< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/07/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : التجري
الى هنا قد تبين ان نتيجة المقدمة الاولى ان متعلق التكليف لا بد ان يكون مقدورا لاستحالة توجيه التكليف الى غير المقدور، ونتيجة المقدمة الثانية ان الباعث والمحرك للمكلف الى الاتيان بالواجب او الاجتناب عن الحرام انما هو احراز التكليف لا التكليف بوجوده الواقعي أي التكليف بوجوده العلمي هو المحرك للمكلف والباعث للإتيان بالواجب او الابتعاد من الحرام، ونتيجة المقدمة الثالثة ان الغرض من وراء جعل التكاليف انما هي الداعوية والارادة والقصد لامتثالها والاتيان بمتعلقاتها، ولازم ذلك ان متعلق التكليف هو ارادة المكلف وقصده واختياره وحيث ان الارادة لا تتعلق بالواقع وانما تتعلق بما يراه الفاعل واقعا سواء اكان كذلك ام لم يكن كذلك، فاذا كانت الارادة والاختيار متعلقين بما يراه الفاعل واقعا فهو يعم موارد التجري ايضا .
وعلى هذا فالخطابات الشرعية من الكتاب والسنة تعم موارد التجري ايضا ولا تختص بموارد العصيان، هذا هو الدليل على ان الخطابات الشرعية تعم موارد التجري وتدل على حرمة الفعل المتجرى به .
والجواب عن ذلك :
اما المقدمة الاولى فلا اشكال فيها، فان متعلق التكليف لا بد ان يكون مقدورا لاستحالة التكليف بغير المقدور، واما المقدمة الثانية فهي غير تامة لان احراز التكليف والقطع به طريق الى الواقع ولا يكون موضوعا، فالعلم هو طريق الى الواقع فان العالم لا يرى الا الواقع ولا يرى علمه بالواقع، فالعالم بان هذا المائع خمرا لا يرى الا كونه خمرا، واقدم على شربه بملاك انه خمر لا بملاك انه معلوم الخمرية فالنظر الى العلم نظر آلي وهو فان في الواقع ولا يرى العالم والقاطع علمه .
فإذن احراز التكليف ملحوظ آليا الى الواقع، فالمحرك للمكلف والباعث هو الواقع غاية الامر ان احراز التكليف شرط له، فالإحراز ليس تمام الموضوع لتحريك المكلف وباعثيته وداعويته، فان الواقع المحرز هو المحرك للمكلف نحو الاتيان به واحرازه شرط له، ولو تنزلنا فلا اقل من ان الاحراز جزء الموضوع فالموضوع مركب من الواقع واحرازه والواقع مع احرازه محرك وباعث لا ان الاحراز تمام الموضوع وهذا امر واضح ووجداني فان كل قاطع بالحكم الشرعي يرى الحكم الشرعي ويرى انه محرك له لا قطعه غاية الامر ان تحريكه مشروط بالإحراز او ان الاحراز جزء الموضوع للتحريك والداعوية .
وعلى كلا التقديرين فالخطابات الشرعية لا تشمل موارد التجري لفرض انه لاواقع في موارد التجري ومن اجل ذلك تختص الخطابات الشرعية في الكتاب والسنة بموارد العصيان ولا تشمل موارد التجري .
ودعوى ان الواقع خارج عن اختيار المكلف وسلطنته مدفوعة، فان الواقع تحت اختيار المكلف وتحت سلطنته حتى في موارد الجهل لان الجهل لا يمنع من كون الواقع تحت سلطنة الانسان واختياره، والذي هو خارج عن اختيار المكلف هو مطابقة قطعه للواقع وعدم مطابقة قطعه للواقع وهو امر تصادفي اذ قد يكون قطعه مطابقا للواقع وقد لا يكون قطعه مطابقا للواقع، فالمطابقة وعدم المطابقة امر تصادفي خارج عن اختيار المكلف واما الواقع فهو بيد المكلف وتحت اختياره وسلطنته، فقطعه اذا كان مطابقا للواقع فالمكلف يأتي به وهو مقدور له وتحت سلطانه، فالواقع لا يكون خارجا عن تحت قدرته والجهل غير مانع عن ذلك .
فالنتيجة ان المقدمة الثانية غير تامة .
واما المقدمة الثالثة ففيها جهات من الاشكال :
الاشكال الاول : ان الاحكام الشرعية تابعة للملاكات الواقعية من المصالح والمفاسد الواقعيتين، لان الاحكام الشرعية تدور مدارها سعة وضيقا ولا يمكن ان تكون دائرة الاحكام الشرعية اوسع من دائرة المصالح والمفاسد الواقعيتين، لان حقيقة الحكم وروحه ملاكه واما الحكم بما هو اعتبار فلا قيمة له ولا يترتب عليه أي اثر، فالحكم الحقيقي هو الحكم الذي يكون متعلقه مشتملا على الملاك أي المصلحة او المفسدة، فحرمة شرب الخمر من جهة ان فيه مفسدة ملزمة حرمة حقيقية مولوية ويعاقب على مخالفتها ويثاب على موافقتها من جهة ان الشرب مشتمل على مفسدة ملزمة وكذلك سائر الاحكام الشرعية، ولهذا يكون حقيقة الحكم ملاكه والا فالحكم بدون الملاك لا اثر له ولا يترتب على مخالفته عقاب ولا على موافقته ثواب ووجوده كالعدم .
وعلى هذا، فلا شبهة في ان الملاكات الواقعية قائمة بأفعال المكلف بوجوداتها الواقعية واما اذا لم يكن قطعه مطابقا للواقع بان لا يكون هنا واقع فلا ملاك في البين، كما اذا قطع بان هذا المائع خمر فقام بشربه ثم بان انه ماء فعندئذٍ لا ملاك ولا مفسدة في شرب الماء، والمفسدة انما هي في شرب الخمر لا في شرب الماء، فكيف يلتزم بان اطلاقات الادلة تشمل موارد التجري، اذ معنى شمولها لموارد التجري لا بدية جعل الاحكام في هذه الموارد، والاحكام المجعولة بدون وجود ملاك في متعلقاتها لا قيمة لها لان الحكم بما هو اعتبار لا قيمة له، والحكم انما له قيمة وآثار اذا كان متعلقه مشتملا على الملاك .
وعلى هذا، فالملاك انما هو قائم في موارد يكون قطع المكلف مطابقا للواقع، واما في الموارد التي لا يكون قطع المكلف مطابقا للواقع وهي موارد التجري فلا ملاك للحكم، واذا لم يكن ملاك لم يكن حكم ايضا .
فلا بد من تخصيص الخطابات الشرعية بموارد العصيان ولا تشمل موارد التجري لعدم وجود الملاك في هذه الموارد .
وقد اشكل على ذلك بعض المحققين (قده) على ما في تقرير بحثه، بان هنا مسألتين
المسالة الاولى : تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد الواقعيتين بناء على مذهب العدلية.
المسألة الثانية : ان هذه الخطابات باطلاقاتها وعموماتها هل تشمل التجري اولا تشمل التجري ؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo