< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/07/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

كان كلامُنا في شك المالك في انه اعطى زكاة السنين السابقة او لم يعطيها؟ ، فهو شاك في أداء زكاة السنوات السابقة وعدم ادائها ، ففي مثل ذلك ذكر الماتن (قدس الله نفسه) ان المرجع هو قاعدة الحيلولة وقاعدة التجاوز.

ولكن ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) لا يمكن المساعدة عليه ، فان قاعدة الحيلولة مختصةٌ بالواجبات المؤقتة ، فاذا شك بعد خروج الوقت في انه أتى بالواجب في وقته او لا؟ فهذا هو مورد قاعدة الحيلولة ، وكما اذا شك بعد المغرب في انه اتى بصلاة الظهرين او لم يأتي بهما؟ ففي مثل ذلك لا مانع من التمسك بقاعدة الحيلولة او التجاوز.

أما الواجب الذي لا يكون مؤقتاً بوقتٍ خاص فلا يمكن التمسك بهذه القاعدة ، والمفروض ان الزكاة ليست مؤقتة بوقت خاص فاذا اعطى زكاة السنين السابقة الآن فهو داءٌ وليس بقضاءٍ ، اذن اذا علم بانه لم يؤدي زكاة السنين السابقة وقام بأدائها في هذه السنة فهو داءٌ وليس بقضاءٍ ، اذن لا مجال للتمسك بقاعدة الحيلولة.

واما قاعدة التجاوز فان المعتبر في قاعدة التجاوز ان يكون للمشكوك محل معين من قِبَلِ الشرعِ حتى يصدق انه تجاوز عن هذا المحل ويكون الشك في الوجود بعد التجاوز عن المحل وإلا لا يكون الشك بعد التجاوز عن الوجود المشكوك فان وجوده مشكوك فلا يصدق عنوان التجاوز عن وجوده بل المراد من التجاوز هو التجاوز عن محله المقرر شرعا كأجزاء الصلاة فان محل التكبير قبل القراءة ومحل القراءة قبل الركوع ومحل الركوع قبل السجود ومحل السجود قبل التشهد ومحل التشهد قبل التسليم فاذا شك المكلف في التكبيرة بعد دخوله في القراءة فهذا شك بعد التجاوز عن محل التكبيرة لا عن وجودها لان وجودها مشكوك بل عن محلها فقد ورد في الروايات انه (كلما تجاوزت عن شيء وشككت فيه فليس شكك بشيء) ، فحينئذ تجري قاعدة التجاوز وتبني على انه اتى بالتكبيرة او اذا شك في القراءة وهو في الركوع فتجري قاعدة التجاوز وتبني على انه اتى بالقراءة او كان في السجود وشك في انه ركع او لم يركع؟ فيبني على انه ركع بمقتضى قاعدة التجاوز ، اذن قاعدة التجاوز إنما تجري فيما اذا كان للمشكوك محل معين ومقرر من قبل الشارع حتى يصدق عنوان التجاوز عن محله.

وذكرنا في محله ان قاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز قاعدة واحدة كبرويا والاختلاف بينهما انما هو بالتطبيق فان قاعدة الفراغ انما تنطبق بعد تجاوز عن وجود الشيء والشك في صحته كما اذا شك بعد الفراغ من الصلاة انه اتى بها صحيحة او لا؟ فهذا هو مورد قاعدة الفراغ او كان في الركوع وشك في انه اتى بالقراءة صحيحة اولا؟ فتجري قاعدة الفراغ وتبني على انه اتى بها صحيحة ، ومرجع هذا الشك طبعا يكون قاعدة التجاوز فان مرجع الشك في صحة الصلاة هو الشك في انه اتى بالجزء او ترك الجزء او ترك شرطا او أوجد مانعا هذا هو منشأ الشك في صحة الصلاة ولهذا تجري قاعدة التجاوز بالنسبة الى الشك في انه ترك جزءا وتبنى على انه اتى به ، اذن قاعدة الفراغ تبتني على قاعدة التجاوز والاختلاف بينهما في مقام التطبيق فقط والا بحسب الكبرى هما قاعدة واحدة.

وكيفما كان فقاعدة التجاوز لا تنطبق على المقام فانه ليس لأداء الزكاة محل معين ومحل مقرر من قبل الشارع فانه يجوز اعطاء الزكاة للسنين السابقة من الآن وهو محلها لا أنّ محلَ زكاةِ كلِ سنةِ هذه السنة فهذا لم يثبت شرعا ، اذن ليس للزكاة محل معين ولا وقت معين فالزكاة ليست من الواجبات الموقتة وليست من الواجبات التي لها محل معين ولهذا لا مجال للتمسك بقاعدة الحيلولة ولا بقاعدة التجاوز ، فما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) لا يمكن المساعدة عليه.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه) : ولو شك في أنه أخرج الزكاة عن مال الصبي في مورد يستحب إخراجها كمال التجارة له بعد العلم بتعلقها به فالظاهر جواز العمل بالاستصحاب، لأنه دليل شرعي، والمفروض أن المناط فيه شكه ويقينه، لأنه المكلف، لا شك الصبي ويقينه، وبعبارة أخرى ليس نائبا عنه))[1] .

وحال هذه المسالة حال المسالة الاولى فان الولي كالمالك فلا فرق بينهما الا من بعض الجهات ، فان ولاية المالك أوسع من ولاية الولي وإلا فالولي مستقل في تصرفه في اموال الصبي والمجنون والصبي ممنوع من التصرف في امواله وكذا المجنون ، واذا شك في انه أدى زكاة اموال الصبي والمجنون في السنين السابقة فلا يمكن التمسك بقاعدة التجاوز ولا بقاعدة الحيلولة ولكن المرجع هو قاعدة الاشتغال فانه يعلم بوجوب الزكاة اذا كان تعلق الزكاة بأموال الصبي بنحو الوجوب فالمرجع هو قاعدة الاشتغال كما ان المرجع في المسالة السابقة بعد عدم جريان قاعدة التجاوز وقاعدة الحيلولة هو قاعدة الاشتغال لأنه شاك في امتثال الواجب بعد تحققه والشك اذا كان في الامتثال فالمرجع فيه قاعدة الاشتغال ، واما الاستصحاب فقد تقدم الكلام فيه فهو لا يخلوا عن مناقشة فالعمدة ان قاعدة الاشتغال في المقام تجري.

اما اذا كان تعلق الزكاة بأموال الصبي والمجنون بنحو الاستحباب فلا معنى للاشتغال ، وقاعدة التجاوز والحيلولة لا تجري ولا تجري قاعدة البراءة ولا قاعدة الاشتغال فان مورد كلتا القاعدتين هو الواجبات لا المستحبات.

اذن حال الولي حال المالك من هذه الجهة[2] ، فاذا كان الشك في الزكاة الفعلية فاستصحاب بقاء الزكاة يجري ، واما اذا كان الشك في زكوات السنين السابقة فقاعدة الحيلولة والتجاوز لا تجري لكن لا مانع من التمسك بقاعدة الاشتغال فمن هذه الناحية لا فرق بين هذه المسالة والمسالة الاولى وكذا في الضمان على تفصيل تقدم.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الثالثة: إذا باع الزرع أو الثمر وشك في كون البيع بعد زمان تعلق الوجوب حتى يكون الزكاة عليه أو قبله حتى يكون على المشتري ليس عليه شئ إلا إذا كان زمان التعلق معلوما وزمان البيع مجهولا، فإن الأحوط حينئذ إخراجه على إشكال في وجوبه ، وكذا الحال بالنسبة إلى المشتري إذا شك في ذلك فإنه لا يجب عليه شئ إلا إذا علم زمان البيع وشك في تقدم التعلق وتأخره فإن الأحوط حينئذ إخراجه على إشكال في وجوبه))[3] .

يأتي الكلام عنه ان شاء الله تعالى.


[2] كون الزكاة بنحو الفعلية(المقرر).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo