< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/07/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ذكر الماتن قده : يجوز لمن تجب نفقته على غيره ان يأخذ الزكاة من غير من تجب نفقته عليه اذا لم يكن قادرا على انفاقه او كان قادرا ولكنه لم يكن باذلا[1]، يقع الكلام هنا في مقامين :-
المقام الاول : في زكاة من تجب نفقته عليه فهل يجوز اعطاء الزكاة لعياله اذا كان المعيل فقيرا وغير قادر على انفاقهم من امواله الشخصية وعاجزا بسبب الفقر او سبب اخر فهل يجوز ان تأخذ عائلته من زكاته ؟
الظاهر انه لا يجوز فان الروايات المانعة مطلقة من هذه الناحية ولا سيما صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج فانها دالة على عدم جواز الاعطاء للخمسة وعلل ذلك بانهم لازمون له فان مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين ان يكون المعيل غنيا او يكون فقيرا عاجزا عن الانفاق فعلى كلا التقديرين لا يجوز اعطاء الزكاة لهؤلاء الخمة فان صرف الزكاة عليهم كصرفها لنفسه كما لا يجوز صرف الزكاة على نفسه كذلك لا يجوز صرفها على عياله، وكذلك سائر الروايات المانعة فانها مطلقة من هذه الناحية .
المقام الثاني : ان تأخذ العائلة من زكاة غير من تجب نفقته عليه مثلا الاب بالنسبة الى الابن هل يجوز للأبن ان يأخذ زكاة غير ابيه او لا يجوز له ذلك؟ فتارة يقع الكلام في مقتضى القاعدة واخرى في مقتضى الروايات واقوال العلماء
اما مقتضى القاعدة فان كان المعيل فقيرا عاجزا عن الانفاق بسبب من الاسباب او ممتنعا عن الانفاق عصيانا ففي هذا الفرض لا شبهة في جواز اخذ الزكاة من غير من تجب نفقته عليه وكذلك يجوز لغيره ان يعطي الزكاة لهم ولا فرق في ذلك بين ان يكون العيال كالأب او الابن او الزوجة لا فرق بينهما فانهم لا يملكون قوت سنتهم لا قوة ولا فعلا فهم فقراء ويجوز اعطاء الزكاة لهم وهو واضح، اما اذا كان من تجب عليه النفقة غنيا وباذلا فعندئذ لابد من التفصيل بين الزوجة وبين غيرها ممن تجب نفقته عليه، اما الزوجة فهي مالكة لنفقتها على زوجها فهي غنية بالقوة وان لم تكن غنية بالفعل فلا يجوز لها ان تأخذ الزكاة من غيره كما لا يجوز لغيره ان يعطي الزكاة لها، واما غير الزوجة ابنه مثلا فالظاهر انه يصدق عليه عنوان الفقير لانه لا يملك قوة سنته لا بالفعل ولا بالقوة ومجرد وجوب الانفاق عليه تكليفا لا يجعله غنيا فان الغني الذي هو موضوع حرمة الزكاة عليه هو من كان يملك قوة سنته فعلا او بالقوة كما اذا كان عنده عمل او حرفة والمفروض انه ليس مالكا لمؤونة سنته فعلا ولا بالقوة لان ليس له شغل ولا عمل ولا مهنة وانما يجب على غيره نفقته وجوبا تكليفيا فقط ومن الواضح ان الوجوب التكليفي لا يجعله غنيا بالقوة فمقتضى القاعدة يصدق عليه عنوان الفقير فيجوز له اخذ الزكاة فاذا اخذ الزكاة بمقدار مؤونة سنته سقط وجوب النفقة عن المعيل لانه غني فلا يجب انفاقه، واما اذا لم يأخذ الزكاة من غيره فيجب على المعيل انفاقه لكن وجوب الانفاق تكليفي .
اما بحسب الروايات واقوال العلماء ففي المسألة قولان :-
القول الاول : انه لا يجوز له اخذ الزكاة من غيره فاذا كان المنفق غنيا والمعيل غنيا وباذلا ولم يكن ممتنعا فلا يجوز ان يأخذ الزكاة ولا يجوز لغيره ان يعطي زكاته له وهذا القول نسب الى المشهور، وفقد استدل عليه بوجوه :-
الوجه الاول : اطلاق الروايات المانعة وبأطلاقها تدل على منع اعطاء الزكاة له سواء كان من المنفق او من غيره فان قوله في صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج عن ابي عبد الله عليه السلام قال : خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا الاب والام والولد والمملوك والمرآة وذلك أنهم عياله لازمون له)[2] وكلمة لا يعطون مطلقة تشمل الاعطاء من المعيل ومن غيره، ولكن هذا الاستدلال ساقط اذ لا شبهة في ان الصحيحة ظاهرة في اعطاء المنفق ولا اطلاق لها وكذلك غيرها فان من تجب نفقته عليه لا يجوز له اعطاء زكاته لعائلته والروايات انما هي في مقام بيان ذلك ولا نظر لها الى اعطاء الغير زكاته له ولا سيما التعليل الذي بالرواية عندما جعل عياله كنفسه فكما لا يجوز صرف زكاته على نفسه فلا يجوز له صرفها على عياله .
الوجه الثاني : دعوى الانصراف فان قوله تعالى ﴿انما الصدقات للفقراء والمساكين[3] وكذلك الروايات منصرفة عن ابناء الاغنياء فانهم بنظر العرف لا يكونون من المستحقين للزكاة ولا يصدق عليهم عنوان الفقر، ولكن هذا الانصراف بدوي ولا يمكن الاخذ به فان المالك انما هو في تحقق موضوع استحقاق الزكاة وهو الفقر الشرعي وهو من لا يملك قوة سنته لا فعلا ولا قوة وابن الغني ايضا كذلك لا يملك قوة سنته لا قوة ولا فعلا انما يجب على ابيه الانفاق عليه وجوب تكليفي وذكرنا ان الوجوب التكليفي لا يجعله غنيا فيصدق عنوان الفقير عليه فاذا صدق جاز اخذ الزكاة من غيره كما جاز لغيره ان يعطي زكاته له.
الوجه الثالث : ان هذا منافي لحكمة تشريع الزكاة فان الحكمة من تشريع الزكاة انما هي لسد الفقر والحاجة والمفروض ان حاجة ابن الغني مسدودة فلا حاجة له الى الزكاة فالحكمة في المقام غير موجودة، ولكن هذا الوجه ايضا غير تام فان حكمة الزكاة وان كانت ذلك الا انها ليست موضوع الحكم فان موضوع الحكم هو عنوان الفقير لا عنوان سد الحاجة وسد الفقر وهذا العنوان يصدق على ابن الغني فاذا صدق هذا العنوان جاز له اخذ الزكاة من غير المنفق كما يجوز للغير ان يعطي زكاته له .
الوجه الرابع : ما ورد في صحيحة زرارة ان الغني الشرعي هو من يقدر على كف نفسه عن الزكاة فلا تحل له الزكاة اذا كان قادرا عن كف نفسه عنها وهو قادر على ذلك من جهة انفاق ابيه عليه، والظاهر ان هذا التعليل غير صحيح فان القدرة على الانفاق بيد ابيه لا بيده فهو بنفسه فقير لا يملك قوة سنته لا بالفعل ولا بالقوة ولا يمكن كف نفسه عن الزكاة اذا لم ينفق ابوه عليه .
فالنتيجة ان هذا القول لا يمكن المساعدة عليه .
القول الثاني : ذهب اليه جماعة وهو انه فقير يجوز له اخذ الزكاة فان لمنفق وان كان غنيا وباذلا ولم يكن ممتنعا الا انه مجرد تكليف ولا يجعله غنيا فلا يصدق عليه انه مالك لقوة سنته بالقوة فاذا لم يصدق عليه ذلك فهو مستحق للزكاة فعنوان الفقير الشرعي وهو من لا يملك قوة سنته لا بالفعل ولا بالقوة فهو فقير شرعي مستحق للزكاة فيجوز له ان يأخذ الزكاة ويجوز اعطائه .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo