< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/11/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أصناف المستحقين

ملخص ما ذكرناه أن الحكومة إذا كانت شرعية وقائمة على أساس مبدأ حاكمية الدين كما إذا كان على رأسها الأمام المعصوم(ع) فبطبيعة الحال المعصوم جعل لهذه الحكومة الولاية على الناس في الحدود المسموح بها شرعا لا الولاية المطلقة فإن الولاية المطلقة إنما هي لله تعالى وتقدس والولاية لغيره محدودة بمقدار جعلها فبطبيعة الحال الأمام المعصوم(ع) جعل لهذه الحكومة الولاية على الناس لكي تتصرف في ثروات البلد وتتملك للناس لا لأنفسها كالمعادن والأموال في البنوك لا أموال الناس والأراضي الموات والأراضي المعمورة والمحياة طبيعيا والأشجار الطبيعية وغيرها فإن للحكومة التصرف فيها لمصلحة الناس.

وأما إذا لم تكن الحكومة شرعية ولم تكن قائمة على أساس مبدأ حاكمية الدين فليس لها ولاية على الناس لوضوح أن الشارع لم يجعل لها الولاية على الناس كما أنها لم تكن وكيلا من قبل الناس فلا تكون تصرفاتها في ثروات البلد من المعادن والأراضي والأموال في المخازن ممضاة من قبل الشارع وإن كانت في مصلحة البلد وخدمة للناس وتوفير الخدمات ولكن بما أن هذه التصرفات صدرت من الحكومة التي لا ولاية لها على الناس وليس لها وكالة من قبل الناس فهذه التصرفات غير ممضاة.

نعم للحاكم الشرعي في زمن الغيبة إمضاء بعض المعاملات إذا رأى مصلحة فيها كإجارة الموظفين في الدوائر إذا كان العمل المستأجر عليه الموظف حلالا ومع إمضاء الحاكم الشرعي فهذه الإجارة صحيحة شرعا أي أن لموظف يملك الأجرة. وليس للحاكم الشرعي ولاية على إمضاء تصرفات الحكومة في الأمور العامة كالأراضي والمعادن والأموال في المخازن فإذن كيف تكون الحكومة مالكة؟ إذ الحكومة إذا لم تكن شرعية وقائمة على أساس مبدأ حاكمية الدين فلا ولاية لها على الناس ولا وكالة لها من قبل الناس فكيف تكون مالكة لثروات البلد كالمعادن والأراضي المعمورة والأراضي المحياة طبيعيا وما شاكل ذلك؟

فمن أجل ذلك لا مقتضي لمالكية الحكومة لهذه الثروات.

نعم الهيئة قابلة للتمليك كما إذا أهدى شخص مجمعا سكنيا للحكومة فهي مالك لهذا المجمع كما إذا أهدى للعلماء أو الزوار أو السادة أو الفقراء فلا شبهة في أن الفقراء يملكون هذا المجمع أي الهيئة لا كل فرد وكذلك الحال في الحكومة، وهذا شيء أخر ولا صلة له في ملكية الحكومة لثروات البلد ، والمراد أن الحكومة مالكة لثروات البلد كالمعادن بتمام أقسامها كآبار النفط وما شاكل ذلك فإنه لا مقتضي لكون الحكومة مالكة لها، وليس معنى ذلك أن الحكومة إذا لم تكن شرعية فهي فاسدة لأنها قد تخدم البلد كثيرا وتوفر الخدمات غاية الأمر أن هذه الخدمات غير ممضاة من قبل الشرع باعتبار ان هذه الحكومة ليس قائمة على أساس مبدأ حاكمية الدين، فمن هذه الناحية لم يجعل الشارع الولاية لهذه الحكومة وتصرفاتها غير ممضاة شرعا.

هذا تمام كلامنا في ذلك.

وأما الكلام في المقام فهل يجب على المالك دفع الزكاة الى الأمام المعصوم(ع) في زمن الحضور وإلى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة أولا يجب عليه؟

يقع الكلام في مقامين:

المقام الأول: في ولاية المالك.

لا شبهة في أن للمالك ولاية اخراج الزكاة من أمواله وتعيينها في ضمن أمواله، كما أنه لا شبهة في أنه ليس للمالك ولاية التبديل بأن يعطي الزكاة من جنس آخر بدلا عن جنس الزكاة نعم قد ثبت ولايته بالتبديل بالنقدين في الغلاة الأربع وبالنقدين فقط في سائر الأشياء على تفصيل تقدم؟

وهل للمالك ولاية الصرف بان يصرف الزكاة في مواضعها وعلى مستحقيها أو لا بد له من دفعها الى الحاكم الشرعي لكي يصرفها في مواضعها وعلى مستحقيها؟

الظاهر أن هذه الولاية ثابتة للمالك، نعم هذه الولاية لم تثبت في زمان الحكومة الشرعية القائمة على أساس مبدأ حاكمية الدين فإن الزكاة من بيت المال وضريبة في الدولة الإسلامية الشرعية فلا بد من دفعها الى الحكومة إذا كان في رأس الحكومة الأمام المعصوم(ع) مع كونه مبسوط اليد.

وأما إذا لم يكن الأمام(ع) مبسوط اليد كما في زمان الأئمة(ع) فإن الأئمة(ع) غالبا كانوا في التقية لإخفاء الشيعة عن أنظار الناس للحفاظ على دمائهم واعراضهم وأموالهم، فمن أجل ذلك لا يمكن الحكم بوجوب دفع الزكاة الى الأمام(ع) وهو يقوم بتوزيعها وبصرفها في مواضعها وعلى مستحقيها فإنه خلاف التقية واستتار الشيعة.

فمن أجل ذلك لا شبهة في جواز صرف الزكاة من المالك وللمالك ولاية على صرف الزكاة في مواضعها وعلى مستحقيها.

وكذلك الحال في زمن الغيبة فإن الحاكم الشرعي وإن كان قادرا على صرف الزكاة في مواضعها وعلى مستحقيها ومع ذلك هذه الولاية ثابتة للمالك فله أن يخرج الزكاة من ماله ويصرفها على مستحقيها بدون الرجوع الى الحاكم الشرعي.

ويمكن استفادة ذلك من مجموعة من الروايات:

منها: صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله(ع): ((في الرجل يعطي الزكاة يقسمها ، أله أن يخرج الشيء منها من البلدة التي هو بها إلى غيرها ؟ فقال : لا باس ))[1]

فهذه الصحيحة واضحة الدلالة في أن للمالك أن يتصرف في زكاته ويخرجها من البلدة الى مستحقيها.

ومنها: صحيحة أبي منصور، ((قال: قال أبو عبدالله( عليه السلام ) في الزكاة يبعث بها الرجل إلى بلد غير بلده ، قال : لا بأس ))[2]

فإن هذه الصحيحة واضحة الدلالة على ولاية التصرف للمالك إذ من الواضح أن هذا التصرف لا يمكن بدون أن يكون للمالك ولاية التصرف.

ومنها: موثقة يعقوب بن شعيب عن العبد الصالح(ع) (( قال : قلت له : الرجل منا يكون في أرض منقطعة ، كيف يصنع بزكاة ماله ؟ قال : يضعها في إخوانه وأهل ولايته ، فقلت : فإن لم يحضره منهم فيها أحد ؟ قال : يبعث بها إليهم ))[3]

فإن هذه الموثقة أيضا واضحة الدلالة على أن التصرف في الزكاة للمالك وله أن يصرفها على مستحقها من أهل بلده إذا لم يكن ينقل الزكاة الى بلد آخر وغيرها من الروايات وهي روايات كثيرة ولعلها تبلغ من الكثرة حد التواتر.

وكيف ما كان فلا شبهة في ثبوت الولاية للمالك في اخراج الزكاة وتعيينها وصرفها في مواردها وعلى مستحقيها.

وإنما الكلام يقع في وجوب دفعها الى الحاكم الشرعي.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo