< قائمة الدروس

الموضوع : العام والخاص _ جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية _ القول الثالث

كان الكلام في التفصيل بين كون المخصص لفضيا فلا يجوز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية وكونه لبيا فيجوز التمسك به ،وقد اختار هذا التفصيل شيخنا الأنصاري قد والمحقق الأصفهاني قد وقد استدل له بوجهين ،

الوجه الأول :إن العام إذا ورد من قبل المولى كما إذا قال أكرم كل عالم وعلم المكلف من القرائن الخارجية انه لم يرد إكرام العالم المتجاهر بالفسق قطعا ففي مثل ذلك يكون العالم المتجاهر بالفسق خارج عن عموم العام ويكون المكلف معذورا من جهة القطع لان حجية القطع ذاتية وأما إذا كان العالم مشكوكا فلا يكون معذورا في ترك إكرامه لأنه لايعلم انه متجاهر بالفسق فعندئذ لامانع من التمسك بالعموم لإثبات وجوب إكرامه ولا يكون المكلف معذورا في ترك إكرامه ونضير ذلك اذاقال المولى أكرم كل جيراني فالعبد يعلم إن من الجيران عدو للمولى ويعلم من القرائن الحالية وجدانا إن المولى لم يرد أكرام من هو عدو له فإذا علم العبد إن جيرانه الفلاني عدو للمولى فهو معذور بترك إكرامه وإذا شك في جار للمولى انه عدو له أو ليس بعدو فلا يكون معذورا بترك إكرامه فان عموم العام يشمل ذلك وإذا كان مشمولا لعموم العام وشك في وجوب إكرامه فلا مانع من التمسك به مع إن الشبهة مصداقية .

وبعبارة أخرى: إن المخصص إذا كان لفضيا فهنا دليلان وحجتان وكلتا الحجتين موجهة إلى المكلف العام حجة والخاص حجة فإذا قال المولى أكرم كل عالم فانه موجه إلى المكلف وكذلك إذا قال بعد ذلك لاتكرم العالم الفاسق فهذا الخطاب الخاص موجه إلى المكلف أيضا وعلى هذا فإذا شككنا في فرد انه عادل أو فاسق ولا يعلم انه مصداق للعام أو مصداق للخاص فلا يمكن له التمسك بإطلاق الخاص لإثبات انه فاسق لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية فان إثبات الموضوع ليس مفاد الإطلاق ،مفاد الإطلاق إثبات الحكم للموضوع المقدر الوجود في الخارج كما لايمكن التمسك بعموم العام لإثبات انه عادل لما تقدم ، وأما وجود الموضوع في الخارج وإثباته فهو خارج عن مدلول العام فلا يمكن التمسك بالعام لإثبات موضوعه في الخارج فلابد من الرجوع إلى الأصول المؤمنة العملية أصالة البراءة أو ماشاكل ذلك ، وأما إذا كلن المخصص لبيا ففي هذا الفرض الموجه إلى المكلف حجة واحدة وخطاب واحد فان صدر من المولى أكرم كل عالم أو أكرم كل جيراني فهو موجه إلى المكلف أو إلى عبده وأما المخصص أللبي الذي حصل بالقطع من الإجماع أو من السيرة أو من العقل أو من القرائن الحالية فان القطع هوا لمخصص أللبي وهو المنشاء لأحد هذه الأمور فإذا حصل القطع من القرائن الحالية بان المولى لم يرد إكرام من كان عدو له من جيرانه فعندئذ إذا قطع إن الجار الفلاني عدو له فهو معذور في ترك إكرامه للقطع من انه عدوه وأما إذا شك في عداوته فهو داخل في عموم العام فالخارج عن عموم العام هو العدو المعلوم والمتيقن وأما العدو المشكوك فهو داخل في عموم العام فإذا شككنا في حكمه فلامانع من التمسك بعموم العام هكذا ذكره المحقق الأصفهاني وشيخنا الأنصاري هذا غاية مايمكن أن يقال في هذا التفصيل .

الجواب : إن هذا الوجه وان كانت له صورة ظاهرية إلا انه لاواقع موضوعي لها لان التخصيص سواء كان لفضيا أو لبيا فانه يوجب تقييد موضوع العام بعنوان غير عنوان المخصص فهو أمر طبيعي وإلا فالتخصيص لغو إذ لو لم يوجب التخصيص تقييد موضوع العام بعنوان غير عنوان المخصص لكان التقييد لغو وبلا فائدة وهو لايمكن الالتزام به بلا فرق بين المخصص اللبي واللفظي وعلى هذا فموضوع العام لايخلو إما مقيد بالجار الذي يعلم انه عدو له أو إن موضوعه مقيد بان لايكون عدو له في الواقع ولا ثالث في البين أما على الأول فالخارج عن العام هو العدو المعلوم والمتيقن وأما المشكوك العداوة فهو داخل في موضوع العام وأما على الثاني فالخارج عن موضوع العام هو العدو الواقعي سواء علم أم لم يعلم به وعلى هذا فان أراد القائل بهذا التفصيل الأول فيرد عليه

أولا : إن العلم طريق للموضوع وليس جزء الموضوع كما هو في تمام الوارد إلا إذا كان هناك دليل على إن العلم مأخوذ في الموضوع وإلا فالعلم طريق وكاشف .

ثانيا :مع الإغماض عن ذلك وتسليم إن العداوة جزء الموضوع ( العدو المعلوم والمتيقن والعلم اخذ بنحو الموضوعية وجزء الموضوع ) فالفرد المشكوك داخل في عموم العام فإذا شككنا في حكمه فالتمسك بالعام لإثبات حكمه هومن التمسك بالشبهات الحكمية وليس من التمسك بالشبهة الموضوعية لان العدو المشكوك داخل في أفراد العام فإذا شككنا في وجوب إكرامه وعدمه نتمسك بعموم العام وهو من التمسك العام في الشبهات الحكمية لان مفاد العام إثبات الحكم لفرده فنتمسك بعموم العام لإثبات حكمه لفرده وهو مشكوك العداوة وهذا ليس من التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ،

وبكلمة :إن أفراد العام تصنف إلى أصناف ،الأول العدو الواقعي . الثاني العدو المشكوك . الثالث العدو المعلوم والخارج من العام هو الصنف الثالث والعام غير مشمول له والصنفان الأولان داخلان في عموم العام فإذا شككنا في وجوب إكرام مشكوك العداوة فلا مانع من التمسك بالعام لإثبات إكرامه لأنه فرد العام وموضوع العام محرز والشك في إثبات حكمه وهو مورد لأصالة العموم لان مفاد أصالة العموم إثبات الحكم لموضوعه وهذا ليس من التمسك بالعام ، وان أراد القائل الفرض الثاني أي انه مقيد بالجار الذي لايكون عدوا له بالواقع فالمستثنى هو العدو الواقعي فعلى هذا فلا فرق بين المخصص اللبي واللفظي فإذا كان الخارج عن العام العدو الواقعي فان العام لايثبت موضوعه فلايمكن إثبات التمسك بالعام لأنه ليس موضوعا له فالنتيجة انه على هذا لافرق بين المخصص اللبي والمخصص اللفظي ، أما بناء على أن المخصص اللبي متمثل بالقطع الذي نشاء من احد الأمور( القطع أو الإجماع ....) فالفرد المشكوك داخل في العام فإذا شككنا في حكمه فلامانع من التمسك بالعام فهذا من التمسك بالعام في الشبهة الحكمية لا في الموضوعية ، النتيجة إن هذا الوجه لااساس له ،

الوجه الثاني ماذكره المحقق الأصفهاني .....

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo