< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

كان كلامنا في مجهولي التاريخ او كان تاريخ احدهما معلوما دون الاخر ، هذه المسالة مسالة اصولية معروفة بين الاصوليين والمعروف والمشهور بين الاصحاب (قدس الله اسرارهم) ان الاستصحاب يجري في مجهولي التاريخ ولكنهما يسقطان من جهة المعارضة ، وقد اختار هذه القول السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) كما اذا فرضنا انا شككنا في ان موت المورث قبل إسلام الوارث او ان موته بعد إسلام الوارث فان كان موته قبل إسلام الوارث فالوارث لا يرث منه وان كان موته بعد إسلام الوارث فالوارث يرث منه ، فتاريخ موت المورث مجهول وكذلك تاريخ إسلام الوارث مجهول ، ففي مثل ذلك استصحاب عدم موت المورث الى زمان إسلام الوارث او استصحاب عدم إسلام الوارث الى زمان موت المورث كلا الاستصحابين يجري ولكن يسقط من جهة المعارضة ، فالمرجع اصل آخر كاصالة البراءة او اصالة الاشتغال فيختلف باختلاف الموارد.

ولكن نحن نتكلم اولاً هل يجري كلا الاستصحابين او لا يجري؟

اما في هذا المثال فلا يجري كلا الاستصحابين لا من جهة ما ذكرنا بل من جهة عدم ترتب أثر على كلا الاستصحابين الا على القول بالاصل المثبت فان استصحاب عدم موت المورث الى زمان إسلام الوارث لا يترتب عليه أثر الا على القول بالاصل المثبت بان يثبت ان موته بعد إسلام الوارث ومن الواضح ان الاستصحاب لا يثبت ذلك بل الثابت بالاستصحاب عدم موت المورث الى زمان إسلام الوارث ولا يثبت لازمه وهو ان موته بعد زمان إسلام الوارث حتى يرث الوارث منه ، اذن هذا الاستصحاب لا يجري لأنه مبتني على جريان الاصل المثبت ولا دليل على جريان الاصل المثبت.

وكذا استصحاب عدم إسلام الوارث الى زمان موت المورث لا يجري الا على القول بالاصل المثبت لانه لا يترتب الاثر على عدم اسلام الوارث الى زمان موت المورث الا اذا أثبت ان إسلام الوارث بعد موت المورث حتى لا يرث ، ولكن الاستصحاب لا يثبت هذا اللازم فان استصحاب العدم لا يثبت الوجود ، أي استصحاب عدم الضدين لا يثبت وجود الضد الاخر فان استصحاب عدم السكون لا يثبت الحركة و استصحاب عدم الحركة لا يثبت السكون مع ان الملازمة بين عدم الحركة والسكون موجودة وبين عدم السكون والحركة ايضا الملازمة موجودة ، وكذا عدم إسلام الوارث الى زمان موت المورث لازمه ان إسلامه بعد موت المورث ولكن الاستصحاب لا يثبت هذا الازم الا على القول بالاصل المثبت.

اذن الاستصحاب في كلا الحادثين المجهولين لا يجري من هذه الناحية لا انهما يجريان ويسقطان من جهة المعارضة.

واما ما نحن فيه فان استصحاب عدم البيع الى زمان التعلق يجري وتكون نتيجة هذا الاستصحاب هي وجوب الزكاة على البايع فان وجوب الزكاة على البايع موضوعه أمران احدهما تعلق الزكاة والاخر عدم خروج المال عن ملكه والاول محرز بالوجدان فان الزكاة تعلقت وان كان زمان تعلقه مردد ولكن الثاني وهو عدم خروج عن ملكه محرز باستصحاب عدم البيع او استصحاب بقاء هذا المال في ملك البايع ، اذن الاثر الشرعي مترتب على استصحاب عدم البيع الى زمان التعلق وترتب عليه وجوب الزكاة على البايع.

واما استصحاب عدم تعلق الزكاة الى زمان البيع فلا يجري الا على القول بالاصل المثبت فانه لا يثبت ان تعلق الزكاة بعد البيع الا على القول بالاصل المثبت والمفروض ان الاثر وهو وجوب الزكاة على المشتري انما يترتب على ان يكون تعلق الزكاة بالمال بعد البيع فتجب حينئذ الزكاة على المشتري واثبات هذا الوجوب مبني على القول بالاصل المثبت فان استصحاب عدم تعلق الزكاة الى زمان البيع لا يثبت ان التعلق بعد البيع الا على القول بالاصل المثبت ، اذن هذا الاستصحاب لا يجري من هذه الناحية حتى يقع التعارض بين هذا الاستصحاب واستصحاب عدم البيع.

اذن ما هو المشهور من التعارض بين الاستصحابين وهكذا السيد الاستاذ (قدس سره) فهو غير تام.

واما ما ذكره صاحب الكفاية (قدس الله نفسه) ايضا غير تام فانه يرى ان كلا الاستصحابين لا يجري من جهة ان المعتبر في جريان الاستصحاب احراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين وفي المقام غير محرز بالنسبة الى كلا الحادثين واذا لم يكن محرزا فلا يجري الاستصحاب .

ولكن ذكرنا في محله انه لا دليل على هذا الشرط ولا يرجع الى معنى محصل اصلا فانه (قدس سره) قاس الامور الوجدانية بالامور الواقعية مع ان الامر ليس كذلك فان الامور الوجدانية تختلف عن الامور الواقعية ولا يمكن الفصل بين الامور الوجدانية الا بالامور الوجدانية ولا يمكن الفصل بينها بالامور الواقعية على تفصيل ذكرناه في بحث الاستصحاب.

ولكن ذكرنا ان الاستصحاب لا يجري في كلان الحادثين من جهة اخرى وهي ان استصحاب عدم البيع الى زمان التعلق لا يجري لان زمان التعلق تارة يلحظ بما هو زمان التعلق الذي هو متمثل في مفهوم زمان التعلق وموطنه الذهن لا الخارج فاذا لوحظ زمان التعلق بما هو زمان التعلق المتمثل بمفهوم زمان العلق فهو لا محالة قيد للمستصحب أي قيد لعدم البيع الى زمان التعلق فاذا كان قيدا للمستصحب فان المقيد بهذا القيد ليس له حالة سابقة حتى يجري الاستصحاب بل يشك فعلا انه مقيد او غير مقيد فليس لتقييده حالة سابقة حتى يشك في بقاءه ويجري الاستصحاب.

اما اذا لوحظ واقع زمان التعلق فواقعه مردد بين زمانين مثلا بين يوم الخميس ويوم الجمعة فان البيع لو كان يوم الخميس فالتعلق في يوم الجمعة وان كان البيع في يوم الجمعة فالتعلق في يوم الخميس ، اذن زمان التعلق مردد بين يوم الخميس ويوم الجمعة وفي كلٍ من الفردين لا يكون الشك في البقاء ، اذن لا يكون الشك متمحضا في البقاء وهو معتبر في جريان الاستصحاب فمن اجل ذلك لا يجري الاستصحاب في الفرد المردد لعدم كون الشك متمحضا في البقاء فان المستصحب في احد الزمانين مقطوع الارتفاع وفي الزمان الاخر مقطوع الوجود فمن اجل ذلك لا يجري الاستصحاب لا بلحاظ زمان التعلق بما هو زمان التعلق ولا بلحاظ واقع زمان التعلق المردد بين فردين فالاستصحاب في الفرد المردد لا يجري لعدم تمامية اركانه.

واما اذا كان احدهما معلوم التاريخ فالمشهور والمعروف ان الاستصحاب لا يجري في معلوم التاريخ لأنه معلوم ولا شك فيه حتى يجري الاستصحاب ، والظاهر ان الماتن (قدس الله نفسه) ايضا بنى على ذلك لان احدهما اذا كان معلوم التاريخ فهو يحتاط احتياطا استحبابيا واشكل في الوجوب.

ولكن اذا كان احدهما معلوم التاريخ والاخر مجهولا ذكرنا ان الاستصحاب يجري في كليهما معا ، فانّ معلوم التاريخ معلوم بحسب حدود الزمان ولكنه مجهول بالنسبة الى زمان الحادث الاخر ، مثلا تاريخ البيع معلوم وهو ان البيع وقع في يوم الخميس ولكن بالنسبة الى الزمان الاخر مجهول ولا ندري ان زمان التعلق يوم الجمعة او زمان التعلق يوم الخميس فهو مردد ولهذا يكون حدوث البيع في زمان التعلق مجهول لا يدري ان البيع حدث في زمان التعلق او لا ، فإن كان زمان التعلق يوم الخميس فقد حدث البيع فيه وإن كان زمان التعلق يوم الجمعة لم يحدث البيع فيه ، إذن يكون المكلف شاكا في حدوث البيع في زمان التعلق وانه هل حدث في زمان التعلق او لا؟ فلا مانع من استصحاب عدم تحقق البيع الى زمان التعلق ويجري هذا الاستصحاب ونتيجته وجوب الزكاة على البايع.

واما استصحاب عدم تعلق الزكاة بالمال (أي بالنصاب) الى زمان البيع فذكرنا ان هذا الاستصحاب لا يجري الا على القول بالاصل المثبت ، اما من جهة ما ذكرناه فلا مانع منه فانه ليس من الاستصحاب في الفرد المردد لان زمان البيع معلوم وزمان التعلق مجهول فاستصحاب عدم التعلق الى زمان البيع في نفسه لا مانع منه وليس من الاستصحاب في الفرد المردد.

ولكن لا يجري من جهة انه لا يترتب عليه اثر الا على القول بالاصل المثبت.

اذن لا فرق في جريان الاستصحاب بين ان يكون كلا الحادثين مجهول التاريخ وبين ان يكون احدهما معلوم التاريخ والاخر مجهولا فالاستصحاب يجري في مجهول التاريخ كما يجري في معلوم التاريخ ايضا ولكن المشهور قالوا يتعارضان فيسقطان من جهة المعارضة ، واما على مسلك صاحب الكفاية (قدس سره) فلا يجري الاستصحاب في المجهول لعدم احراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، واما بناء على ما ذكرنا فلا مانع من استصحاب مجهول التاريخ الى زمان المعلوم ولكن استصحاب معلوم التاريخ الى زمان المجهول لا يجري بنفس ما ذكرنا فان زمان التعلق ان لوحظ بما هو زمان التعلق المتمثل في المفهوم وليس ظرفا فلا محالة يكون قيدا للمستصحب فلا يجري الاستصحاب من جهة انه ليس للمستصحب حالة سابقة ، اما اذا لوحظ واقع زمان التعلق فواقعه مردد بين فردين والاستصحاب لا يجري في الفرد المردد ، اما استصحاب عدم التعلق الى زمان البيع فلا محذور فيه ولا مانع منه ولا يكون من الاستصحاب في الفرد المردد لو لم يكون هنا مانع اخر فلا مانع من هذه الناحية ولكن لا يجري من جهة ان الاثر الشرعي لا يترتب على هذا الاستصحاب الا على القول بالاصل المثبت.

هذا كله بالنسبة الى البايع واما بالنسبة الى المشتري نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo