< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/11/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أقسام القطع
تتحصل مما ذكرنا، ان القطع المأخوذ في الموضوع اما بنحو الطريقية او بنحو الصفتية والمقصود طريقية القطع بنفسه وصفتية القطع كذلك، ومن هنا قلنا انه لا يتصور -هاتان الصفتان المتباينتان ذاتا- ان يكون القطع واجدا لهما لان القطع امر بسيط وله حيثية واحدة ولا يعقل ان يكون له حيثيتان ذاتيتان مقومتان متباينتان حيثية الطريقية وحيثية الصفتية فالقطع حقيقته الكشف والظهور وليس له حقيقة اخرى، نعم قد يكون القطع مقيدا بقيد كالقطع من القاطع الفلاني او القطع بالمقطوع الفلاني او القطع في الزمان الفلاني او المكان وما شاكل ذلك كما هو الحال في كل موضوع فقد يكون الموضوع الطبيعي وقد يكون مقيدا بقيد والعلم ايضا كذلك وكل ذلك لا يكون مربوطا بطريقية القطع وصفتيته او ان القطع بلحاظ لوازمه وملازماته الوجودية في الخارج فالقطع بسيط ولا يعقل ان تكون له حيثيتان ذاتيتان متباينتان.
واما ما ذكره صاحب الكفاية (قده) من الاقسام الاربعة فقد ذكرنا ان اشكال مدرسة المحقق النائيني على انه لا يعقل ان يكون القطع تمام الموضوع بنحو الطريقية على تقدير التسليم به لان طريقية القطع متقومة ذاتا بوجود ذي الطريق أي الواقع، فاذا لم يكن الواقع موجودا فلا وجود للطريق .
فإذن معنى كون القطع تمام الموضوع بنحو الطريقية انه لا دخل للواقع فيه ومعنى كون القطع مأخوذا بنحو الطريقية ان للوقع دخلا فيه والجمع بين المعنيين جمع بين المتناقضين فلا يمكن .
ذكرنا ان هذا الاشكال انما يرد اذا كان مراد صاحب الكفاية من الطريقية الطريقية العرضية أي طريقية القطع الى الواقع اما اذا كان مراده من الطريقية الطريقية الذاتية وهي اضافة القطع الى المعلوم بالذات فلا يلزم هذا المحذور، فان هذه الاضافة عين القطع أي عين المقطوع بالذات أي ان الاضافة اضافة اشراقية وليست محمولية، فالأشكال على صاحب الكفاية مبني على الاول، والجواب عن هذا الاشكال مبني على الثاني والظاهر من عبارة صاحب الكفاية هو الاول أي مراده من الطريقية الطريقية العرضية فانه جعل الطريقية الذاتية من القطع الصفتي ومعناه اضافة القطع الى المعلوم بالذات في عالم النفس هذا هو المراد من القطع الصفتي ومراده من القطع الطريقي هو طريقية القطع الى الواقع وكاشفيته عنه، فهذا الاشكال وارد على صاحب الكفاية (قده) .
ثم ذكر صاحب الكفاية وجها خامسا، فذكر ان القطع قد يكون صفة للمقطوع به[1] ولكن ما افاده (قده) لا يمكن المساعدة عليه فان مراده من المقطوع به المقطوع به الذاتي أي في عالم النفس واضافة القطع اليه اضافة اشراقية فهذا هو القطع الصفتي وليس هو شيء اخر زائدا عليه، وان كان مراده من المقطوع به المقطوع به بالعرض أي الواقع الخارجي فطريقية القطع اليه طريقية عرضية وهذا ليس قسما خامسا في مقابل الاقسام الاربعة لأنه اما داخل في القطع الصفتي او داخل في القطع الطريقي فجعله وجها خامسا لا وجه له .
هذا تمام كلامنا في المقام الاول وهو ان القطع المأخوذ في موضوع الحكم على قسمين او على اربعة اقسام .
الكلام في المقام الثاني
ان القطع الموضوعي تارة يكون متمثلا في القطع المأخوذ في موضوع الحكم واخرى يكون متمثلا في القطع بنفس الحكم، والاول كالقطع بان هذا المائع خمر او هذا الاناء فيه بول وما شاكل ذلك من الموضوعات الخارجية، وفي مثل ذلك لا مانع ثبوتا في اخذ القطع في موضوع الحكم بان تكون النجاسة مجعولة للبول بوجوده العلمي لا للبول بوجوده الواقعي، ولا يلزم منه أي محذور .
ولكن لا دليل على ذلك في مقام الاثبات، فان الادلة قائمة على ان هذه الاحكام مجعولة لهذه الاشياء بوجوداتها الواقعية لا بوجوداتها العلمية، فالنجاسة مجعولة للبول بوجوده الواقعي وحرمة الشرب مجعولة للخمر بوجوده الواقعي وهكذا، نعم ذهب بعض الاخبارين الى ان نجاسة البول مجعولة للبول بوجوده العلمي واما البول بوجوده الواقعي فلا يكون نجسا، فالنجس هو البول بوجوده العلمي .
ولكن لا دليل عليه وهذا واضح .
واما القطع بالحكم الشرعي كالقطع بحرمة شرب الخمر او القطع بوجوب الصلاة وما شاكل ذلك، تارة يؤخذ القطع بالحكم الشرعي في موضوع حكم اخر مخالف له واخرى يكون مأخوذا في موضوع حكم اخر مضاد له وثالثة يكون مأخوذ في موضوع حكم اخر مماثل له ورابعة يكون مأخوذ في موضوع حكم اخر متحد معه .
اما القسم الاول فكما اذا قال المولى ((اذا قطعت بوجوب الصلاة وجب عليك التصدق بدرهم )) ولا اشكال في ذلك ولا مانع منه ولا يلزم منه أي محذور، واما القسم الثاني وهو ما اذا كان القطع بالحكم موضوعا لجعل حكم مضاد له كما اذا قال المولى (( اذا قطعت بوجوب الصلاة حرمت عليك الصلاة )) (( واذا قطعت بحرمة شرب الخمر جاز لك شربها )) فهل هذا ممكن وجائز او انه ليس بممكن ؟
لا شبهة في انه غير ممكن وذلك لان الغرض من جعل الحكم الثاني ان كان الردع عن طريقية القطع وكاشفيته وان القطع عن وجوب الصلاة ليس طريقا الى وجوبها فقد تقدم انه مستحيل فان الردع عن طريقية القطع مع وجوده مستحيل والردع عن كاشفية القطع مع وجوده مستحيل، نعم يمكن الردع عن كاشفية القطع بمعنى رفع اليد عن الحكم الشرعي أي وجوب الصلاة وحرمة شرب الخمر في المثال فان هذا بيد المولى وله ذلك واما الردع عن طريقية القطع وكاشفيته فهو غير معقول، وان كان الغرض من جعل الحكم الثاني المضاد هو جعل الحكم المولوي الوقعي فهذا مستحيل ايضا اذ يلزم اجتماع الوجوب والحرمة فيشيء واحد لان لازم ذلك ان تكون الصلاة واجبة ومحرمة وهو مستحيل، وهذه الاستحالة ليست من جهة الوجوب والحرمة اذ لا مانع من اجتماع الوجوب والحرمة بما هما اعتباران لما ذكرناه غير مرة من ان اجتماع الضدين والنقيضين انما هو مستحيل في الاشياء الواقعية الخارجية كما في البياض والسواد ونحوهما واما الوجوب والحرمة بما هما اعتباران فلا واقع موضوعي لهما الا في عالم الذهن والاعتبار فلا مانع من اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد أي الشارع اعتبر الوجوب واعتبر الحرمة في نفس الوقت لشيء واحد ولا مانع منه، نعم استحالة اجتماع الوجوب والحرمة من جهة استحالة اجتماع مباديهما فان الوجوب كاشف عن وجود مصلحة ملزمة في متعلقه والحرمة تكشف عن وجد مفسدة ملزمة في متعلقها فيلزم من اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد اجتماع المفسدة الملزمة مع المصلحة الملزمة في شيء واحد وهذا مستحيل لأنه اجتماع للمحبوب مع المبغوض في شيء واحد لان الوجوب كاشف عن ان متعلقه محبوب والحرمة كاشفة عن ان متعلقها مبغوض، ومن الواضح ان المصلحة الملزمة لا تجتمع مع المفسدة الملزمة والمحبوب لا يجتمع مع المبغوض، فمن هذه الناحية لا يمكن اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد هذا مضافا الى انه لا يمكن امتثال هذا الوجوب والحرمة لان الصلاة اذا كانت واجبة وفي نفس الوقت محرمة فهو تكليف بالمحال فلا يتمكن المكلف من امتثال كلا الحكمين معا ومن الواضح ان جعل تكليفين لا يتمكن المكلف من امتثالهما لغو وهو مما لا يمكن صدوره من المولى الحكيم، فمن هاتين الجهتين لا يمكن اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد .
فإذن هذا القسم باطل ولا يجوز .
واما القسم الثالث، وهو جعل حكم مماثل للحكم المقطوع به كما اذا قال المولى ((اذا قطعت بوجوب الصلاة وجبت عليك الصلاة )) أي جعل حكما مماثلا للحكم الاول فهل يجوز ذلك او لا يجوز ؟
قد يقال كما قيل ان هذا ايضا مستحيل، فان كلا الوجوبين اذا اجتمعا في شيء واحد اما ان يبقى كل منهما على حده التام او يندك احدهما في الاخر وكلا الامرين غير ممكن .
وسيأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo