< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

39/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الدرس الثاني: هل القطع مسأله أصولية؟

مباحث القطع حجية القطع، الأمر الأول في كون القطع مسألة أصولية

الأقوال في المسألة ثلاثة:

القول الأول: للسيد الإمام الخميني "رضوان الله عليه" حيث ذهب إلى أن القطع مسألة أصولية.

القول الثاني: وهو قول مشهور وإليه ذهب السيد الخوئي "رحمه الله" وهو أن القطع ليس مسألة أصولية وأضاف السيد الخوئي: إن القطع ليس مسألة أصولية إلا أنه نتيجة المسألة الأصولية.

القول الثالث: للشيخ محمد إسحاق الفياض "حفظه الله" وهو أن القطع ليس مسألة أصولية وفاقاً للمشهور وليس نتيجة للمسألة الأصولية خلافا للسيد الخوئي "رضوان الله عليه" وتحقيق المسألة قبل التعرض لأدلة الأقوال الثلاثة هو أن منشأ الاختلاف هو الاختلاف في تعريف علم الأصول فعلى بعض التعاريف يصبح القطع مسألة أصولية كما ذهب إليه الإمام الخميني "رحمه الله" وعلى أكثر التعاريف لا يكون القطع مسألة أصولية كما ذهب إليه المشهور والصحيح هو أن القطع ليس مسألة أصولية وفاقاً للمشهور إلا أنه قد يكون نتيجة للمسألة الأصولية وفاقاً للسيد أبو القاسم الخوئي "رضوان الله عليه" ولكي ننقح المسألة لا بأس بالتعرض لكلام الشيخ الأعظم الأنصاري "أعلى الله مقامه الشريف" وكلام الآخوند الخراساني "رضوان الله عليه" فكلامهما هو الأساس وهو المحور في المسألة وبعد التطرق إلى كلام الآخوند في الكفاية "رحمه الله" نتطرق إلى خمسة تعاريف لعلية القوم لكي نرى أنه بناءً على هذه التعاريف الخمسة هل يصبح القطع مسألة أصولية أو لا وسيتضح من خلال البحث أن التعاريف الخمسة ستكون نتيجتها أن القطع ليس مسألة أصولية.

نعم بناءً على أحد التعاريف وهو التعريف الرابع للمحقق الشيخ محمد حسين الأصفهاني يوجد ثلاثة احتمالات في تفسير تعريفه بناءً على احتمالين لا يكون القطع مسألة أصولية وبناءاً على الاحتمال الثالث يكون القطع مسألة أصولية والسيد الإمام الخميني "رضوان الله عليه" في تقرير بحثه تهذيب الأصول وجواهر الأصول، إختار الاحتمال الثالث من تعريف المحقق الأصفهاني وبناءًا على ذلك يكون كلام الإمام الخميني "رضوان الله عليه" على مقتضى القاعدة لأنه اختار تعريفا تكون نتيجته أن القطع مسألة أصولية ويكون أيضاً كلام السيد الخوئي على القاعدة لأنه اختار تعريفا تكون نتيجته أن القطع ليست مسألة أصولية.

إذن الخلاف مبنائي وليس بنائي كون القطع مسألة أصولية أو غير أصولية هذا يتوقف على المبنى المختار في تعريف علم الأصول أما كلام صاحب الكفاية في الكفاية[1] ، قال: المقصد السادس في بيان الأمارات المعتبرة شرعا أو عقلاً وقبل الخوض في ذلك لا بأس في صرف الكلام إلى بيان بعض ما للقطع من أحكام وإن كان خارجا من مسائل الفن فهو يصرح أن القطع خارج من مسائل فن الأصول وكان أشبه بمسائل الكلام لشدة مناسبته للمقام.

لا بأس لإيضاح نقطتين:

الأولى: لماذا بُحث القطع في علم الأصول.

الثانية: ما هو وجه شبه مباحث القطع بمباحث الكلام.

فصاحب الكفاية صرح بأن مباحث القطع ليست من مسائل علم الأصول لكنه لم يدعي أيضاً أن مباحث القطع من مسائل علم الكلام وإنما قال أشبه بمباحث علم الكلام.

إذن البحث في القطع استطرادي في الأصول كما أنه استطرادي في علم الكلام، فما هو وجه هذا الاستطراد.

الجواب: بالنسبة إلى النقطة الأولى وجه الاستطراد في الأصول هو أن علم الأصول يدرس الأحكام المترتبة على الشك والأحكام المترتبة على الظن وبما أن الظن والشك لهما قصيم ثالث وهو القطع أشبه التطرق ناسب الكلام أن يتطرق إلى حكم القطع.

إذن في علم الأصول نتطرق إلى أحكام الظن كالظن الحاصل من خبر الثقة أو الشهرة ونتطرق إلى أحكام الشك كالاستصحاب والبراءة وبما أن الظن والشك لهما قسيم ثالث وهو القطع ناسب الكلام عن أحكام القطع في مباحث علم الأصول.

وأما النقطة الثانية وهي كون مباحث القطع أشبه بمسائل علم الكلام وليست من مسائل علم الكلام فالأمرين:

الأول: إن علم الكلام هو ما يبحث فيه عن المبدأ والمعاد بالأدلة العقلية والنقلية ولما كان المعتبر في أدلة المبدأ والمعاد هو خصوص الدليل القطعي دون الدليل الظني ناسب الكلام أن يُبحث في بحث القطع.

إذن القطع دراسته مهمة في تنقيح الدليل القطعي على المبدأ والمعاد سواءً كان الدليل عقليا أو كان الدليل نقلياً.

والنقطة الثانية: هي أن علم الكلام يَبْحَثُ ما يجوز على الله وما لا يجوز على الله فيكون من صغريات علم الكلام البحث عن جواز مخالفة القطع وجواز العقاب على مخالفة القطع فهل يصح العقاب على مخالفة القطع أو لا فناسب البحث عن القطع ناسب مباحث علم الكلام.

هذا تمام الكلام في بيان كلام صاحب الكفاية ومقدمة البحث وهو أن علم الكلام وهو أن بحث القطع ليس مسألة أصولية وهو أشبه بمباحث علم الكلام وأما لب البحث فهو بيان التعاريف الخمسة التي على أساسها قد يصبح القطع من مباحث علم الأصول وقد يخرج القطع من مباحث علم الأصول وسأُوجل ذكر كلام السيد الإمام والسيد الخوئي والشهيد الصدر لأن معرفة كلمات أعلام العصر الثلاثة تتوقف على فهم تعريفات أعلام العصر، الشيخ الأعظم الأنصاري وصاحب الكفاية والأعلام الثلاثة الميرزا النائيني والأصفهاني والعراقي، وهذا هو منهج شيخنا الأستاذ آية الله العظمى الشيخ حسين الوحيد الخراساني يقول أنا أكتفي بكلمات الأعلام الخمسة الأنصاري والآخوند والنائيني والأصفهاني والعراقي، فجميع من جاء بعدهم عيال عليهم، وله مقولة يقول لم أتطرق إلى مسألة ولم تقع عيني على مسألة أصولية إلا وقد وجدت لها أصلا ومنشأً في رسائل الشيخ الأعظم الأنصاري فهو يرى أن الشيخ الأنصاري هو الأعلم، وكان يختلف مع المرجع الكبير في مشهد السيد محمد هادي الميلاني زميل السيد الخوئي "رحمه الله" السيد الميلاني درس عند المحقق الأصفهاني 25 سنة وكان يرى أن المحقق الأصفهاني أعلم من الشيخ الأنصاري والشيخ الوحيد يرى أن الشيخ الأنصاري أعلم من المحقق الأصفهاني ومعرفة آراء بعض أعلام العصر مفيدة في تتبع كلماتهم.

يقول أستاذنا سماحة آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي "رحمه الله" لأحد الفضلاء من زملائنا يقول سَخَّرت 25 سنة من عمري لفهم كلمات السيد الأستاذ والميرزا النائيني وهذا يكفي، يعني يرى أن المهم هو فهم كلمات السيد الأستاذ السيد الخوئي والميرزا النائيني والمدرسة الأصولية الممتدة الآن والمنتشرة هي مدرسة الميرزا النائيني السيد الخوئي كان يدرس مباحث النائيني قيل له لماذا لا تفتح دورات وتدرس مباحث المحقق الأصفهاني قال: هذا البحث يحتاج إلى طلاب ولا أجد طلاب هذا البحث وثانيا ابتليت بأعباء المرجعية وهذه المباحث تحتاج إلى المزاج، لأنه كما تعلمون المحقق الأصفهاني منهجه فلسفي والمحقق العراقي منهجه علمي والمحقق النائيني منهجه عرفي فلذلك كان النائيني متميزا حتى في زمانه والمحقق العراقي علق بحاشية في تقرير بحث النائيني يعنى في فوائد الأصول تجد تعليقة للمحقق العراقي على مباحث الميرزا النائيني "رضوان الله عليهم أجمعين".

عموما الإلمام بهذه المدارس الخمس وتأثر أعلام العصر بهذه المدارس مهم جداً مثلاً السيد الخوئي امتداد لمدرسة الميرزا النائيني والإمام الخميني امتداد لمدرسة الشيخ عبد الكريم الحائري التي هي مدرسة السيد الاشراقي والشهيد الصدر "رضوان الله عليه" امتداد لمدرسة النائيني والمحقق العراقي لأن السيد الشهيد الصدر درس الكفاية عند السيد محمد الروحاني والسيد محمد تلميذ ضياء الدين العراقي وكل مدرسة تأثرت بأستاذها مثلاً الشيخ المظفر متأثر بالشيخ الأصفهاني كذلك الشيخ بهجت والسيد محسن الحكيم متأثر بأستاذه الشيخ ضياء الدين العراقي. لذلك ذكر بعض الفضلاء هذا المطلب أمام المرجع الكبير السيد محمد سعيد الحكيم "حفظه الله" قال له إن جدك السيد محسن الحكيم غالباً يختار ما يراه الشيخ آقا ضياء الدين العراقي أستاذه، فقال السيد الحكيم صحيح كان جدي السيد محسن الحكيم إذا جزم المحقق العراقي بمطلب لا يخالفه، لذلك إذا تراجع كتاب حقائق الأصول للسيد محسن الحكيم تجده متأثر بمطالب المحقق العراقي، السيد الشهيد الصدر بعض المطالب تجدها في ثنايا كلمات العراقي وبعض المطالب في ثنايا كلمات الميرزا النائيني، وهذا هو ديدن العلم كم ترك الأول للآخر.

عموما لب البحث الآن في بيان التعاريف نذكر هذه التعاريف مع تعليق موجز لأن الوقت لا يسع لهذه التفاصيل، ولا داعي للإطالة لأن المسألة ليست مسألة عملية حتى نطيل في هذا البحث.

التعريف الأول ما يراه صاحب الكفاية [2] يقول: علم الأصول هو العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية ـ هذا تعريف المشهور هو أضاف صاحب الكفاية ـ أو ما ينتهي إليه المجتهد بعد الفحص واليأس عن الدليل، إذن بناءً على هذا التعريف مسائل علم الأصول هي واسطة في الاستنباط، المسائل الأصولية هي طريق الاستنباط والقطع ليس طريقاً للاستنباط وليس واسطة للاستنباط، القطع هو نتيجة وليس هو وسيلة، إذن بناءً على تعريف صاحب الكفاية لا يكون القطع من المسائل الأصولية.

التعريف الثاني للميرزا النائيني[3] وللسيد الخوئي[4] تعريف الثاني يقول العلم بالقواعد التي إذا انضمت إليها صُغرياتها أن أنتجت نتيجة فقهية وبتعبير آخر المسألة الأصولية هي ما تكون كبرى في قياس الاستنباط فيشترط المحقق النائيني والمحقق الخوئي أن تكون المسألة الأصولية مسألة كبروية وليست مسألة صغروية ومن الواضح أن القطع لا يشكل كبرى في قياس الاستنباط، القطع نتيجة وليس وسيلة تقود إلى النتيجة إذن بناءاً على التعريف الثاني لا يكون القطع داخلاً في المسائل الأصولية.

التعريف الثالث للمحقق العراقي "رحمه الله" في نهاية الأفكار للبروجردي [5] يقول المحقق العراقي علم الأصول هو العلم بالقواعد التي تقع في طريق تعيين الوظيفة العملية ومن المعروف والمعلوم أن القواعد التي تعين الوظيفة العملية إما أن تكون قاعدة عقلية وإما أن تكون قاعدة شرعية ومن الواضح أن القطع ليس قاعدة عقلية أو قاعدة شرعية تؤدي إلى نتيجة فقهية بل القطع بنفسه نتيجة لا أنه واسطة لإثبات النتيجة فبناءً على تعريف المحقق العراقي لا يكون القطع مسألة أصولية.

التعريف الرابع للشهيد الصدر "رضوان الله عليه" واختاره محمد إسحاق الفياض أيضاً[6] ، يقول: إن المسائل الأصولية قواعد عامة مشتركة يستعملها الفقيه في طريق إثبات الجعل الشرعي ثم يعلق يقول وحيث إن مسألة القطع في نفسها قطع بالحكم الشرعي مباشرة لا أنها واسطة لإثباته فلا تكون من المسائل الأصولية، الشهيد الصدر "رضوان الله عليه" في الحلقات يُعَّرف علم الأصول بأنه العلم بالعناصر المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي ولكن عَدَّلَ هذا التعريف في تقريرات بحثه قال في مسألة استنباط الجعل الشرعي ولم يقل الحكم الشرعي لأن الحكم الشرعي كما يشمل الحكم الكلي يشمل الحكم الجزئي فتدخل مسائل علم الرجال في تعريف علم الأصول لكن إذا قال في إثبات الجعل الشرعي يعني المسائل الكلية المسائل الفقهية وأما التعريف الخامس والأخير وهو الأساس والمحور وهو تعريف المحقق الأصفهاني "رضوان الله عليه" [7] ، قال المحقق الأصفهاني علم الأصول ما يبحث فيه عن القواعد الممهدة لتحصيل الحجة على الحكم الشرعي، إذن لاحظوا معي الميرزا النائيني والسيد الخوئي اشترطوا كبروية المسألة الأصولية أن تكون كبرى في قياس الاستنباط وأما المحقق العراقي "رضوان الله عليه" قال: المهم أن تكون قاعدة في طريق تعيين الوظيفة العملية ولكن المحقق الأصفهاني جاء بهذه المفردة القاعدة الأصولية أن تكون ممهدة لتحصيل الحجة على الحكم الشرعي وقع الكلام في معنى الحجة توجد ثلاثة معاني للحجة المعنى الأصولي والمعنى المنطقي والمعنى اللغوي، المعنى الأصولي للحجة أن يكون كبرى في قياس الاستنباط وهو ما ذهب إليه السيد الخوئي والميرزا النائيني وبناءاً عليه لا يكون القطع مسألة أصولية.

المعنى الثاني للحجة الحجية المنطقية والمراد بالحجية المنطقية ما يقع وسطاً في قياس الاستنباط ـ يعني يكون حد أوسط إما في الكبرى أو في الصغرى ـ فما يكون حداً أوسطاً ـ يعني مشتركا ـ في قياس الاستنباط في الكبرى أو الصغرى هو حجة بناءاً على الحجية المنطقية أيضاً يخرج القطع من مسائل علم الأصول لأن القطع نتيجة لا أنه يتوسط في إثبات النتيجة والحد الأوسط في قياس الاستنباط يتوسط لإثبات النتيجة لا أنه بنفسه نتيجة.

المعنى الثالث والأخير هو المفهوم اللغوي، الحجة يعني ما يصلح أن يحتج به العالي على الداني المولى على العبد أو ما يصلح ما يحتج به العبد على المولى يعني يعتذر به العبد إلى المولى، بناءاً على المعنى الثالث للحجية المعنى اللغوي ما يصلح أن يحتج به القطع يصلح أن يحتج به أو لا يصلح؟ يصلح، إذاً القطع يصلح أن يحتج به بعد دخل في التعريف صار مسألة أصولية لأن التعريف ماذا يقول تعريف المحقق الأصفهاني ما يبحث فيه عن القواعد الممهدة لتحصيل الحجة على الحكم الشرعي لذلك يقول السيد الإمام "رضوان الله عليه" الطريق إلى الحكم إما الظن ـ يعني خبر الثقة والشهرة ـ يؤدي إلى الحكم إلى النتيجة أو القطع، القطع أيضاً يصلح أن يحتج به على الحكم يعني الكاشف عن الحكم إما القطع وإما الظن، القطع كاشف تام والظن كاشف ناقص (واضح إن شاء الله)، إذاً كلام السيد الإمام "رضوان الله عليه" بناءاً على التعريف الذي اختاره يكون على القاعدة.

الآن نذكر الأقوال ـ بذكر الأقوال تكون واضحة ـ الآن أولاً الرأي الأول، كلام السيد الإمام "رضوان الله عليه" كلامه أولاً في تهذيب الأصول.[8]

هذه المسألة لا تصير خلاف مبنائي لذلك يقال هل المحقق الأصفهاني مراده من الحجة هي الحجية اللغوية هذا أول الكلام وإذا نراجع كلام المحقق الأصفهاني قد يستفاد منها أن مراده عين مراد المحقق النائيني أن تكون كبرى في قياس الاستنباط. السيد الإمام لم يقل أنني أذكر كلام المحقق الأصفهاني وأرى أنه يرى كذا، السيد الإمام أصلا لم يتطرق إلى المحقق الأصفهاني وإنما تطرق إلى رأيه المحتاط، وسيتضح إن شاء الله أن الصحيح هو أن القطع ليست مسألة أصولية، لأنه واضح بالوجدان الذي لا يحتاج إلى برهان أن القطع مسألة وجدانية، وهذه المسألة الوجدانية تدخل في جميع العلوم وتحتاجها في الجميع العلوم لذلك جعل الشهيد الصدر مبحث القطع مبحثا عاما يصلح كمدخل للمسائل الأصولية أول ما تطرق إلى مبحث القطع ثم قسَّم علم الأصول ومباحث علم الأصول إلى قسمين، القسم الأول الأدلة المحرزة والقسم الثاني الأصول العملية ولم يجعل القطع لا من مباحث الأدلة المحرزة ولا من مباحث الأصول العملية خلافا لتقسيم المشهور الذين قسموا علم الأصول إلى قسمين مباحث الألفاظ ومباحث الحجج والأصول العملية وأول ما بحثوا في الحجج حجية القطع الشهيد الصدر يقول مبحث القطع لا داعي لبحثه في مباحث الحجج، مبحث القطع يصلح كمدخل لجميع المباحث، لأن أي بحث تبحثه في مباحث الألفاظ أو مباحث الأصول العملية أقصى ما تصل إليه القطع إذا القطع ليس بحجة، إذن كل المباحث الأصولية سقطت إذن أنت بحاجة إلى تنقيح مسألة أن القطع حجة قبل ما تبحث أي مسألة أصولية أو غير أصولية وإلا كل العلوم في العقائد في التفسير في الفقه في الأصول أقصى درجة تصل إليها أنك تقطع، إذا القطع ليس بحجة لا ثمرة لهذه المباحث إذن القطع مسألة وجدانية بغض النظر عن هذه التعاريف مسألة وجدانية عامة ومن الواضح أن القطع ليس من مسائل علم الأصول نعم هذا القطع قد يكون نتيجة المسألة الأصولية يعني إذا بحثنا المسألة الأصولية هذه المسألة الأصولية قد تكون نتيجتها القطع بالحكم الشرعي فأصبح القطع معلولاً والمسألة الأصولية علة خلافا للشيخ محمد إسحاق الفياض، الشيخ الفياض ذكر نكتتين في نفي أصولية القطع، النقطة الأولى ما ذكرها المشهور وهي عدم انطباق تعريف علم الأصول على القطع فقال: القطع ليس مسألة أصولية لأنه خارج عن تعريف علم الأصول، والمسألة الثانية قال: مسائل علم الأصول نظرية وليست بديهية، مسائل علم الأصول تحتاج إلى إمعان فكر وإنعام نظر والعلاقة بين الأصول والفقه علاقة النظرية والتطبيق فالأصول يقنن النظرية وفي الفقه يحصل التطبيق فإذا كانت النظرية نظرية تحتاج الى إنعام فكر لا يمكن أن يكون تطبيقها بديهي ووجداني، المسألة الأصولية مسألة نظرية تحتاج إلى إنعام فكر نتيجتها وتطبيقها في الفقه وهو القطع وجداني لا يصير إذا كان النظرية تحتاج إلى إنعام فكر تطبيقها أيضاً يحتاج إلى إنعام فكر واضح أم لا هذا رأي الشيخ إسحاق الفياض.

وفيه من قال إن كل مسائل علم الأصول تحتاج إلى إنعام فكر هذا أول الكلام وكلامه مبني على هذا والسيد الخوئي يذكر تقسيمات إلى المسائل الأصولية بعضها وجداني وبعضها يحتاج إلى إنعام فكر وبعضها عقلياً وبعضها شرعي عموماً هو نحن نستطيع أن نخصص درس كامل لهذه المناقشة ولكن لا داعي للإطالة.

القول الأول للسيد الإمام لاحظ العبارة في تهذيب الأصول: إعلم أن البحث عن أحكام القطع ليس كلاميا بل بحث أصولي لأن الملاك في كون الشيء مسألة أصولية هو كونها موجبة لإثبات الحكم الشرعي الفرعي بحيث يصير حجة عليه لأن نفس تعريف المحقق الأصفهاني حجة عليه، الآن يتكلم عن معنى الحجة يقول ولا يلزم أن يقع وسطا للإثبات بعنوانه وسط لإثبات يعني الحجة المنطقية فلا يشترط الحجية المنطقية فضلا عن الحجية الأصولية الكبرى بل يكفي كونه موجبا لاستنباط الحكم كسائر الإمارات العقلائية والشرعية يعني يكفي أن يكون حجة بالمعنى اللغوي هذا بنحو البرقيات للشيخ السبحاني.

اللانگرودي[9] ، يقول لا ينبغي الإشكال في كون البحث عن القطع بحثا عن المسألة الأصولية لما عرفت من أن المسألة الأصولية هي التي تقع نتيجتها كبرى لإستنباط الحكم الفرعي الكلي ومسألة القطع كذلك يعني يحتاج كلام الميرزا النائيني ثم بعد ذلك يتراجع في ثنايا كلامه ويختار المعنى اللغوي يقول وبالجملة المسألة الأصولية عبارة عما تكون حجة في الفقه ويستنتج منها الحكم الفرعي الكلي ومسألة القطع كذلك وذلك لأنه كما يثبت الحكم الفرعي الكلي بالظن المعتبر ويكون حجة عليه فكذلك بالقطع ثم يقول[10] ، ـ كلام عصره ـ يقول: فتحصل أن البحث عن القطع بحث عن المسألة الأصولية ولم تكن آية ولا رواية على أن المسألة الأصولية لابد وأن تكون واسطة في الإثبات وكبرى في القياس واسطة في الإثبات المعنى المنطقي كبرى القياس المعنى الأصولي يقول وإلا يلزم خروج مباحث الأصول عن كونها مسألة أصولية وهو كما ترى بل ليست الحجية عبارة عن الوسطية في إثبات الحكم وإنما هي (الحجية) باصطلاح الأصوليين ما يحتج به العبد على مولاه وبالعكس يعني المعنى اللغوي لاحظوا فهم كلمات أعلام العصر تتوقف على فهم كلمات الأعلام الثلاثة، وواضح أنه لا فرق في ذلك بين القطع والظن المعتبر فإنه كما يحتج بالظن المعتبر المولى على عبده وبالعكس فكذلك يحتج المولى على عبده وبالعكس بالقطع فلا نكير فتدبر هذا القول الأول.

القول الثاني للسيد الخوئي في مصباح الأصول واضح كلام السيد الخوئي في مصباح الأصول يقول: القطع بالحكم ليس إلا انكشاف الحكم بنفسه فكيف يكون مقدمة لانكشافه كي يكون البحث عنه من المسائل الأصولية لا ينبغي الشك في أن مبحث القطع ليس من مسائل علم الأصول.

والشهيد الصدر[11] ، صرح وما فصل أصلا السيد الشهيد قال بحثناه في تعريف علم الأصول واضح المخارج[12] ، مبحث القطع وقد بُحث فيه أولا عن أصولية هذه المسألة وهذا البحث موكول إلى ما تقدم حيث ذكرنا في محل الميزان في أصولية المسألة ومن الواضح أن ذلك الميزان لا ينطبق على القطع هذا تمام الكلام في بيان أن القطع مسألة أصولية أو ليس بأصولية واتضح أنه بالوجدان الذي لا يحتاج إلى البرهان، إنَّ القطع مسألة وجدانية مع غض النظر عن تعريفات علم الأصول التي قد يختلف فيها الأعلام القطع مسألة وجدانية عامة نحتاجها في مختلف العلوم فالقطع ليس مسألة أصولية ولكن نحتاج لبحثها في الأصول والكلام استطراداً لمناسبة في الموضوع.

نعم المسألة الأصولية قد تكون سببا لإنتاج القطع فيكون القطع نتيجة للمسألة الأصولية إلا أن القطع ليس بمسألة أصولية هذا تمام الكلام في الأمر الأول.

القطع مسألة أصولية أو لا.

الأمر الثاني: هل المراد من المكلف المذكور في كلام الشيخ الأنصاري خصوص المجتهد أو الأعم منه ومن المقلد يأتي عليه الكلام.


[6] المباحث الأصولية، الشیخ محمد إسحاق الفياض، ج4، ص5.
[9] جواهر الأصول، السید اللنگرودی، ج5، ص11.
[10] جواهر الأصول، السید اللنگرودی، ج5، ص13.
[11] دورة تقرير مبحث، الشيخ حسن عبد الساتر، ج8.
[12] صفحة: 41.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo