< قائمة الدروس

الموضوع : العام والخاص _ جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية

ثم إن السيد الأستاذ قد ذكر: إن مانسب إلى المشهور من جواز التمسك بالعام في الشبهات الموضوعية وكذلك مانسب إلى السيد الماتن ( صاحب العروة) مبني على الحدس والاجتهاد ولم يصرح بالجواز بل صرح بعدم جوازه في النكاح ولكنه قد ذكر فرعين في باب النجاسات واستنبط منهما جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ، احدهما: إذا علم المكلف أن في ثوبه نقطة من الدم اقل من الدرهم لاكنه لايدري من المستثنيات (أي من دم الحيض أو الاستحاضة أو النفاس) فيكون مانعا من الصلاة أو من غيرها فلا يكون مانعا فحكم قد بالعفو في هذا الفرع ،واستنبط أن حكمه بالعفو مبني على جواز التمسك بأصالة العام أو أصالة الإطلاق في الشبهات المصداقية ،الثاني:ماذا شك في دم في ثوبه انه اقل من الدرهم أو بمقداره أو أزيد فاحتاط بعدم العفو وتخيل بذلك أن احتياطه مبني على جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية .

بيان ذلك : إن هناك من الروايات الصحيحة تدل على أن الدم إذا كان في ثوب المصلي إذا كان اقل من الدرهم فهو غير مانع من الصلاة فصلاته محكومة بالصحة ووردت رواية أخرى تدل على أن لايكون من دم الحيض أما أذا كان من دم الحيض فهو مانع للصلاة والحق المشهور دم الاستحاظة والنفاس بدم الحيض ، والمشهور بين الأصحاب إن الدماء الثلاثة مانعة عن الصلاة حتى إذا كانت اقل من الدرهم ، إذن الرويات التي تدل على أن الدم أذا كان في ثوب المصلي وكان اقل من الدرهم فهو غير مانع فهذه مطلقة وبإطلاقها تشمل الدماء الثلاثة ايضا ولاكن توجد روايات أخرى تدل على استثناء الدماء الثلاثة وتخصص عمومات تلك الرويات بغير الدماء الثلاثة ومن الواضح أن التخصيص يوجب تقييد موضوع العام بعنوان غير عنوان المخصص ، إذن موضوع تلك الروايات الدم الأقل من الدرهم مقيد بعدم كونه من الدماء الثلاثة وعلى هذا إذا شككنا في دم اقل من الدرهم في ثوب المصلي وشك انه من الدماء الثلاثة اوليس منها فالشبهة مصداقية فلا ندري انه داخل في أطلاق المطلقات اوانه من أفراد المخصص ففي مثل ذلك حكم الماتن بالعفو وهذا الحكم مبني على جواز التمسك بأصالة الإطلاق أو بالعام في الشبهات المصداقية فهذا مبني على الحدس والاجتهاد ،

الفرع الثاني : قد ورد في الروايات إن ثوب المصلي إذا كان نجسا فهو مانعا من الصلاة سواء كانت نجاسته بالدم أو غير الدم وسواء كان الدم اقل من الدرهم أو بمقداره أو أزيد منه هذه الروايات مطلقة من هذه الناحية ولكن وردت روايات تخصص أطلاقات هذه الروايات وهي بما إذا كان الدم اقل من الدرهم فلا يكون مانعا فان الروايات الأولى تدل بإطلاقها إن الدم الموجود في ثوب المصلي مانع من الصلاة سواء كان اقل من الدرهم أو اكثر وأما الروايات الأخرى بمثابة المخصص فإنها تدل على انه إذا كان اقل من الدرهم فلا يكون مانعا وحينئذ إذا شك المكلف في نقطة دم في ثوبه انه اقل من الدرهم أو أكثر فان كان اقل فمعفو عنه وان كان بمقدار الدرهم أو أكثر فغير معفو عنه ففي مثل ذلك حكم قد بالاحتياط بعدم العفو وهذا الاحتياط مبني على التمسك بأصالة العموم في الشبهات المصداقية ، هكذا نسب إلى السيد الماتن قد اجتهادا وحدسا .

ولاكن ذكر السيد الأستاذ قد: إنما ذكره قد في الفرع الأول يمكن أن يكون مبنيا على الاستصحاب في الاعدام الأزلية فان المكلف يعلم انه في زمان أن الدم لم يكن موجودا في لباسه ولا اتصافه بالاقل شيء منهما غير موجود ففي مثل ذلك بعد وجود الدم يشك باتصافه بالاقل فلامانع من استصحاب عدم اتصافه بالاقل وبذلك يحرز موضوع العام بضم الوجدان إلى الأصل فانه دم بالوجدان وعدم كونه اقل من الدرهم بالاستصحاب والمفروض أن موضوع العام هو الدم الذي هو اقل من الدرهم وهو يثبت بضم الاستصحاب إلى الوجدان فيتحقق أن هذا الفرد فرد للعام ويترتب عليه حكمه إذن حكمه بعدم العفو أو احتياطه ليس مبنيا على جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية بل هو مبني على التمسك بالعام بالاعدام الأزلية ، هذا بالإضافة إلى أمكان جريان أصالة عدم المانعية في المقام فان الشبهة الموضوعية والشك في هذا الدم المردد كونه اقل من الدرهم أو بمقداره أو أزيد يشك بأنه مانع أو ليس بمانع ولامانع من التمسك بأصالة عدم المانعية بلا حاجة إلى الاستصحاب في الاعدام الأزلية وبذلك يثبت عدم المانعية لهذا الدم هذا في الفرع الثاني أما

الفرع الأول : فان الأمر كذلك أيضا فإذا شككنا في نقطة دم موجودة في لباسه انه من دم الحيض أو الاستحاضة أو النفاس أو من غيره فعندئذ لامانع من التمسك بالاستصحاب بالاعدام الأزلية ففي الزمان لم يكن الدم موجود في ثوبه ولا اتصافه بدم الحيض ثم وجد الدم في لباسه وشك في هذا الاتصاف فلا مانع من هذا استصحاب بقاء عدم اتصافه بكونه من دم الحيض وبهذا الاستصحاب يثبت الموضوع بضمه إلى الوجدان فهذا دم وجدانا وعدم كونه من دم الحيض بالاستصحاب فيترتب عليه أثره وحكمه إذن الحكم بالعفو ليس مبني على التمسك بأصالة العموم بل هو مبني على الاستصحاب في الاعدام الأزلية ، النتيجة ماذكره السيد الماتن لايمكن أن يحرز انه مبني على التمسك بأصالة العموم بل ماذكره في باب النكاح من التصريح من أن التمسك بالعام في الشبهات المصداقية غير جائز فهذا قرينة على أن الحكم بالعفو في الفرع الأول والاحتياط بعدم العفو في الفرع الثاني مبني على التمسك بالاعدام الأزلية وليس التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ،هذا كله في القول الأول وهو عدم جواز التمسك مطلقا ومنه يظهر حال القول الثاني وهو جواز التمسك بالعام مطلقا .

القول الثالث : وهو التفصيل بين كون المخصص لفظيا وبين أن يكون لبيا كالإجماع أو القطع أو السيرة فان كان لفظيا لم يجز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية وان كان لبيا فلامانع من التمسك به وقد اختار هذا القول شيخنا الأنصاري قد والأصفهاني قد ،

وقد أفاد في تقريب ذلك إن المخصص أذا كان لبيا فالمخصص في الحقيقة هو القطع بحرمة إطعام العالم الفاسق فإذا قال المولى أكرم كل عالم ولكن قام الإجماع أو دليل عقلي أو السيرة القطعية على عدم وجوب إكرام العالم الفاسق أو حرمته فالمخصص هو القطع بحرمة إطعام العالم الفاسق ومن الواضح إن القطع لايوجب تعنون موضوع العالم بعنوان غير عنوان المخصص وهو الفرد بل يبقى موضوع العام على إطلاقه وهذا بخلاف مااذا كان المخصص لفضيا فهو يوجب تقييد موضوع العام بعنوان غير عنوان المخصص والنتيجة إذا شككنا في فرد انه من أفراد العام أو من أفراد المخصص فالشبهة موضوعية وأما إذا كان المخصص لبيا وهو متخصص بالقطع فقط فهو لايوجب تخصيص موضوع العام بعنوان غير عنوان المخصص إذن الخارج عن العام هو القطع بحرمة إطعام العالم الفاسق وطالما لم يقطع بحرمة الإكرام فهو داخل في الموضوع ،ونتكلم فيه .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo