< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فروع
ذكرنا أن البائع والمشتري اذا اختلفا تارة يكون اختلافهما في الثمن مع اتفاقهما في المثمن وأخرى يكون اختلافهما في المثمن مع اتفاقهما في الثمن كما اذا قال البائع الى المشتري بعتك كتاب البحار بألف دينار وقال المشتري بعتني بألف تومان فلا اختلاف بينهما في المثمن وإنما الاختلاف بينهما في الثمن، واخرى يكون في المثمن فإن البائع يقول للمشتري بعتك كتاب البحار بألف دينار والمشتري يقول بعتني كتاب الجواهر بألف دينار فلا اختلاف بينهما في الثمن وإنما الاختلاف بينهما في المثمن وذكرنا أن المسألة على كلا الفرضين تدخل في باب التداعي فإن البائع يدعي ان له حق الزام المشتري بدفع ألف دينار اذا أعطاه كاتب البحار والمشتري يدعي ان له حق الزام البائه أذا اعطاه الف تومان أن يدفع كتاب البحار وكذلك اذا كان الاختلاف بينهما في المثمن فإن البائع يدعي ان له حق الزام المشتري بدفع الف دينار اذا اعطاه كتاب البحار والمشتري يدعي ان له حق الزام البائع بدفع كتاب الجواهر اذا اعطاه الف دينار فكلاً منهما يدعي على الاخر شيئا وفي نفس الوقت كلاً منهما ينكر ذلك فيكون كل واحد منهما مدعياً ومنكراً وعندئذ لا بد من الرجوع الى ضوابط باب التداعي فإن كانت لأحدهما بينة ثبت مدعاه دون الاخر وإن لم تكن بينة لأي منهما أو كانت البينة لكل منهما ولكن وقعت المعارضة بينهما فتسقطان من جهة المعارضة ففي هاتين الصورتين يصل الدور الى الحلف فإن حلف أحدهما ونكل الاخر ثبت قول الحالف أي يحكم الحاكم بثبوت مدعاه واما إن حلف كلاهما معا حكم الحاكم بانفساخ العقد الواقع بينهما ورجوع كل من الثمن والمثمن الى مالكه الاول أي رجوع الثمن الى المشتري ورجوع المبيع الى البائع.
وإنما الكلام في ان هذا الانفساخ هل هو ظاهري أو انه واقعي؟
فإن كان الانفساخ واقعي فلا إشكال فإن الثمن واقعا ينتقل من ملك البائع الى ملك المشتري مرة ثانية بانفساخ العقد الواقع بينهما والمثمن ينتقل من ملك المشتري الى ملك البائع ثانيا واقعا فيكون تصرف كل منهما في الثمن والمثمن تصرفا في ملكه فلا إشكال حينئذ وأما إذا كان هذا الانفساخ ظاهريا أي في الواقع الثمن باق في ملك البائع والمثمن باق في ملك المشتري ولكن انتقال الثمن من ملك البائع الى ملك المشتري ظاهري وانتقال المثمن من ملك المشتري الى ملك البائع ظاهري فيكون هذا الانفساخ ترخيص في المخالفة القطعية العملية فإن البائع يعلم ان هذا المثمن ملك للمشتري فلا يجوز تصرفه فيه وكذلك المشتري يعلم ان هذا الثمن ملك للبائع واقعا ولا يجوز تصرفه فيه فعندئذ حكم الحاكم بانفساخ العقد الواقع بينهما يؤدي الى ترخيص كل من البائع والمشتري في المخالفة القطعية العملية ومن هنا ذكر السيد الاستاذ(قد)[1] أنه لا يبعد ان يكون هذا الانفساخ واقعيا يعني ان حكم الحاكم بانفساخ العقد الواقع بينهما واقعيا فيرجع الثمن واقعا من ملك البائع الى ملك المشتري ويرجع المثمن واقعا من ملك المشتري الى ملك البائع وعندئذ لا موضوع لمخالفة العلم لا العلم التفصيلي ولا العلم الاجمالي وأما إذا كان الانفساخ ظاهريا فيلزم محذور المخالفة القطعية العملية فإن تصرف كل من المشتري والبائع في الثمن والمثمن تصرف في مال الغير والبائع يعلم ان الثمن ملك للمشتري وكذلك المشتري يعلم ان الثمن ملك للبائع فيكون تصرف البائع في المثمن وتصرف المشتري في الثمن مخالف للعلم التفصيلي كما انه لا يجوز لشخص ثالث أن يجمع بين كليهما معا ويتصرف في كليهما معا ومن هنا قد استدلوا على ان هذا الانفساخ واقعي بوجوه:
الوجه الاول: ان مقتضى حجية دليل اليمين إنهاء الخصومة بين المتخاصمين ورفع النزاع والمرافعة بين المتنازعين وبين المترافعين كما ان الخصومة بين المتخاصمين تنتهي بالبينة كذلك تنتهي باليمين ايضا وهذا الانتهاء إنما هو بحكم الحاكم برفع النزاع بين المتنازعين وانفساخ العقد واقعا فإذاً انتهاء هذه الخصومة والمرافعة انما هو بحكم الحاكم بانفساخ العقد الواقع بينهما واقعا هكذا استدل على ذلك.
وقد أورد عليه بعض المحققين(قد)[2] أن مقتضى أدلة حجية اليمين وإن كان انهاء الخصومة بين المتخاصمين ورفع النزاع والمرافعة بين المتنازعين كما ان الخصومة تنتهي بالبينة كذلك تنتهي باليمين ولكن معنى انتهاء الخصومة بينهما بحكم الحاكم أنه لا يجوز الترافع ثانيا عند حاكم اخر فإن الحاكم اذا حكم على طبق البينة أو على طبق اليمين بإنهاء الخصومة بين المتخاصمين فلا يجوز لكل من المتخاصمين ان يرجع الى حاكم اخر ويترافع عند هذا الحاكم كما لا يجوز لصاحب الحق ان يطالب صاحب اليمين الذي هو غير محق بحقه وماله رغم أنه يعلم بأن ماله عند غير ذي الحق فإذا فرضنا ان البائع يعلم أن الثمن ملكه وهو عند المشتري بعد حكم الحاكم كما ان ليس له مطالبة المشتري بالثمن لا يجوز له اخذ الثمن ايضا كما إذا وقع بيده لا يجوز له التصرف فيه ولا أخذه بعد حكم الحاكم بإنهاء الخصومة بينهما ومن الواضح أن انهاء الخصومة بينهما لا يتوقف على فسخ العقد الواقع بينهما واقعا فإنه يكفي في انهاء الخصومة بينهما عدم جواز الترافع بينهما مرة ثانية عند حاكم اخر وعدم مطالبة صاحب الحق غير صاحب الحق بحقه وماله ولا يلزم ان يكون انتهاء الخصومة واقعيا ولا يلزم ان يكون الفسخ واقعيا.
هكذا ذكره بعض المحققين(قد).
وللمناقشة فيه مجال.
فإنه إذا حلف كلاهما فسقط كلا الحلفين من جهة المعارضة فتبقى المسألة بلا بينة وبلا حلف فلا بد من ان يحكم الحاكم بإنهاء الخصومة من باب الولاية إذ له الولاية في انهاء الخصومات بين المتخاصمين فإذاً لا مانع من ان يحكم الحاكم بمقتضى ولايته بانفساخ العقد الواقع بينهما واقعا ولا يكون مستنِدا الى اليمين حتى يقال ان حجية اليمين حجية ظاهرية كحجية البينة فإنها حجية ظاهرية وحكم ظاهري بل حكم الحاكم بانفساخ العقد الواقع بينهما مستند الى ولايته وهو حكم واقعي لا انه حكم ظاهري بل لا يمكن ان يكون حكما ظاهريا إذ كيف يحكم الحاكم بانفساخ العقد ظاهرا مع علمه وجدانا بأن الثمن باق في ملك البائع والمثمن باق في ملك المشتري؟ فإن حكمه بالانفساخ ترخيص في المخالفة القطعية العملية ولا يمكن صدور مثل هذا الحكم من الحاكم فمن أجل ذلك يكون حكم الحاكم بانفساخ العقد حكما واقعيا وهذا الحكم غير مستند الى حجية اليمين لأن اليمين قد سقطت بل هو مستند الى ولايته وهذا الحكم حكم واقعيا فعندئذ لا إشكال في البين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo