< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/01/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

الى هنا قد وصلنا الى هذه النتيجة وهي ان مقتضى القاعدة ونقصد بالقاعدة ان مقتضى ولاية المالك على التصرف في زكاة ماله ، فقد ذكرنا ان للمالك ولاية على اخراج الزكاة من ماله وتعيينها وصرفها على مواردها كيفما شاء ، والروايات التي تنص على ثبوت الولاية له لا تكون مقيدة بحال دون الآخر ، فهذه الروايات مطلقة ولا تقييد لها ، وان ولايته في عرض ولاية الحاكم لا في طولها ، ومع قطع النظر عن ذلك فهل يمكن ان يستفاد من الروايات جواز نقل الزكاة من بلدها الى بلد آخر او لا يستفاد من الروايات ذاك؟

الجواب:- ذكرنا ان الروايات على ثلاث طوائف:

الطائفة الاولى:- الروايات التي تدل على انه اذا لم يكن المستحق موجودا في بلد الزكاة فتنقل الزكاة الى بلد آخر ويصرف في مستحقيها في ذلك البلد.

ولكن هذه الروايات مقيدة بعدم وجود المستحق في بلد الزكاة.

الطائفة الثانية:- الروايات التي تدل على التفصيل بصرف بعض الزكاة في بلدها ونقل بعضها الاخر الى بلد آخر وصرفها فيه.

الطائفة الثالثة:- الروايات المطلقة التي تدل على جواز النقل مطلقا سواء أكان المستحق موجودا في بلد الزكاة او لم يكن موجودا ، فعلى كلا التقديرين يجوز النقل.

والقدر المتيقن من الجميع جواز نقل الزكاة الى بلد آخر وصرفها في مواردها اذا لم يكن المستحق موجودا في بلد الزكاة.

واما لم اذا لم يكن المستحق موجودا فعلا ولكن كان مرجوا وجوده بعد شهر او اكثر فهل يجوز التأخير او لا يجوز؟ او فرضنا ان وجود المستحق ميؤوس في هذا البلد وليس مرجوا ولا يوجد مصرف آخر للزكاة في هذا البلد ففي مثل ذلك فهل يجوز نقلها الى بلد اخر او لا؟

الجواب:- المعروف والمشهور هو وجوب النقل وقد ذكر الماتن (قدس سره) ايضا وجوب النقل.

ولكن قد يقال:- ــ كما قيل ــ بعدم وجوب النقل.

الا انه يقال:- ان مقتضى القاعدة وجوب النقل ، فان مقتضى القاعدة وجوب امتثال الواجب وعدم جواز تأخيرها ، فاذا اخرج الزكاة من ماله وعينها فمقتضى القاعدة وجوب صرفها على مستحقيها ، واما حبسها وعدم صرفها فهو خلاف القاعدة.

ويمكن الاستدلال على ذلك ببعض الروايات:

الرواية الاولى:- صحيحة سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ((قال : سألته عن الرجل تحل عليه الزكاة في السنة في ثلاثة أوقات ، أيؤخرها حتى يدفعها في وقت واحد ؟ فقال : متى حلت أخرجها . وعن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، متى تجب على صاحبها ؟ قال : إذا صرم واذا خرص))[1] .

فان هذه الصحيحة ظاهرها وجوب الدفع بعد الاخراج فورا ، لذا فان الامام (عليه السلام) نهى عن التأخير ، فان السائل سأل انه يجوز ان يجمع بين الاوقات الثلاثة ويدفع زكاة جميع الاوقات في وقت واحد؟ والامام (عليه السلام) منع عن ذلك فقال: (متى حلت وجب اخراجها ودفعها الى مستحقيها) ، اذن هذه الصحيحة ظاهرة في وجوب الفورية وعدم جواز التأخير.

الرواية الثانية:- رواية أبي بصير قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : ((اذا أردت أن تعطي زكاتك قبل حلها بشهر أو شهرين فلا بأس ، وليس لك أن تؤخرها بعد حلها))[2] .

فان هذه الرواية واضحة الدلالة على عدم جواز التأخير.

ولكن قد يستدل على جواز التأخير:- بروايات اخرى وهذه الروايات مجموعها ثلاث روايات:

الرواية الاولى:- صحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ((إنه قال في الرجل يخرج زكاته فيقسم بعضها ويبقى بعض يلتمس لها المواضع فيكون بين أوله وآخره ثلاثة أشهر ، قال : لا بأس))[3] .

استدل بهذه الصحيحة على جواز التأخير الى ثلاث اشهر.

ولكن للمناقشة فيها مجال:-

اولاً:- ان هذه الصحيحة موردها التفصيل بين صرف بعض الزكاة في بلده وصرف بعضها الاخر في بلد آخر.

ثانياً:- مضافا الى ان قوله: (يلتمس لها المواضع) فان المتفاهم العرفي من هذه الجملة بمناسبات الحكم والموضوع انه يرجو مواضع الافضل والأرجح حتى يصرف الباقي فيها.

واحتمال ان الموضوع والمصرف للزكاة موجود وهو يؤخر بلا سبب وبلا مبرر فهذا غير محتمل.

فلا محالة يوجد لتأخيره مبرر وهو ان هناك مواضع أفضل وارجح حتى يصرف الباقي فيها وعندئذ لا شبهة في الجواز ، وهذا خارج عن محل الكلام.

فاذا كان مواضع الافضل والارجح في بلد اخر فيجوز نقل الزكاة اليها وصرفها في تلك المواضع.

اذن هذه الصحيحة لا تدل على جواز التأخير مطلقا.

ثالثاً:- قوله عليه السلام (بين اوله واخره ثلاث اشهر) فان الظاهر من الاول هو وقت تعلق الزكاة والظاهر من الآخر هو وقت التصفية (أي بين تعلق الزكاة بالغلات وبين آخره وهو التصفية) ، فلعل هذا الوقت قد يطول الى ثلاثة اشهر او اقل او اكثر ،فان الزكاة تعلقت بالحبة حين انعقادها ويجوز للمالك تقسيمها من هذا الحين ولا يجب عليه حفظ الزكاة.

النتيجة ان هذه الصحيحة لا تدل على جواز التأخير مطلقا.

الرواية الثانية:- صحيحة حنان وفي هذه الصحيحة قد جاء (لا باس بتأجيلها شهرين وتأخيرها شهرين).

ولكن اذا تعلقت الزكاة فللمالك ان يقسم ويخرج حصة الفقراء ولا يجب على المالك الحفاظ عليها مجانا ، ومن حين تعلق الزكاة الى حين التصفية يطول اكثر من شهر او شهرين او اكثر ، فهذه الصحيحة من هذه الناحية لا تدل على جواز التأخير.

والمراد من جواز التأخير هو جواز التأخير بعد التصفية وهذه الصحيحة لا تدل على ذلك او لا اقل انها مجملة.

فقوله: (لا باس بتأجيل الزكاة شهرين) فالمراد من تأجيل الزكاة أي تقسيم حصة الفقراء من حين انعقاد الحبة أي من حين تعلق الزكاة بها ، فمن هذا الحين يجوز للمالك تقسيم حق الفقراء وافرازها فمن هذا الحين الى حين تصفية الزكاة يجوز له ذلك.

اذن هذه الصحيحة لا تدل على جواز التأخير.

الرواية الثالثة:- موثقة يونس بن يعقوب قال : قلت لابي عبدالله (عليه السلام) : ((زكاتي تحل علي في شهر ، أيصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجيئني من يسألني ؟ فقال : إذا حال الحول فأخرجها من مالك ، لا تخلطها بشيء ، ثم أعطها كيف شئت ، قال : قلت : فان أنا كتبتها وأثبتها ، يستقيم لي ؟ قال : لا يضرك))[4] .

محل الشاهد في قوله (عليه السلام) (ثم اعطها كيف شئت) فالمراد كيف شئت في الاعطاء على فقراء البلد او فقراء بلد آخر ، فالامر بيد المالك فان للمالك ولاية في الاعطاء كيفما شاء.

اذن هذه الصحيحة لا تدل على التأخير فان قوله (ثم اعطها) متفرع على قوله (اخرجها ولا تخلطها بشي) فان المراد من قوله كيف شئت أي اعطاء فقراء بلده او بلد اخر لا كيف شئت في الوقت أي في أي وقت شئت بل المراد كيف شئت في الاعطاء.

اذن هذه الموثقة لا تدل على جواز التأخير.

نعم توجد رواية اخرى وهي صحيحة ضريس قد يقال ان هذه الصحيحة تدل على جواز التأخير وسياتي الحديث عنها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo