< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/01/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ذكرنا انه المعروف والمشهور بين الاصحاب قديما وحديثا هو ان الكفار مكلفون بالفروع كما انهم مكلفون بالأصول بل ادعي عليه الاجماع ايضا ولكن الاجماع غير ثابت وعلى تقدير ثبوته ليس بحجة بان الاجماع انما يكون حجة اذا وصل من زمن المعصومين عليهم السلام لدينا يدا بيدٍ وطبقة بعد طبقة ولا يمكن احراز أي اجماع سواء اكان في كلمات المتأخرين او في كلمات القدماء لا يمكن احراز وصوله من زمن المعصومين عليهم السلام فمن اجل ذلك لا يمكن الحكم بحجية الاجماع العمدة انهم تمسكوا ببعض اطلاقات الآيات كقوله تعالى (لم نكن من المصلين ولم نكن نطعم المسكين)[1] و(وويل للمشركين الذي لا يؤتون الزكاة)[2] ولكن ذهب جماعة من المحققين منهم السيد الاستاذ قدس سره الى ان الكفار ليس مكلفين بالفروع ويمكن الاستدلال على ذلك بكثير من الآيات فان الخطاب في كثير من الآيات موجه الى المؤمنين كقوله تعالى (يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فغسلوا وجوهكم وايديكم)[3] او قوله تعالى (يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم)[4] او (يا ايها الذين امنوا لا تحلو شعائر الله)[5] وقوله تعالى (يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين لله)[6] وغيرها من الآيات ومن الواضح ان الكفار اذا كانوا مكلفين بالفروع فلا وجه لتخصيص هذه الآيات بالمؤمنين فان هذه الآيات في مقام جعل التكليف على الناس فلو كان الكفار كالمسلمين مكلفين بالفروع فلا وجه لتخصيص هذه الآيات بالمسلمين ولا وجه له اصلا فمن اجل ذلك فلا بد من رفع اليد عن ظهور الآيات التي تدل على العموم كقوله تعالى (وويل للمشركين الذي لا يؤتون الزكاة) ويل للمشركين من جهة عدم اختيارهم للسلام حتى يؤتون الزكاة او قوله (لم نكن من المصلين) لم نكن من المسلمين حتى نصلي ، فلابد من توجيه هذه الآيات بمقتضى هذه الخطابات الموجهة للمؤمنين في مقام تشريع الاحكام وجعلها ومما يؤكد ذلك جريان سيرة المسلمين من زمن النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم الى زماننا هذا بالنسبة الى الكافر الذمي فانه لم يرد امر بالصلاة او الصيام او الحج ولا النهي عن شرب الخمر ولا ارتكاب سائر المحرمات ولا اجراء الحدود عليه فان ذلك يكشف عن ان الكفار ليسوا مكلفين بالفروع اذ لو كانوا مكلفين بالفروع طبعا امر الامام عليه السلام او بعد الامام عليه السلام المسلمون من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا بالإضافة الى انه لم يرد في شيء من الروايات امر النبي صلى الله عليه واله وسلم او نهيه او امر الائمة او نهيه عن المحرمات وامره بالعبادات لم يرد في شيء من الروايات فلو كان الكفار مكلفين بالفروع لصدر امر منهم عليهم السلام لا محال في طول هذه الفترة الزمنية هذا مضافا الى معتبرة زرارة فان هذه المعتبرة واضحة الدلالة (ويأمر بالإسلام اولا ثم بالولاية فان الولاية من اهم الفروع) فالأمر بالولاية متفرع على الاسلام فضلا عن سائر الفروع كالإمر بالصلاة والصيام والحج والزكاة والنهي عن المحرمات فان هذه الروايات واضحة الدلالة على ذلك وقد يستدل على تكليف الكفار بالزكاة فاذا كانوا مكلفين بالزكاة فبطبيعة الحال كانوا مكلفين بغيرها من الاحكام الشرعية ايضا ، عن محمد ابن ابي نصر قال ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراج وما صار فيهم اهل بيته فقال (من اسلم طوعا تركة ارضه في يده) الى ان قال (وما اخذ بالسيف فذلك الى الامام يقبله بالذي يراه كما صنع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بخيبر وعلى المتقبلين سوى قبالة الارض العشر ونصف العشر على حصصهم) العشر ونصف العشر هو الزكاة والمتقبلين هم الكفار فهذه الروايات تدل على ان المتقبلين غير اجرة الارض قبالة الارض العشر ونصف العشر يعني زكاة ولكن هذه الرواية لا يمكن الاستدلال بها من وجوه
الاول انها ضعيفة من ناحية السند ولا يمكن الاستدلال بها ، ثانيا انا لا نعلم ان المتقبلين هم الكفار الرواية لا تدل على ذلك ولعل المتقبلين هم المسلمون ليسوا من الكفار فاذاً الرواية من هذه الناحية مجملة فلا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على ذلك ، الوجه الثالث ان العشر ونصف العشر هو اجرة ما عدى قبالة الارض هو اجرة الارض من اين يعلم انها زكاة الارض فان هذه الرواية لا تدل على ان العشر ونصف العشر هو الزكاة والمتبادر الزكاة باعتبار ان الاذهان مأنوسة بذلك اما في زمن صدور الرواية فهو غير معلوم ان المراد من العشر ونصف العشر هو الزكاة او غيره فعندئذ لا يمكم الاستدلال بهذه الرواية على ان الكفار مكلفون بالفروع ، ومع الاغماض عن ذلك وتسليم ان الكفار مكلفين بالفروع فهل يمكن للكفار الاتيان بالعبادات او لا يمكن ذلك ، اما اداء فيمكن باعتبار ان الكافر يمكن ان يختار الاسلام ثم يصلي ثم يصوم ويحج نعم في حال الكفر لا يتمكن من اداء الصلاة لان الكفر مانع من صحة الصلاة ولا يتمكن من قصد القربة هذا مضافا الى ان الولاية شرطا في صحة العبادة فالولاية شرط في صحة العبادة فمن اجل ذلك مادام كافرا لا يمكن الاتيان بالصالة صحيحة ولا بالصوم ولا بسائر العبادات ولكن بإمكانه اختيار الاسلام والاتيان بالصالة ، واما بالنسبة الى القضاء فهو لا يتمكن من القضاء لأنه طال ما يكون كافرا فلا يتمكن من الاتيان بالصلاة قضاء او بالصوم او غيرها من العبادات لان الكفر مانع عن الصحة مضافا الى ان الولاية شرط في الصحة واما اذا اسلم فبمقتضى حديث الجب عفى عنه الوجوب فلا وجوب للقضاء عليه ولهذا لا يتمكن من الاتيان بالقضاء طال ما يكون كافرا لا يتمكن من الاتيان بقضاء الصالة صحيحا واذا اسلم سقط عنه بمقتضى حديث الجب فمن اجل ذلك لا يتمكن من ذلك نعم هو متمكن من ان يختار الاسلام قبل الوقت او في اول الوقت او في الاثناء ويأتي بالصلاة نعم اذا فاتت الصالة عنه فيقضيها او اسلم قبل تعلق الزكاة فاذا وجبة عليه الزكاة دفع وهو صحيح واما اذا لم يسلم فلا يتمكن من القضاء والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقبا واما اختيارا وان كان ساقطا باعتبار ان تكليف العاجز قبيح ولا يمكن صدوره من المولى الحكيم ولكن الملاك الفعلي موجود وهذا الملاك الفعلي الملزم موجب لاستحقاق العقوبة وموجب لإلزام الكافر بالإتيان به ولو باختياره الاسلام ثم الاتيان به فاذاً الكافر يستحق العقاب على تفريط الملاك ولكن اشكل السيد الاستاذ على ذلك بان التكليف اذا لم يمكن وسقط التكليف فمن أي طريق يكشف وجود الملاك الملزم فيه فانه لا طريق لنا الى ملاكات الاحكام غير ثبوت نفس الاحكام فاذا سقطة الاحكام فلا طريق لنا الى وجود الملاكات فمن اين نحرز وجود الملاكات فمن اجل ذلك التمسك بهذه القاعدة ايضا ، قد يقال كما قيل ان ادلة الزكاة على قسمين ، القسم الاول متمحض بالتكليف كوجوب الزكاة ، القسم الثاني متمحض بالوضع ثابت بالذمة واشتراك الفقير مع المالك
فالساقط هو القسم الاول فقط واما القسم الثاني فلا موجب لسقوطه فانه دليل وضعي ويدل على ان الفقير شريك مع المالك ، هذا صحيح ولكن لا اطلاق للدليل الوضعي حتى يمكن التمسك بالطلاقة للكافر ايضا فمن هذه الناحية لا يمكن التمسك بأطلاق الدليل الوضع لعدم الاطلاق له فان الدليل الوضعي لخمسة من الابل شاة وللعشرة شاتين ولخمسة عشر ثلاث شياه فلا اطلاق لهذا الدليل كي يتمسكوا حتى بالنسبة الى الكافر فمن اجل ذلك لا يمكن الاستدلال به .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo