< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

ذكرنا ان الوكالة والنيابة غير ممكنة في الامور التكوينية كالأكل والشرب والنوم وما شاكل ذلك ، فان الامور التكوينية غير قابلة للوكالة والنيابة الا بدليل خاص ، وهذا الدليل انما ورد في باب الصلاة والصوم والحج فيما اذا كان المنوب عنه ميتاً او في باب الحج فيما اذا كان المنوب عنه عاجزا عن الحج وميؤوساً من تمكنه من الحج مباشرتا طول عمره فانه يجوز له الاستنابة.

اذن يجوز ان يستنيب عنه في الصلاة والصوم بقصد تفريغ ذمته ، فان النائب يصلي وهذه الصلاة صلاة النائب حقيقة ولا يمكن اسنادها الى المنوب عنه فان هذه الصلاة ليست صلاة للمنوب عنه ، غاية الامر ان النائب يصلي بقصد تفريغ ذمة المنوب عنه فاذا صلى النائب تفرغ ذمة المنوب عنه عن الصلاة.

ومن هنا تختلف النيابة عن الوكالة فان فعل الوكيل فعل الموكل حقيقة وبيع الوكيل بيع الموكل حقيقة ونكاح الوكيل نكاح الموكل حقيقة ، واما في النيابة فليس الامر كذلك فان فعل النائب فعل للنائب حقيقة ولا يصح اسناده الى المنوب عنه ولا شبهة في ذلك.

ولكن الكلام في ان النائب يأتي بالصلاة بقصد القربى ولكن ما هو المقرب؟

الجواب:- توجد احتمالات.

الاحتمال الاول:- ان النائب يقصد الامر بالصلاة الموجه الى المنوب عنه وهذا لا يمكن لان هذا الامر قد سقط بسقوط موضوعه فان المنوب عنه اذا مات سقط عنه الامر بالصلاة فلا يعقل بقاء الامر بالصلاة لانه لغو وتكليف بالمحال.

الاحتمال الثاني:- ان يقصد النائب الامر الجائي من قبل عقد الاجارة وعقد الاستنابة ولكن هذا الامر امر توصلي وليس مقربا فلا يجب على النائب ان يقصد التقرب بهذا الامر لان الامر الجائي من قبل عقد النيابة وعقد الاجارة امر توصلي ، اذن ما هو المقرب؟

الاحتمال الثالث:- ذكر السيد الاستاذ (قدس اله نفسه) ان هناك امر ثالث وهو مركب من الامر الاستحبابي فانه يستحب على كل مؤمن ان يصلي نيابة عن غيره تبرعا او يصوم عن غيره تبرعا وهذا الامر امر استحبابي وهو امر عبادي ، وهذا الامر الاستحبابي تعلق بالصلاة كما ان الامر الوجوبي الذي جاء من قبل عقد الاجارة وعقد النيابة تعلق بالصلاة ، فيندك احدهما بالأخر أي الامر الاستحبابي يندك بالأمر الوجوبي فيصبحان امرا واحدا وجوبيا عباديا ، لان كلاً منهما يكتسب من الاخر ما هو فاقد له ، فان الامر الاستحبابي فاقد للوجوب فيكتسب الوجوب من قبل الامر الجائي من عقد الاجارة والامر الجائي من قبل عقد الاجارة فاقد للعبادة فيكتسب العبادية من الامر الاستحبابي ، اذن يندك الامر الاستحبابي بالأمر الوجوبي فيصبحان امرا واحدا وجوبيا وعباديا ، والنائب انما يأتي بالصلاة بقصد التقرب بهذا الامر الوجوبي العبادي.

وللمناقشة فيه مجال واسع فان الاندكاك تارة يتصور في الامور الخارجية التكوينية كإندكاك ماء بماء آخر او اندكاك ماء بلبن ، واما في الامور الاعتبارية التي لا واقع موضوعي لها الا في عالم الاعتبار وعالم الذهن فلا يتصور فيها الاندكاك فان الاعتبار فعل المعتبر مباشرة ولا معنى لاندكاك اعتبار باعتبار آخر ويصيران إندكاكا واحدا ، فان الاعتبار فعل المعتبر وهذا الاندكاك الواحد ليس فعل المعتبر والمفروض ان الاعتبار فعل المعتبر مباشرة فلا يعقل تحققه بدون اعتبار المعتبر ، فالتسبيب والتوليد والعلية والمعلولية لا تتصور في الامور الاعتبارية وانما تتصور في الامور الخارجية التكوينية.

واخرى يتصور الاندكاك في مرحلة المبادئ كالاندكاك بين المصلحتين او بين المفسدتين فهو وان كان متصورا لان المصلحة امر تكويني والمفسدة امر تكويني ولكن مصلحة الامر النيابي الذي جاء من قبل عقد النيابة ملاكه قائم بالعقد وليس ملاكه قائم بالصلاة والامر الاستحبابي ملاكه قائم بالإحسان للمؤمن الميت وبالتبرع فلا يجتمع ملاك الامر الوجوبي الذي جاء من قبل عقد الاجارة وعقد النيابة وملاك الامر الاستحبابي في شيء واحد حتى يندك احدهما بالأخر.

اذن الاندكاك في المقام غير متصور لا في مرحلة الجعل ولا في مرحلة المبادئ ، فما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) لا يمكن المساعدة عليه.

الاحتمال الرابع:- وهو الصحيح في المقام ان يقال ان ادلة مشروعية النيابة في نفسها تكشف عن ان صلاة النائب محبوبة عند الله فانها بديل عن الصلاة التي في ذمة المنوب عنه وذمة الميت ، فان صلاة النائب بديل عن الصلاة التي في ذمة الميت وهو المنوب عنه ، فان صلاة النائب اذا كانت بقصد تفريغ ذمة المنوب عنه فهذه الصلاة محبوبة واذا كانت محبوبة فهي قابلة للتقرب بها ، اذن التقرب هو من جهة محبوبية هذه الصلاة ، ومعنى قصد القربى هو اضافة العمل الى الله تعالى وكل عمل قابل لإضافته الى الله تعالى فهو مقرب.

اذن النائب يقصد التقرب بالصلاة او بالصوم او بالحج من جهة محبوبيته.

مضافا الى ان الصلاة في نفسها محبوبة فان الركوع والسجود بنفسه عبادة وخضوع لله تعالى فهو محبوب والاذكار التي هي جزء الصلاة كالقرآن وذكر النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) هي كلها محبوبة ، اذن يصح الاتيان بالصلاة بداعي محبوبيتها ولا مانع من ان يأتي النائب بالصلاة بداعي محبوبيتها بقصد تفريغ ذمة المنوب عنه.

النتيجة ان النائب انما يقصد التقرب من جهة ان الصلاة محبوبية ومشتملة على مصلحة ويصح التقرب بها وليس منشأ صحت التقرب هو الامر الاستحبابي لان ثبوت هذا الامر بحاجة الى دليل.

اما الكلام في الجهة الثانية ومن هنا يظهر حال الزكاة فان الزكاة مركبة من عملين الاول هو اداء الزكاة ودفعها واخراجها من النصاب وتعيينها بمال معين ، والثاني هو قصد القربة لان الصلاة عبادة.

اما العمل الاول فقد تقدم ان الاداء والدفع واخراج الزكاة من النصاب كل ذلك قابل للوكالة والنيابة على القاعدة فان اداء الوكيل اداء الموكل واخراج الوكيل للزكاة من النصاب اخراج الموكل واعطاء الوكيل الزكاة للفقير اعطاء الموكل حقيقة فانه قد يؤدي الزكاة مباشرة وقد يؤدي الزكاة بالواسطة أي بواسطة وكالة شخص وقد يعطي الزكاة للفقير مباشرة وقد يعطي بالواسطة فعلى كلا التقديرين أي سواء كان الاداء من نفس الموكل او كان الاداء من الوكيل فهو اداء للموكل حقيقة.

واما العمل الثاني وهو قصد القربى فهو غير قابل للتوكيل وسياتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo