< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/03/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
كان كلامنا في معنى الغني والفقير ولا شك في ان معنى الفقير عرفا وشرعا هو معنى واحد وهو المحتاج في مؤونة سنته، واما السنة فلم ترد في شيء من الروايات وانما يستفاد ذلك من استثناء المؤونة فان المتفاهم العرفي من المؤونة مؤونة السنة وليست ستة اشهر او اقل فان كل ذلك بحاجة الى قرينة
والا فالظاهر من المؤونة هي مؤونة السنة فاذا لم يكن الشخص محتاج الى مؤونة سنته فهو غني ولا يجوز له اخذ الزكاة فلا فرق في الغني بين ان يكون عنده نقودا عنده بمقدار يكفي لمؤونة سنته او عنده مزرعة تكفي لمعونة سنته او محلات تكفي ارباحها لمؤونة سنته او عنده غنم يكفي لمؤونة سنته في بيع حليبها وعلى الجملة المناط بالغني ان يكون عنده ما يكفي لمؤونة سنته اما عينا او منفعتا فلا يجوز له ان يأخذ من الزكاة .
وكذلك اذا كان غنيا بالقوة بان يكون طبيبا او مهندسا او نجارا او خياط او حداد فانه غني بالقوة وتكفي مهنته لمؤونة سنته له ولعياله فلا يجوز له اخر الزكاة، واما من كان قادرا على العمل وليس له مهنة وحرفة كالعامل والخادم فانه يوميا يعمل ويحصل مؤونته ومؤونة عياله فهل هو غني ولا يجوز ان يأخذ الزكاة ؟ احتاط الماتن قده حيث انه قال والاحوط عدم اخذ الزكاة فلا يحتاج تعميم الفقر الى صاحب المهنة والذي يستطيع العمل مضافا الى ان هنا روايات يمكن ان يستفاد منها ذلك
منها صحيحة أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إذا لم يجد غيره، قلت : فإن صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة ؟ قال : زكاته صدقة على عياله، ولا يأخذها إلا أن يكون إذا اعتمد على السبعمائة أنفدها في أقل من سنة فهذا يأخذها، ولا تحل الزكاة لمن كان محترفا وعنده ما تجب فيه الزكاة ان يأخذ الزكاة)[1] هذه الرواية وان كانت صحيحة من جهة السند الا ان متنها مشوش فلا يمكن الاخذ بظاهرها فانه ورد فيها يأخذ الزكاة صاحب السبعة مئة اذا لم يجد غيرها ثم قال قلت ان صاحب السبعة مئة تجب عليه الزكاة وعنى ذلك ان صاحب السبعة مئة اذا تجب عليه الزكاة معناه انه بقي عنده سبعة مئة درهم سنة كاملة باعتبار ان وجوب الزكاة في الدراهم مشروط بمضي الحول عليها وعنى ذلك انه عنده ما يكفي لمؤونة سنته زائدا على سبعة مئة درهم فلا معنى للسؤال هل يأخذ الزكاة صاحب السبعة مئة
وايضا ورد في هذه الرواية ان زكاته صدقة على عياله فكيف يكون ذلك لانه لا يجوز صرف الزكاة على عياله لان اذا لم تكفي مؤونته لسنته يجوز اخذ الزكاة وصرفها على عياله اما زكاة السبعة مئة فهي صدقة لعياله لا معنى له، وحمل بعضهم ان المراد من الزكاة زكاة مال التجارة وهي مستحبة، اولا حمل هذه الرواية على زكاة مال التجارة خلاف الظاهر اذ لم يفرض بهذه الرواية التجارة بسبعة مئة مضافا الى ان زكاة التجارة ايضا ليست صدقة على عياله فمن هذه الناحية الرواية مجملة فلا يمكن الاخذ بها
وايضا ورد في ذيل هذه الرواية (لا يجوز الزكاة لمن كان محترفا وعنده ما تجب فيه الزكاة) المحترف هو غني سواء كان عنده ما تجب فيه الزكاة او لم تكن فتقيده بهذا القيد لا معنى به فمن هذا لا يمكن الاخذ بهذه الرواية وقد اطال السيد الاستاذ قده في توجيهها ولكن التوجيه بحاجة الى دليل فلا يمكن الاخذ بظاهرها
ومنها موثقة سماعة قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار والخادم فقال : نعم الا ان تكون داره دار غلة فخرج انه من غلتها دراهم ما يكفيه لنفسه وعياله فان لم تكن الغلة تكفيه لنفسه وعياله في طعامه وكسوتهم وحاجتهم من غير اسراف فقد حلت له الزكاة )[2] فان هذه الموثقة واضحة الدلالة على انه اذا كان عنده بيت او خادم لكنه بحاجة الى مؤونته فيجوز له اخذ الزكاة ولا يجب عليه بيع داره او بيع خادمه اذا كان عبدا اذ لا يجب عليه ذلك بل يجوز له اخذ الزكاة، اما اذا كانت داره يستفيد من اجارتها زائدة على دار سكناه فان اجارتها اذا كانت كافية لمؤونته وعياله وسائر حوائجهم بدون اسراف فلا يجوز لهم اخذ الزكاة .
ومنها صحيحة معاوية قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له ثلث مئة درهم او اربع مئة وله عيال وهو يحترف فلا يصيب نفقته فيها فيأكلها او يأخذ الزكاة قال : لا بل ينظر الى فضلها فيقوت بها نفسه ومن معه ويأخذ البقية من الزكاة ويتصرف بهذه ولا ينفقها فهذه الصحيحة ايضا واضحة الدلالة على ان احترافه اذا كان كافي لمؤونة سنته فلا يجوز له اخذ الزكاة واذا لم يكفي يجوز له اخذ الزكاة بمقدار الكفاية .
ولكن قد يقال ان هذه الروايات معارضة برواية عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل له ثمانمائة درهم وهو رجل خفاف وله عيال كثير، أله أن يأخذ من الزكاة ؟ فقال : يا أبا محمد، أيربح في دراهمه ما يقوت به عياله ويفضل ؟ قال : نعم، قال : كم يفضل ؟ قال : لا أدري، قال : إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة، وإن كان أقل من نصف القوت أخذ الزكاة)[3] فهذه الرواية تدل على انه اذا كان هناك فضل على نصف ما يقوت به يجوز له اخذ الزكاة واما رواية ابي بصير تدل على انه اذا كان ريع داره او احترافه بمقدار مؤونته وحاجته فلا يجوز سواء كان له فضل او لم يكن، واما اذا هذه الرواية تدل على انه اذا كان له فضل على ما يتقوت به اقل من النصف يجوز له اخذ الزكاة فبين هذه الرواية وبين موثقة سماعة معارضة
وقد اجاب عن ذلك السيد الاستاذ قده ان رواية ابي بصير هذه ضعيفة من ناحية السند فان الصدوق روى هذه الرواية بطريقه عن ابي بصير وفي طريق الصدوق الى ابي بصير علي ابن حمزة وهو لم يوثق فمن اجل ذلك الرواية ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها .
وثانيا ومع الاغماض عن ذلك اجاب قده انه لا تنافي بين موثقة سماعة وبين هذه الرواية فان مورد هذه الرواية قوة الشخص وهو ظاهر في المأكل والمشرب فقط ولا يشمل سائر حوائجه كالملبس وخرج الضيافة ومخارج زواج ابنه او بنته او ما شاكل ذلك فمن اجل ذلك اذا فضل من قوته بمقدار يكفي لسائر حوائجه فلا يجوز له اخذ الزكاة واما اذا لم يكن الفقر بمقدار سائر حوائجه يجوز له اخذ الزكاة فلا تنافي بينهما
والظاهر ان هذا التوجيه لا يمكن المساعدة عليه فان سائر الحوائج لا حدود لها ولا يمكن انضباط سائر الحوائج وتحديدها بحد معين وفي هذه الرواية قد حددها اذا كان بنصف القوة لا يجوز اذا كان اقل يجوز لذا هذا التحديد مما لا يمكن المساعدة عليه قد يكون سائر المخارج بمقدار تمام القوت بل لعله الاكثر فعليه ان هذه التحديد لا يمكن الاخذ به فلابد من رد علمه الى اهله ولا يمكن الاخذ بهذا التوجيه
ومع الاغماض عن ذلك فلا شبهة في ان القوت يشمل جميع شؤونه ومن الواضح ان الملبس ومخارج الضيوف وسائر المخارج من شؤونه يصدق عليه عنوان القوت وهو ليس ظاهر في المأكل والمشرب فاذاً التنافي في هذه الرواية وموثقة سماعة موجود ولكن بما ان الرواية ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها فالعبرة انما هي بالموثقة مضافا الى ان الحكم يكون على القاعدة فلا يحتاج الى النص .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo