< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/11/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أقسام القطع
الى هنا قد وصلنا الى هذه النتيجة وهي ان ما ذكره شيخنا الانصاري (قده) وتبعه جماعة من المحققين من تقسيم القطع الموضوعي الى قسمين طريقي وصفتي لا يمكن المساعدة عليه ، ومن هنا ذكر بعض المحققين (قده) -على ما في تقرير بحثه- انه يمكن في تصوير هذا التقسيم اختيار احد الطريقين :
الاول : ان للعلم الذي هو انكشاف ملازمات في الخارج وجودية وعدمية كاستقرار النفس وسكونها واطمئنانها وما شاكل ذلك فان هذه الاشياء مترتبة على القطع وعليه فتارة يؤخذ القطع في موضوع الحكم بما له من هذه الصفات والخصوصيات واخرى يؤخذ في موضوع الحكم بما هو انكشاف وحضور للمعلوم ، فعلى الاول القطع المأخوذ في الموضوع صفتي وعلى الثاني طريقي .
هكذا ذكره (قده) [1].
وقد قلنا ان هذا في نفسه وان كان صحيحا الا انه خارج عن محل الكلام فان محل الكلام في اخذ القطع في موضوع الحكم تارة بنحو الصفتية واخرى بنحو الطريقية لا في اخذ شيء اخر أي ما هو من لوازم القطع وملازماته لأنه خارج عن محل الكلام وان اراد (قده) توجيه كلام شيخنا الانصاري (قده) فهو ليس توجيها لكلامه ، فان كلام الشيخ صريح في ان القطع المأخوذ في الموضوع اما ان يكون مأخوذا فيه بنحو الصفتية او يكون مأخوذا فيه بنحو الطريقية وهو قد صرح بان الموضوع هو القطع والقطع مأخوذ في الموضوع على نحوين .
فالنتيجة ان هذا الوجه لا يمكن المساعدة عليه .
الثاني : ان للعلم حيثيتان وجنبتان :
حيثية انه انكشاف للعالم وحيثية انه انكشاف في النفس للمعلوم ثم ذكر جملة في ذلك ان الخصيصة الثانية أي كونه انكشافا في النفس للمعلوم هذه الخصيصة ليست من مقومات العلم بدليل ان العلم ثابت للباري عز وجل مع انه عين المنكشف له ونفسه فانه فرق بين علم الباري وبين علم الانسان فان علم الباري على قسمين :
الاول : العلم الذاتي وهو عين ذاته تعالى وتقدس وليس زائدا على ذاته .
الثاني : العلم الفعلي وهو حضور نفس الاشياء عنده ، واما علم الانسان فليس كذلك اذ علم الانسان هو عبارة عن حضور صورة الاشياء عنده لا نفس الاشياء وهذه الصورة قد تكون مطابقة للواقع وقد لا تكون مطابقة للواقع ، وعلى هذا فاذا لوحظ العلم المأخوذ في الموضوع بما انه انكشاف للعالم كان صفتيا ، واذا لوحظ بما انه انكشاف في النفس للمعلوم فهو طريقي ، ولا مناص من هذا التقسيم [2].
هكذا ذكره (قده) على ما في تقرير بحثه .
ويمكن المناقشة فيه .
اذ لا شبهة في ان حقيقة العلم حقيقة واحدة بسيطة وهي الانكشاف والظهور وهذا الانكشاف قائم بالنفس والنفس هو العالم لا سائر اعضاء الانسان المركب من العظم واللحم والدم والعروق ، وعلى هذا قد يعبر عن النفس بانها ظرف للعلم بالنسبة الى المعلوم فقد يكون فاعلا ، فالعلم وهو الانكشاف والظهور تارة يلحظ انه انكشاف للعالم أي انكشاف للنفس واخرى يلحظ انه انكشاف في النفس للمعلوم وهذا مجرد تعبير والا حقيقة العلم هو الانكشاف والظهور على كلا التقديرين فتارة يسند الى العالم وهو النفس باعتبار انه فاعل واخرى يسند اليها باعتبار انها ظرف للمعلوم وهو مجرد اختلاف في اللفظ لا في الواقع .
فإذن العلم امر بسيط ولا يعقل ان يكون له حيثيتان مقومتان متباينتان ذاتيتان ، فما ذكره هذا المحقق (قده) لا يمكن المساعدة عليه ايضا .
ثم ان صاحب الكفاية (قده) قد قسم القطع الموضوعي الى اربعة اقسام : فالقطع المأخوذ في الموضوع تارة يكون بنحو الطريقية واخرى بنحو الصفتية وعلى الاول فتارة تكون طريقيته تمام الموضوع للحكم واخرى جزء الموضوع للحكم وعلى الثاني أي يكون القطع المأخوذ في الموضوع بنحو الصفتية فتارة يكون تمام الموضوع للحكم واخرى يكون جزء الموضوع للحكم فقد قسم القطع المأخوذ في الموضوع الى هذه الاقسام الاربعة [3].
وقد اشكل على هذا التقسيم مدرسة المحقق النائيني (قده) منهم السيد الاستاذ (قده) بانه لا يتصور ان يكون القطع المأخوذا في الموضوع بنحو الطريقية تمام الموضوع ، فان طريقيته متقومة بوجود الواقع فان طريقية كل طريق متقومة بوجود ذي الطريق والا فلا يكون طريقا فطريقية القطع الى الواقع لا يمكن ان تكون تمام الموضوع للحكم فان طريقيته متقومة بوجود الواقع واما اذا لم يكن الواقع موجودا فلا وجود للطريق فكيف يعقل ان تكون طريقية القطع الى الواقع تمام الموضوع للحكم بدون دخل الواقع فيه فان معنى ان القطع تمام الموضوع للحكم بنحو الطريقية انه لا دخل للواقع فيه ، ومعنى انه مأخوذ بنحو الطريقية في موضوع الحكم ان للواقع دخل فيه والجمع بين الامرين جمع بين المتناقضين فلا يمكن[4].
هكذا اشكلت مدرسة المحقق النائيني على هذا التقسيم .
وقد اجاب عن ذلك بعض المحققين (قده) ، ان هذا الاشكال انما يرد على صاحب الكفاية اذا كان مراده من طريقية القطع طريقيته الى الواقع أي طريقية القطع الى المقطوع بالعرض أي طريقية العلم الى المعلوم بالعرض ، ولكن الظاهر ان مراد صاحب الكفاية (قده) من طريقية القطع طريقيته الى المقطوع بالذات أي طريقية العلم الى المعلوم بالذات أي اضافته الى المعلوم بالذات فعندئذ لا اشكال اذ لا مانع من كون هذه الاضافة تمام الموضوع للحكم باعتبار انها ليست مقومة بوجود المضاف اليه وليست موقفة على وجوده لأنها اضافة اشراقية لا محمولية .
هذا هو مراد صاحب الكفاية(قده) [5].
ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني (قده) غير وارد .
ولكن الظاهر ان الامر ليس كذلك ، فان كل من رجع الى الكفاية يظهر له ان مراده من طريقية القطع طريقيته الى الواقع اعني المقطوع بالعرض لا المقطوع بالذات والنكتة في ذلك ان مراده من العلم الصفتي هو اضافة العلم الى المعلوم بالذات ، فالعلم تارة يؤخذ في الموضوع بنحو الصفتية أي اضافته الى المعلوم بالذات واخرى بنحو الطريقية أي طريقيته وكاشفيته الى الواقع ، هذا هو الظاهر من عبارة الكفاية وعندئذ الاشكال وارد على صاحب الكفاية (قده) .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo