< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/04/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

ذكرنا انه اذا كان عند المكلف اصناف من الاعيان الزكوية كالحنطة والنقود الرائجة والغنم ، فعلى المشهور الزكاة الواجبة في الحنطة والنقود والغنم هو الجامع بين الحنطة وبين النقود وبين جنس اخر من الاجناس والمكلف مخير بين أي فرد من هذه الافراد ، فاذا اختار الحنطة فان قصد انها زكاة للحنطة فهي زكاة لها وان قصد انها زكاة للنقود فهي زكاة للنقود وان قصد انها زكاة للغنم فهي زكاة للغنم ، واما اذا لم يقصد شيئا من ذلك فقد ذكرنا انها لا تقع زكاة لاحد هذه الاعيان معينا لأنه ترجيح من غير مرجح بعدما كانت نسبتها الى الجميع نسبة واحدة ولا يمكن ان يكون زكاة لاحدهما لا بعينه لان احدهما لا بعينه المفهومي لا وجود له بالخارج وانما هو مجرد مفهوم في الذهن ولا احدهما المصداقي فانه الفرد المردد والفرد المردد يستحيل وجوده في الخارج ، اذن تقع هذه الزكاة للجميع بنحو التوزيع فاذا اعطى كمية من الحنطة او كمية من النقود بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة ولم يقصد شيئا من الاعيان الزكوية فهي تقع للجميع بنحو التوزيع.

ولكن ذكر السيد الاستاذ + في تقرير بحثه[1] من انه اذا دفع كمية من الحنطة او من النقود او غيرها بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة ولم يقصد زكاة شيء من الاعيان الزكوية عندئذ ذكر انه وقعت هذه الزكاة من احد هذه الاعيان لا بعينه نظير ما اذا كان عليه قضاء يومين من الصيام او كان مديونا بدرهمين لزيد فانه اذا صام يوما سقط صوم يوم واحد عن ذمته بدون تعيين واذا صام اليوم الثاني سقط كلا اليومين ، وكذا اذا اعطى درهما لزيد سقط احد الدرهمين عن ذمته بلا تمييز وبلا تعيين واذا اعطى درهما اخر سقط كلا الدرهمين عن ذمته وما نحن فيه كذلك فاذا دفع كمية من المال بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة ولم يقصد زكاة أي من الاعيان الزكوية فتقع هذه الزكاة لاحدها لا بعينه واذا اعطى كمية اخرى من المال بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة سقطت زكاة عين اخرى لا على التعيين واذا اعطى كمية من المال بعنوان الزكاة للفقير ثالثا بداعي الامر بالطبيعة سقطت زكاة العين الثالثة عن ذمته ، هكذا ذكر +.

ولكن الظاهر ان ما ذكره + مبني على الخلط بين ما اذا كانت الزكاة بذمة المكلف وما اذا كانت الزكاة متعلقة بالأعيان الخارجية , فانه يوجد فرق بينهما لأنه اذا كانت الزكاة متعلقة بالأعيان الخارجية كما اذا كانت الزكاة مثلا متعلقة بالحنطة والنقود والغنم , أي عنده ثلاثة اعيان تعلق بها الزكاة وقد اعطى كمية من المال بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة فان قصد انها زكاة الحنطة فتقع زكاة للحنطة وان قصد انها زكاة النقود فتقع زكاة للنقود وان قصد انها زكاة الغنم فتقع زكاة للغنم , واما ان لم يقصد شيئا من ذلك فهي تقع للجميع لا لواحد منها من غير تعيين باعتبار ان لها واقع موضوعي وليس كمثال قضاء يومين من الصيام او كونه مديونا بدرهمين فان هاهنا لا تمييز بين اليومين ولا واقع موضوعي لهاما في الخارج ولا تمييز بين الدرهمين ولا واقع موضوعي لهما في الخارج وانما هو موجود في عالم الذهن فقط , واما في المقام فان زكاة الحنطة لها واقع موضوعي بواقعية موضوعها وزكاة النقود الرائجة لها واقع موضوعي بواقعية موضوعها وكذا زكاة الغنم , فان الزكاة المتعلقة بالأعيان الخارجية لها واقع موضوعي في الخارج فاذا كان لها واقع موضوعي في الخارج فنسبة ما اعطاه من الكمية من المال بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة نسبتها الى كل واحدة منها على السواء , اذن الحكم بانها زكاة واحد منها ترجيح بلا مرجح ولهذا لابد من الحكم بانها زكاة للجميع بنحو التوزيع ولا يقاس ذلك باشتغال ذمة المكلف بقضاء يومين من الصوم فانه لا تمييز بينهما في الخارج ولا واقع موضوعي لهما في الخارج وكذا لا يقاس بمن كان مديون بدرهمين لزيد فانه لا تمييز بينهما في الخارج ولا واقع موضوعي لهما في الخارج.

نعم اذا كانت الزكاة في الذمة كما اذا اتلف الاعيان الزكوية بسبب او اخر فحينئذ تنتقل زكاتها الى ذمته وحينئذ تكون ذمته مشغولة بزكاة هذه الاعيان ولا تمييز في ذمته بين زكاة الحنطة وزكاة النقود وزكاة الغنم , لا في عالم الذهن ولا واقع موضعي لهم في الخارج الا وجودها في عالم الذهن ، فاذا فرضنا ان الكمية من المال المتمثلة في عشر دراهم زكاة الحنطة وعشر دراهم زكاة النقود وعشر دراهم زكاة الغنم فحينئذ اذا اعطى عشر دراهم بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة سقطت احد هذه العشرات نظير صوم احد اليومين واذا اعطى العشرة الثانية بعنوان الزكاة سقطت احد هذه العشرات واذا اعطى العشرة الثالثة بعنوان الزكاة للفقير سقطت الجميع فلا يلزم هنا الترجيح من غير مرجح لأنه لا واقع لهما ولا تمييز بينهما حتى يلزم الترجيح من غير مرجح.

النتيجة ان ما ذكره السيد الاستاذ + مبني على الخلط بين ما اذا كانت الزكاة متعلقة بالأعيان الخارجية وما اذا كانت الزكاة متعلقة في الذمة.

وذكر جماعة ومنهم السيد الحكيم + في المستمسك ان المكلف اذا اعطى كمية من المال بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة ولم يقصد انها زكاة الحنطة وكذا لم يقصد انها زكاة النقود ولم يقصد انها زكاة الغنم فقد ذكر ان هذا باطل ولم يقع زكاة عن شيء من ذلك وذهب هذا المال من كيس المالك ولم تقع زكاة عن الجميع.


[1] - قال + : ((أمّا بناءً على ما اختاره الماتن تبعاً للمشهور ـ من تعلّق الزكاة بالأعمّ من العين الزكوية ومطلق القيمة من غير اختصاص بالفقد الرائج وأنّ الوجوب متعلّق بجامع المقدار المعيّن من المال المنطبق تارةً على نفس متعلّق الحقّ واُخرى على النقود والعملات الرائجة وثالثة على سائر الأمتعة ـ أنّ متعلّق الأمر الزكاتي حينئذ في جميع الأجناس الزكويّة التسعة أمر واحد وطبيعة فاردة وهي المالية المقدّرة بالكمّيّة الخاصّة . إذن فتعدّد الأجناس متّفقة كانت أم مختلفة يكون من باب تعلّق الأمر بفردين أو أفراد من طبيعة واحدة لا ميّز بينها حتّى في صقع الواقع، نظير تعلّق الأمر بفردين من الصوم القضـائي، فكما أ نّه إذا أتى بفرد امتثل أمره وبقي عليه الآخر ولا يقصد في كلّ منهما إلاّ امتثال الأمر المتعلّق بالطبيعة، فكذا في المقام، فإذا كان عليه مقدار ماليّة عشرة دراهم زكاةً للغنم وعشرة زكاةً للحنطة ودفع عشرة بقصد الزكاة من غير تعيين فرغت ذمّته عن إحداهما وبقيت الاُخرى، على حذو ما عرفت فيمن كان مديناً لزيد بدرهم في قرض وآخر في إتلاف وثالث في شراء، في أ نّه لدى دفع درهم واحد بعنوان الوفاء يسقط أحد الدراهم ويبقى الآخران من غير حاجة إلى التعـيين، حيث عرفت أنّ الاختلاف في سبب الوجوب لا يستوجب الاختلاف في متعلّق الحقّ)). مستند العروة الوثقى، البروجردي، ج14، ص273.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo