإن عمل العقلاء بأخبار الثقة لا يتحول الى السلوك الاعتيادي والى التقاليد والعادات والجبلة وكذلك عمل العقلاء بظواهر الالفاظ في الاغراض التكوينية كعملهم بظواهر الالفاظ في الاغراض التشريعية المولوية فلا فرق بينهما، أي كما ان عمل العقلاء بظواهر الالفاظ في الاغراض التشريعية المولوية التي هي بين الموالي والعبيد سواء كان موالي حقيقة او عرفية لا تتحول الى السلوك الاعتيادي والجبلة والفطرة والتقاليد كذلك سيرة العقلاء على العمل بظواهر الالفاظ بما هي ظواهر الالفاظ في الاغراض التكوينية اليومية فإنها لا تتحول الى العادة والجبلة والفطرة فإنهم يعملون بظواهر الالفاظ التي تكون مداليلها امورا تكوينية فهذا العمل لا يتحول الى العادة والى الجبلة والفطرة.

الوجه الثالث: مع الاغماض عن ذلك ايضا وان هذه السيرة تتحول الى العادة تدريجا فإذا بنينا على ان هذه السيرة تتحول تدريجا الى العادة والفطرة والجبلة الثانوية للإنسان العرفي فلا شبهة في ان هذه العادة والتقاليد تختلف باختلاف طبقات الناس فلا شبهة في ان عادة شعب العراق غير تقاليد وعادة شعب إيران وهذه غير عادة وتقاليد شعوب أخرى فإن كل شعب له تقاليد وعادة تختلف عن تقاليد وعادة شعب آخر، وهذه التقاليد والعادات للشعوب جملة منها تكون مخالفة للأغراض التشريعية والردع قد صدر من الشارع عنها اما سابقا او لاحقا في الكتاب والسنة فلا يحتاج الى ردع جديد، كالتقاليد الموجودة بين العشائر فإن جملة منها مخالفة للأغراض التشريعية وقد صدر الردع عنها في الكتاب والسنة فلا حاجة الى ردع جديد.

فما ذكره بعض المحققين(قده) لا يمكن المساعدة عليه[1] .

ثم ان الفرق بين المقام الاول وهو جريان سيرة العقلاء على العمل بظواهر الالفاظ في الاغراض التشريعية المولوية وبين المقام الثاني وهو جريان سيرة العقلاء على العمل بظواهر الالفاظ في الاغراض التكوينية في عدة نقاط:

النقطة الاولى: ان الغرض في المقام الاول هو تحصيل الحجة فإن تمام هم المكلف وكل عاقل تحصيل الأمن من العقوبة سواء كان عمله مطبقا للواقع أم لم يكن مطابقا للواقع فإذا عمل بظاهر اللفظ فهو آمن من العقاب سواء كان هذا الظاهر مطابقا للواقع او لم يكن مطابقا، فإن كان مطابقا للواقع فهو منجز للواقع وإن كان مخالفا للواقع فهو معذر فالمكلف حينئذ معذور ولا يستحق العقوبة، واما الغرض في المقام الثاني فهو الوصول الى الواقع فتمام هم كل عاقل وكل فرد الوصول الى الواقع في الاغراض اليومية التكوينية والمعاشية والاقتصادية وكل ذلك، فهم العاقل الوصول الى الواقع وترتيب أثاره عليه.

النقطة الثانية: أن سيرة العقلاء في المقام الاول قد جرت على العمل بظواهر الالفاظ بما هي ظواهر الالفاظ سواء أفادت الاطمئنان بالواقع ام لا وسواء أفادت الظن بالواقع ام لا او لم تفد لا هذا ولا ذاك بل ولو كان الظن على خلافه فأيضا وظيفة المكلف العمل بالظاهر وإن كان مطابقته للواقع موهومة والمظنون عدم مطابقته للواقع مع ذلك وظيفة المكلف العمل بالظواهر كما هو الحال في خبر الثقة فإن وظيفة المكلف إطاعة المولى وإطاعته تحقق بالعمل بالظاهر بعد ما كان حجة من قبل المولى وليس على العبد السؤال عن سببه لأن وظيفته العمل بما وصل اليه علم بمنشئه أو لم يعلم.

واما في المقام الثاني فإن العقلاء إنما يعملون بظواهر الالفاظ فيما اذا أفادت الاطمئنان بالواقع لا مطلقا إذ سيرتهم قد جرت على العمل بالاطمئنان والوثوق الشخصي أي ان سيرتهم قد جرت على العمل بظواهر الالفاظ فيما اذا أفادت الاطمئنان ففي الحقيقة هم يعملون بالاطمئنان لا بالظواهر والظواهر سبب للاطمئنان وهو من أي سبب حصل فهو الحجة عند العقلاء وهم يعملون به اذا لم يتمكنوا من تحصيل العلم الوجداني.

النقطة الثالثة: أن جعل الحجية في المقام الثاني غير معقول فإن امضاء الشارع سيرة العقلاء الجارية على العمل بالظواهر في الاغراض التكوينية غير معقول لأن معنى الامضاء هو حجية هذه الظواهر فإذا كان الظاهر حجة فهو منجز لمدلوله عند المطابقة ومعذر عند المخالفة والمفروض ان مدلوله امر تكويني غر قابل للتنجيز والتعذير فمن اجل ذلك يكون جعل الحجية في المقام الثاني غير معقول ثبوتا ولا دليل عليه في مقام الاثبات ايضا.

هذا هو الفارق بين المقام الاول والمقام الثاني.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo