< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/11/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : اقسام القطع
الوجه الثالث : أن اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة الجعل لو كان ممكنا فلا يمكن في مرتبة الفعلية، فإن اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة الجعل يستلزم توقف الشيء على نفسه في مرتبة الفعلية وفي مرتبة وصول الحكم، ومن الواضح ان كل حكم اذا استحالت فعليته ووصوله الى المكلف استحال جعله ايضا لأنه لغو، والوجه في ذلك أنه بعد ثبوت جعل الاحكام الشرعية في الشريعة المقدسة فوصول الحكم منوط بوصول موضوعه، فاذا وصل موضوع الحكم الى المكلف وصل الحكم اليه ايضا وهذا معنى ما هو المعروف في السنة الاصحاب أن فعلية الحكم انما هي بفعلية موضوعه في الخارج، فاذا علم المكلف بتغير الماء بأحد اوصاف النجس علم بنجاسته فاذا وصل اليه الموضوع وعلم به علم بحكمه ايضا فاذا علم بملاقاة هذا الاناء للنجس علم بنجاسته . واذا علم بدخول الوقت علم بوجوب الصلاة عليه وكذا اذا علم باستطاعته علم بوجوب الحج عليه وهكذا، وعلى هذا اذا اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة الجعل فوصول هذا الحكم منوط بوصول موضوعه والعلم بهذا الحكم منوط بالعلم بموضوعه ومعنى ذلك ان العلم بالحكم يتوقف على العلم بالعلم بالحكم، فان العلم بالحكم موضوع ولا بد من احراز الموضوع لان احراز الحكم منوط بإحراز الموضوع والعلم بالحكم منوط بالعلم بالموضوع والموضوع هو العلم بالحكم
فإذن العلم بالحكم يتوقف على العلم بالعلم بالحكم، وحيث انه ليس هنا علم اخر غير العلم بالحكم في افق النفس لما ذكرناه من ان حضور كل شيء في الذهن انما هو بالعلم واما حضور العلم انما هو بنفسه وبذاته لا بعلم اخر والا لذهب الى ما لا نهاية له، وعلى هذا اذا كان الموضوع غير العلم فحضوره في الذهن انما هو بالعلم واما اذا كان الموضوع هو العلم بالحكم فحضوره في الذهن بنفسه لا بعلم اخر، فلا يوجد هنا الا علم واحد في افق النفس هو العلم بالموضوع وهو بنفسه حاضر في النفس، وعلى هذا فالعلم بالحكم يتوقف على العلم بالحكم من باب توقف الحكم على موضوعه لا ان العلم بالحكم يتوقف على العلم بالعلم بالحكم اذ معنى ذلك ان حضور العلم في الذهن يتوقف على العلم الاخر وهذا لا يمكن لان حضور العلم في الذهن انما هو بنفسه لا بعلم اخر، فالنتيجة ان العلم بالحكم يتوقف على العلم بالحكم من باب توقف الحكم على الموضوع وهو من توقف الشيء على نفسه وهو مستحيل، فاذا اخذ المولى العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة الجعل استلزم توقف العلم بالحكم على العلم بالحكم في مرتبة الفعلية وهو من توقف الشيء على نفسه وهو محال، هذا هو الوجه الثالث .
وللمناقشة في هذا الوجه مجال .
فإنه اذا امكن اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة الجعل فلا مانع من فعلية هذا الحكم ووصوله الى المكلف ولا يلزم منه محذور، فإن وصول هذا الحكم الى المكلف بنفس العلم به لا بشيء اخر فاذا علم المكلف بهذا الحكم في مرتبة الفعلية فقد وصل اليه الحكم فوصوله بنفس العلم به ومن الواضح ان هنا علما واحدا في افق الذهن وليس هنا علمان علم بالحكم الذي هو حكم القضية وعلم اخر بالحكم الذي هو موضوع القضية فليس في الذهن الا علم واحد قد يعبر عنه بالعلم بالحكم وقد يعبر عنه بالعلم بالموضوع باعتبار ان العلم بالحكم مأخوذ في نفس هذا الحكم، وعلى هذا فما ذكر في هذا الجواب من ان العلم بالحكم ووصوله يتوقف على العلم بالحكم ووصوله من باب توقف الحكم على الموضوع لا يرجع الى معنى محصل لأنه مبني على فرض تعدد العلم في افق الذهن، وفرض تعدد العلم في افق الذهن خلاف الضرورة والوجدان، نعم تعدد العلم انما يتصور فيما اذا كان الموضوع غير العلم كما اذا فرضنا ان المولى جعل وجوب الصلاة قصرا على المسافر العالم بوجوب القصر، فإن معنى ذلك ان المولى اخذ العلم بوجوب القصر في موضوع نفسه في مرتبة الجعل وحينئذ تكون هنا صغرى وكبرى، الكبرى هو اخذ العلم بوجوب القصر في موضوع نفسه في مرتبة الجعل وصغرى هذه الكبرى هو السفر، فاذا علم المكلف بوجوب القصر على المسافر العالم بهذا الوجوب فقد علم بالكبرى، واذا كان مسافرا تحققت الصغرى والكبرى معا، فعندئذ لا مانع من تعدد العلم لان العلم بكونه مسافرا غير العلم المأخوذ بوجوب القصر فإن الاول علم بالصغرى والثاني علم بالكبرى والشارع اخذ العلم بوجوب القصر على المسافر في موضوع نفس هذا الوجوب في مرحلة الجعل كبرويا وهذه هي الكبرى والسفر في الخارج صغرى القضية، ومن الواضح ان الحكم انما يصل الى المكلف بتحقق الكبرى والصغرى معا، وبتحققهما يصل الحكم الى المكلف ويصير فعليا، فإذا علم المكلف ان الماء المتغير بأحد اوصاف النجس نجسا يكون قد حقق كبرى القضية وعلم بان هذا الماء الموجود متغير بأحد اوصاف النجس يكون قد حقق صغرى القضية، ومن تطبيق الصغرى على الكبرى تكون النتيجة هي العلم بنجاسة الماء، فالعلم بنجاسة هذا الماء الموجود في الخارج نتيجة تطبيق الكبرى على الصغرى ونتيجة وصول الكبرى والصغرى معا في المقام فعندئذ لا مانع من تعدد العلم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo