< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/01/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا ان ما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) في:-

المورد الاول:- من ان صحيحة ضريس مطلقة ، وتقييدها بعدم وجود المستحق وعدم وجود مصرف آخر من مصارف الزكاة يستلزم حمل الصحيحة على الفرد النادر وهو مستهجن وقبيح ومن أجل ذلك لا يمكن هذا التقييد.

ولكن ما ذكره (قدس الله نفسه) غير تام ، فان مورد هذه الصحيحة هو عدم وجود المستحق ولا اطلاق لها من هذه الناحية فانه قد جاء في هذه الصحيحة ((قال : سأل المدائني أبا جعفر (عليه السلام) قال : إنّ لنا زكاة نخرجها من أموالنا ، ففي مَن نضعها ؟ "فقال : في أهل ولايتك" فقال : إنّي في بلاد ليس بها أحد من أوليائك "فقال : ابعث بها إلى بلادهم تُدفع إليهم ، ولا تدفعها إلى قوم إذا دعوتهم غداً إلى أمرك لم يجيبوك وكان ـ والله ـ الذبح))[1] .

فان مورد الصحيحة هو عدم وجود المستحق وهو عدم وجود أهل الايمان بالولاية لا ان الصحيحة مطلقة من هذه الناحية بل موردها ذلك ، ولهذا فلا وجه لما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه).

المورد الثاني:- انَّ إطلاقَ هذه الصحيحة من ناحية وجود المستحق وعدم وجوده ومن ناحية وجود مصارف اخرى للزكاة وعدم وجود مصارف اخرى للزكاة معارضٌ مع اطلاق الامر بالوجوب.

الوجه في ذلك:- انه قد بنى على ان الامر مادة وهيئة لم يوضع للوجوب فلا يدل على الوجوب لا مادة ولا هيئة ، وانما يدل على الطلب المولوي فاذا لم ينصب قرينة على الترخيص فإطلاقه يدل على الوجوب ، فالوجوب مدلولُ الاطلاق ومقدمات الحكمة ، فإذا صدر امر من المولى وكان في مقام البيان ولم ينصب قرينة على الترخيص فحينئذ يدل هذا الامر على الوجوب.

اذن مقتضى اطلاق الصحيحة عدم جواز نقل الزكاة الى بلد اخر وارسالها اليه ومقتضى اطلاق الامر وجوب ارسالها ووجوب نقلها فيقع التعارض بينهما وحيث انه قد بنى في باب التعادل والتراجيح على ان التعارض اذا كان بين اطلاقين (أي بين اطلاق هذا الدليل واطلاق دليل آخر) فلا يرجع الى مرجحات باب المعارضة فان الروايات الدالة على الترجيح مختصة بالمعارضة بين مدلولي الخبرين ، واما الاطلاق فهو ليس بالخبرين فان مدلول الاطلاق ومدلول مقدمات الحكمة ليس مدلولا للفظ ، فمن اجل ذلك اذا كان التعارض بين الاطلاقين وليس التعارض بين مدلولي الخبرين فلا تشمله روايات الترجيح.

اذن مقتضى القاعدة هو التساقط أي تساقط كلا الاطلاقين معا ، اذن لم يثبت الوجوب ولا عدم الجواز.

الجواب عنه:- ما ذكره (قدس الله نفسه) في تقرير بحثه لا يمكن المساعدة عليه ، ويرد عليه.

اولاً:- ما ذكرنا في بحث الاوامر من ان الامر مادةً وهيئةً موضوع للدلالة على الوجوب لا ان الوجوب مقتضى اطلاقه الثابت بمقدمات الحكمة

ثانياً:- ان الصحيحة لا اطلاق لها وعلى تقدير الاطلاق فيقع التعارض بين العموم الوضعي وبين الاطلاق الثابت بمقدمات الحكمة ، والمشهور على تقديم العموم الوضعي على الاطلاق الثابت بمقدمات الحكمة بدعوى انه اقوى منه ، وتفصيل ذلك في باب التعادل والتراجيح.

ثالثاً:- على تقدير التسليم بان الامر بإطلاقه الثابت بمقدمات الحكمة يدل على الوجوب فحينئذ يقع التعارض بين الاطلاقين فيسقطان معا من جهة المعارضة ، إلا ان ما ذكره من انه لا يرجع الى مرجحات باب المعارضة فهو غير تام ، لان الوجوب ليس مدلولاً لمقدمات الحكمة بل الوجوب مدلول الامر ومقدمات الحكمة حيثية تعليلية لا حيثية تقييدية كما ان الوضع حيثية تعليلية لا حيثية تقييدية فالوضع سبب لدلالة اللفظ وكذا مقدمات الحكمة سبب لدلالة اللفظ فالمدلول مدلول للفظ ، ولكن سبب الدلالة قد يكون الوضع وقد يكون مقدمات الحكمة ، اذن لا مانع من الرجوع الى مرجحات باب المعارضة وادلة الترجيح تشمل المقام ايضا.

النتيجة ان ما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) في كلا الموردين غير تام.

هذا تمام الكلام في الاشكال الاول الذي ذكره السيد الاستاذ (قدس سره) على الاستدلال بالصحيحة.

الاشكال الثاني:- ما ذكره صاحب الجواهر (قدس سره) فقد ذكر ان الامر في نفسه ظاهر في الوجوب وهذا لا شبهة فيه ، ولكن الامر اذا ورد في مقام توهم الحظر فلا يدل على الوجوب ، وما نحن فيه من هذا القبيل فان المشهور بين الاصحاب (رضوان الله عليهم) وإن كان هو وجوب نقل الزكاة الى بلد اخر اذا لم يوجد المستحق في بلده ولم يكن هناك مصرف اخر من مصارف الزكاة ففي هذا الفرض المشهور بين الاصحاب وجوب نقل الزكاة الى بلد اخر ووجوب ارسالها اليه.

ولكن المشهور بين العامة حرمة نقل الزكاة من بلدها الى بلد اخر وان لم يكن المستحق موجودا في بلد الزكاة ولا مصرف اخر من مصارفها موجودا ومع ذلك المشهور بين العامة حرمة نقل الزكاة وقد ذكره صاحب الجواهر (قدس سره) ان هذه الحرمة وان كان لا دليل عليها إلا انها موجبة لتوهم الحظر ، واذا كانت موجبة لتوهم الحظر فهو مانع من دلالة الامر على الوجوب ، فمن اجل ذلك اذا ورد الامر في مقام توهم الحظر فلا يدل على الوجوب

الجواب عنه:- الظاهر ان مثل هذا الاحتمال لا يمنع عن دلالة الامر وظهوره في الوجوب فان احتمال انه لا يجوز نقل الزكاة الى بلد اخر مع عدم وجود المستحق في بلدها ولا مصرف اخر من مصارفها فان هذا معناه تعطيل الزكاة وتعطيل هذا الواجب فهذا لا يصلح ان يكون موهما للحظر حتى يمنع عن دلالة الامر على الوجوب ، اذن هذا الاحتمال لو كان فهو ضعيف وليس احتمالا عقلائيا حتى يكون مانعا من دلالة الامر على الوجوب.

النتيجة ان ما ذكره صاحب الجواهر (قدس سره) غير تام لان هذا الامر لم يرد في مقام توهم الحظر.

الاشكال الثالث:- اشكل صاحب الجواهر (قدس سره) على دلالة الامر على الوجوب في هذه الصحيحة ثانيا بان ظاهر هذه الصحيحة بان الامر مدلوله الحكم الوضعي لا الحكم التكليفي وهو شرطية الايمان بالولاية في استحقاق الزكاة فان السائل قد سال عن شرطية الايمان بالولاية فقد سأله ان هذا الشرط هل هو شرط مطلقا؟ او انه شرط اذا كان موجودا في البلد؟ واما اذا لم يكن موجودا في البلد فيجوز دفع الزكاة الى غير اهل الولاية ولكن الامام (عليه السلام) اجاب بان الايمان بالولاية شرط مطلقا فاذا لم يكن موجودا في البلد من اهل الولاية فلابد من نقل الزكاة الى بلد اخر يوجد اهل الولاية فيه ولا يجوز دفع الزكاة الى فقير ليس من اهل الولاية.

اذن مفاد هذه الصحيحة بيان الحكم الوضعي لا الحكم التكليفي لكي تدل على الوجوب ، اذن مفاد هذه الصحيحة ارشاد الى شرطية الايمان بالولاية ثابتة مطلقا.

الجواب عنه:- هذا ايضا لا يخلو عن اشكال فان ظاهر الروايات ان شرطية الولاية امر مفروغ عنه فان المرتكز في ذهن السائل هو الشرطية ، فان السائل سال ان لنا زكاة نخرجها من اموالنا ففي من نضعها فهذا السؤال من جهة انه في بلد ليس من اهل الولاية فشرطية الايمان بالولاية امر مرتكز في ذهنه ولهذا سال باعتبار انه ليس في بلده من اهل الولاية.

اذن هذه الرواية ليست في مقام بيان شرطية الايمان بالولاية في استحقاق الزكاة بل هو امر مفروغ عنه ، اذن الامر ظاهر في الحكم التكليفي لا في الحكم الوضعي كما في قوله (عليه السلام) (صلي عن طهور) فان هذا الامر ظاهر في شرطية الطهارة او (صلي مستقبل القبلة) فان هذا الامر ظاهر الى انه ارشاد الى شرطية استقبل القبلة.

واما في المقام فان الامر ليس كذلك ، اذن الامر في هذه الصحيحة ظاهر في الحكم التكليفي.

هذا تمام كلامنا من هذه الجهة بقي الكلام في اجرة النقل هل هي على المالك او على الزكاة يأتي الحديث عنها ان شاء الله تعالى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo