< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : حمل المطلق على المقيد
ان الكلام في المقيد المنفصل ذكرنا ان الحكم المجعول في جانب المطلق تارة يكون حكما واحدا متعلقا لصرف وجود الطبية واخرى يكون الحكم انحلالي ومتعلق لمطلق وجود الطبيعة، على الاول تارة يكون الدليل المقيد مخالفا لدليل المطلق واخرى يكون موافقا له في الايجاب والسلب معا
اما على الاول : فهو في ما اذا كان مخالفا لدليل المطلق في السلب والايجاب كما اذا قال المولى اعتق رقبة ثم قال في دليل منفصل لا تعتق رقبة كافرة او قال صلي ثم قال لا تصلي في الارض المغصوبة او في الساتر الغصبي ونحو ذلك، ففي مثل ذلك اذا كان مفاد النهي الارشاد الى المانعية كما هو الظاهر من النواهي الواردة في ابواب العبادات والمعاملات، كالنهي عن القهقهة في الصلاة والنهي عن الصلاة بالساتر النجس فان لسان هذا النهي لسان ارشاد الى المانعية، فان كان النهي عن عتق رقبة كافرة ارشاد الى ان الكفر مانع فعندئذ لا شبهة في حمل المطلق على المقيد لان عدم المانع قيد للواجب وتقيد به الجزء وهو القيد وان كان خارجا، فعدم المانع قيد للواجب فان الواجب عتق رقبة وعدم كون الرقبة كافرة فهو قيد للواجب، فلا شبهة في حمل المطلق على المقيد، واما اذا كان مفاد النهي الحرمة التكليفية فقط أي نهيا مولويا لا ارشادي فعندئذ تدخل المسألة في كبرى مسألة اجتماع الامر والنهي، فان قلنا بجواز اجتماع الامر والنهي في شيء واحد اذا كانا بعنوانين فعندئذ لا مخالفة بينهما ولا مانع من الالتزام بالوجوب والحرمة معا اذ لا تنافي بينهما ولا موجب لحمل المطلق على المقيد في، اما اذا قلنا باستحالة اجتماع الامر والنهي في شيء واحد وجودا وماهيتا لا من جهة ان الوجوب لا يجتمع مع الحرمة، فان الوجوب بما هو اعتبار والحرمة بما هي اعتبار فلا تنافي بينهما ولا مضادة تتصور بين الامور الاعتبارية التي لا واقع موضوعي لها في الخارج الا في عالم الاعتبار والذهن، لمن المضادة في المقام انما هي من مبادي الوجوب والحرمة فان المصلحة الملزمة لا تجتمع مع المفسدة الملومة في شيء واحد والمحبوبية لا تجتمع مع المبغوضية والارادة لا تجتمع مع الكراهة في شيء واحد فمن اجل ذلك يستحيل اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد، وعلى هذا لابد من تقيد اطلاق المطلق بغير الحصة المنهي عنها كاستحالة انطباق المحبوب على المبغوض فيستحيل انطباق ما يكون مشتمل على المصلحة الملزمة على ما يكون مشتمل على المفسدة الملزمة، فلابد من التقيد بهذا الملاك أي بملاك العقلي لا بالملاك اللفظي، هذا اذا كان الدليل المقيد مخالف لدليل المطلق في السلب والايجاب، اما اذا كان الدليل موافق له كما اذا قال المولى اكرم عالم ثم قال اكرم عالم عادل او قال اعتق رقبة ثم قال اعتق رقبة مؤمنة، فانه لا تنافي بينهما الا بالإطلاق والتقيد فان الدليل المقيد موافق لدليل المطلق في الايجاب وقد يكون موافق في الشرط ايضا، فلابد من تقيد المطلق بالمقيد لان الحكم المجعول حكما واحدا، لان الحكم المجعول حكما واحدا فلو كان هذا الحكم ثابت لطبيعي المطلق لكان التقيد لغوا وهذا مما لا يمكن الالتزام به ومن اجل ذلك لابد من حمل المطلق والمقيد والحكم بان الحكم المجعول هنا ثابت للحصة الخاصة وهي الحصة المقيدة لا لطبيعي المطلق والا لكان القيد لغوا وهو لا يمكن، هذا كله فيما اذا كان الحكم المجعول في جريان المطلق حكما واحدا متعلق بصرف وجود الطبيعة .
واما على الثاني : وهو فيما اذا كان الحكم المجعول في جانب المطلق حكما انحلالي ومتعلق بمطلق وجود الطبيعة كما اذا قال المولى اكرم العلماء ثم قال لا تكرم الفساق منهم فان الكلام فيه ايضا يقع في موردين، احدهما في ما اذا كان دليل المقيد مخالف لدليل المطلق واخرا يكون مخالف له كما اذا قال المولى اكرم الشعراء ثم قال لا تكرم الشعراء الفساق، فلا شبهة في حمل المطلق على المقيد لا بملاك ان المقيد اظهر من الطلق او انه اقوى دلالة من المطلق لا بهذا الملاك بل بملاك كون الدليل المقيد قرينة بنظر العرف والعقلاء ومبين للمراد النهائي الجدي من الطلق ولا يرى العرف التنافي بين القرينة وذيها فان القرينة تتقدم على ذيها وان كانت اضعف منه دلالة فمع ذلك تكون القرينة متقدمة على ذيها لأنها مفسرة لبيان المراد الجدي النهائي منه ومبينة له فعندئذ لا شبهة حمل المطلق على المقيد في ما اذا كان الدليل المقيد مخالف للمطلق، اما اذا كان موافقا كما اذا ورد في الدليل اكرم العلماء ثم ورد بدلي اخر اكرم العلماء العدول ففي مثل ذلك هل يمكن حمل المطلق على المقيد او يحمل المقيد على افضل الافراد، المعروف والمشهور بين الاصوليين حمل المقيد على افضل الافراد، ولكن ناقش فيه السيد الاستاذ قدس سره بأن ملاك تقديم المقيد على المطلق انما هو قرينته لدى العرف والعقلاء، فاذا كان ملاك التقديم قرينته فلا فرق بين الموردين بين ما اذا كان الدليل المقيد مخالف للمطلق وبينما اذا كان الدليل المقيد موافق للمطلق، فعلى كلا التقديرين فهو قرينة للتصرف في المطلق فكما ان في المورد الاول قرينة لبيان المراد الجدي النهائي من المطلق كذلك في المورد الثاني فلابد من تقيد اطلاق المطلق وان الواجب هو اكرام خصوص العلماء العدول لا مطلقا، فلا موجب لحمل المقيد على افضل الافراد فان اطلاق المطلق لا يصلح ان يكون قرينة على حمل المقيد على افضل الافراد وحمل المقيد على افضل الافراد ليس عرفي فهو بحاجة الى قرينة واطلاق المطلق لا يصلح ان يكون قرينة على ذلك فان القرينة انما هي الدليل المقيد فهو قرينة في كلا الموردين ومبين للمراد النهائي الجدي من المطلق في كلا الموردين، فمن اجل ذلك لابد من حمل المطلق على المقيد في هذا المورد ايضا أي في ما اذا كان دليل المقيد موافق لدليل المطلق هذا مراد السيد الاستاذ قدس سره
وان بنينا على ذلك في الدورة السابقة لكن عدلنا عن ذلك لسببين : الاول ما تقدم من ان قرينة دليل المقيد على الدليل المطلق انما هي ثابته بالطريقة المألوفة والمرتكزة بين العرف والعقلاء في مقام التفهيم والتفاهم في حواراتهم في الاسواق والمجالس وغير ذلك، فان هذه الطريقة ثابته بين العرف والعقلاء وهي جعل الدليل المقيد قرينة على التصرف في المطلق، وحيث ان هذه الطريقة دليل لبي فالقدر المتيقن ان الدليل المقيد انما هو قرينة فيما اذا لم يمكن الجمع بين الدليل المقيد والدليل المطلق وهو في ما اذا كان الدليل المقيد مخالف للمطلق فان الجمع بينهما لا يمكن، فالقدر المتيقن من قرينية فيما اذا لم يمكن الجمع بينهما، اما اذا كان الدليل المقيد موافق للدليل المطلق فالجمع بينهما لا مانع منه فيكون لا مانع من اكرام جميع العلماء العدول وغير العدول
السبب الثاني : ان امر المولى بوجوب اكرام العلماء العدول لا يمكن ان يكون جزافا فلا محال ان يكون مبني على نكته وتلك النكتة لم تكن موجودة في اكرام جميع العلماء انما هي موجودة في اكرام خصوص العلماء العدول فان هذ الامر لا يمكن ان كون جزافا، بمعنى ان مصلحة اكرام العلماء العدول اقوى من مصلحة اكرام مطلق العلماء واقوائية المصلحة هي التي دعت المولى الى الامر بإكرام خصوص العلماء العدول، ولهذين السببين لا يبعد انما هو المشهور بين الاصوليين من حمل المطلق على افضل الافراد هو الصحيح دون ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره، هذا كله بالنسبة الى تقديم دليل المقيد على دليل المطلق، اما تقديم دليل حجية المقيد على دليل حجية اطلاق المطلق هل هذا التقديم لحكومة او بالورود ؟، فيه قولان
الاول : ان هذا التقديم انما هو بالحكومة وقد تبنة هذا مدرسة المحقق النائيني قدس سره ومنهم السيد الاستاذ قدس سره، وقد افارد في وجه ذلك ان التنافي انما هو بين سند دليل المقيد وبين اطلاق دليل المطلق فالتنافي مبنائي فقط وليس بين دلالة دليل المقيد وبين دلالة دليل المطلق فلا تنافي بينهما، فان دلالة دليل المقيد قرينة على التصرف في دلالة دليل المطلق، وكذا لا تنافي بين سند دليل المقيد وبين سند دليل المطلق اذا لا مانع من صدور كليهما معا، وكذلك لا تنافي بين سند دليل المطلق وبين دلالة دليل المقيد فلا مانع من صدور دليل المطلق وبين دلالة دليل المقيد فانه اذا صدر دليل المطلق فيكون دليل المطلق قرينة على التصرف في دلالته ويوجب رفع اليد عن اطلاقه، فالتنافي انما هو بين سند دليل المقيد وبين دلالة دليل المطلق ولا يمكن الجمع بينهما بان يكون الدليل المقيد صادرا من الامام عليه السلام وكان دليل المطلق ظاهرا في الاطلاق لا يمكن، فان دليل المطلق اذا صدر فانه قرينة على التصرف في الدليل المطلق وموجب لرفع اليد عن اطلاقه مع صدور الدليل المقيد، فالجمع بينهما لا يمكن .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo