< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ذكر الماتن قده : يشترط ان لا يكون الدين مصروفا في المعصية[1]، هذا مما لا خلاف فيه وهو مشهور بين الاصحاب بل ادعي جماعة من الاصحاب الاجماع عليه ومن هنا قد استدل على ذلك بوجوه :-
الوجه الاول : ادعي الاجماع بين المتأخرين والمتقدمين كالشيخ عليه الرحمة وان هذا الاجماع ثابت وهو حجة فالمدرك هو الاجماع وهو يصلح لتقيد اطلاق الآية والروايات ولكن مثل هذا الاجماع لا يمكن القول بحجيته وفرضنا انه ثابت بين المتأخرين وفرضنا ثبوته بين المتقدمين ولكن وصول هذا الاجماع الى المتقدمين من زمن الائمة عليهم السلام يبد بيد وطبقة بعد الطبقة لا يمكن لنا احرازه ولا طريق لنا الى له فمن اجل ذلك يسقط هذا الاجماع عن الحجية
الوجه الثاني : ان اداء مثل هذا الدين خلاف حكمة تشريع الزكاة فان الحكمة من تشريع الزكاة لكل صنف من الاصناف الثمانية انما هو للأرفاق بحق هؤلاء الاصناف ومن الواضح ان من صرف دينه في معصية الله تبارك وتعالى كشرب الخمر والقمار وغير ذلك فان اداء دينه ليس مصداق للأرفاق فمن اجل ذلك لا يمكن اداء دينه من الزكاة، والآية المباركة لا اطلاق لها لانها ناظرة الى ان تشريع الزكاة انما هو للأرفاق بالأصناف المذكورة .
والجواب عن ذلك : ان احراز مثل هذا المطلب مشكل لان حكمة التشريع هي الارفاق واذا لم يكن فلا يجوز اداء دينه، قد لا يكون اعطاء الزكاة للفقير ايضا ارفاق فانه لا يبالي ولا يكون عادلا في صرفها مع ذلك يجوز اعطاء الزكاة له، وكيف ما كان الاطمئنان والوثوق بذلك مشكل، وقد يقال كما قيل ان اداء دينه تشويق له للمعصية واغراء له بالقبيح لانه صرف الدين في المعصية فمن اجل ذلك لا يجوز .
الظاهر ان الاستدلال بذلك ايضا لا يمكن فانه وان صرف دينه في المعصية ولكن لا شبهة في ان اداء دينه تخفيف له من العقاب وتبرئة لذمته وهذا نوع احسان له وان كان عاصيا فلا مانع منه بان يكون الشخص فاسقا ومع ذلك يحسن له، وكيف ما كان فهذا الوجه استحساني فلا يفيد الوثوق والاطمئنان بذلك، ودعوى انصرف الآية عن المقام لا يمكن المساعدة عليها فان منشأ هذا الانصراف اما حكمة التشريع او هذا الوجه الاستحساني ولا شيء منهما يكون منشأ للانصراف .
الوجه الثالث : الروايات وقد استدل على ذلك بجملة منها روايات محمد ابن سليمان الواردة في تفسير قوله تعالى ﴿وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة[2] قال عليه السلام نعم ينتظر بقدر ما ينتهي خبره الى الامام فيقضي عنه ما عليه من الدين من سهم الغارمين ان كان انفقه في طاعة الله عز وجل وان كان انفقه في معصية الله عز وجل فلا شيء عليه على الامام)[3] فهذه الرواية واضحة الدلالة على انه اذا صرف دينه في طاعة الله تعالى فعلى الامام عليه السلام ان يؤدي دينه من سهم الغارمين واما اذا صرفه في معصية فلا يجوز اداء دينه فالرواية من حيث الدلالة واضحة، ولكنها ضعيفة من ناحية السند من جهة الارسال فلا يمكن الاعتماد عليها .
ومنها ما رواه في الكافي عن صباح ابن سياب عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ايما مؤمن او مسلم مات وترك دينا لم يكن في فساد ولا اسراف فعلى الامام ان يقضيه)[4] فان هذه الرواية واضحة الدلالة في عدم صرف الدين في فساد او اسراف فعلى الامام ان يقضيه من سهم الغارمين وهذه الرواية وان لم يكن لها مفهوم ولكنها تدل على انه اذا اصرف في المعصية فلا يجوز ادائه من سهم الغارمين اما الحكم فيما اذا صرف في طاعة الله تعالى فالحكم فيه واضحة سواء دلة الرواية على ذلك او لم تدل، لكن الرواية ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها .
ومنها رواية علي ابن ابراهيم انه ذكر في تفسيره تفصيل هذه الثمانية اصناف فقال فسر العالم عليه السلام فقال : الفقراء هم الذين لا يسألون الى ان قال والغارمين قوم قد وقعت عليهم ديون انفقوها في طاعة الله من غير اسراف فيجب على الامام ان يقضي عنهم ويفكهم من مال الصدقات)[5] فان هذه الفقرة في الرواية واضحة الدلالة على ان دينه اذا صرف في طاعة الله تعالى فعندئذ يؤدي دينه من سهم الغارمين وان كانت ساكتة عن ما لو صرفه في المعصية .
ومنها صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن رجل عارف فاضل توفي وترك عليه دين قد ابتلى به ولم يكن بمفسد ولا بمسرف ولا معروف بالمسـألة هل يقضي عنه بالزكاة الاف والالفان ؟ قال : نعم) فان هذه الرواية صحيحة من ناحية السند، ولكن اشكل السيد الاستاذ في دلالتها وانها قضية خارجية وذكر في هذه الرواية قيود وهي انما وردت في كلام السائل ولم ترد في كلام الامام عليه السلام فمن اجل ذلك لا يمكن الاعتماد عليها
الظاهر انه لا بئس بدلالة هذه الرواية فان قول السائل من الاول رجل عارف فاضل ليس قيدا بل هو بيان لحال هذا الرجل أي انه اعترف بولاية الامام علي عليه السلام لان من لا يعترف فلا يستحق الزكاة وظاهر الجواب هو عن ذلك فان السؤال ليس بمفسد ولا مسرف هل يقضي عنه من الزكاة الاف والالفان أي اذا لم يكن مفسد ولا مسرف فقال عليه السلام نعم فلا شبهة في ان المتفاهم العرفي من جواب الامام هو على انه اذا لم يكن مفسد ولا مسرف يجوز ذلك فلا اشكال في دلالة هذه الرواية ايضا اما انها قضية خارجية فان السؤال وان كان عن شخص خاص الا ان لا خصوصية له باعتبار ان القيد ليس خاصا النتيجة ان الرواية تامة من حيث السند والرواية .
ومنها صحيحة حسين ابن علوان عن جعفر ابن محمد عن ابيه ان علي عليه السلام (كان يعطي المستدين من الصدقة دينهم كله ما بلغ اذا استدانوا من غير صرف)[6] فان هذه الرواية واضحة الدلالة واما من حيث السند ايضا صحيحة فلا بئس بها .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo