< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة - اصناف المستحقين
كان كلامنا في الطائفة الثانية من الروايات فان الاولى تدل على انه لا يجوز اخذ الزكاة اكثر من مؤونته وقد تقدم الكلام في هذه الطائفة واما الثانية مجموعة من الروايات وتدل على ان اقصى حد اعطاء الزكاة هو الغنى، فاذا صار غني فلا يجوز اعطاء الزكاة له
قد يقال كما قيل ان هذه الطائفة من الروايات معارضة مع الطائفة الاولى فان المراد من الغنى في هذه الروايات معناه اللغوي والعرفي ومعنى الغنى لغة وعرفا غير معناه الشرعي فان المعنى الشرعي للغنى من يملك قوة سنته فهو غني فلا يجوز له اخذ الزكاة واما المعنى العرفي واللغوي فمعنى اذا كان مالك لقوة سنته وسنته الثانية والثالثة فيصدق عليه الغني ولا يجوز له اخذ الزكاة واما اذا كان مالك لقوة سنته فهو فقير لدى العرف والعقلاء وان كان غني شرعا فبمقتضى هذه الروايات يجوز اعطاء الزكاة له حتى تغنيه، واما مقتضى الطائفة الاولى لا يجوز اخذ الزكاة لمؤونة اكثر من سنته غاية الامر ان دلالة الطائفة الاولى على عدم جواز اخذ الزكاة اكثر من مؤونته انما هو بالإطلاق الناشئ من سكوت المولى في مقام البيان وحيث ان هذا الاطلاق من اضعف الدلالات اللفظية يتقدم عليه كل دلالة لفظية فدلالة الطائفة الاولى على عدم جواز اخذ الزكاة اكثر من دلالته من الاطلاق الناشئ من سكوت المولى في مقام البيان، واما دلالة الطائفة الثانية على جواز اخذ الزكاة لمن كان مالك لمؤونة سنته بالدلالة اللفظية فلابد من تقديم الطائفة الثانية على الاولى
ولكن لا وجه لهذا القيل فان معنى الغنى شرعا وعرفا معنى واحد وليس للشرع معنى خاص للغنى على خلاف معناه العرفي فان معناه اللغوي والعرفي هو من يملك مؤونة سنته فهو غني او من كانت له مهنة تكفي لمؤونة سنته فهو غني ولا شبهة في ان العرف يطلق كلمة الغني على من كان له مهنة كالخياطة او الحدادة او النجارة وان فرضنا انه في سنة تكفي هذه المهنة لمؤونة سنته، واما في السنة الثانية لا تكفي سبب من الاسباب فهو فقير يجوز اخذ الزكاة بمقدار تتميم مؤونته فلا فرق بين العرف والشرع كما هو الحال في جميع الالفاظ ومن هنا يكون الفهم العرفي في الآيات والروايات حجة فان العرف يفهم الكثير من الآيات والروايات والحقيقة الشرعية غير ثابتة فالألفاظ في الآيات والروايات مستعملة في معناه العرفي ولذلك يكون فهم العرف حجة فمن كان مالك لقوة سنته فعلا او قوة فهو غني عرفا وشرعا
وهنا روايات كثيرة تدل على ذلك فلابد من تقيد الاطلاقات بهذه الروايات اذا كان هناك اطلاق وذكرنا ان الآيات والروايات المطلقة ليست في مقام البيان من هذه الجهة بل هي في مقام اصل تشريع الزكاة للفقراء اما انه يجوز اعطاء الزكاة اكثر من مؤونته او لا يجوز فالمطلقات ليست في مقام البيان من هذه الناحية وعلى تقدير تسليم انها في مقام البيان فلابد من تقيد اطلاقها بهذه الروايات الدلة على عدم جواز اعطاء اكثر من مؤونته مضافا الى انه على خلاف حكمة التشريع
فالنتيجة ان الصحيح عدم جواز اعطاء الزكاة للفقير اكثر من مؤونته لا دفعة واحدة ولا بالتدريج فما هو المشهور بين الاصحاب من جواز دفع الزكاة اكثر من مؤونته دفعة واحدة لا وجه له وان استدل على ذلك تارة بالأجماع واخرى بالإطلاق فأما الاجماع فهو غير ثابت لوجود المخالف في المسألة وعلى تقدير ثبوته فهو اجماع بين المتأخرين ولا يمكن ان يكون مثل هذا الاجماع واصل من زمن الائمة عليهم السلام الينا بل لا يمكن احراز انه اجماع بين المتقدمين واما الاطلاقات فقد ظهر حالها مما تقدم
وقد يستدل على المشهور بانه اذا اعطى الزكاة اكثر من مؤونته مرة واحدة فلا مانع من اخذها لان اخذ الزكاة لا يجوز للغني فالغنى في المرتبة السابقة مانع عن اخذ الزكاة واما اذا اعطى الزائد والمزيد مرة واحدة فانه قبل اخذه فقير وبأخذه صار غني فلا مانع من اخذ المجموع واما ان اخذ نصف هذا المجموع يجوز واما نصفه الاخر لا يجوز تعين ذلك بحاجة الى دليل ولا دليل على التعين انه اذا اعطى له عشرة الالف درهم وفرضنا ان مؤونة سنته خمسة الالف فانه اعطى من الزكاة اكثر من مؤونته فهل يجوز اخذ هذه الخمسة دون الخمسة الاخرى فهذا ترجيح بلا مرجح فلابد من الحكم بجواز اخذ الجميع
هذه النقطة التي ذكرها المشهور لا واقع موضوعي لها فانه لو اعطى الزكاة اكثر من مؤونته فان الموجب لتحقق الغنى ليس هو الاخذ الخارجي والاعطاء بل ان الموجب لتحقق الغنى هو تملكه بمقدار مؤونة سنته فاذا اعطى اكثر من السنة فهو يملك بمقدار مؤونة سنته فالأكثر ليس ملك له بل هو ملك لطبيعي الفقراء غاية الامر ان ملكه بنحو المشاع ووظيفته ان يدفع الزائد الى الحاكم الشرعي .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo