< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/03/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ذكرنا ان السيد الاستاذ قده قد ذكر على ما جاء في تعليقته من ان مدعي الفقر مسموعة دعواه اما مدعي الغنى لا تكون دعواه مسموعة وقد علل ذلك ان مدعي الفقر بالتحليل يرجع الى استصحاب بقاء الفقر او استصحاب عدم الغني، وقد ذكر في وجه ذلك ان الحالة السابقة في كل انسان هي الفقر ومعنى الفقر هو عدم الغنى ولا اقل من حين ولادته فان المولود لا مال له ولا يكون غنيا فهو فقير فمن اجل ذلك اذا ادعى الفقر فبالتحليل يرجع الى استصحاب بقاء الحالة السابقة وهو الفقر وعدم الغنى بينما اذا ادعى الغنى لا يمكن استصحاب بقائه لانه مسبوق بالعدم
ولكن للمناقشة فيه مجال لان الفقر عنوان وجودي وليس عنوان عدمي فكما ان الغنى امر وجودي كذلك الفقر وعلى هذا فلا يصدق عنوان الفقير على الولود مع وجود الام والاب او احدهما، واما دعوا الفقر بعد سنين فلا يمكن الرجوع الى الحالة السابقة وهي الفقر فلو سلمنا ان المولود فقير من حين الولادة اذ لا شبهة في ان هذا الفقر قد انقضى في طول هذه الفترة ولو في سنة واحدة فان المكلف لو كان عنده قوت سنة فيكون غني فتنقضي الحالة السابقة وهي الفقر ومع الاطمئنان والوثوق بالانقضاء فلا يجري الاستصحاب فان الاطمئنان حجة عقلائية مانعة عن جريان الاستصحاب، فالنتيجة ان ما جاء في تقرير بحث السيد الاستاذ لا يمكن المساعدة عليه .
ثم ذكر الماتن قده : لو كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاة، سواء كان حيا أو ميتا [1]، هذا هو المعروف والمشهور بين الاصحاب بل قد ادعي عليه الاجماع وعدم الخلاف في المسألة فانه يجوز احتساب الدين على الفقير من الزكاة سواء كان الفقير حيا او ميتا ويمكن الاستدلال على ذلك بالآية الكريمة (انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين)[2] فان سياق الآية المباركة يختلف فان في صدرها الصدقات ملك للأصناف التي ذكرت اذا اعطى الزكاة لهم فانهم يملكونها، ولكن بدل هذا السياق بسياق اخر بصنف (وفي الرقاب والغارمين) فانه ليس هنا تمليك فانه يشتري من الزكاة العبيد ويجعلهم احرار فان الرقاب مصرف للزكاة وكذلك الغارمين يعني المديونين فان الدين اذا كان على الفقير فيجوز ان يؤدي دينه من الزكاة ولا مانع من ذلك او يحتسب دينه من الزكاة كما اذا فرضنا ان المالك هو الدائن فيجوز له ان يحتسب دينه من زكاة ماله وتبرء ذمته .
واما الروايات الدالة على جواز دين الفقير من الزكاة او احتسابه منها صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن رجل عارف فاضل توفي وترك عليه دينا قد ابتلى به لم يكن بمفسد ولا بمسرف ولا معروف بالمسألة هل يقضي عنه من الزكاة الاف والالفان ؟ قال : نعم)[3] فهذه الرواية واضحة الدلالة على جواز سد دين الفقير من الزكاة، نعم يأتي بحث اذا كان دينه في معصية .
ومنها موثقة سماعة عن ابي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن الرجل يكون له الدين على رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة ؟ فقال : إن كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دين من عرض من دار، أو متاع من متاع البيت، أو يعالج عملا يتقلب فيها بوجهه، فهو يرجو أن يأخذ منه ماله عنده من دينه، فلا بأس أن يقاصه بما أراد أن يعطيه من الزكاة، أو يحتسب بها، فان لم يكن عند الفقير وفاء ولا يرجو أن يأخذ منه شيئا فيعطيه من زكاته ولا يقاصه بشيء من الزكاة)[4] فان هذه الموثقة تدل على التفصيل بين ما اذا كان الفقير قادرا على اداء الدين ولو ببيع بعض امتعة بيته وبعض مؤونته كما اذا كان عنده فرس وهو بحاجة له لكن يبيعه من اجل اداء دينه، واما اذا لم يكن قادرا على الوفاء ولم يكن له شيء يبيعه ي مثل ذلك لا تجوز له المقاصة بل يعطي من الزكاة باعتبار الى الدين نظرة الى ميسرة وبالنسبة للزكاة فيعطى من دون مقاصة، وكيف ما كان فان هذه الموثقة تدل على جواز اعطاء دين الفقير من الزكاة، لكن السيد الاستاذ قده قد حمل الامر بإعطاء الزكاة والنهي عن المقاصة على الاستحباب والنهي على الكراهة
ولكن الظاهر ان هذا بحاجة على قرينة فان الامر ظاهر في الوجوب والنهي ظاهر على الحرمة ورفع اليد عن هذا الظهور وحمله على الاستحباب بحاجة الى قرينة ولا قرينة في المقام فلا مانع من الاخذ بظاهر هذه الرواية وانه يجب عليه اعطاء الزكاة ولا تجوز له المقاصة وعليه ان ينظر الى الميسرة بمقتضى الآية الكريمة وهذا دليل على ان الدين سواء كان مثلي او قيمي يجوز ادائه من الزكاة وهذا ينافي ما ذكرناه من انه لا يجوز تبديل الزكاة بجنس اخر الا في الغلاة الاربعة يجوز تبديل الزكاة بالنقدين فقط وفي زكاة النقدين يجوز تبديل احد النقدين بالأخر واما بجنس اخر فلا يجوز، ولكن مقتضى الآية الكريمة والروايات جواز اداء الدين من الزكاة سواء كان قيمي ام مثلي فهل تكون الآية والروايات منافي لتلك الروايات او تكون مقيدة لأطلاقها ؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo