< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/11/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أصناف المستحقين

ذكرنا أنه لا إشكال في ثبوت ولاية للمالك على صرف الزكاة في مواضعها ومواردها وعلى مستحقيها في زمن الحضور وزمن الغيبة، نعم في زمن رسول الله (ص) حيث أن النبي الأكرم قد شكل دولة إسلامية على قائمة على أساس الحاكمية لله وحده لا شريك له فمن اجل ذلك لا بد من دفع الزكاة الى النبي الأكرم(ص) أو الى حكومته فلا يجوز للمالك صرف الزكاة في مواردها ومواضعها بل عليه ان يدفع الزكاة الى الحكومة الشرعية فإن الحكومة الشرعية في أي وقت تشكلت على أساس الحكامية لله وحده لا شريك له لا بد من دفع الزكاة الى هذه الحكومة وليس للمالك ولاية صرف الزكاة في مواردها.

وأما إذا لم تتشكل الحكومة الشرعية القائمة على أساس مبدأ الدين فلا شبهة حينئذ في ولاية المالك في زمن الحضور او في زمن الغيبة. وذكرنا ان الروايات الكثيرة تدل على ذلك وهذه الروايات من الكثرة ما تبلغ حد التواتر. ولا يمكن تقييد هذه الروايات بأن صرف المالك الزكاة في مواردها كان بأذن الأئمة الأطهار(ع) إذ لا دليل على ذلك وإنما ورد في رواية جابر[1] وهي قضية شخصية فقد كان عند السائل خمسمائة درهم من الزكاة فقال للأمام(ع) خذ هذا المبلغ واصرفه في مورده فقال له الأمام(ع) انت خذه واصرفه في مورده، ومن الواضح انها قضية شخصية وليس من الكبرى الكلية.

هذا مضافا الى ان هذه الرواية ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها فلا دليل على ان صرف المالك الزكاة في مواردها وعلى مستحقيها منوط بأذن الأمام(ع) ، كما أن الرواية التي تدل على التحليل هي رواية واحدة والتحليل في باب الزكاة غير التحليل في باب الخمس فإن التحليل في باب الخمس معناه عدم وجوب اخراج الخمس على المالك وأن له الحلية في التصرف في خمسه، واما التحليل في باب الزكاة فمعناه أن الأئمة قد حللوا الزكاة للشيعة ولأهل الولاية ومن الواضح ان هذا ليس من باب التحليل وأن مصرف الزكاة أعم من أهل الولاية ولكن لمصلحة ما حلل الأئمة (ع) الزكاة لأهل الولاية فقط. بل الظاهر من الروايات الكثيرة أن أهل الولاية هم مصرف الزكاة ويؤكد على ذلك ما ورد في الروايات أنه لا تجب على من ابصر أعادة عباداته إذا كانت صحيحة في مذهبه غير الزكاة وعلل بأنه وضعها في غير موضعها فإن هذه الروايات صريحة في أن موضع الزكاة هم أهل الولاية لا ان الزكاة قد حللت لأهل الولاية وأنهم ليسوا مصرف الزكاة فليس الأمر كذلك، فلا شبهة في أن أهل الولاية هم مصرف الزكاة لا أن الزكاة محللة لهم ومصرف الزكاة أعم من أهل الولاية ولا دليل على ذلك.

ومع هذا قد استدل على وجوب دفع الزكاة الى النبي الأكرم(ص) ثم الى الأئمة(ع) وفي زمن الغيبة الى الفقيه الجامع للشرائط بقوله تعالى:﴿ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم [2] فإن وجوب الأخذ يستلزم وجوب الدفع فإذا كان الدفع واجبا فالأخذ أيضا واجب ولا معنى لوجوب الأخذ إذا لم يكن الدفع واجبا على المالك.

فهذه الآية المباركة تدل على وجوب دفع الزكاة في عصر الحضور للنبي الأكرم(ص) لأن هذه الآية خطاب الى النبي(ص) ثم الى الأئمة الأطهار وفي عصر الغيبة الى العلماء أي الفقيه الجامع للشرائط.

ولكن ناقش فيه السيد الاستاذ(قده) بإيرادين[3] :

الأول: أنه لا موضوعية لوجوب الأخذ فإن وجوب الأخذ إنما هو لحصول الطهارة ولحصول التزكية فعلة وجوب الأخذ الطهارة والتزكية ولا موضوعية لوجوب الأخذ بحيث لا تحصل براءة الذمة إلا بالأخذ فإن الأمر ليس كذلك، فإذا حصلت الطهارة والتزكية من طريق آخر كما إذا دفع المالك الزكاة حصلت الطهارة وسقط وجوب الأخذ من جهة حصول علته وهي الطهارة ، فالعلة لوجوب الأخذ هو حصول الطهارة فإذا حصلت الطهارة ولو بدفع المالك الزكاة الى مستحقيها سقط وجوب الأخذ فلا موضوعية لوجوب الأخذ.

الثاني: أن هذا الخطاب خطاب الى النبي الأكرم(ص) فوجوب الأخذ على النبي من جهة أنه مبسوط اليد وله أن يتصرف في الزكاة في مصالح المسلمين وحوائجهم وكذا وصيه واما سائر الأئمة(ع) فضلا عن العلماء لم يكونوا مبسوطين اليد فإن ظروفهم مانعة عن التصرف في الزكاة وصرفها في مصالح المؤمنين والمسلمين.

هكذا ذكر السيد الاستاذ.

أما الإيراد الأول فإنه لا بد من تعيين المراد من الطهارة فيه ما هو حتى يتسنى لنا القبول بما ذكر أو رفضه فإن قلنا ان المراد من الطهارة الطهارة من الوساخة باعتبار انه قد عبر بالروايات ان الزكاة أوساخ غير المؤمنين فإذا كانت الزكاة من الأوساخ فإخراجها طهارة للمال وللمالك بلحاظ ماله ((يطهرهم )) أي النبي الأكرم(ص) يطهرهم ويزكيهم فيطهرهم باعتبار طهارة ماله ويزكيهم باعتبار تزكية ماله فإن كان المراد من الطهارة في مقابل الوساخة فالأمر كما أفاده السيد الاستاذ(قده) فإنه لا موضوعية للأخذ فمتى حصلت هذه الطهارة ومن أي طريق كانت ولو بدفع مال الزكاة الى المستحقين أو بأخذ المستحقين الزكاة فالطاهرة تحصل ومع حصولها يسقط وجوب الأخذ.

وكذلك إذا كان المراد من الطهارة الطهارة المعنوية أي خروج المال من الحرام إذ تصرف المالك قبل إخراج الزكاة حرام باعتبار ان الفقير شريك معه في العشر او نصف العشر بنحو الاشاعة فلا يجوز للمالك التصرف في ماله قبل اخراج الزكاة فإخراج الزكاة موجب لطهارة المال أي لحليته، فإذا كان المراد من الطهارة الطهارة المعنوية وهي حلية المال بعد اخراج الزكاة فأيضا ما ذكره السيد الاستاذ(قده) تام فإنه متى خرجت الزكاة من المال حصلت الطهارة سواء كان اخراجها بالأخذ من النبي الأكرم(ص) او بأخذ المستحقين للزكاة او بدفع المالك.

وأما إذا كانت الطهارة من المصالح التي لا طريق لنا إليها وهي بنحو الحكمة لا بنحو العلة فعندئذ ما ذكره السيد الاستاذ غير تام، فإن وجوب الأخذ إنما هو للطهارة وهي أمر معنوي لا طريق لنا إليها وهي مأخوذة بنحو الحكمة لا بنحو العلة فعندئذ لوجوب الأخذ موضوعية ولا يمكن حصول الطهارة بدفع المالك أو بأخذ المستحق فإن براءة الذمة إنما تحصل بأخذ النبي الأكرم(ص) أو بأخذ الأئمة (ع) او بأخذ نوابهم واما غيرها فلا دليل على حصول براءة الذمة.

فما ذكره السيد الاستاذ(قده) لا يتم على هذا الوجه.

وأما الإيراد الثاني فلا شبهة في وجوب دفع الزكاة الى النبي الأكرم (ص) والى حكومته لأن حكومته مبنية على اساس حاكمية مبدأ الدين لأنه ضريبة للدولة الإسلامية فلا يجوز تصرف المالك فيها

وأما الأئمة الأطهار(ع) وبما أن الحكومة في زمانهم ليست حكومة شرعية مبنية على اساس مبدأ الدين فلا يجب على المالك دفع الزكاة الى هذه الحكومة أو من كان على رأسها وأما الأئمة الأطهار فظروفهم لا تقتضي أن يأخذوا الزكاة من المؤمنين ويصرفوها في مصالحهم.

فإذن ما ذكره السيد الاستاذ(قده) من الإشكال إنما يتم بالنسبة الى النبي الأكرم(ص) دون سائر الأئمة الأطهار فضلا عن العلماء.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo