< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((وكذا لا يعتبر أيضا نية الجنس الذي تخرج منه الزكاة أنه من الأنعام أو الغلات أو النقدين، من غير فرق بين أن يكون محل الوجوب متحدا أو متعددا ، بل ومن غير فرق بين أن يكون نوع الحق متحدا أو متعددا كما لو كان عنده أربعون من الغنم وخمس من الإبل، فإن الحق في كل منهما شاة، أو كان عنده من أحد النقدين ومن الأنعام فلا يجب تعيين شئ من ذلك، سواء كان المدفوع من جنس واحد مما عليه أو لا ، فيكفي مجرد قصد كونه زكاة، بل لو كان له مالان متساويان أو مختلفان حاضران أو غائبان أو مختلفان فأخرج الزكاة عن أحدهما من غير تعيين أجزأه وله التعيين بعد ذلك، ولو نوى الزكاة عنهما وزعت، بل يقوى التوزيع مع نية مطلق الزكاة))[1] .

يقع الكلام في هذه المسالة في مقامين تارة على المشهور بين الاصحاب ومنهم السيد الماتن (قدس سره) من ان المكلف مخير في اخراج الزكاة من نفس النصاب او من النقدين الرائجين في الاسواق او من جنس آخر ، ومعنى هذا ان الواجب على المالك هو الجامع بين الفرد المدفوع من نفس الصنف ومن نفس النصاب ومن نفس النصاب وبين النقدين الرائجة في الاسواق وبين جنس آخر لا خصوص ما يخرج من الصنف ، فالمكلف مخير بين افراد هذا الجامع في اداء الزكاة.

وأخرى يقع الكلام على ما قويناه في محله من انه لا يجوز اعطاء الزكاة من جنس آخر وانما ثبت ذلك في زكاة الغلاة والنقدين فيجوز اعطاء زكاة الغلاة من النقدين الرائجين في الاسواق ، وكذا زكاة النقدين فيجوز ان يعطي زكاة الفضة من الذهب ويجوز ان يعطي زكاة الذهب من الفضة ، واما في غير الغلاة الاربعة والنقدين فلا يثبت ذلك ففي زكاة الاغنام مثلا في كل اربعين شاة لابد ان تكون زكاته شاة واحدة من الاربعين ولا يجزي أي يدفع شاة من خارج الاربعين ، وكذا في زكاة البقر والابل فلا يجوز تبديلها بالنقدين او بجنس آخر ، فعلى ما اخترنا لا يجوز التبديل الا في زكاة الغلاة وزكاة النقدين فالواجب هو الجامع بين الزكاة من نفس النصاب وبين النقدين الرائجين في الاسواق.

المقام الاول:- اما الكلام على المشهور وتوجد صور:-

الصورة الاولى:- اذا كان عند المكلف عين زكوية كالحنطة مثلا وتعلقت الزكاة بهذه الحنطة فالواجب على المكلف هو الجامع بين اخراج الزكاة من نفس الحنطة وهو العشر او نصف العشر وبين اعطاء زكاة الحنطة من النقود الرائجة او اعطاء زكاة الحنطة من جنس آخر من الاجناس ، ففي الحقيقة الواجب على المكلف كمية خاصة من المالية وهي تنطبق على العشر ونصف العشر من الحنطة وتنطبق على النقود وتنطبق على جنس اخر ، فالواجب هو الطبيعي لهذه الافراد ولكن دفع الطبيعي انما هو بدفع أحد افراده ، وتوجد هنا حالات:-

الاولى:- تارة يدفع المكلف العشر ونصف العشر بعنوان زكاة الحنطة للفقير بداعي الامر بالطبيعي فلا شبهة في الاجزاء وكذا اذا اعطى من النقود بعنوان زكاة الحنطة للفقير بداعي الامر بالطبيعي فلا شبهة في انه مجزي او دفع من جنس آخر كالشاة ونحوها بعنوان زكاة الحنطة للفقير بداعي الامر بالطبيعي فلا شبهة في الاجزاء.

الثانية:- ما اذا دفع كمية من الحنطة بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعي من دون ان يقصد كونها زكاة الحنطة فهل يجزي او لا؟

الجواب:- الظاهر هو الاجزاء ايضا ، لان المعتبر في الزكاة هو قصد عنوان الزكاة ، اما اضافة الزكاة الى محلها والى موضوعها فلا يعتبر قصدها في صحة الزكاة ، فاذا دفع كمية من المال بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعي فهو يجزي عن زكاة الحنطة حتى او لم ينوي انها زكاة الحنطة او اذا دفع كمية من النقود بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعي فأيضا لا شبهة في الاجزاء لان قصد اضافة الزكاة الى الحنطة غير لازم ولا يجب عليه ان ينوي انها زكاة الحنطة وكذا اذا اعطى كمية من المال من جنس اخر بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة فانه يجزي وان لم ينوي انها زكاة الحنطة فان هذا القصد[2] والنية غير معتبر في صحة الزكاة.

الصورة الثانية:- ما اذا كان عنده اعيان متعددة من الزكاة كما اذا كان عنده حنطة متعلقة بها الزكاة وشعير متعلق به الزكاة ونقود تعلق بها الزكاة وغنم تعلق بها الزكاة , فحينئذ توجد حالات:-

الاولى:- اذا دفع كمية من المال بعنوان زكاة الحنطة للفقير بداعي الامر بالطبيعة فلا شبهة في ان المدفوع زكاة الحنطة باعتبار ان المالك قصد عنوان زكاة الحنطة , واذا دفع كمية من النقود بعنوان زكاة الحنطة للفقير بداعي الامر بالطبيعية ايضا لا شبهة في انه زكاة الحنطة فهو ادى زكاة الحنطة ويترتب عليه جواز تصرفه في الحنطة واما الشعير فزكاته باقية فلا يجوز له التصرف في الشعير فلو تصرف واتلفه فهو يضمن زكاته , وكذا لا يجوز له التصرف في النقود لان زكاتها باقية , وكذا في الغنم لا يجوز له التصرف فيه.

الثانية:- ما اذا دفع كمية من المال بعنوان زكاة الجميع[3] ـــ أي قصد زكاة الجميع ـــ للفقير بداعي الامر بالطبيعي فالظاهر ان المدفوع يكون زكاة للجميع بنحو التوزيع.

الثالثة:- ما اذا لم يقصد هذا العنوان واعطى كمية من المال بعنوان الزكاة للفقير ولم يقصد انها زكاة الحنطة او زكاة الشعير او النقدين او الغنم او انها زكاة الجميع وانما دفع كمية من المال بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة فحينئذ هل يقع المدفوع زكاة للجميع بنحو التوزيع او زكاة لواحد منها المعين او لواحد منها لا بعينه او لا يقع زكاة ليشيء من هذه الاعيان؟

الجواب:- الظاهر انه لا يقع لواحد معين منها لأنه ترجيح من غير مرجح فان نسبة هذه الكمية من المال الى زكاة جميع الاعيان على حد سواء فكون هذه الكمية زكاة للحنطة دون الشعير ترجيح بلا مرجح وكونها زكاة للنقود او زكاة الغنم دون العشير ترجيح بلا مرجح وهو غير ممكن.

واما كون المدفوع زكاة لاحدها لا على التعيين فهذا ايضا غير معقول فإنها ان اريد بأحدها لا بعينه المفهوم فلا واقع موضوعي له في الخارج بل هو مجرد مفهوم في عالم الذهن وليس فردا ثالثا في الخارج , وان اريد بأحدها لا بعينه المصداق الخارجي فهو الفرد المردد والفرد المردد يستحيل وجوده في الخارج , اذن لا يمكن ان يكون المدفوع زكاة لاحدها لا على التعيين.

اذن بطبيعة الحال يكون المدفوع زكاة للجميع بنحو التوزيع بعدما قلنا ان قصد اضافة الزكاة الى موضوعها غير معتبر.

ثم ان في كلام السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه خلطا بين المقام وبين ما اذا كان على ذمته قضاء صوم يومين او في ذمته دين درهمين فيقاس المقام بهذين المثالين وما شاكلهما.


[2] - قصد كونها زكاة حنطة.
[3] - أي زكاة الحنطة والشعير والنقود والغنم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo