< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/11/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أصناف المستحقين

الى هنا قد تبين ان السيد الاستاذ(قده) اشكل على الاستدلال بالآية المباركة ﴿ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم [1] بإيرادين:

الأول: أن الأمر بأخذ الزكاة معلل بحصول الطهارة من الوسخ فهذه الطهارة إذا حصلت سقط الأمر فعندئذ لا موضوعية للأمر بأخذ الزكاة بحيث لا تحصل براءة الذمة الا بالأخذ ليس الأمر كذلك فإن حصول براءة الذمة بحصول الطهارة والطهارة تارة تحصل بالأخذ وأخرى بدفع نفس المالك الى اهلها لأنه بدفعها من المالك لأهلها تحصل الطهارة من الدنس ومن الوسخ أو بأخذ المستحق من المالك، فإذن لا موضوعية للأمر بالأخذ، وكذلك لو كان المراد من الطهارة الطهارة من الحرام فإنه طالما تكون الزكاة موجودة في النصاب فتصرف المالك في تمام النصاب أو مطلقا محرم واما إذا دفع الزكاة فعندئذ تصرفه جائز وحلال وصار ماله طاهرا من الحرام فعندئذ ايضا لا موضوعية للأمر بالأخذ فإن الطهارة بهذا المعنى أي الطهارة من الحرام قد تحصل بدفع المالك الزكاة أو بأخذ المستحق للزكاة أو بأخذ ولي الأمر الزكاة، فحصول الطهارة من الحرام لا يكون طريقه منحصرا بالأخذ فلا موضوعية للأمر بالأخذ.

نعم إذا كان المراد من الطهارة الطهارة المعنوية التي لا طريق لنا اليها فهي مأخوذة بنحو الحكمة لا العلة فعندئذ يمكن ان يكون للأمر بالأخذ موضوعا ولا تحصل براءة الذمة الا بالأخذ وأما بدفع المالك أو أخذ المستحق فلا يعلم بحصول براءة الذمة لاحتمال أن أخذ ولي الأمر الزكاة من المالك له دخلا في حصول الطاهرة المعنوية واما دفع المالك فلا أثر له فمع هذه الاحتمال احتمال عدم حصول البراءة فالمرجع هو قاعدة الاشتغال لأن الشك إنما هو في الامتثال والشك إذا كان في الامتثال وحصول براءة الذمة فالمرجع هو قاعدة الاشتغال.

الثاني: أن الأمر بالأخذ متوجه الى النبي الأكرم(ص) والأمر بالأخذ للنبي(ص) من جهة أنه مبسوط اليد لأنه شكل حكومة شرعية قائمة على أساسا الحكامية لله وحده لا شريك له وكذلك وصيه وأما سائر الأئمة(ع) فهم غير متمكنين من تشكيل الحكومة الشرعية وكذلك العلماء والفقهاء في عصر الغيبة، فهذا الأمر متوجه الى النبي الأكرم من هذه الناحية ولا يكون متوجها الى الأئمة الأطهار ولا الى العلماء.

ولكن الجواب عن هذا الاشكال واضح لما ذكرنا من ان كل من يتمكن من تشكيل الحكومة الشرعية القائمة على اساس حكامية الدين لا شبهة في وجوب دفع الزكاة على هذه الحكومة لأنها ضريبة الدولة الإسلامية فلا بد للمالكين من دفع زكاتهم الى من كانوا في رأس هذه الحكومة.

فإذن مسألة النبي الأكرم(ص) خارج عن محل الكلام ولا شبهة في دفع الزكاة اليه.

وإنما الكلام في زمان الأئمة(ع) هل يجب دفع الزكاة الى الأمام المعصوم(ع) الذي هو ولي امر المسلمين في عصر الحضور أو الفقهاء الجامعين للشروط في عصر الغيبة باعتبار انهم اولياء الأمور أو لا يجب؟ هذا هو محل الكلام ، والآية المباركة لا تدل على وجوب أخذ الزكاة على الأمام المعصوم فإن ظروف الأئمة لا تساعدهم على ذلك حتى يتصدوا لجباية الزكاة وصرفها على مصالح المسلمين ومستحقيها وكذلك العلماء.

فإذن لا دليل على تقييد ولاية المالك على صرف الزكاة في مواردها بغير زمان المعصومين(ع) فولايته ثابتة في زمن المعصومين(ع) وفي زمن الغيبة فإن للمالك ان يتصرف في زكاته ويصرفها في مواضعها ومواردها.

قد يقال كما قيل أن الآية المباركة تدل على هذا التقييد فإن الأمر بأخذ الزكاة في الآية المباركة موجه الى النبي الأكرم(ص) ليس من جهة خصائصه الشخصية بل الأمر بأخذ الزكاة الى النبي الأكرم من جهة ولايته(ص) على الناس والمفروض ان هذه الولاية للأئمة الأطهار(ع) أيضا وكذلك لنوابهم، فالأمر بأخذ الزكاة ثابت للجميع وعلى ذلك فهو يصلح ان يكون مقيدا للإطلاق أدلة ولاية المالك بغير هذه الموارد.

ولكن الجواب عن ذلك واضح فإنه لا شبهة في أن الأمر بالأخذ متوجه الى النبي الأكرم (ص) والى كل مبسوط اليد من الأئمة الأطهار(ع) واما من لم يكن مبسوط اليد منهم لظروف مانعة من التصدي لجباية الزكاة وصرفها في مصالح المسلمين فلا دليل على التقييد وانه مأمور بالأخذ.

فالآية الظاهر انها مختصة بالنبي الأكرم(ص ) ووصيه في بعض الأزمنة واما سائر الأئمة الأطهار وسائر العلماء فغير مشمولين بالآية المباركة.

هذ كله فيما إذا لم يكن الأمام المعصوم او الحاكم مطالبا للزكاة.

واما إذا طلب الحاكم الشرعي الزكاة من المالك فتارة يكون طلبه بنحو الفتوى فإن كان رأيه وفتواه وجوب دفع الزكاة الى الحاكم الشرعي فعندئذ يجب على مقلديه ان يدفعوا الزكاة اليه كسائر أحكامه وفتواه وأخرى لا يكون رأيه أو فتواه بذلك ولكن يطلبها لأجل مصالح عامة من جهة هجمة الكفار على بلاد المسلمين أو هجمة الارهابين على بلاد المسلمين او وقوع خطر من ناحية أخرى أو لمصلحة الايتام والأرامل في بلد او بناء السكنى لهم او حفر الآبار والعيون لهم من جهة الماء وغيرها من المصالح العامة فيطلب الحاكم الشرعي دفع الزكاة اليه ليصرفها في هذه المصالح العامة فهل يجب على المالك دفع الزكاة اليه او لا يجب؟

الظاهر عدم الوجوب فإن للمالك أن يصرف زكاته في نفس هذه المصالح العامة فلا يجب على العامي أن يدفع زكاته الى الحاكم الشرعي إذا كان طلبه لها لمصلحة عامة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo