< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : المسألة (22) : اذا شك في موضع من المسجد انه جزء منه او من مرافقه لم يجر عليه حكم المسجد .
 هذا يتصور على نحوين :
 الاول : على نحو الشبهة الموضوعية . الثاني : على نحو الشبهة الحكمية .
 اما اذا كان بنحو الشبهة الموضوعية كما اذا كانت حدود المسجد معلومة ولا يشك في حدود المسجد , ولكنه شك في ان هذه النقطة من المسجد او انها ليست من المسجد من جهة الاشتباه في الامور الخارجية , كما لو كان المكلف أعمى ولا يدري ان هذه النقطة داخلة في المسجد او انها خارجة عنه , او كان في الليل المظلم , ففي مثل ذلك لا يجوز الاعتكاف في هذه النقطة لاستصحاب عدم كونه مسجداً .
 واما اذا كانت بنحو الشبهة الحكمية كما اذا لم تكن حدود المسجد معلومة ولا نعلم سعة المسجد وضيقه , كما هو الحال في مسجد الكوفة , لذا فقد اعتبر بعضهم ان قبر مسلم بن عقيل (ع) وهاني بن عروة داخل في المسجد , وبعضهم اعتبر ان الغرف الموجودة في المسجد خارجة عن المسجد وليست داخلة في المسجد , فحدود مسجد الكوفة غير معلومة , مرددة بين السعة والضيق , وهذا منشأ لجعل المسجد مردد بين السعة والضيق , ففي مثل ذلك مفهوم مسجد الكوفة مجملٌ ومردد بين الأقل والأكثر , وفي مثل ذلك هل يمكن اثبات ان هذه النقطة ليست مسجداً بالأستصحاب ؟ أو لا يمكن إثبات ذلك ؟
 الظاهر انه لا يمكن اثبات ذلك لان استصحاب عدم سعة الجعل او استصحاب عدم سعة المسجد لايثبت عدم دخول هذه النقطة في المسجد الاّ على القول بالأصل المثبت , فان استصحاب الكلي لا يثبت الفرد الاّ على القول بالأصل المثبت , او ان إستصحاب العدم الكلي لا يثبت عدم الفرد الاّ على القول بالأصل المثبت , فاستصحاب عدم سعة المسجد لا يثبت عدم مسجدية هذه النقطة , فلا يمكن اثبات عدم كون هذه النقطة مسجدا بالأصل المحرز كالإستصحاب .
 ودعوى : ان الوقف يتوقف على الملك {لاوقف الاّ في ملك} والمسجد وقف , فاذا شككنا في ان هذه النقطة مسجدٌ او غير مسجدٍ , فان كانت مسجدٌ فهي خارجةٌ عن ملك الواقف , وان لم تكن مسجداً فهي داخلةٌ في ملك الواقف , ففي مثل ذلك لا مانع من استصحاب بقاء هذه النقطة في ملك الواقف .
 مدفوعة :
 اولاً : ان المسجدية لا تتوقف على الملك , فانه يكفي اختصاص الارض به , فاذا كان مستولياً على الارض وكان له حق الاختصاص بها فانه يكفي في جعل هذه الأرض مسجداً , ولا يتوقف على الملك . ثانياً : مع الاغماض عن ذلك وتسليم انه يتوقف على الملك الاّ انا لا نعلم ان هذه النقطة داخلة في ملك الواقف , فهل خرجت عن ملكه او لا ؟ فان كانت هذه النقطة مسجداً فهي داخلة في ملك الواقف وقد خرجت عن ملكه , وان لم تكن مسجدا فلا نعلم انها داخلة في ملك الواقف وان الواقف مالك لها او لا ؟ فليست هناك حالة سابقة لكي يستصحب بقاء ملكيته .
 فالنتيجة انه ليس لنا اصول محرزةُ لأحراز عدم كون هذه النقطة مسجداً , فالمرجع هو الأصول الحكمية فان الأمر يدور في المقام بين التعيين والتخيير , فبالنسبة للأعتكاف فهل يتعين عليه مشروعية الأعتكاف في نقطة يعلم انها مسجدٌ , او انه مخيير بين الاعتكاف في ها والاعتكاف في هذه النقطة , فاذا دار الأمر بين التعيين والتخيير فالمرجع اصالة البراءة عن التعيين لان فيه كلفة زائدة .
 فالنتيجة هي التخيير وانه مخيير بين الاعتكاف في تلك النقطة او في هذه النقطة فلا مانع من التمسك باصالة البراءة عن التعيين في المقام , لان الأمر يدور بين التعيين والتخيير .
 ونظير ذلك ذكرنا في مسألة ( منى ) فان ارض منى مجهولة ولم يتعين في الروايات حدود عرضها , اما طولاً فهو محدد واما عرضاً فغير محدد في الروايات , فاذا شككنا في نقطة انها من منى او انها ليست من منى فهل يتعين عليه الاتيان باعمال منى في النقطة التي يعلم انها من منى , او أنه مخيير بين الأتيان باعمال منى في تلك النقطة او في هذه النقطة المشكوكة ؟ فهي من دوران الأمر بين التعيين والتخيير فالمرجع أصالة البراءة عن التعيين . فالنتيجة هي التخيير .
 وكيفما كان فلا مانع في المقام من الرجوع الى أصالة البراءة عن التعيين وانه مخيير بين الاعتكاف في تلك النقطة وبين الاعتكاف في هذه النقطة المشكوكة . اذا كانت الشبهة حكمية كما هو المفروض .
 المسألة (23) : لابد من ثبوت كونه مسجداً او جامعاً بالعلم الوجداني او الشياع المفيد للعلم او البينة الشرعية , وفي كفاية خبر العدل الواحد إشكال .
 المعروف والمشهور بين الأصحاب ان خبر العدل الواحد لايكون حجة في الموضوعات, والحجة في الموضوعات هي البينة ولكن الصحيح ان الأمر ليس كذلك فان سيرة العقلاء الجارية على حجية أخبار الثقة مطلقة , تشمل الأحكام الشرعية في الشبهات الموضوعية والحكمية معاً , فتدل على ان خبر الثقة كما انه حجة في الشبهات الحكمية , كذلك انه حجة في الشبهات الموضوعية , وهذه السيرة العقلائية الممضاة شرعاً المرتكزة في اعماق النفوس فلا شبهة في انها مطلقة , فخبر الثقة حجة في الموضوعات وكذلك خبر العدل الواحد حجة في الموضوعات . نعم استثني ذلك في مجموعة من الموارد التي يعتبر فيها شهادة العدلين , او شهادة عدل واحد مع ضم اليمين , او شهادة اربعة شهود , او شهادة ثلاثة مع ضم شهادة أمرأتين , فهذا ثبت بدليل خاص يخصص ويقييد أطلاق سيرة العقلاء بغير هذه الموارد , اما في غير هذه الموارد فلا دليل على عدم حجية خبر الثقة وخبر العدل . واما رواية مسعدة بن صدقة [.....والأشياء كلها على هذا حتى تستبين او تقوم به البينة [1] ] فهي : أولاً : ضعيفة من ناحية السند . فان مسعدة بن صدقة لم يرد توثيقه الاّ في أسناد كامل الزيارات , وحيث انه لا يمكن الاعتماد عليه فالرواية ساقطة من ناحية السند . ثانياً : مضافا الى انها ساقطة من ناحية الدلالة , فانه ذكر أمثلة ثلاثة : 1- {الثوب ولعله سرقه}فانه حكم بحليته من باب يد المسلم وانه اشتراه من المسلم .
 2- {أمرأة تحتك لعلها أختك أو رضيعتك} يمكن الحكم بذلك باستصحاب عدم النسب او عدم الرضاع .
 3- { العبد ولعله حر قهر فبيع }هذا محكوم بسوق المسلمين فان سوق المسلمين حجة وهو اشتراه من سوق المسلمين , وسوق المسلمين أمارة على انه عبد وان البيع صحيح .
 وفي ذيل هذه الرواية [والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك او تقوم به البينة ] حمل هذه البينة على الشهادتين , شهادة شاهدين عدلين . والظاهر ان الأمر ليس كذلك فالمراد من البينة مطلق الحجة التي تشمل خبر العدل الواحد وخبر الثقة الواحد , وان البينة معناها اللغوي والعرفي مطلق الحجة , وهي بالمعنى الأصطلاحي عبارة عن شهادة الشاهدين العدلين , وهذا المعنى ليس معنى عرفياً للبينة ولا معنى لغوياً , وكذلك ورد في الآيات والروايات بمعناه اللغوي .
 فالنتيجة أنه تثبت المسجديّة بخبر العدل الواحد , وكذلك بخبر الثقة الواحد , ولا يحتاج الى البينة او الى الشياع المفيد للعلم .


[1] الوسائل (آل البيت) /ج 17 / ص 89 / باب 4 /ابواب ما يكتسب به / الحديث 4 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo