< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/08/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الأصل في الحجية عند الشك فيها.
ذكرنا جواب عن الاشكال نقضا وحلاً، أما نقضاً ذكرنا أنه لا مانع من الأخذ بإطلاقات الأدلة التي تدل على جعل الاحكام الشرعية للمكلف مطلقاً سواء كان عالما او كان جاهلا ولو بالجهل المركب، وأما حلا فقد ذكرنا انه لا مانع من جعل الحكم للجامع بين العالم والجاهل نعم تخصيص حجية الامارات بالجاهل بها لا يمكن إذ هو لغو لأنه لا يترتب عليه أي أثر، وأما جعلها للجامع بين العالم والجاهل فلا مانع منه، إذ يكفي في الخروج عن اللغوية ترتب الأثر على أحد فردي الجامع وإن لم يترتب أثر على كلا فردي الجامع.
ولكن قد يستشكل في المقام بأن الحكم المجعول على الجامع ينحل بانحلال أفراده واصنافه، فهناك جعول متعددة ومجعول متعدد، مثلا المكلف البالغ العاقل القادر هو الجامع بين العالم والجاهل بالجهل البسيط وبين الناسي والغافل والجاهل بالجهل المركب فالمكلف الذي هو الجامع ينحل بانحلال أصنافه، وعلى هذا فالحكم المجعول للجامع كوجوب الصلاة او وجوب الحج تبعاً ينحل بانحلال اصنافه فهذا الحكم يثبت لكل صنف مستقلاً يعني ان هناك جعول متعددة ومجعول متعدد فيثبت للناسي حكم بجعل مستقل وللعالم حكم بجعل مستقل وللجاهل حكم بجعل مستقل، وعلى هذا فيلزم هذا المحذور إذ لا يمكن جعل الحكم للناسي والغافل لاستحالة كونه محركا وداعياً له طالما يكون ناسيا سواء كان ناسيا للحكم او كان ناسيا للموضوع فعلى كلا التقديرين يستحيل تحركه ودعوته الى الاطاعة التي هي حق المولى إذ الغرض من جعل التكليف هو إمكان داعوية المكلف وإمكان محركيته الى إطاعة المولى ومن الواضح ان جعل التكليف للناسي طالما يكون ناسيا يستحيل ان يكون دعيا ومحركا فإذاً بطبيعة الحال يكون لغواً، وعلى هذا فجعل وجوب الحج على المكلف البالغ العاقل القادر المستطيع حيث انه ينحل بانحلال اصنافه فيثبت لكل صنف جعل مستقل ومجعول مستقل فلا يعقل هذا الجعل بالنسبة الى الناسي والغافل، والجاهل المركب ملحق بالناسي والغافل فإن معنى الجاهل المركب هو الغافل والتعبير بالتركيب تعبير مسامحي إذ الجهل لا يمكن ان يكون مركبا والمراد من الجهل المركب هو الغافل فإنه إما غافل عن الحكم الواقعي او غافل عن الموضوع فإذا كان غافلا يستحيل ان يكون التكليف محركا وداعيا له فبطيعة الحال يكون جعله لغواً.
هذا ملخص هذا الاشكال.
ولكن هذا الاشكال مبني على ان المراد من الإطلاق الذي هو معنى الجامع هو الجمع بين القيود أي الجمع بين قيود المطلق وجعل الحكم للقيود بعناوينها الخاصة وبأسمائها المخصوصة والقيود عبارة عن العلم والجهل والنسيان والغفلة، فإذاً معنى الاطلاق هو الجمع بين قيود المطلق والحكم في الشريعة المقدسة مجعول للقيود بعناوينها الخاصة وبأسمائها المخصوصة أي باسم الناسي وباسم العالم وباسم الجاهل وباسم الغافل هذا مضافاً الى انه طالما لا يمكن جعل الحكم للناسي وللغافل من جهة انه لا يمكن ان يكون محركا وداعيا له لا يمكن على المشهور جعله للعالم ايضا فإن جعل الحكم للعالم بعنوان العالم لا يمكن الا ان يأخذ العلم بالحكم في مرحلة الجعل في موضوع نفسه في مرحلة المجعول وهذا مستحيل على المشهور فلا يمكن أخذ العلم بالحكم في مرحلة الجعل في موضوع نفسه في مرحلة المجعول اختصاص جعل الحكم بالعالم مبني على ذلك وهذا مستحيل وإن قلنا بإمكانه ثبوتا ولكنه على المشهور مستحيل.
فالنتيجة أن هذا مبني على ان المراد من الاطلاق هو الجمع بين القيود هذا مضافا الى ان جعل الحكم لقيد لا يمكن بعنوانه الخاص لا بعنوان الجاهل ولا بعنون العالم ولا بعنون الناسي ولا بعنوان الغافل.
والصحيح ان الاطلاق إما عبارة عن التقييد بمعنى عدم الملكة لأن التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل العدم والملكة كما أختاره المحقق النائيني(قده) فيكون الاطلاق عبارة عن العدم الخاص وهو العدم المضاف الى الملكة، والتقابل بينهما من تقابل العدم والملكة، و أما أن الاطلاق عبارة عن رفض القيود والغائها جميعا وشيء من القيود غير دخيل في موضوع الحكم فإن الوجوب مجعول للمكلف البالغ العاقل القادر وشيء من الخصوصيات والقيود كقيد العلم او الجهل او النسيان او الغفلة غير دخيل في الموضوع فالموضوع هو الطبيعي ومعنى الاطلاق هو رفض القيود والغائها والتقابل بين الاطلاق والتقييد على ضوء هذا التفسير من تقابل التضاد، لأن الاطلاق كالتقييد امر وجودي فإن الاطلاق عبارة عن رفض القيود والتقابل بينهما من تقابل التضاد لا العدم والملكة وقد أختار هذا القول السيد الاستاذ(قد)، أو أن الاطلاق عبارة عن عدم التقييد بنحو العدم المحمولي والتقابل بينهما من تقابل الايجاب والسلب أي تقابل المتناقضين فالإطلاق عبارة عن عدم التقييد، وهذا القول هو الصحيح فالإطلاق أمر عدمي أي العدم المطلق لا العدم الخاص كما ذكره المحقق النائيني(قد)، وعلى هذا فجعل الحكم للجامع على جميع الاقوال في الاطلاق وعلى جميع التفاسير ليس جعل الحكم للعالم ولا للجاهل ولا للناسي والغافل بل هنا جعل واحد وليس هنا جعول متعددة وهو جعل الحكم للجامع غاية الامر ان هذا الحكم يتعدد بتعدد الانطباق أي في مرحلة الفعلية يتعدد هذا الحكم بتعدد فعلية موضوعه في الخارج فإن المكلف اذا وجد في الخارج إما في ضمن العلم او في ضمن الجهل او في ضمن النسيان او في ضمن الغفلة فإذا وجد في الخارج لا محالة يكون واجدا لأحد هذه الخصوصيات والحكم يكون فعليا بفعلية موضوعه في الخارج فالحكم يتعدد في مرحلة الفعلية واما في مرحلة الجعل فالجعل واحد ولا مانع من جعل الحكم على الجامع بين العالم والجاهل والناسي والغافل لا مانع من ذلك غاية الامر يستحيل فعلية هذا الحكم عند انطباق الجامع على الناسي ومحركيته وداعويته طالما يكون ناسيا إما ناسيا للموضوع او ناسيا للحكم وعلى كلا التقديرين طالما يكون ناسيا يستحيل ان يكون هذ الحكم محركا له فالجامع ينطبق على الناسي ولكن يستحيل ان يكون الحكم فعليا بفعلية موضوعه في الخارج طالما يكون الموضوع متلبسا بالنسيان او متلبسا بالغفلة او متلبسا بالجهل المركب، إذاً جعل الحكم للجامع بين الناسي والغفل والجاهل المركب والعالم ممكن ولا مانع منه ولكن انطباق الجامع على الناسي لا يوجب فعلية الحكم بل يستحيل ان يكون الحكم فعليا بانطباق الجامع على الناسي او على الغافل او على الجاهل بالجهل المركب نعم اذا انطبق على العالم يصير الحكم فعليا او انطبق على الجاهل بالجهل البسيط والذي لا يمكن هو جعل الحكم للناسي بعنوان الناسي بأن يجعل المولى الحكم للناسي بعنوانه وللغافل بعنوانه وللجاهل بالجهل المركب بعنوانه هذا لا يمكن ويستحيل لأن هذا الحكم يستحيل ان يكون داعيا ومحركا مع ان الغرض من جعل الحكم هو إمكان داعويته وداعويته غير ممكنة ولهذا كل حكم يستحيل ان يكون داعيا يستحيل جعله وكل حكم يستحيل داعويته ومحركيته يستحيل جعله لأن جعله لغو ولا يمكن صدوره من المولى الحكيم، هذا من ناحية
ومن ناحية أخرى احتمال التكليف كاحتمال الوجوب او الحرمة او الحجية في الشبهات الحكمية مساوق لاحتمال العقوبة، فإذا احتمل المكلف الوجوب في الشبهات الحكمية فهذا الاحتمال مساوق لاحتمال العقوبة طالما لم يكن هناك أصل مؤمن فاحتمال الحكم كاحتمال الوجوب او احتمال الحرمة او احتمال حجية أمارة قامت على وجوب شيء او على حرمته مساوق للعقوبة كما إذا كان في الشبهات قبل الفحص إذ الاصل المؤمن غير جار في الشبهات قبل الفحص سواء كان عقليا او شرعيا، فقاعدة قبح العقاب قبل البيان لا تجري في الشبهات الحكمية قبل الفحص ولهذا يكون احتمال التكليف مساوق لاحتمال العقوبة، وأما إذا كان بعد الفحص فإذا فحص المكلف في الشبهات الحكمية ولم يجد دليلا على الوجوب او على الحرمة او على حجية أمارة ولكن الاحتمال موجود فلا بد حينئذ من الرجوع الى الاصل الاولي فهل الاصل الاولي هو قاعدة التأمين أي البراءة العقلية او ان اصل الاولي هو قاعدة حق الطاعة كما ذكره جماعة؟ وسيأتي تفصيل ذلك في مبحث البراءة الشرعية، والمشهور ان الاصل الأولي هو قاعدة التأمين في الشبهات الحكمية قبل الفحص، فاحتمال التكليف في الشبهات الحكمية بعد الفحص مساوق للقطع بعدم العقاب من جهة قاعدة التأمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo