< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

41/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الحج/الفصل الاول /وجوب الحج

 

كان كلامنا؛ في ان الواجب في الشريعة المقدسه في طول العمر حج واحد وهو حجة الإسلام؛ وهذا مما لاشبهة فيه بل ادعي عليه الضرورة والتسالم والاجماع بين الفريقين؛ ولكن الصدوق (قده) خالف في ذلك واستند الى مجموعة من الروايات عمدتها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى ( عليه السلام ) قال : إنّ الله عزّ وجلّ فرض الحجّ على أهل الجدة في كلّ عام ، وذلك قوله عزّ وجل ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ قال : قلت : فمن لم يحجّ منّا فقد كفر ؟ قال : لا ، ولكن من قال : ليس هذا هكذا فقد كفر [1] ، وصحيحة القمي وقد ورد فيهما (ان الله فرض الحج على أهل الجدة في كل عام)[2] فهما ناصتان في وجوب الحج في كل عام على المستطيع؛ و ذكرنا انه لايمكن طرحهما من جهة أنهما مخالفتان للسنة؛ حيث أن الروايات الدالة على وجوب الحج مرة واحده متواترة ونعلم بصدور بعضها عن المعصومين (ع) فتكون كلا الصحيحتين مخالفة للسنة؛ فقد ذكرنا؛ عدم ذلك؛ لامكان الجمع الدلالي العرفي بينهما؛ فطالما يمكن الجمع بينهما فلا تكون المخالفة مستقرة فلا تكون مشمولة لهذه الروايات؛ فإن الروايات الدالة على أن الحج واجب مرة في العمر؛ هذه الروايات تدل بالدلالة الالتزاميه على نفي الحج مرة أخرى سواء في كل سنة أو في سنتين وهكذا وحينئذ تكون نسبة الصحيحتين للمدلول الالتزاميه لهذه الروايات نسبة المقيد إلى المطلق فإذا كانت كذلك لابد من حمل المطلق على المقيد وبذلك ترتفع المعارضةوأما السيد الماتن (قدس) حمل كلتا الصحيحتين على أمور

الحمل الأول : حملهما على الاستحباب؛ وهذا الحمل حمل تبرعي وليس هو من موارد الجمع الدلالي العرفي؛ فانه لم يرد في كلتا الصحيحتين بلسان الأمر فلو كان الوارد بصيغة الأمر أمكن حملهما على الاستحباب بقرينة الروايات المتواتره؛ باعتبار انها أظهر او انص؛ ولكنهما وردا بصيغة أخرى لايمكن حملها على الاستحباب (ان الله فرض الحج) فالفرض ناص في الوجوب؛ وإطلاق الفرض على الاستحباب غير ممكن؛ فإذا لايمكن الالتزام بهذا الجمع؛ فهو جمع تبرعي فلا دليل عليه؛

الحمل الثاني : الحمل على البدل؛ يعني يجب على المستطيع الحج في هذا العام وان لم يتمكن ففي العام القادم وهكذا؛ فالمراد من كل عام طولا؛ ولكن من الواضح أن هذا خلاف الظاهر جدا لظهور (كل عام) في الوجوب العرضي؛ على كل مستطيع في عرض واحد لا طولا

الحمل الثالث : حمل قوله (ع) على الواجب الكفائي؛ وان وجوبه على كل مستطيع في كل عام وجوب كفائي؛ فإذا الحج واجبا على المستطيع عيني وهو في طول العمر مرة واحده وكفائيا في كل سنة؛ والواجب الكفائي كما هو الصحيح هو أنه متعلق بالعنوان الانتزاعي للمكلف بعنوان أحدها او أحدهما او بعنوان الجماعة او بعنوان المتمكن؛ يختلف الواجب الكفائي سعة وضيقا؛ مثلا دفن الميت واجب كفائي فهو واجب على جماعة متمكنون من هذه الأفعال الخاصه بالميت؛ فهو واجب على الجامع وهو عنوان انتزاعي مشير إلى الجماعات الخارجيه ونسبته لجميع الجماعات على حد سواء ولهذا لو ترك عوقب الجميع؛ واذا قام به مجموعة سقط عن الجميع وهكذا في غير هذا المثال؛وفرق بين الواجب الكفائي والواجب التخييري؛ فإن الاخير متعلقه العنوان الانتزاعي للفعل مثلا خصال الكفارة (صوم شهرين متتابعين او إطعام ستين مسكينا او عتق رقبة مؤمنة) فالوجوب واحد متعلق بالجامع الانتزاعي وهو عنوان أحدها او أحدهما ومتعلقه الفعلوأما الواجب الكفائي فمتعلقه المكلف اي عنوان انتزاعي ينطبق على المكلف وهنا أقوال أخرى ضعيفة وبيانها في محلها اي في باب الواجب الكفائي والعيينيواستدل على أنه الوجوب وجوب كفائي في كل عام بمجموعة من الروايات التي تدل على عدم جواز تعطيل مكة من الحج وخلوها عن الحجاج [3] وقد ورد في بعضها؛ على ولي الأمر إجبار الناس على الحج؛ وان لم يكونوا متمكنين؛ فلابد ان يدفع لهم من بيت المال [4] وهذه الروايات معتبرةولكن ليس فيها دلالة على الوجوب الكفائي على المستطيع في كل عام؛ بل تدل على عدم جواز تعطيل الحج وخلو مكة من الحجاج وهذا يختلف باختلاف الأوقات والازمنة والواجب الكفائي ليس كذلك؛ وايضا موضوع هذه الروايات عدم تعطيل مكه؛ فلا تدل هذه الروايات على الوجوب الكفائي؛ فحينئذ حمل كل من الصحيحتين على الواجب الكفائي خلاف الظاهر جدا وبحاجة لقرينة ولاقرينة على ذلكومن هنا؛ ذكر السيد الاستاذ (قدس) انها ناظرة إلى ماكان يصنعه اهل الجاهلية؛ باعتبار انهم قبل الإسلام المناط لديهم السنة الشمسيه دون القمريه؛ ومن الواضح أن السنة الشمسيه تختلف عن السنة القمريه؛ فقد يقع الحج في غير ذي الحجة او قبل او بعد؛ فمن هذه الناحية الإمام (ع) أوجب الحج في كل عام قمري على المستطيع؛ فيكون (كل عام) بالنسبة إلى العام القمري؛ لا انه كل عام يجب عليه؛ بل يجب عليه حجة واحده؛ فلابد ان يكون في الشهر القمري وهو شهر ذي الحجة ولايجوز في شهر اخر؛ كما فعل ذلك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo