< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

بقي هنا امران.

الامر الاول:- ان الفقير الذي يكون تحت يده هذا المال تارة يكون عالما بانه مال المالك وليس زكاة ، واخرى يكون جاهلا بذلك.

اما اذا كان عالما بان هذا المال الذي وصل اليه من قبل المالك او من قبل وكيله بدون نية القربى وهو ليس مصداقا للزكاة وهو باق في ملك المالك فلا يجوز تصرفه فيه وعليه ان يرده الى مالكه ، فان لم يقم بذلك وتلف عنده فهو ضامن لان يده ليس يد امين فهذا مما لا شبهة فيه.

واما اذا كان جاهلا بانه باقٍ في ملك المالك وتخيل انه زكاة وهو يملك هذا المالك بالقبض ويجوز له فيه أي تصرف شاء ولكن في الواقع هو باق في ملك المالك ففي مثل ذلك اذا قام بإتلافه فهو ضامن ايضا لان تسليط المالك الفقير على ماله انما يرفع الحكم التكليفي ولا يرفع الحكم الوضعي وهو الضمان ، كما لو اتلف مال الغير وهو جاهل ، فالضمان لا يعتبر فيه الالتفات والعلم بانه مال الغير ، اذن هو ضامن في هذه الصورة ايضا ، فاذا كان ضامنا وذمته مشغولة بهذا المال فهو حاله حال الدين فيجوز للمالك احتسابه زكاة بمقتضى الروايات التي تدل على جواز احتساب الدين زكاة.

الامر الثاني:- قد يقال ـــ كما قيل ـــ بالتفصيل بين إجزاء الزكاة وبين عصيانه فان المالك اذا دفع هذا المال الى الفقير او الى وكيله بلا نية القربى متعمدا فهو عاصٍ لأنه مأمور بقصد القربى والامر متوجه بأداء الزكاة مع قصد القربى متوجه اليه ، ولكن يمكن القول انه مصداق للزكاة ومجزي عن الزكاة بان يفصل بين الاجزاء وبين الحكم التكليفي فالمالك آثمٌ من ناحية التكليف ولكن ما دفعه مجزي عن الزكاة ، فاذا كانت الزكاة في ذمته فرغت ذمته واذا كانت الزكاة متعلقة بالعين فرغت العين عن الزكاة.

هذا نظير اخذ الامام (عليه السلام) او نائبه الخاص او العام الزكاةَ من الممتنع او من الكافر او من غيرهم فان للإمامِ (عليه السلام) او نائبه الخاص او العام الولايةَ باخذ الزكاة من المالكين ، فيفي مثل هذه الموارد لا يعتبر قصد القربى لا من الحاكم ولا من الامام (عليه السلام) ولا نائبه الخاص ولا من المالك ، فالمأخوذ مصداقٌ للزكاة ومجزي عن زكاة المالك مع عدم قصد القربى.

ولكن قياس المقام بذلك قياس مع الفارق ، فان في المقام لا شبهة في ان المالك مأمورٌ بأداء الزكاة مع قصد القربى ومأمورٌ بإعطاء الزكاة مع قصد القربى سواء أكان الدليل على قصد القربى دليلا لفظيا ام كان اجماعا وتسالما بين الاصحاب فعلى كلا التقديرين المالك هو مأمور بأداء الزكاة مع قصد القربى فلابد ان يؤدي الزكاة مع قصد القربى ، فإذا نسي قصد القربى او تركه عمدا فلا شبهة في بطلان اداء الزكاة ، فالمال المدفوع ليس زكاة حينئذ ولا يكون مبرئ للذمة بل لابد من دفع الزكاة مرة ثانية ، هذا مما لا شبهة فيه ولا يمكن التفصيل بين اجزائه عن الزكاة وبين كون المالك آثما على ترك قصد القربى اذا كان عمديا ، فلا وجه للتفصيل ولا دليل عليه بل الدليل على ان من كان مأمورا بأداء الزكاة يجب عليه ان يؤدي الزكاة بقصد القربى بتمام عناصره.

واما في هذا المثال وهو اخذ الحاكم او اخذ الامام او نائبه الخاص او العام الزكاة من الممتنع او من الكافر ـــ بناء على ان الكافر ايضا مكلف بالفروع ـــ فلو سلمنا ان هناك لا يعتبر قصد القربى وأنَّ المأخوذ زكاة وإنْ لم يقصد به القربى ولكن قياس المقام على هذا المورد قياس مع الفارق ن مع ان عدم اعتبار قصد القربى في هذا المورد ايضا محل كلام واشكال كما سوف يأتي الكلام فيه.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 3): يجوز دفع الزكاة إلى الحاكم الشرعي بعنوان الوكالة عن المالك في الأداء، كما يجوز بعنوان الوكالة في الإيصال، ويجوز بعنوان أنه ولي عام على الفقراء ، ففي الأول يتولى الحاكم النية وكالة حين الدفع إلى الفقير، والأحوط تولي المالك أيضا حين الدفع إلى الحاكم، وفي الثاني يكفي نية المالك حين الدفع إليه وإبقاؤها مستمرة إلى حين الوصول إلى الفقير ، وفي الثالث أيضا ينوي المالك حين الدفع إليه لأن يده حينئذ يد الفقير المولى عليه))[1] .

ذكر هنا ثلاثة فروع.

الفرع الاول:- يجوز دفع الزكاة الى الحاكم الشرعي بعنوان الوكالة عن المالك في اداء الزكاة ودفعها واخراجها.

الفرع الثاني:- ان يدفع الزكاة الى الحاكم الشرعي بعنوان الوكالة في الايصال الى الفقراء والى مستحقيها.

الفرع الثالث:- انه يدفع الزكاة الى الحاكم الشرعي بعنوان انه ولي الزكاة وولايته على الفقراء.

اما في الفرع الاول فقد ذكر الماتن (قدس الله نفسه) انه يتولى الحاكم الشرعي نية القربى والاحوط ان ينوي المالك ايضا.

واما في الفرع الثاني فينوي القربى المالك حين دفعه الى الوكيل الذي هو وكيل في الايصال فقط ، وذكرنا ان الايصال ملحوظ بالمعنى الحرفي ولا موضوعية له فيمكن ايصال الزكاة بيد الصبي والمجنون.

واما في الفرع الثالث فيتولى المالك نية القربى لان يدَ الحاكم الشرعي يدُ الفقير ، فاذا وصلت الزكاة الى الحاكم الشرعي فقد وصلت الى الفقير ، فهو المتولي عليه فيدُ المولى يدُ المتولى عليه ، لذا النية وقصد القربى على المالك.

ولكن هذه المسالة قد تقدمت سابقا وذكرنا.

اما في الفرع الاول انه لامعنى لنية الوكيل فان اداء الوكيل اداء الموكل وليس اداء للوكيل ، غاية الامر ان المالك قد يقوم بأداء الزكاة مباشرة وقد يقوم بأدائها تسبيبا ، فعلى كلا التقديرين الاداء فعل المالك وهو مأمور بالأداء مع قصد القربى والامر بالأداء متوجه اليه مع قصد القربى ، ولهذا يجب على المالك ان يقصد القربى بتمام عناصرها من قصد الاخلاص وقصد عنوان الزكاة واسمها الخاص ، فما ذكره الماتن (رحمه الله) من ان الوكيل يتولى قصد القربى لا وجه له فان الوكيل اجنبي والامر غير متوجه الى الوكيل وهو غير مأمور بأداء الزكاة ، ومَنْ كان مأمورا بأداء الزكاة هو مكلف بقصد القربى والمأمور بأداء الزكاة هو المالك ، اذن لا وجه لما ذكره الماتن من ان الوكيل هو يتولى قصد القربى.

واما في الفرع الثاني فان الوكالة في ايصال الزكاة لا موضوعية له وملحوظ بنحو المعنى الحرفي فلا يعتبر فيه قصد القربى بل انما يعتبر قصد القربى في اداء الزكاة ودفعها واعطائها الذي هو فعل المالك اما مباشرة او تسبيبا.

اما استمرارها الى حين وصول الزكاة الى الفقير فلا دليل عليه فما ذكره الماتن من الاستمرار لا وجه له.

اما الفرع الثالث وهو انه يعطي للحاكم الشرعي بعنوان انه ولي الزكاة فعندئذ يجب ان ينوي القربى المالك لان يدَ الحاكم الشرعي يدُ الفقير ، فاذا وصلت الزكاة الى الحاكم الشرعي فقد وصلت الى الفقير ، اذن نية القربى في الفرع الثالث على المالك.

هذا فيما اذا كان الحاكم الشرعي يقبض الزكاة بعنون الولاية ولا مانع منه فان الحاكم الشرعي يقبض الزكاة بعنوان الولاية فاذا قبض الزكاة بعنوان الولاية سقط وجوبه عن المالك وبرئت ذمته عن الزكاة.

واخرى يقبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الوكالة فعندئذ لا تسقط الزكاة عن ذمته الا بإيصاله الى الفقير ، اذن في المقام الماتن (قدس سره) قد فرض ان الحاكم الشرعي وكيل ويقبض الزكاة بعنوان الوكالة في الاداء او بعنوان الوكالة في الايصال والقرينة على ذلك الصورة الثالثة فانه ذكر فيها ان المالك يدفع الزكاة الى الحاكم الشرعي بعنوان انه ولي الزكاة.

اذن في الصورة الاولى والثانية الحاكم الشرعي يقبض الزكاة بعنوان الوكالة واما في الصورة الثالثة فانه يقبض بعنوان الولاية ولا مانع من ذلك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo