< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

كان كلامنا في ان الولي هل يضمن في تصرفه في مال اليتيم او المجنون او لا يضمن؟

ذكرنا ان هناك اقوال.

القول الاول:- عدم الضمان مطلقا كما اختاره السيد الماتن (قدس سره) وليس للصبي اذا بلغ ابطال تصرفات الولي والغائها وان كانت بنظره باطلة ، او المجنون اذا صار عاقلا فليس له ابطال تصرفات الولي والغائها وان كانت بنظره هذه التصرفات باطلة.

القول الثاني:- التفصيل بين ما اذا كان المال المعطى للفقير موجوداً عنده وما اذا كان تالفا ، فاذا كان موجودا فللصبي اذا بلغ ورأى ان تصرف الولي غير صحيح فله ان يأخذ هذا المال ويسترده اليه ، واما اذا تلف فلا ضمان على الولي لان يد الولي يد امينة فلا ضمان عليها.

القول الثالث:- ان الولي يضمن مطلقا فاذا رأى الصبي بعد بلوغه اجتهادا او تقليدا بطلان تصرف الولي فهو ضامن سواء أكان المال المعطى للفقير موجودا ام كان تالفا ، فاذا كان موجودا فيسترد نفس المال واذا كان تالفا فيطالب الولي بالمثل او القيمة.

هذه هي الاقوال في المسالة ، ولابد من التكلم في امور.

الامر الاول:- ان ولاية الولي كالأب او الجد من قبل الاب او الحاكم الشرعي على مال اليتيم ومال المجنون كولاية المالك على امواله ، فان الصبي ممنوع من التصرف في ماله وكذا المجنون والشارع جعل امواله تحت اختيار وليه ، اذن الولي كالمالك ، غاية الامر ان ولاية المالك دائرتها اوسع من دائر ولاية الولي فان للمالك ان يتصرف في ماله كيفما شاء سواء أكان في هذا التصرف مصلحة ام لم تكن ، وسواء أكان فيه مفسدة ام لم تكن ، فتصرفه نافذ ، أما ولاية الولي فهي محدودة بما اذا لم يكن في التصرف في اموال الصبي او المجنون مفسدة كما اذا كانت الولاية من الاب او الجد من قبل الاب او فيه مصلحة كما اذا كانت الولاية من الحاكم الشرعي.

واما اذا لم تكن فيه مصلحة فلا يصح تصرف الحاكم الشرعي في مال الصبي او المجنون ولا ولاية له ، وكذا اذا كان في التصرف مفسدة فلا ولاية للاب والجد من قبل الاب.

الامر الثاني:- ان الزكاة المستحبة مجرد تكليف وليس وضعا ، أي لا يكون الفقير شريكا مع المالك في عشر ماله او نصف العشر ، بل مجرد تكليف أي يستحب ان يخرج عشر ماله او نصف عشره بعنوان الزكاة أي بعنوان الصدقة المعنونة بعنوان الزكاة من ماله واعطائه لمستحقيه ، وما نحن فيه كذلك فان استحباب اخراج الزكاة من مال الصبي او من مال المجنون مجرد تكليف وليس الفقير شركيا مع الصبي في عشر ماله او نصف عشره وكذا ليس شركيا مع المجنون.

الامر الثالث:- ان الصبي اذا بلغ ووصل حد التكليف وقلد مجتهدا يرى عدم استحباب الزكاة في ماله ولا مال المجنون فهل للصبي بمقتضى تقليده ان يرجع الى الولي ويطالب بالمال اذا فرضنا ان الولي اخرج العشر او نصف العشر من ماله الصبي واعطاه للفقير او ليس له ان يرجع؟

الجواب:- من الواضح انه ليس للصبي ذلك فان الولي قد تصرف بمقتضى ولايته تقليدا او اجتهادا ، وهو يرى ان وظيفته ذلك , فهو تصرفه كان من باب الولاية وليس للصبي بعد البلوغ ابطال هذا التصرف ولو بتقليده او الغائه ولو بتقليده.

نعم اذا علم الصبي وجدانا ان تصرف الولي كان في غير ولايته كما لو كان الولي يعلم ان في هذا التصرف مفسدة ومع ذلك تصرف فيه او ان في هذا التصرف لا توجد مصلحة ومع ذلك تصرف فيه فحينئذ لا شبهة في ان الولي ضامن لان تصرفه ليس بمقتضى ولايته بل تصرفه خارج عن ولايته لانه تصرف عمدا وملتفتا الى ان في هذا التصرف مفسدة ومع ذلك تصرف او لا مصلحة لهما ومع ذلك تصرف فهذا تصرف خارج عن دائرة ولايته وهو خارج عن محل الكلام فمحل الكلام هو تصرف الولي بمقتضى ولايته اجتهادا او تقليدا , فليس للصبي بعد بلوغه ان يرجع الى الولي بمقتضى تقليده ويطالبه بالمال لان الصبي لا يعلم بان تصرف الولي غير صحيح غاية الامر انه قلد مجتهدا يرى عدم تعلق الزكاة بمال الصبي وبمال المجنون , ومن الواضح ان اجتهاد هذا المجتهد لا يكشف عن بطلان اجتهاد المجتهد الاول ، فكلاهما هو اجتهاد وهو ظني وكشفه عن الواقع بالظن , فليس للصبي ان يرجع على الولي حتى وان فرضنا ان الصبي قلد مجتهدا اعلم من الولي اذا كان مجتهدا او اعلم من مقلده اذا كان مقلدا فمع ذلك ليس للصبي الرجوع للولي لان الولي تصرف بمقتضى ولايته ووظيفته لأنه يرى ان وظيفته العمل باجتهاده او اجتهاد مقلده.

بل حتى لو كان المال المعطى بعنوان الزكاة موجودا عند الفقير فمع ذلك ليس للصبي بعد بلوغه وتقليده من يرى ان لا زكاة عليه ان يسترد هذا المال لان هذا المال محتمل ان يكون ملكا للفقير بمقتضى اعطاء الولي له ويحتمل انه لا يكون ملكا له فهو مشكوك.

ان قلت:- لماذا لا نجري استصحاب بقاء المال على ملك الصبي؟

قلت:- الاستصحاب في المقام لا يجري لان الشبهة حكمية والاستصحاب لا يجري في الشبهات الحكمية , اما من جهة التعارض كما ذكره السيد الاستاذ (قدس سره) او من جهة اخرى كما بيناه , فعلى كلا التقديرين ان استصحاب بقاء ملكية الصبي لا يجري في المقام.

اذن ليس للصبي ان يأخذ هذا المال فان الولي بمقتضى ولايته قد اعطى هذا المال للفقير والفقير بتسلمه هذا المال وقبضه يكون مالكا وليس للصبي الغاء تصرف الولي فان تصرفات الولي اذا كانت في ظرفها صحيحة فليس للصبي بعد بلوغه ابطال هذه التصرفات فان ابطالها بحاجة الى دليل كما هو الحال في سائر التصرفات كما اذا باع مال الصبي ورأى فيه مصلحة او اشترى مالا للصبي يرى فيه مصلحة , فاذا رأى الصبي بعد البلوغ ان في هذا البيع لا توجد مصلحة بل فيه مفسدة فليس له ابطال هذا البيع فان تصرفات الولي بمقتضى ولايته في ظرفها نافذة وصحيحة وابطالها بحاجة الى دليل ولا دليل على ذلك.

ومن هنا يظهر ان الصحيح هو ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) من ان الولي لا يكون ضامنا مطلقا حتى اذا كان المال موجودا عند الفقير فليس للصبي استرداده بعد البلوغ بمقتضى تقليده او اجتهاده.

النتيجة ان القول بالتفصيل غير تام , اما القول بالضمان مطلقا فلا وجه له اصلا لان يد الولي كيد المالك , فكما ان المالك لا يضمن بتصرفه في ماله كذا الولي لا يضمن في تصرفه بمال الصبي اذا كان تصرفه على طبق ولايته.

بقي شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo