< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/11/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكر الماتن (قدس الله نفسه) مجموعة من الموارد التي يستحب فيها التفاضل.

الاول:- ذكر الماتن (قدس الله نفسه):- (يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب بمقدار فضله)[1] . فيستحب تقديم الافضل على غيره بزيادة نصيبه بمقدار فضله ، والمراد منه بمقدار شأنه الحاصل من فضله ، وتدل على ذلك:-

معتبرة عبد الله ابن العجلان السكوني (قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : إني ربما قسمت الشيء بين أصحابي أصلهم به ، فكيف اعطيهم ؟ قال : أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل)[2] .

فهذه المعتبرة تدل على ذلك بالإطلاق لا بالنص فان الوارد فيها (قسمت الشيء بين اصحابي) والشيء بإطلاقه يشمل الزكاة ايضا ، اذن هذه المعتبرة تدل على استحباب تقديم الافضل على غيره بالإطلاق لا بالنص.

الثاني:- ذكر الماتن (قدس الله نفسه):- (كما أنه يستحب ترجيح الأقارب وتفضيلهم على الأجانب)[3] . يستحب تقديم الاقارب على غير الاقارب ، فيستحب تقديم الاقارب على الاجانب ، وتدل على ذلك موثقة اسحاق ابن عمار فإنها تدل على افضلية الاقارب على الاجانب في دفع الزكاة.

الثالث:- ذكر الماتن (قدس الله نفسه):- (وأهل الفقه والعقل على غيرهم)[4] .

يستحب تقديم اهل الفقه والعقل على غيره ، وتدل على ذلك معتبرة عبدالله ابن العجلان السكوني المتقدمة ، فهي بإطلاقها تدل على ذلك.

الرابع:- ذكر الماتن (قدس الله نفسه):- (ومن لا يسأل من الفقراء على أهل السؤال)[5] .

يستحب تقديم من لا يسأل من الفقراء على من يسأل ، وتدل على ذلك صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج بوضوح وبالنص ، فإنها تدل على استحباب تقديم من لا يسأل من الفقراء على من يسأل.

الخامس:- ذكر الماتن (قدس الله نفسه):- (ويستحب صرف صدقة المواشي إلى أهل التجمل من الفقراء، لكن هذه جهات موجبة للترجيح في حد نفسها، وقد يعارضها أو يزاحمها مرجحات أخر فينبغي حينئذ ملاحظة الأهم والأرجح)[6] .

يستحب تقديم اهل التجمل من الفقراء على غيره بدفع زكاة المواشي ، ولكن الروايات التي تدل على ذلك ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاستدلال بها.

واما الماتن (قدس الله نفسه) فقد يكون حكمه بالاستحباب مبني على قاعدة التسامح في ادلة السنن ، وان اخبار من بلغ تدل على الاستحباب.

ولكن ذكرنا في مورده ان اخبار من بلغ لا تدل على الاستحباب اصلا ، بل مفادها ان العمل الذي وصل اليك بخبر ضعيف والثواب الذي وصل اليك بخبر ضعيف اذا عمل المكلف برجاء ادراك الواقع فانه يعطى له هذا الثواب ، وهذا معناه الاحتياط وليس معناه اثبات الاستحباب. اذن اخبار من بلغ لا تدل على الاستحباب وانما تدل على الاحتياط الاستحبابي.

هذا كله فيما اذا لم يكم هناك مرجح آخر ، واما اذا كان هناك مرجح آخر فقد يكون الامر بالعكس.

ثم بعد ذلك ذكر الماتن (قدس الله نفسه):- (الإجهار بدفع الزكاة أفضل من الإسرار به، بخلاف الصدقات المندوبة فإن الأفضل فيها الإعطاء سرا)[7] . فان الماتن فرق بين الزكاة والصدقات المستحبة وقد يستدل على ذلك بجملة من الروايات:-

الاولى:- رواية عبدالله بن يحيى ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي بصير ـ يعني : ليث بن البختري ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) (في قوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) ـ إلى أن قال : ـ فكل ما فرض الله عليك فإعلانه أفضل من إسراره ، وكل ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه ، ولو أن رجلا يحمل زكاة ماله على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا)[8] . فهذه الرواية من حيث الدلالة واضحة في ان اعلان دفع الزكاة الواجبة والاجهار به افضل من الاسرار به. نعم في الزكاة المندوبة والصدقات المندوبة الاسرار بدفعها افضل من الاجهار بإعلانها.

اذن هذا الرواية من حيث الدلالة واضحة ولكن الكلام في سندها فقد استشكل السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) في سند هذه الرواية بأمرين:-

الامر الاول:- ان عبد الله يحيى الوارد في سند هذه الرواية مجهول ، وليس المراد منه عبد الله ابن يحيى الكاهلي الثقة ، وما احتمله الميرزا في الوسيط واقره الاردبيلي في رجاله بانه عبد الله ابن يحيى الكاهلي غير صحيح ، فان عبد الله ابن يحيى الكاهلي من اصحاب الصادق (عليه السلام) ولا يمكن ان يروي عنه بلا واسطة اصحاب الرضا (عليه السلام) فان البرقي من اصحاب الرضا (عليه السلام) وهو يروي عن عبد الله ابن يحيى الكاهلي بلا واسطة وهذا يدل على ان عبد الله ابن يحيى المذكور في الرواية ليس عبد الله ابن يحيى الكاهلي بل هو مجهول ، فان الكاهلي من اصحاب الصادق (عليه السلام) واصحاب الرضا (عليه السلام) لا يتمكنون من ان يرووا عن اصحاب الصادق(عليه السلام) بلا واسطة.

ولكن يمكن دفع هذا الايراد بان يقال:- الظاهر انه غير وارد ولا مانع من ذلك ، فان سنة وفاة الامام الصادق (عليه السلام) هو نفس سنة ولادة الامام الرضا (عليه السلام) فاذا طال عمر بعض اصحاب الصادق (عليه السلام) بعد وفاته الى ثلاثين او اربعين سنه فحينئذ يتمكن اصحاب الرضا (عليه السلام) من الرواية عنه ، اذن هذا الاشكال قابل للدفع.

الامر الثاني:- ان الشيخ (عليه الرحمة) في كتاب الفهرست ذكر عبد الله ابن يحيى وذكر الكاهلي بعنوانين مستقلين ، وذكر ان لعبد الله ابن يحيى كتاب يرويه عنه البزنطي وللكاهلي كتاب يرويه عنه البرقي ، وقد ذكر طريقه الى كل منهما ، وما ذكره الشيخ (عليه الرحمة) شاهد على انهما شخصان فان عبد الله ابن يحيى شخص والكاهلي شخص آخر وهذا الذي افاده الشيخ (عليه الرحمة) في الفهرست لا باس به وهو شاهد على تعددهما.

والنتيجة هي انه لم يثبت ان عبد الله ابن يحيى الموجود في سند هذه الرواية الذي يروي عنه احمد ابن محمد ابن خالد البرقي هو عبد الله ابن يحيى الكاهلي ، فالرواية ضعيفة من ناحية السند ولا يمكن الاعتماد عليها وان كانت تامة من ناحية الدلالة وواضحة ولكنها من ناحية السند لا يمكن الاعتماد عليها.

الثانية:- معتبرة اسحاق ابن عمار عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) (في قول الله عزّ وجلّ : (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) فقال : هي سوى الزكاة ، إن الزكاة علانية غير سر)[9] .

فان هذه المعتبرة واضحة الدلالة على ان الاخفاء في الصدقات المستحبة ، واما في الزكاة فالإعلان امر محبوب.

الثالثة:- صحيحة عبد الله ابن سنان عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ (في حديث ـ قال : لو أن رجلا حمل الزكاة فأعطاها علانية لم يكن عليه في ذلك عيب)[10] .

فان هذه الصحيحة تدل على ذلك.

وكيفما كان فان استحباب الجهر بدفع الزكاة الواجبة لا اشكال فيه واما الصدقات المستحبة فيستحب الاسرار في دفعها.

وتوجد روايات كثيرة تدل على ذلك ولكنها ضعيفة واكثرها مرسلة ولكن لا باس بالتأييد بها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo