< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

ذكرنا ان ولي اليتيم او المجنون اذا تصرف في اموالهما بملاك ولايته اجتهادا او تقليدا فهذا التصرف نافذ لان الولي كالمالك والصبي ممنوع من التصرف في ماله وكذا المجنون ، فالشارع أوكل التصرف في اموالهما بيد وليه من الاب او الجد من قبل الاب او الحاكم الشرعي ولكن مشروط بعدم وجود مفسدة في هذا التصرف او وجود مصلحة فيه ، فاذا تصرف بعنوان الولاية ورأى فيه مصلحة او رأى فيه عدم المفسدة فهذا التصرف نافذ وليس لاحد ابطال هذا التصرف ، فالصبي اذا بلغ ووصل الى حد التكليف وقلد مجتهدا يرى ان الزكاة لا تتعلق بمال اليتيم او بمال المجنون فليس له ابطال تصرفات الولي فان تصرفات الولي في ظرفها نافذة وصحيحة وابطالها بحاجة الى دليل وليس للصبي بعد البلوغ او المجنون اذا صار عاقلا ابطالها.

فان قيل:- ان المقام نظير ما اذا أخرج مال الزكاة من ماله واعطاها للفقير ثم تبين ان ماله لم يبلغ حد النصاب وانّ الزكاة لم تتعلق بماله فله استرداد ما اعطاه للفقير اذا كان المال موجودا عند الفقير لأنه ملكه وهو ليس بزكاة ، واما اذا تلف فهل هو ضامن او ليس بضامن؟ فقد تقدم ان المعروف والمشهور انه ليس بضامن ، ولكن ذكرنا انه لا يبعد الضمان.

قلت:- قياس المقام بذلك قياس مع الفارق ، فان الولي تصرفه في مال الصبي او المجنون واخراج الزكاة منهما واعطائها للفقير على طبق ولايته اجتهادا او تقليدا ، وهذا التصرف نافذ ، واما الصبي اذا بلغ ووصل حد التكليف وقلد مجتهدا يرى ان الزكاة لم تتعلق بمال الصبي او المجنون فهذه الفتوى من مقلَده لا تكشف عن بطلان تصرف الولي في ظرفها بل لا اثر لها وان فرضنا انه اعلم بنظر الصبي البالغ ، لان تصرفات الولي صحيحة وابطالها بحاجة الى دليل ولا دليل على ذلك ، اذن قياس المقام بما ذكره الماتن (قدس سره) قياس مع الفارق.

النتيجة ان تصرفات الولي اذا كانت صحيحة حتى اذا كان المال موجودا عند الفقير فليس للصبي بعد البلوغ ان يقوم باسترداده واسترجاعه لانه يشك في انه صار ملكا للفقير او بقي في ملكه وذكرنا ان الاستصحاب في المقام لا يجري لان الشبهة حكمية.

اذن ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) هو الصحيح ، اما القول بالتفصيل فلا وجه له ، واما القول بالضمان مطلقا فهو مبني على ان الصبي اذا بلغ وقلد مجتهدا يرى عدم تعلق الزكاة بمال الصبي او المجنون ان هذه الفتوى تكشف عن بطلان تصرف الولي وانه لا اثر له ، فاذا كان تصرف الولي باطل فبطبيعة الحال اذا كان المال موجودا عند الفقير هو مال الصبي فله ان يقوم باسترداده واسترجاعه واذا تلف فالولي ضامن لهذا المال لان تصرفه فيه كان في غير محله.

وهذا غير صحيح فان محل الكلام بين الفقهاء ان المكلف اذا عدل عن مجتهد الى مجتهد آخر او بعد موت المجتهد قلد مجتهدا آخر تكون فتاويه على خلاف فتاوي المجتهد الاول فهل هذه الفتاوي تكشف عن بطلان اعماله التي على طبق فتاوي المجتهد الميت ـــ اذا فرضنا ان الحي اعلم منه ـــ او لا تكشف عن بطلانها؟

الجواب:- المعروف والمشهور بين الاصحاب ذلك بان فتوى المجتهد المتأخر تكشف عن بطلان فتاوي المجتهدين السابقين وعن بطلان اعمال المكلف غاية الامر تلك الاعمال ـــ والعمدة هي صحة الصلاة ـــ محكومة بالصحة بمقتضى قاعدة لا تعاد ولولا هذه القاعدة يجب عليه اعادة الصلاة ، فاذا فرضنا ان المجتهد الاول يرى عدم وجوب السورة في الصلاة والمكلف صلى بدون سورة في الصلاة وبعد موته رجع الى مجتهد اخر يرى وجوب السورة في الصلاة فعندئذ فتوى المجتهد الثاني على المعروف يكشف عن بطلان عمله لأنه اتى بالصلاة بدون السورة فهو باطل بحسب فتوى المجتهد الحي فحينئذ لا يمكن تصحيح هذه الصلاة الا بقاعدة لا تعاد فان الصلاة لا تعاد الا من خمس الركوع والسجود والطهور والوقت والقبلة فاذا اخل بأحد هذه الخمس وجب الاعادة ، واما اذا صلى بدون سورة او بدون تشهد او بدون ذكر تسبيح فصلاته محكومة بالصحة فلا تجب عليه الاعادة.

ولكن ذكرنا ان فتوى المجتهد المتأخر لا تكشف عن بطلان فتاوي المجتهد السابق ، فان الفتوى عبارة عن راي المجتهد غاية الامر ان الشارع امضى هذه الفتوى ولهذا تصبح الفتوى شرعية وهي حكم ظاهري ولا تكشف عن بطلان فتاوى المجتهد السابق ، لان فتواه هي حكم ظاهري وفتوى المجتهد السابق حكم ظاهري ايضا فلا يكشف عن بطلانه حتى تجب عليه اعادة اعماله فاذا عمل على طبق فتوى المجتهد الاول فأعماله محكومة بالصحة ، واما فتوى المجتهد الثاني وان كانت على خلاف فتوى المجتهد الاول فلا تكشف عن بطلانها لأنها ليست اقوى منها فهي حكم ظاهري وتلك حكم ظاهري ، فان فتوى المجتهد الميت حجة في ظرفها كما ان فتوى المجتهد الحي حجة في ظرفها ولا تكشف عن بطلانها ، وعلى هذا فالصبي اذا بلغ وقلد مجتهدا يرى ان الزكاة لم تتعلق بمال الصبي والمجنون فهذا لا تكشف عن بطلان فتوى الولي اذا كان مجتهدا ولا عن بطلان فتوى مقلده اذا كان مقلدا ، فأعمال الولي اذا كانت على طبق ولايته فهي محكومة بالصحة وابطالها بحاجة الى دليل ولا دليل على ابطالها ، اذن القول بالضمان مطلقا لا وجه له اصلا.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه) ((كما أن الحال كذلك في سائر تصرفات الولي في مال الصبي أو نفسه من تزويج ونحوه، فلو باع ماله بالعقد الفارسي أو عقد له النكاح بالعقد الفارسي أو نحو ذلك من المسائل الخلافية وكان مذهبه الجواز ليس للصبي بعد بلوغه إفساده بتقليد من لا يرى الصحة))[1] .

ذكر الماتن (قدس الله نفسه) ان الكلام كله كان فيما اذا كان باعتقاد الولي اجتهادا او تقليدا ان اموال الصبي واموال المجنون متعلقة بالزكاة ، واما الكلام في سائر تصرفات الولي في اموال الصبي والمجنون كبيعها وشراء شيء بها والمضاربة والمتاجرة بأموال الصبي والمجنون فلا شبهة في ان هذه التصرفات اذا لم تكن فيها مفسدة او فيها مصلحة بنظر الولي فهذه التصرفات نافذة وليس للصبي بعد بلوغه ابطال هذه التصرفات فالبيع من الولي صحيح ولا يحق للصبي بعد بلوغه ابطال هذا البيع بعد بلوغه اجتهادا او تقليدا ، وكذا شراء الولي صحيح اذا كان على طبق ولايته وليس للصبي بعد بلوغه او المجنون اذا صار عاقلا ابطال هذا الشراء وهكذا سائر المعاملات ، وكذا الحال في عقد النكاح كما اذا فرضنا ان فتوى الولي اذا كان مجتهدا او فتوى مقلده اذا كان مقلدا جواز عقد النكاح باللغة الفارسية او بالمعاطاة وعقد للصبي على إمراة باللغة الفارسية ، ولكن الصبي بعد البلوغ قلد مجتهدا يرى ان العقد بالفارسية باطل او ان النكاح بالمعاطاة باطل فهل هذا مؤثر او لا؟ او ان الولي بنى على ان عقد النكاح بالفارسية صحيح او بالمعاطاة صحيح ثم بعد مدة عدل عن ذلك وبنى على ان عقد النكاح بالفارسي باطل او بالمعاطاة باطل فهل يحكم ببطلان العقد السابق او لا؟

يأتي الحديث عنه ان شاء الله تعالى.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطبطبائي، ج4، ص159، ط جماعة المدرسين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo