< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/12/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

تحصل مما ذكرنا ان للمالك ولاية على اخراج الزكاة وتعيينا ودفعها الى مستحقيها ، ولا يجب عليه ايصالها الى الحاكم الشرعي او الى ولي امر المسلمين في عصره حضوره الا النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) , وأما اذا طلب ولي الامر الزكاة من المسلمين او الحاكم الشرعي فعنئذ يجب عليهم ارسال الزكاة اليه ولا يجوز له ان يدفعها الى مستحقيها.

وذكرنا ان قول المالك عدم وجود الزكاة في ماله حجة ولا يحتاج الى وجود البينة او اليمين ، فان مقتضى ولايته على الزكاة ان يكون قوله في دفع الزكاة او عدم تعلق الزكاة بماله او بلوغه حد النصاب او عدم توفر شروط الزكاة فيه حجة ، فلا يحتاج الى بينة او يمين , فان الحاجة الى اليمين تكون في دعوى الحق على غيره او في نفي حق الغير عنه ، وكذا البينة في دعوى الحق على غيره او نفي حق الغير عنه , وأما إقراره بانه دفع الزكاة عن ماله او لم تتعلق الزكاة به ــ بمقتضى ولايته ــ هو لا يحتاج الى البينة او الى اليمين لان من ملك شيئاً ملك الاقرار به وهو مالك للولاية على هذا المال.

واما الروايات التي تدل على ذلك فالعمدة منها هما روايتان صحيحتان وهاتان الروايتان تتكفلان امرين:-

الاول:- بيان الآداب للمتصدق وللجابي وتعامله مع أهل الزكاة فلابد ان يكون أخذ الزكاة بهذه الطريقة ، أي طريقة الآداب فلابد ان يكون تعامله معهم بالرأفة والرحمة وبالأخلاق العالية وبابتسامة الوجه وبكلام حسن وطيب فان كل ذلك يورث المودة ويورث المحبة ، ولكن هذه الطريقة غير واجبة.

الثاني:- قبول قوله في انه لا زكاة في ماله سواء قال انه دفعها او انه لم تتعلق بها من الاول لعدم بلوغ النصاب ، وهذا يدل على ان قوله بذلك حجة.

هذا كله اذا لم الحاكم الشرعي طالبا الزكاة من المالك.

واما اذا كان الحاكم الشرعي طالبا الزكاة من المالك فيجب عليه ذلك , ولكن هل تسقط ولاية المالك او لا؟ فان ولاية ولي الامر او الحاكم الشرعي اقوى من ولاية المالك , فاذا طلب منه الحاكم الشرعي دفع الزكاة اليه وجب عليه ارسالها الى الحاكم الشرعي ولا يجوز له دفعها الى الفقراء وان قام بدفعها الى الفقراء فهو آثم ومستحق للعقوبة فهذا لا شبهة فيه بل انما الكلام في انه اذا دفعها الى مستحقيها فهل هو مبرئ للذمة ومجزي او لا؟

الجواب:- ذكرنا سابقا انه مبرئ للذمة ويكون مجزيا لان ولاية المالك ليست في طول ولاية الحاكم الشرعي بل في عرضها ولا تكون ولايته مقيدة بعدم مطالبة الحاكم الشرعي ، لان الروايات التي تدل على ولاية المالك مطلقة ومقتضى هذا الاطلاق ان هذه الولاية ثابتة للمالك سواء طلب منه الحاكم الشرعي ارسال الزكاة اليه او لم يطلب فهي مطلقة من هذه الناحية ، ولم يرد في شيء من هذه الروايات تقييد الولاية بعدم مطالبة الحاكم الشرعي فلا محالة يكون دفعها الى الفقراء مجزياً لأنه دفع من باب الولاية وان كان عاصيا من جهة اخرى.

إن قيل:- انها غير مجزي من جهة ان الامر بشيء يدل على النهي عن ضده ، فان الامر بدفعها الى الحاكم الشرعي يقتضي النهي عن دفعها الى المستحق الى المستحق والنهي عن العبادة مفسد لها؟

قلت:- قد تقدم الجواب عن ذلك فان الامر بالشيء لا يدل على النهي عن ضده ، لا عن ضده العام ولا عن ضده الخاص وعلى تقدير التسليم ، فان هذا النهي نهي غيري ولا ينشأ عن وجود مفسدة في متعلقه ووجود مبغوضية في متعلقه فلا يدل على فساد العبادة فان النهي النفسي هو الذي يستلزم فساد العبادة دون النهي الغيري.

النتيجة انه يجب عليه ارسال الزكاة اذا طلب ولكنه اذا عصى ودفعها الزكاة بنفسه الى الفقراء فهو مجزي ومبرئ للذمة.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه):- (يجوز عزل الزكاة وتعيينها في مال مخصوص، وإن كان من غير الجنس , الذي تعلقت به، من غير فرق بين وجود المستحق)[1] .

تقدم الكلام في هذه المسالة موسعا وقلنا انه لا يجوز تقدير الزكاة بغيره سواء كان الغير من جنسه او من جنس آخر ، نعم للمالك ولاية على اخراج الزكاة وعلى تعيينها من نفس النصاب وعلى دفعها الى مستحقيها وليس له ولاية التبديل بان يعين الزكاة في مال آخر ، نعم ذكرنا انه يجوز التبديل بالنقدين في زكاة الغلاة فقط فان المالك في زكاة الغلات مخير بين دفعها من نفس النصاب او بدلها من النقدين ولا يجوز له تبديل الزكاة بجنس اخر من مثل الزكاة بان يدفع زكاة الحنطة من حنطة اخرى او شعير فلا ولاية له في مثل هذا التبديل و، كذا الحال في زكاة النقدين فيجوز التبديل فيجوز له ان يدفع زكاة الذهب من الفضة وبالعكس ، فالمالك مخير بين ان يدفع زكاة الذهب من الذهب او يدفع زكاة الذهب من الفضة.

اما في الاغنام فلا يجوز له ذلك فلا يجوز له ان يدفع شاةً بدلا من شاةٍ من النصاب فان في الاربعين شاةٍ شاةٌ من نفس الاربعين ، واما دفع شاة اخرى من غير الاربعين فلا يكون للمالك ولاية على ذلك ولا يجوز له ذلك ، وكذا الحال في زكاة البقر.

النتيجة ان التبديل بحاجة الى ولاية ولا ولاية للمالك على التبديل مطلقا ، وانما له ولاية على التبدل بالنقدين في الغلات الاربعة فقط وفي النقدين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo