< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/01/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أقسام القطع
كان كلامنا في ان العلم بالحكم مأخوذ تارة في موضوع حكم مخالف له واخرى في موضوع حكم مضاد له وثالثة في موضوع حكم مماثل له ورابعة في موضوع حكم نفسه تارة بلحاظ مرتبة واحدة واخرى بلحاظ مرتبتين، وقد تقدم الكلام في جميع ذلك موسعا، ويبقى الكلام في الظن وهذه الصور متصورة في الظن ايضا :
الاولى : ان الظن بالحكم مأخوذ في موضوع نفسه تارة بلحاظ مرتبة واحدة أي الظن بالحكم في مرتبة الجعل مأخوذ في موضوع نفسه في هذه المرتبة واخرى بلحاظ مرتبتين أي الظن بالحكم في مرتبة الجعل مأخوذ في موضوع نفسه في مرتبة المجعول .
الثانية : ان الظن بالحكم مأخوذ في موضوع حكم مخالف له .
الثالثة : ان الظن بالحكم مأخوذ في موضوع حكم مضاد له .
الرابعة : الظن بالحكم مأخوذ في موضوع حكم مماثل له .
اما الكلام في الصورة الاولى أي الظن بالحكم المأخوذ في موضوع نفسه في مرتبة واحدة تارة يكون الظن مأخوذا بنحو الطريقية واخرى يكون بنحو الصفتية، ونقصد بالطريقية اضافة الظن الى المظنون بالعرض وهو المظنون في الخارج أي خارج افق الذهن ونقصد بالظن الصفتي اضافة الظن الى المظنون بالذات .
اما اذا كان الظن بالحكم مأخوذا في موضوع نفسه بنحو الطريقية فلا شبهة في انه جزء الموضوع وجزؤه الاخر هو الحكم في الواقع لأن طريقية الظن متقومة بوجود ذي الطريق في الواقع والا فلا يكون متصفا بهذا الوصف، فالموضوع مركب من طريقية الظن والحكم الواقعي، وهو مما لا يمكن اذ يلزم من ذلك توقف الشيء على نفسه مباشرة لأن الحكم جزء الموضوع وشخص هذا الحكم حكم هذا الموضوع، فيلزم توقف الشيء على نفسه أي توقف الحكم على نفسه مباشرة وهو مستحيل .
فإذن اخذ الظن بالحكم في موضوع نفسه بلحاظ مرتبة واحدة بنحو الطريقية مستحيل
واما الظن الصفتي فتارة يكون مأخوذا في الموضوع بنحو جزء الموضوع والجزء الاخر هو الحكم في الواقع، وهذا الفرض ايضا مستحيل لأن شخص هذا الحكم جزء الموضوع والمفروض ان شخص هذا الحكم حكم هذا الموضوع فيلزم اتحاد الحكم مع موضوعه وتوقف الحكم على نفسه وهو مستحيل، وتارة اخرى يكون مأخوذا تمام الموضوع للحكم بان لا يكون الحكم الواقعي جزء الموضوع فلا استحالة حينئذ لان الحكم يتوقف على الظن والظن لا يتوقف على شيء، فالظن بالحكم بنحو الصفتية مأخوذ في موضوع نفسه بنحو تمام الموضوع لا محذور فيه .
ولكن هذا التقسيم كما ذكرناه سابقا مبني على تقسيم الشيخ عليه الرحمة ومن تأخر عنه أي ان القطع على قسمين طريقي وصفتي، ولكن ذكرنا سابقا ان القطع حقيقة واحدة وهذا التقسيم مبني على التسامح فإن حقيقة القطع هي الكشف والمرآتية، فإن القاطع يرى المقطوع في الخارج ولا يرى قطعه، فالقطع حقيقته المرأتية والمرآتية والكاشفية ذاتية للقطع فلا تتوقف على شيء وهي موجودة في افق النفس فلا يمكن وجودها في خارج افق النفس لأن العلم من الامور النفسانية فلا يعقل وجودها في الخارج، فحقيقة العلم حقيقة واحدة، وهذه الحقيقة يمكن ان تؤخذ جزء الموضوع للحكم ويمكن ان تؤخذ تمام الموضوع للحكم .
فتقسيم القطع الى الطريقية والصفتية مبني على التسامح اذ المراد ان الطريقية طريقية القطع الى الخارج ويستحيل وجود القطع في الخارج فكيف يمكن ان يكون طريقا الى الاشياء الخارجية فالعلم وهو القطع في افق النفس طريق الى الواقع ومرآة الى الواقع ومرآتيته في افق النفس ولا يعقل ان يكون طريقا الى الخارج، وكذلك الظن .
هذا من جهة .
ومن ناحية اخرى، كأن الظن الصفتي على المشهور اذا كان تمام الموضوع فلا يلزم محذور تقدم الشيء على نفسه وتوقف الشيء على نفسه، ولكن هناك محذورين اخرين قد ذكرناهما في مسألة القطع، فأن القطع الصفتي على مسلك الشيخ عليه الرحمة وغيره اذا كان مأخوذا في الموضوع وكان تمام الموضوع فلا يلزم محذور توقف الشيء على نفسه، ولكن يلزم هنا محذور بنظر القاطع تارة يكون هو الدور واخرى يكون الخلف .
اما الدور فإن القاطع يرى ثبوت الواقع ويرى المقطوع وان قطعه يتوقف على وجود المقطوع ولا يحتمل الخلاف فإن القاطع يرى دائما ان قطعه مطابق للواقع، فقطعه يتوقف على وجود المقطوع في الخارج فلو كان وجود المقطوع يتوقف على القطع لزم الدور، فهذا الدور يلزم بنظر القاطع، واما الخلف فلأن القاطع اذا قطع بشيء يرى ان هذا الشيء ثابت في الواقع في مرتبة سابقة بقطع النظر عن تعلق قطعه به فلو فرضنا ان ثبوته مما يتوقف على القطع فيلزم الخلف أي يلزم من فرض ثبوته عدم ثبوته ومن فرض وجوده عدم وجوده وهو مستحيل .
فهذان المحذوران يلزمان من اخذ القطع في موضوع الحكم بنحو الصفتية تمام الموضوع بنظر القاطع لا في الواقع .
فهل ينطبق هذان المحذوران على الظن او لا؟
اما المحذور الاول وهو لزوم الدور، فلا ينطبق على الظن لأن القاطع يرى دائما ان قطعه مطابق للواقع ولا يحتمل الخلاف فلو كان الواقع متوقفا على قطعه لدار واما الظان فلا يرى ان ظنه دائما مطابق للواقع فكما انه يحتمل ذلك يحتمل ان ظنه غير مطابق للواقع، فلا يرى الظان ان ظنه يتوقف على ثبوت الواقع أي الظن موجود سواء أ كان الواقع موجودا ام لم يكن موجودا، فلا ينطبق محذور الدور على الظن .
واما المحذور الثاني وهو محذور الخلف فهو ينطبق على الظن ايضا، فإن القاطع اذا قطع بشيء فكما انه يرى ان هذا الشيء ثابت في الواقع في المرتبة السابقة بقطع النظر عن تعلق القطع به او عدم تعلقه به فكذلك الظان فإن الانسان اذا ظن بشيء يرى ان المظنون ثابت في الواقع في المرتبة السابقة بقطع النظر عن تعلق ظنه به فلو كان ثبوته متوقفا على الظن لزم الخلف أي لزم من فرض ثبوته في المرتبة السابقة عدم ثبوته وهو مستحيل .
فالمحذور الثاني ينطبق على الظن.
وعليه فلا يمكن اخذ الظن بنحو الصفتية تمام الموضوع فإنه يستلزم بنظر الظان الخلف
هذا كله في الصورة الاولى .
واما الصورة الثانية وهي ان الظن بالحكم مأخوذ في موضوع حكم مخالف له كما اذا قال المولى اذا ظننت بوجوب الصلاة وجب عليك التصدق على الفقراء ولا مانع من ذلك ثبوتا واثباتا فإنه لا تنافي بين الحكمين بين الحكم الذي هو متعلق الظن وبين الحكم الذي يكون الظن موضوعا له ففي المثال الظن موضوع لوجوب التصدق ومتعلق الظن وجوب الصلاة .
واما الصورة الثالثة وهي اخذ الظن بالحكم في موضوع حكم مضاد له كما اذا قال المولى اذا ظننت بوجوب الصلاة حرم عليك الاتيان بها او اذا ظننت بحرمة شرب الخمر يجب عليك شربها فلا شبهة في استحالة ذلك، اذ لا يمكن اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد بأن تكون الصلاة واجبة وحرام معا او يكون شرب الخمر واجب وحرام معا فأنه مستحيل من جهة المبادي لأن معناه اجتماع المصلحة الملزمة مع المفسدة الملزمة، لأن الحرمة تكشف عن وجود مفسدة ملزمة في شرب الخمر والوجوب يكشف عن وجود مصلحة ملزمة فيه واجتماعهما مستحيل .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo