< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : دوران الامر بين التخصيص والنسخ
الى هنا قد تبين ان ما ذكره صاحب الكفاية قدس سره تبعا لشيخا الانصاري من المحاولة غير تام بل لا يرجع الى معنى معقول هذا وقد اورد على هذه المحاولة السيد الاستاذ قدس سره وحاصل ما اورده
ان عمومات الكتاب والسنة لا تخلو من ان تكون ظاهرة في العموم واقعا وجدا في مقام الاثبات والدلالة او لا تكون ظاهرة فيه على اساس قرينة عامة التي قامة على ان هذه العمومات مرادة في الظاهر وليست مرادة في الواقع ومقام الثبوت ومعنى هذه القرينة العامة ان هذه العمومات قد وردة ضربا للقاعدة وهذه القرينة العامة بمثابة القرينة المتصلة مانعة عن انعقاد ظهور هذه العمومات في العموم واقعا وجدا في مقام الاثبات، وعلى هذا فعلى الفرض الاولى وهو ظهور هذه العمومات في العموم واقعا وجدا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو قبيح واما على الفرض الثاني وهو عدم ظهور هذه العمومات وان هذه القرينة العامة مانعة عن انعقاد ظهورها في العموم اقعا وجدا فعندئذ لا عموم ولا اطلاق حتى يتمسك به هكذا ذكره السيد الاستاذ قدس سره
الظاهر ان مراد صاحب الكفاية قدس سره من هذه المحاولة ان هذه العمومات لم تكن ظاهرة في العموم واقعا وجدا بل هي ظاهرة في العموم ظاهرا فأنها وردة ضربا للقاعدة وعمومها ظاهري ولا مانع من التمسك به طال ما لم يرد بيان على خلافها واذا ورد بيان على خلافها فهذا البيان ناسخ لها لا انها مخصص لها هذا هو مراد صاحب الكفاية قدس سره لا ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره ومع ذلك فالصحيح في المقام ان يقال ان فرض وجود القرينة العامة المانعة عن انعقاد ظهور هذه العمومات في العموم واقعا وجدا فرض لا واقع له فان المقصود من قرينة العام هو قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة هذا هو المراد من القرينة العامة، ومن الواضح ان قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يمنع عن انعقاد ظهور عمومات الكتاب والسنة ي العموم واقعا وجدا فان هذه العمومات اذا صدرت ولم ينصب قرينة في زمن صدورها على خلافها انعقد ظهورها في الاطلاق اما اذا كان العموم وضعيا فلا يتوقف ظهورها في الاطلاق على مقدمات الحكمة وانما يتوقف على كون المتكلم في مقام البيان فقط فاذا كان المتكلم في مقام البيان انعقد ظهوره في العموم واما اذا كان ظهور المطلق في الاطلاق فهو يتوقف على مقدمات الحكمة منها عدم القرينة المتصلة واما عدم القرينة المنفصلة فلا يكونه مانعا فاذاً قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يصلح ان يكون مانعا عن انعقاد ظهور هذه العمومات في العموم واقعا وجدا وليس بمثابة القرينة المتصلة هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى ان قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ليس ذاتيا كقبح الظلم فان قبح الظلم لا ينفك عن الظلم ويدور مداره وجودا وعدما وحدوثا وبقاءً و اما قبح تأخير البيان فهو ليس ذاتيا بل هو عرضي كقبح الكذب فانه عرضي فقد يكون الكذب حسنا وواجبا كما اذا كان الكذب لإنقاذ نفس مؤمن او عرضه او ماله او لإنقاذ نفسه فان الكذب في هذه الموارد حسن وليس بقبيح وكذلك الصدق في نفسه حسن وقد يكون قبيح وحرام كما اذا كان الصدق موجب لهلاك مؤمن او لأتلاف ماله او ما شاكل لك فقبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ايضا عرضي فان قبحه من جهة ان تأخير البيان عن وقت الحاجة يوجب تفويت مصلحة ملزمة عن المكلف او يوجب القائه في مفسدة ملزمة فاذا فرضنا ان في التأخير مصلحة اقوى من مصلحة التقديم او في التقديم مفسدة اقوى من مفسدة التأخير فعندئذ يجب التأخير ويكون التأخير حسنا ولا يكون التأخير عن وقت الحاجة حينئذ قبيح فاذا قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة يدور مدار تفويت المصلحة الملزمة على المكلف او القائه في مفسدة ملزمة، واما اذا كان في التأخير مصلحة اقوى من مصلحة التقديم او في التقديم مفسدة اقوى من مفسدة التأخير فعندئذ لا يكون التقديم على وجه الحاجة قبيح بل هو حسن ومن امثلة ذلك ما اذا كان كل من العام والخاص متكلف للحكم الالزامي الوضعي كقوله تعالى {اوفوا بالعقود} ثم وردت روايات تدل على بطلان بيع الربا فالمشتري لا يملك المبيع يبقى في ملك بائعه وفيه مفسدة ملزمة فتأخير البيان عن وقت الحاجة يوجب وقوع المكلف في مفسدة ملزمة ففي مثل ذلك يكون قبيحا لو لم تكن هناك مصلحة ملزمة اقوى في التأخير فيكون التأخير قبيحا او كان العام متكفل للحكم التكليفي الترخيصي والخاص متكفل للحكم التكليفي الالزامي كما اذا فرضنا ان الدليل العام يدل على الترخيص في ترك اكرام العلماء وعدم وجوب اكرامهم ولكن الدليل الخاص يدل على وجوب اكرام العلماء العدول فتأخير البيان عن وقت الحاجة يستلزم ترك الواجب فانه يترك اكرام العالم العادل مع انه واجب عليه فاذاً تأخير البيان عن وقت الحاجة يستلزم تفويت مصلحة ملزمة عن المكلف وهو قبيح او اذا كان كل من العام والخاص متكفل للحكم التكليفي الالزامي كما اذا دل دليل على وجوب اكرام كل العلماء ودليل اخر يدل على حرمة اكرام الفساق منهم فعندئذ اذا اخر البيان عن وقت الحاجة فهو يوجب اكرام العلماء الفساق ايضا مع انه محرم فتأخير البيان عن وقت الحاجه يؤدي الى وقوع المكلف في المفسدة الملزمة فمن اجل ذلك يكون قبيح ففي مثل هذه الموارد تأخير البيان عن وجه الحاجة يلزم اما تفويت مصلحة ملزمة على المكلف او وقوعه في مفسدة ملزمة وقد لا يكون تأخير البيان موجب لذلك كما اذا فرضنا ان العام متكفل للحكم الالزامي الوضعي واما الخاص متكفل للحكم الترخيصي الوضعي اما ذاتا او جعلا ذاتا كالهبة او جعلا كالبيع المجعول فيه الخيار فاذا فرضنا ان العام هو قوله تعالى {اوفوا بالعقود} او {احل الله البيع} فتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يستلزم الوقوع في المفسدة او تفويت المصلحة غاية الامر ان تأخير البيان عن وقت الحاجة يوجب الوفاء بالهبة ولا محذور فيه او وفى بالعقد المجعول فيه الخيار وان الخيار ثابت له فتأخير البيان عن وجه الحاجة يستلزم البيان به ولا محذور فيه فاذاً تأخير البيان عن وجه الحاجة اذا استلزم تفويت المصلحة الملزمة على المكلف قبيح واما اذا لم يستلزم ذلك لا الوقوع في المفسدة ولا تفويت المصلحة فلا يكون تأخير البيان قبيحا، ثم ان علاج مشكلة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة بأحد امرين :
الاول : في الشريعة المقدسة ان الاحكام الشرعية تدريجية بيانها ولا يمكن ان يكون دفعي فان الرسول الاكرم صلى الله عليه واله لم يبين جميع الاحكام فان الظروف لا تكون ملائمة لذلك والمصالح العامة تقتضي تأخير البيان فان ازالت التقاليد الجاهلية عن الناس ومرتكزاتهم وتزويد انفسهم بالتقاليد الاسلامية بحاجة الى طول المدة وبحاجة الى تعب وجهد حتى يبدل تقاليد الناس من الجاهلية الى التقاليد الاسلامية فمن اجل ذلك لا محال يؤخر البيان فالمصالح العامة تقتضي تأخير البيان والنبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم في زمان رسالته لم يقدر بيان جميع الاحكام الشرعية وسلم الاحكام الباقية الى امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام والائمة عليهم السلام فان ظروف الائمة والمصالح العامة تقتضي تدريجية الاحكام ومن الواضح ان المصالح العامة تتقدم على المصالح الشخصية فالمصالح العامة وان استلزم تفويت مصلحة شخصيه عن فرد او حصول مفسدة الا ان الامور العامة اولى لأنه من اجل مصالح عامة وليس جزافا حتى يكون قبيحا فاذا ورود المخصصات والمقيدات عن الائمة الاطهار عليهم السلام لعمومات الكتاب والسنة ومطلقاتهما فهذا التأخير انما هو من اجل مصالح عامة وهي تقتضي تأخير هذه البيانات وهذه المخصصات فاذاً لا قبح في التأخير اصلً .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo