< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/12/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : التمسك بالعام
الكلام في انه هل يجوز التمسك بالعام قبل الفحص او لا يجوز، يقع الكلام هنا في مقامين
المقام الاول : في اصل وجوب الفحص هل هو واجب او انه ليس بواجب
المقام الثاني : في مقدار الفحص على فرض وجوبه في مقداره سعتا وضيقا
اما الكلام في المقام الاول فالمعروف والمشهور بين الاصحاب وجوب الفحص ولا يجوز التمسك بالعام او الاطلاق قبل الفحص وقد استدل على ذلك بوجوه :-
الوجه الاول : العلم الاجمالي بوجود مخصصات ومقيدات للعمومات الواردة في الكتاب والسنة، نعلم اجمالا ان هذه العمومات والمطلقات قد خصصت وقيدت بمخصصات ومقيدات وعندئذ لا يجوز التمسك باصالة العموم او اصالة الاطلاق في اطراف العلم الاجمالي لاستلزامه المخالفة القطعية، واما التمسك باصالة العموم او اصالة الاطلاق في بعض الاطراف دون بعضها الاخر ترجيح من غير مرجح لان نسبة اصالة العموم او اصالة الاطلاق الى جميع الاطراف نسبة واحدة وتطبيقها على بعض الافراد دون الافراد الاخر ترجيح من غير مرجع معين وهو لا يمكن فان اريد من غير المعين غير المعين مفهوما فهو ليس فردا ثالثا وان اريد ببعض الاطراف غير المعين مصداقا فهو فرد مردد وهو غير معقول الوجود في الخارج فمن اجل ذلك لا يمكن التمسك باصالة العموم او اصالة الاطلاق في بعض الاطراف الغير معينة ولا فرق في ذلك بين ان تكون العمومات او المطلقات متكفلة للاحكام الالزامية والمخصصات والمقيدات متكفلة للاحكام الترخيصية او بالعكس بان تكون العمومات والمطلقات متكفلة للاحكام الترخيصية والمخصصات والمقيدات متكفلة للاحكام الالزامية او مختلفتان ففي جميع الصور لا يمكن التمسك باصالة العموم والاطلاق في الجمع لاستلزامه المخالفة القطعية وفي البعض دون الاخر ترجيح من غير مرجح فمن اجل ذلك لا يمكن التمسك باصالة العموم والاطلاق لا في الجميع ولا في البعض ولابد حينئذ من الفحص حتى يوجب انحلال العلم الاجمالي
قد يقال كما قيل ان المجتهد اذا التفت الى وجود المخصصات والمقيدات لعمومات الكتاب والسنة ومطلقاتهما فيحصل له العلم الاجمالي بوجود المخصصات والمقيدات في دائرة اوسع وهي دائرة الشرع فان المجتهد يعلم بوجود مخصصات ومقيدات في الشريعة المقدسة سواء اكانت موجودة في كتب الروايات ام لم تكن موجودة بل اذا احتمل في كتب التاريخ او التفسير او ما شاكل ذلك فان دائرة هذا العلم الاجمالي الشريعة المقدسة وهي اوسع من دائرة الروايات الواصلة الينا، فهناك علوم اجمالية ثلاثة :-
العلم الاجمالي الاول : وهو العلم الاجمالي الكبير دائرته الشريعة المقدسة المجتهد يعلم بوجود مخصصات ومقيدات في الشريعة المقدسة لعمومات الكتاب والسنة ومطلقاتهما وهذا العلم الاجمالي الكبير ومقتضى هذا العلم الاحتياط ولا شبهة في ان هذا الاحتياط يوجب العسر والحرج وايضا لا يمكن للمجتهد الفحص فان الفحص يؤدي الى العسر والحرج، فلازم ذلك ان يبحث في كل مسألة عن وجود المخصص والمقيد في جميع الروايات الواصلة الينا في كل الابواب من باب الطهارة الى باب الديات وهذا غير ميسور للمجتهد بل يجب عليه الفحص اذا احتمل وجود روايات او مخصصات او مقيدات في كتب التاريخ او التفسير او ما شاكل ذلك، ويترتب على ذلك باب الانسداد
العلم الاجمالي الثاني : اضيق دائرة من الاول وهو العلم الاجمالي بوجود مخصصات ومقيدات في الروايات الواصلة الينا في ضمن الكتب اعم من الكتب المعتبرة وغيرها ونعلم اجمال ان فيها مخصصات ومقيدات لعمومات الكتاب والسنة ومطلقاتهما دائرة هذا العلم الاجمالي
العلم الاجمالي الثالث : وهو العلم الاجمالي بوجود مخصصات ومقيدات في ضمن الروايات الواصلة الينا في الكتب المعتبرة فقط نعلم اجمالا ان الروايات الواصلة الينا في الكتب المعتبرة في هذه الروايات مخصصات ومقيدات لعمومات الكتاب والسنة ومطلقتهما
ولا شبهة في ان العلم الاجمالي الاول ينحل بالعلم الاجمالي الثاني والميزان في الانحلال ان المعلوم في العلم الاجمالي الاول ليس اكبر من العلم بالإجمال في العلم الاجمالي الثاني والشاهد على ذلك انه اذا اخرج عن اطراف العلم الاجمالي الاول الروايات الموجودة في الكتب اعم من الكتب المعتبرة او غير المعتبرة فاذا اخرج هذه الروايات عن اطراف العلم الاجمالي الاول لم يبقى لنا علم اجمالي بوجود مخصصات ومقيدات لعمومات الكتاب والسنة ومطلقاتهما في غير هذه الكتب، فالعلم الاجمالي غير موجود نعم احتماله موجود في غير هذه الكتب الواصلة الينا لكن لا اثر لهذا الاحتمال فان العلم الاجمالي ينحل بانطباق المعلوم بالإجمال فيه على المعلوم بالإجمال في العلم الاجمالي الثاني، ونظير ذلك ما اذا علمنا بنجاسة احد هذه الانية وفرضنا ان عددها اربع اثنان منها ابيض واثنان منها اسود ثم علمنا اجمالا ان احد الأناءين البيض نجس ونحتمل ان المعلوم بالعلم الاجمالي الاول هو نفسه بالعلم الاجمالي الثاني والمفروض ان المعلوم بالإجمال في العلم الاجمالي الاول ليس اكبر كما عن الثاني فيحتمل انطاقه عليه ومع هذا الاحتمال انحل العلم الاجمالي الى اخر اضيق دائرة والى الشك البدوي فأننا نعلم اجمالا ان احد الأناءين البيض نجس واما بالنسبة الى الأناءين الاسودين فلا علم اجمالي بنجاسة احدهما بل هو احتمال النجاسة ولا اثر للاحتمال، واما العلم الاجمالي فلا يكون موجود وهذا ميزان الانحلال غاية الامر انحلال العلم الاجمالي قد يكون بالعلم التفصيلي الى علم تفصيلي وشك بدوي وقد يكون انحلاله الى علم اجمالي وشك بدوي وما نحن فيه كذلك والعلم الاجمالي الثاني ينحل بالعلم الاجمالي الثالث فان المعلوم بالإجمال في الثاني ليس اكبر من المعلوم بالإجمال في الثالث فانه يحتمل انطباقه عليه ولهذا لو اخرج الكتب المعتبرة من اطراف العلم الاجمالي الثاني لم يبقى هنا على اجمالي بوجود المخصص والمقيد، نعم احتماله موجود واما العلم فلا وهذا معنى انحلال العلم الاجمالي الى علم اجمالي اخر والى شك بدوي فينحصر العلم الاجمالي بوجود مخصصات ومقيدات في الكتب المعتبرة لعمومات الكتاب والسنة او مطلقاتهما .
فوظيفة المجتهد الفحص في هذه الروايات وليس الروايات مطلقا فان تبويب الروايات وفصلها بكل باب عن باب اخر وكل مسألة عن اخرى هل واجب على المجتهد ان يبحث عن وجود مخصصات ومقيدات في الابواب المناسبة لهذه المسألة فاذا كانت المسألة المشكوك فيها مسألة طهارة فيبحث في باب الطهارة وهكذا اذا كانت مسألة صلاة يبحث في باب الصلاة وهكذا يبحث عن كل مسألة في الباب الذي يناسبها، فاذا لم يجد مخصصا او قيدا في ضمن الابواب المناسبة للمسألة المشكوك فيها فيحصل له الاطمئنان والوثوق بعدم وجود المخصص فلا مانع من التمسك بالعام او المطلق لان الاطمئنان كالعلم حجة عند العقلاء ولا تحتاج الحجية الى دليل خاص فاذا حصل الاطمئنان والوثوق بعدم وجود المخصص كفى ذلك في التمسك باصالة العموم او اصالة الاطلاق وبذلك ينحل العلم الاجمالي الى العلم التفصيلي العرفي الذي هو عبارة عن الاطمئنان والوثوق، واما بالنسبة الى الشك البدوي فلا مانع من التمسك فيه باصالة العموم وهذا هو الصحيح ، نعم ذكر المحقق النائيني (قده) ن هذا العلم الاجمالي غير قابل للانحلال فان العلم الاجمالي الكبير وان انحل بالعلم الاجمالي الوسط والعلم الاجمالي ينحل بالعلم الصغير هذا صحيح ولكن العلم الاجمالي الاخير غير قابل للانحلال .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo