< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/12/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: السيرة المتشرعية

السيرة المتشرعية ناشئة من فتاوي العلماء فإن عمل المتشرعة بفتاوي العلماء وعمل العلماء بفتاويهم يسمى بالسيرة المتشرعية ومنشأ هذه السيرة هو ما يسمى بالإجماع القولي، فإن الاجماع تارة يكون عمليا يعبر عنه بسيرة المتشرعة وأخرى يكون قوليا وقد ذكرنا غير مرة أنه لا يمكن الاستدلال على أي مسالة من المسائل الفقهية بالإجماع فلا يمكن اثبات حجية الاجماع إذ هو في نفسه لا يكون حجة إذ قول العلماء في نفسه لا يكون حجة فحجيته منوطة بالإمضاء من الأمام(ع) والاقرار به وتصديقه والا فلا يكون حجة وليس بإمكاننا إحراز اتصال الاجماع المدعى بين الفقهاء في عصر الغيبة بزمن التشريع ووصوله الينا يدا بيد وطبقة بعد طبقة بشكل جزمي او اطمئناني او ظني معتبر وما ذكرناه من الوجوه لإثبات اتصال سيرة المتشرعة المستحدثة في عصر الغيبة واتصالها بعصر التشريع وغيرها من الوجوه كلها مبنية على الافتراضات والتصورات فلا اصل لها ولا واقع موضوعي لها فإن ما له واقع موضوعي هو الآتي إذ الاجماع إما بين المتأخرين او بين المتقدمين والاجماع المدعى بين المتأخرين إثباته بنحو يكون بين جميع طبقات المتأخرين لا يمكن فإن الاجماع المدعى في كلمات المتأخرين إما مبني على الحدس والاجتهاد او مبني على حسن الظن كما سمعنا ونقل كثيرا أنه إذا اتفق شيخنا الانصاري والشهيد الاول والمحقق الثاني فمخالفتهم مشكل جدا، فهذا ليس الا من جهة حسن الظن بهم، أو مبني على القواعد العامة وتطبيقها على عناصرها ثم دعوى الاجماع او مبني على الروايات ولو على الروايات الضعيفة.

فإذن تحصيل الاجماع التعبدي بين المتأخرين لا طريق لنا الى ذلك ولا سيما في جميع الطبقات فإن بالمراجعة الى كتبهم يظهر ان دعوى الاجماع كثيرة إذ في اغلب المسائل في مقام الاستدلال استدلوا بالإجماع ولا سيما مثل مفتاح الكرامة لا تخلو مسألة من دعوى الاجماع عليها ومثل صاحب الغنية وما شاكل ذلك فإنه لا يذكر مسألة بدون دعوى الاجماع عليها فكيف يعتمد على هذه الاجماعات؟ وكيف يمكن تحصيل الاجماع التعبدي أي لا يكون مبني على الحدس والاجتهاد ولا على الروايات ولو الضعيفة ولا على تطبيق القواعد على صغرياتها ولا على حسن الظن؟ فلا يمكن لنا تحصيل مثل هذا الاجماع بين المتأخرين في جميع طبقاتهم.

ولو فرضنا وجود الاجماع بين المتأخرين في مسألة في جميع طبقاتهم فمن أين يحرز ان هذا الاجماع ليس مدركيا او لا يكون مبنيا على الحدس او لا يكون مبنيا على حسن الظن بالنسبة الى بعض المجمعين؟ فهذا بحاجة الى علم الغيب.

فإذن لا يمكن تحصيل الاجماع التعبدي بين العلماء المتأخرين في جميع طبقاتهم.

ومع الاغماض عن ذلك وتسليم انه يمكن تحصيل مثل هذا الاجماع ولكن من أين لنا أن نثبت ان هذا الاجماع قد وصل اليهم من العلماء المتقدمين والحال انه لا طريق لنا الى ذلك، إذ الاجماع بين المتأخرين إنما يكون حجة فيما اذا توفر فيه أمران:

الاول: ان يكون هذا الاجماع ثابتا بين المتقدمين باعتبار ان عصرهم قريب من عصر اصحاب الأئمة(ع)، ومن أين لنا طريق الى تحصيل ذلك؟

الامر الثاني: أن يصل هذ الاجماع من المتقدمين الى المتأخرين طبقة بعد الطبقة بشكل جزمي او اطمئناني او ظني معتبر ولا يمكن احراز ذلك، فإن وصول هذا الاجماع من المتقدمين الى المتأخرين بأحد طريقين:

الاول: ان يكون لكل من العلماء المتقدمين كتاب استدلالي ويذكر فيه أنه استدل بالإجماع على حكم المسألة وليس هذا الاجماع منه مدركيا او مبنيا على الحدس والاجتهاد او على حسن الظن، وان هذا الكتاب وصل الى المتأخرين.

ولكن الواقع ليس كذلك إما لأن ليس لكل واحد من المتقدمين كتاب استدلالي يستدل فيه بالإجماع على حكم المسألة او كان ولكن لم يصل الى المتأخرين، فلا يمكن احراز وصول هذا الاجماع من المتقدمين الى المتأخرين بهذا الطريق.

الثاني: ان يكون هذا الاجماع منقولا من طبقة سابقة الى طبقة اللاحقة وهكذا الى ان وصل الى طبقة المتأخرين.

وهذا ايضا مفقود.

فإذن ليس في كلمات المتأخرين الا نقل الاجماع من المتقدمين فإن الموجود في كتب المتأخرين هو نقل الاجماع من المتقدمين وهو داخل في الاجماع المنقول والاجماع المنقول لا يكون حجة.

ومع الاغماض عن ذلك ايضا، ولكن:

أولاً: أن الاجماع التعبدي بين المتقدمين قد لا يكون موجودا، فإنهم مختلفون في دعوى الاجماع بل واحد منهم يدعى الاجماعات المتناقضة والمختلفة في كتبه، ففي كتاب يدعي الاجماع على شيء وفي كتاب آخر يدعي الاجماع على خلافه.

وثانيا: وقد تبنى دعوى الاجماع عندهم على قاعدة اللطف وهذه القاعدة غير ثابتة او تبنى على تطبيق قاعدة عامة على صغرياتها ودعوى الاجماع على ذلك كما نسب ذلك الى بعضهم كما نسب دعوى الاجماع على جواز الوضوء بالماء المضاف الى بعضهم مع انه لم يقل به احد وهذا ليس الا من جهة تطبيق قاعدة اصالة البراءة فإنه تخيل انه يشك في شرطية اطلاق الماء في صحة الوضوء فلا مانع من الرجوع الى اصالة البراءة وتطبيقها على المسألة والبراءة قاعدة متفق عليها فمن اجل ذلك ادعى الاجماع على صحة الوضوء بالماء المضاف مع انه لم يقل احد من الاصحاب بصحة الوضوء بالماء المضاف.

فإذن لا يمكن احراز اثبات الاجماع التعبدي بين المتقدمين.

ومع الاغماض عن ذلك وتسليم ان الاجماع موجود بين المتقدمين ولكن من اين يحرز ان هذا الاجماع تعبدي من جميع المجمعين؟ إذ يمكن ان يكون مستند بعضهم الحدس والاجتهاد ومستند البعض الآخر الرواية الضعيفة ومستند ثالث تطبيق القاعدة او حسن الظن.

فإذن لا طريق لنا الى احراز ان هذا الاجماع الموجود بينم اجماع تعبدي صرف.

ولو سلم انه اجماع تعبدي فلا يمكن اثبات انه وصل الى المتقدمين من زمن الأئمة(ع) يدا بيد وطبقة بعد طبقة لأنه بحاجة الى علم الغيب، فلعل في بعض الطبقات اختلاف فلا اجماع، أو كان الاجماع على الخلاف ثم حصل هذا الاجماع تدريجا، فمن اجل ذلك لا يمكن الاعتماد على الاجماع في شيء من المسائل الفقهية ولا يمكن اثبات حجية الاجماع فيها.

إلى هنا قد انتهينا عن سيرة المتشرعة وسيرة العقلاء.

وبقي الكلام في الامضاء.

إما السيرة اذا كانت متشرعية وثابتة في عصر التشريع فلا تحتاج الى الامضاء إذ معنى السيرة هو العمل بالأحكام الشرعية والعمل بالأحكام الشرعية لا يحتاج الى الامضاء لأنه بأمر من المولى ومعه فلا يحتاج الى امضاء آخر كما لا يمكن الردع عنه كيف وهو عمل بالحكم الشرعي وبأمر من الشارع ؟ ولهذا لا يتصور في سيرة المتشرعة الردع والامضاء.

واما السيرة اذا كانت عقلائية فحجيتها منوطة بالإمضاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo