< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/03/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا انه لا يمكن التعدي من مورد النص الوارد فيمن اشترى عبدا بماله ثم اعتقه في سبيل الله وبعد صيرورته حرا حصل على اموال ثم مات ولم يكن له وارث فينتقل ما تركه من الاموال الى المعتق ، فلا يمكن التعدي عن مورد هذه الرواية الى المقام للفرق بينهما من عدة جهات:-

اولاً:- ان الثمن في مورد هذا النص ملك للمشتري فالمشتري اشترى بماله الخاص العبد واعتقه في سبيل الله ، واما الثمن في مورد الكلام فهو ملك للغير وليس ملكا للمشتري ، فان الثمن هو الزكاة ، والزكاة ليست ملكا للمالك ، بل هي ملك لطبيعي الفقراء او للجهات العامة بالنسبة الى سائر الاصناف.

ثانياً:- ان المالك في مورد النص شخص خاص اشترى بماله ، واما المالك في المقام هو الطبيعي او جهة عامة.

ثالثاً:- مضافا الى ان الحكم على خلاف القاعدة.

فمن هذه الناحية لا يمكن التعدي عن مورد النص الى المقام.

واما الروايتان فاحداهما صحيحة عبيد ابن زرارة والاخرى صحيحة ايوب ابن الحر.

اولاً:- صحيحة عبيد ابن زرارة ((قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه ، فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الألف الدراهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه ، هل يجوز ذلك ؟ قال : نعم ، لا بأس بذلك ، قلت : فإنه لما أن اعتق وصار حرا اتجر واحترف فأصاب مالا ثم مات وليس له وارث ، فمن يرثه إذا لم يكن له وارث ؟ قال : يرثه الفقراء المؤمنون الذين يستحقون الزكاة ، لأنه إنما اشتري بمالهم ))[1] .

فقد ورد فيها انه يرثه الفقراء وعلل ذلك بانهم يملكون الزكاة.

ثانياً:- صحيحة أيوب بن الحر أخي أديم بن الحر ((قال : قلت لابي عبدالله (عليه السلام) : مملوك يعرف هذا الامر الذي نحن عليه ، أشتريه من الزكاة وأعتقه ؟ قال : فقال : اشتره وأعتقه ، قلت : فإن هو مات وترك مالا ؟ قال : فقال : ميراثه لاهل الزكاة لانه اشتري بسهمهم))[2] .

فقد ورد فيها انه يرثه اهل الزكاة ، واهل الزكاة اعم من الفقراء فانه يشمل جميع الاصناف الثمانية الموجودة في الآية المباركة.

ولكن يوجد اشكال في ظاهر هذه الروايات:-

اولاً:- فان شراء العبد انما هو من حصة الرقاب ، وحصة الاصناف اما تتعين بالصرف او تتعين بالقبض فان حصة الفقراء تتعين بالقبض فاذا قبض الفقير الزكاة فهو مالك للمقبوض ، وكذا العاملين وابن السبيل واما في الرقاب فتعيين الحصة يكون بالصرف ، وكذا في سبيل الله فان تعيين الزكاة يكون بالصرف ، فما صرفه في الرقاب ثم اعتقه يتعين ما اشتراه من حصة الرقاب وعلى هذا فاذا كان ما اشترى به العبد (1000) دينار فهو من حصة الرقاب ، وعلى هذا فلابد ان ينتقل الى جهة المالك فان جهة الرقاب هي جهة المالك لا الى الفقراء لفرض انه لم يشتري من حصة الفقراء ، ومقتضى التعليل الوارد في هذه الصحيحة انه قد اشرى بمال الفقراء ، وهذا التعليل خلاف الواقع لأنه انما اشترى بمال الرقاب لا بمال الفقراء ، اذن هذا التعليل لا ينسجم مع ما هو الواقع ومقتضى هذا التعليل ان ما تره العبد ينتقل الى المالك حاله حال من اشترى عبدا بماله الخاص.

اذن لا يمكن الاخذ بظاهر هذه الرواية فان ظاهر الرواية ان ما تركه العبد ينتقل الى الفقراء معللا بانه اشترى بمالهم مع انه لم يشتري العبد بمال الفقراء وانما اشتراه بمال الرقاب لان المالك هي جهة الرقاب اذن بمقتضى هذا التعليل ينتقل ما تركه العبد الى جهة الرقاب لا الى الفقراء.

ثانياً:- ان ظاهر هذا التعليل ان الزكاة مال افراد الفقراء فانه (عليه السلام) قال: (اشترى بمالهم) مع ان الامر ليس كذلك ، فان الزكاة ملك لطبيعي الفقراء فكل فرد من الفقير لا يكون مالكا الا بالقبض فاذا قبض الزكاة بمقدار مؤونته طول السنة فهو صار مالكا ، اما قبل القبض فان المالك هو طبيعي الفقراء دون الفرد.

اذن لا يمكن الاخذ بظاهر هذه الرواية.

واما الجمع بين هذه الرواية وصحيحة ابن الحر فان هذه الرواية خاصة وتدل على ان ما تركه العبد للفقراء ، واما صحيحة ايوب ابن الحر فتدل على ان ما تركه العبد ينتقل الى اهل الزكاة واهل الزكاة يشمل الاصناف الثمانية جميعا ، فيقع التعارض بينهما من جهة التعارض بين الاطلاق والتقييد والتعارض بين الاطلاق والتقييد اذا كانا مثبتين فحينئذ اذا كان الحكم المجعول واحدا فلابد من حمل المطلق على المقيد والا لكان القيد لغوا ، كما اذا ورد في الدليل (صلي) ثم قال (صلي عن طهور) او (صلي مستقبلا القبلة) فالحكم المجعول هو حكم واحد وهو وجوب الصلاة فهو اما مجعول لطبيعي الصلاة او مجعول للصلاة المقيدة بالطهارة ، فلابد حينئذ من حمل المطلق على المقيد والا لكان القيد لغوا ، وهو غير يمكن ، وما نحن فيه من هذا القبيل فان الحكم المجعول هو حكم واحد وهو انتقال ما تركه العبد ولكن لا ندري انه انتقل الى الاصناف الثمانية او الى الفقراء فلابد حينئذ من حمل المطلق على المقيد فتكون النتيجة هو انه ينتقل الى جميع الاصناف لا الى الفقراء فقط ، فهذا هو مقتضى الجمع بينهما.

اما اذا كان الحكم فيهما انحلاليا كما لو قال المولى(اكرم العلماء) ثم قال (اكرم العلماء العدول) ففي مثل ذلك لا يحمل المطلق على المقيد بل يحمل المقيد على افضل الافراد ولا موجب لحمل المطلق على المقيد.

اذن فيما نحن فيه فان الحكم المجعول بما انه واحد فلابد من حمل المطلق على المقيد.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((الثامنة عشر: قد عرفت سابقا أنه لا يجب الاقتصار في دفع الزكاة على مؤنة السنة بل يجوز دفع ما يزيد على غناه إذا أعطي دفعة فلا حد لأكثر ما يدفع إليه، وإن كان الأحوط الاقتصار على قدر الكفاف، خصوصا في المحترف الذي لا تكفيه حرفته نعم لو أعطي تدريجا فبلغ مقدار مؤنة السنة حرم عليه أخذ ما زاد للإنفاق، والأقوى أنه لا حد لها في طرف القلة أيضا من غير فرق بين زكاة النقدين وغيرهما، ولكن الأحوط عدم النقصان عما في النصاب الأول من الفضة في الفضة وهو خمس دراهم، وعما في النصاب الأول من الذهب في الذهب وهو نصف دينار، بل الأحوط مراعاة مقدار ذلك في غير النقدين أيضا، وأحوط من ذلك مراعاة ما في أول النصاب من كل جنس، ففي الغنم والإبل لا يكون أقل من شاة، وفي البقر لا يكون أقل من تبيع، وهكذا في الغلات يعطى ما يجب في أول حد النصاب))[3] .

ذكر الماتن في هذه المسالة مجموعة من الفروع يأتي الكلام فيها ان شاء الله.

 


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج9 ابواب المستحقين للزكاة، الباب43، ح2، 292، ط آل البيت (عليهم السلام).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo