< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/11/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

الى هنا قد تبين ان الآية الشريفة تدل على الملك بالنسبة الى الاصناف الاربعة الاولى فان الظاهر من كلمة (الام) هو الاختصاص ، سواء كان بنحو الملكية او بنحو الحقية ، وان كان الظاهر هو الملك وأما اختصاص الحق فهو بحاجة الى قرينة ، والمالك هو الطبيعي ــ أي طبيعي الفقراء وطبيعي المساكين وهكذا ــ لا الافراد ، واما الاصناف الاربعة الاخيرة فالظاهر انها مصرف للزكاة بقرينة كلمة (في) بل تصور الملك في بعضها بحاجة الى عناية زائدة كما في الرقاب وفي سبيل الله ، وكيفما كان فان الظاهر ان الاصناف الاربعة الاخيرة مصرف للزكاة.

واما تعدد تنسيق الآية المباركة لانه في الآية قد عدل عن التنسيق الاول الى التنسيق الثاني فهذا العدول وهذا التبديل لا يصلح ان يكون قرينة على رفع اليد عن ظهور كلمة اللام في الاختصاص الملكي او ظهور كلمة (في) في الظرفية بان يحمل الجميع على الملك او يحمل جميع الاصناف على المصرف ، ولا مانع من الالتزام في الملك في الاصناف الاربعة الاولى والالتزام بالمصرفية في الاصناف الاربعة الاخيرة فإنها مصرف للزكاة فلا مانع من الالتزام بكلا الظهورين.

ولكن لا تدل الآية المباركة على بسط الزكاة على جميع الاصناف ، فان الآية المباركة في مقام بيان تشريع الزكاة بهؤلاء الاصناف ، وأَنَّ الزكاة قد شرعت لهؤلاء الاصناف فلا بد من دفع الزكاة لهؤلاء الاصناف ، اما توزيعها عليهم وتقسيمها عليهم اما بالتساوي او بالتفاضل فالآية ليست في مقام البيان من هذه الناحية ولا دلالة فيها على ذلك.

اذن لا وجه للاستلال بالآية الكريمة على وجوب بسط الزكاة على الاصناف الثمانية بالسوية اصلا.

ويضاف الى ذلك:-

اولاً:- ان السيرة القطعية جارية من زمن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) الى آخر زمن الائمة (عليهم السلام) ففي هذه الفترة الطويلة المتشرعون يعملون بعدم بسط الزكاة على جميع الاصناف بل لا يقوم ببسط زكاته على جميع افراد صنف واحد ، وهذا في مرأى ومسمع النبي (صلى الله عليه وآله) والائمة ^ ولم يرد أيُ ردعٍ عن هذه السيرة في الروايات حتى لم يرد في رواية ضعيفة ، اذن هذه السيرة دليل قطعي على عدم وجوب بسط الزكاة على الاصناف الثمانية ولا على افراد صنف واحد بل للمالك ان يدفع زكاته الى فقير واحد.

وكذا اذا دفع الزكاة الى الحاكم الشرعي فله ان يدفع الزكاة الى فقير واحد او مسكين واحد.

ثانياً:- وهو الروايات وهي على طائفتين:-

الطائفة الاولى ناصة على عدم وجوب التقسيم على جميع الاصناف او على جميع افراد صنف واحد والطائفة الثانية مطلقة وبإطلاقها تدل على عدم وجوب بسط الزكاة على جميع الاصناف لا بالتساوي ولا بالتفاضل. ونذكر بعض هذه الروايات:-

الاولى:- صحيحة زرارة (قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : رجل حلت الزكاة ومات أبوه وعليه دين ، أيؤدي زكاته في دين أبيه وللابن مال كثير ؟ فقال : إن كان أبوه أورثه مالا ثم ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه ، قضاه من جميع الميراث ولم يقضه من زكاته ، وإن لم يكن أورثه مالا لم يكن أحد أحق بزكاته من دين أبيه ، فإذا أداها في دين أبيه على هذه الحال أجزأت عنه)[1] .

فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على عدم وجوب التقسيم ويكفي ان يؤدي دين ابيه من زكاته اذا لم يكن للاب مال اورثه ، واذا كان له مال فلابد من أداء دينه من ماله باعتبار ان مقدار الدين لا ينتقل الى والورثة ويبقى في ملك الميت ولابد ان يؤدي دينه من ماله اما اذا لم يكن له مال وعليه دين فهو ــ أي الاب ــ احق في ان يؤدي دينه من زكاته ، اذن هذه الصحيحة واضحة الدلالة على ذلك.

الثانية:- صحيحة عبد الكريم بن عتبة الهاشمي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ (في حديث ـ إنه قال لعمرو بن عبيد في احتجاجه عليه : ما تقول في الصدقة ؟ فقرأ عليه الآية ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ) إلى آخر الآية قال : نعم ، فكيف تقسمها ؟ قال : اقسمها على ثمانية أجزاء ، فاعطي كل جزء من الثمانية جزءا ، قال : وإن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف منهم رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة ، جعلت لهذا الواحد ما جعلت للعشرة آلاف ؟ قال : نعم قال : وتجمع صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء ؟ قال : نعم ، قال : فقد خالفت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في كل ما قلت في سيرته ، كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي ، وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ، ولا يقسمه بينهم بالسوية ، وإنما يقسمه على قدر ما يحضره منهم وما يرى ، وليس في ذلك شيء موقت موظف ، وإنما يصنع ذلك بما يرى على قدر من يحضره منهم)[2] .

فان هذه الصحيحة ايضا واضحة الدلالة فان النبي الاكرم يقسم الزكاة ولكن لا يقسمها على السوية بل يعطي من الزكاة كل من حضر ومن لم يحضره لم يدفع اليه فهذه الصحيحة ايضا ناصة في عدم وجوب بسط الزكاة على جميع الاصناف.

الثالثة:- رواية حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن العبد الصالح ( عليه السلام ) ـ (في حديث طويل ـ قال : والارضون التي اخذت عنوة ـ إلى أن قال : ـ فإذا أخرج منها ما أخرج بدأ فأخرج منه العشر من الجميع مما سقت السماء أو سُقي سيحا ، ونصف العشر مما سقي بالدوالي والنواضح فأخذه الوالي فوجهه في الجهة التي وجهها الله على ثمانية أسهم ، للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ، ثمانية أسهم ، يقسم بينهم في مواضعهم بقدر ما يستغنون به في سنتهم بلا ضيق ولا تقتير ، فإن فضل من ذلك شيء رد إلي الوالي ، وإن نقص من ذلك شيء ولم يكتفوا به كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا ـ إلى أن قال ـ وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقسم صدقات البوادي في البوادي ، وصدقات أهل الحضر في أهل الحضر ، ولا يقسم بينهم بالسوية على ثمانية حتى يعطي أهل كل سهم ثمنا ، ولكن يقسمها على قدر من يحضره من أصناف الثمانية على قدر ما يقيم كل صنف منهم يقدر لسنته ، ليس في ذلك شيء موقوت ولا مسمى ولا مؤلف ، إنما يضع ذلك على قدر ما يرى وما يحضره حتى يسد فاقة كل قوم منهم ، وإن فضل من ذلك فضل عرضوا المال جملة إلى غيرهم)[3] .

فان هذه الرواية ايضا واضحة الدلالة على ان رسول الله (صلى الله عليه وآله)لم يقسم الصدقات بالسوية بين الناس فمن يحضر يدفع اليه ومن لم يحضر فلا يدفع اليه شيء.

وتوجد روايات اخرى ناصةٌ في عدم وجوب بسط الزكاة على الاصناف الثمانية فضلا عن بسطها على نحو التساوي بل في بعض الروايات انه لا يجب تقسيم الزكاة بنحو التساوي على افراد صنف واحد فضلا عن جميع الاصناف.

النتيجة ان الروايات هنا كثيرة ولا يبعد بلوغها حد التواتر الاجمالي.

اذن العمدة في المقام هو السيرة والروايات لا الاجماع ومن هنا يظهر ان مدرك الاجماع بين الامامية هو السيرة والروايات.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo