< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرواية الحادية عشر من الروايات التي اسُتدل بها على اشتراط الأعلمية الفقهية في ولي الأمر

جاء في كتاب لأمير المؤمنين× إلى معاوية ومن معه من الناس ما نصه >ثم إن أولى الناس بأمر هذه الأمة قديماً وحديثاً أقربهم من رسول الله| وأعلمهم بكتاب اللهP وأفقههم في دين الله ـ ففي نسخة البحار وأنبههم في دين الله ـ وأولهم إسلاما وأفضلهم جهاداً وأشدهم بما تحمله الأئمة من أمر الأمة اطلاعاً ـ وزاد في البحار وأشدهم اطلاعاً بما تجهله الرعية من أمرها ([1] ).

هذا الكتاب من أمير المؤمنين× في مقام إثبات أنه هو الأولى بالخلافة وهو المتعين في التصدي لولاية الأمة وذكر لهذه الأولوية علل منها أعلميته بالأحكام الشرعية وبسائر ما تجهله الرعية من أمور دينهم ودنياهم فيدل الكتاب على أن الأعلم هو المتعين لولاية الأمة وأنه مع وجود الأعلم لا تصل النوبة إلى غيره وهذا هو المطلوب.

والتحقيق: أن هذا الكتاب من ناحية السند هو من مرسلات كتاب تمام نهج البلاغة([2] ) فهذه الرواية من الروايات المرسلة وهي ليست من مرسلات نهج البلاغة للشريف الرضي حتى تشملها الشهرة لتصحيحها بناء على بعض المباني، إذاً الرواية من ناحية السند ضعيفة وأما من ناحية الدلالة فالعلم في الأعلمية يحمل على العلم الواقعي لا العلم الظاهري فعلم أمير المؤمنين× علم واقعي وعلم الفقيه في أكثره علم ظاهري فلا تشمل الرواية مورد بحثنا ولو تنزلنا وقلنا إن المراد بالعلم هو العلم الظاهري لأنها في مقام الاحتجاج على معاوية فإننا نقول إن أفعل التفضيل تحمل على المعنى الوصفي لا المعنى التفضيلي فمن الواضح أنه في مقابل أمير المؤمنين× لا علم لمعاوية ولا فقه لمعاوية ولا قرابة لمعاوية برسول الله| حتى يكون أمير المؤمنين أعلم منه وأفقه منه وأقرب منه إلى رسول الله| فهيئة إفعل في هذا الحديث بل في أكثر هذه الموارد إنما استعملت في معناها الوصفي لا معنى التفضيلي والإنصاف إن هذا الكلام متين وقد ناقش به هذه الرواية وذكره الشيخ حسين المظاهريî ([3] )، في مقابل الشيخ المؤمنî ([4] ) حيث ادعى تمامية هذا الكتاب على المطلوب.

النتيجة النهائية: الرواية الحادية عشر غير تامة سنداً ودلالة على اشتراط الأعلمية الفقهية في ولي الأمر في عصر الغيبة الكبرى.

الرواية الثانية عشر ما جاء في احتجاج الطبرسي

في رواية قال في اعتبارها عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني بإسناده الصحيح عن رجال ثقة أن النبي| خرج في مرضه الذي توفي فيه إلى الصلاة فذكر أمر هذه الأيام ومسألة جيش أسامة وتخلُف من تخلَف ثم مسألة بيعة المسلمين لأبي بكر على الولاية وأن الناس بايعوه وانصرف علي إلى منزله ومعه بنو هاشم وأن عمر وجماعة جاؤوا إليهم وأحضروهم وأمروهم بالبيعة كل ذلك قد ذكره المرحوم الطبرسي في الاحتجاج ثم ذكر ما هذا لفظه >فلما رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل رجل فجعل يبايع حتى لم يبقى ممن حضر إلا علي بن أبي طالب× فقالوا له بايع أبا بكر فقال علي× أنا أحق بهذا الأمر منه وأنتم أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من الرسول| وتأخذونه منا أهل البيت غصبا ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكانكم من رسول الله| فأعطوكم المقادة وسلموا لكم الإمارة وأنا احتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار أنا أولى برسول الله حياً وميتاً وأنا وصيه ووزيره ومستودع سره وعلمه وأنا الصديق الأكبر والفاروق الأعظم وأوّل من آمن به وصدَّقه وأحسنكم بلاء في جهاد المشركين وأعرفكم بالكتاب والسنة وأفقهكم في الدين وأعلمكم بعواقب الأمور وأذربكم لساناً وأثبتكم جناناً فعلى ما تنازعونا هذا الأمر أنصفونا إن كنتم تخافون الله على أنفسكم ثم اعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفته الأنصار لكم وإلا فبوؤا بالظلم والعدوان وأنتم تعلمون<.

وجاء في الرواية أن عمر وجمعاً آخر بالغو في أن يبايع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب× أبا بكر وامتنع علي من البيعة وقال لهم بعد ذلك >يا معاشر المهاجرين والأنصار الله الله لا تنسوا عهد نبيكم إليكم في أمري ولا تخرجوا سلطان محمد| من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم ولا تدفعوا أهله عن حقه ومقامه في الناس فو الله يا معاشر الجمع إن الله قضى وحكم ونبيه أعلم وأنتم تعلمون إنَّا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم أما كان القارئ منكم ـ وفي نسخة البحار أما كان منا القارئ ـ لكتاب الله الفقيه في دين الله المضطلع بأمر الرعية والله إنه لفينا لا فيكم فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بُعْداً وتفسدوا قديمكم بشر من حديثكم<([5] ).

وقد اسُتدل الشيخ المؤمنî بهذا المقطع على اشتراط الأعلمية الفقهية في ولي الأمر.

والتحقيق: إن هذه الرواية من ناحية السند ضعيفة ومن ناحية الدلالة هي مختصة بأمير المؤمنين× وإذا تمسكنا بالعموم اللفظي فيها فإن العلم فيها محمول على العلم الواقعي لا العلم الظاهري ولو تنزلنا وحملنا العلم على العلم الظاهري فإن أفعل التفضيل الوارد فيها محمول على المعنى الوصفي لا المعنى التفضيلي فهي لا تدل على اشتراك أمير المؤمنينj معهم في العلم والفضل وثبات الجناح والفقه في الدين والمعرفة بالكتاب والسنة وغاية ما في الأمر أنه أكثر منهم وأعلم منهم وإنما هي في مقام بيان أن الفقيه هو علي دون غيره وأن العالم هو علي دون غيره وأن القريب من رسول الله| هو علي دون غيره فلا تدل هذه الرواية على اشتراط الأعلمية الفقهية في ولي الأمر في عصر الغيبة وقد وردت فيها عدة تعابير مختصة بأمير المؤمنين× ولا تشمل الأئمة من بعده فضلاً عن الفقيه الجامع لشرائط الفتوى.

إذاً الرواية الثانية عشر غير تامة سنداً ودلالة على اشتراط الأعلمية الفقهية في ولي أمر المسلمين.

الرواية الثالثة عشر أولى الناس بالأنبياء

جاء في بحار الانوار للعلّامة المجلسيî مُرْسِلاً عن أمير المؤمنين× أنه قال: >أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به<([6] ).

والتحقيق: إن هذه الرواية مرسلة فهي ضعيفة من ناحية السند وأما من ناحية الدلالة فهي لا تدل على اشتراط الأعلمية في ولي الأمر وإنما هي في مقام بيان قائم مقام النبي والخليفة بالحق بعد النبي فهي تقول >أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به< فأعلم الناس بجميع ما جاء به الأنبياء هم الأوصياء ووصي رسول الله أبي القاسم محمد هو علي بن أبي طالب× كما أن وصي موسى× يوشع بن نون لأنهما أعلم بما جاء به الأنبياء^ فهذه الرواية غير ناظرة إلى الأعلمية الفقهية إذ أن علم الوصي علم واقعي وليس علماً ظاهرياً ولو تنزلنا وقلنا إن المراد بالعلم هو العلم الظاهري وليس العلم الواقعي فنقول إن علوم الأنبياء كثيرة والأعلم في كل حقل هو الأعرف في ذلك الحقل وفي تلك الجهة، فالأنبياء^ جاؤوا بالأحكام فالأعلم بالفتوى هو الأعلم بالأحكام وجاؤوا بالقضاء وفصل الخصومات والأعلم بذلك هو الأعرف بالقضاء وفصل الخصومة وأيضا جاؤوا بالحكم والسلطة والأعلم بذلك هو الأعرف بشؤون الحكم وإدارة المجتمع فيكون أولى الناس في كل شأن من هذه الشؤون هو الأعلم والأعرف في ذلك الشأن وعادة لا تجد شخصاً هو أعلم وأعرف بجميع هذه الشؤون إلا الوصي والإمام المعصوم×.

إذاً الرواية الثالثة عشر غير تامة سنداً ودلالة على اشتراط الأعلمية الفقهية في ولي أمر المسلمين في الغيبة الكبرى.

الرواية الرابعة عشر ما جاء في السنن الكبرى للبيهقي

قد ذكر البيهقي عن ابن عباس قال: >قال رسول الله| من استعمل عاملاً من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين<([7] ).

والتحقيق: إن هذه الرواية عامية ولم ترد في طرقنا ولا سند لها عندنا فهي ضعيفة من ناحية السند وقد أوردها العلّامة الشيخ عبد الحسين الأمينيî([8] )، وقد نقلها المعاصرون عنه فهذه الرواية ضعيفة من ناحية السند، وأما من ناحية الدلالة فهي لا تدل على اشتراط الأعلمية في عمال الدولة الإسلامية فضلاً عن ولي الأمر وإنما فيها إرشاد إلى حكم عقلي وهو إن ولي الأمر إذا فوض إلى رجل أمراً أو وكله فيه فلابد أن يكون جديراً بهذه المهمة التي أوكل إليها وهو الأصلح لتولي هذه المهمة وهذا حكم عقلي لا ينكر فيشترط فيمن فوض إليه أن يكون هو الأجدر والأقدر على أداء المهمة، بل ربما يدعى إن لفظ وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه قرينة على تفسير قوله| >وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه< فما دخل الأعلمية بكتاب الله وسنة النبي في أداء مهمة العامل فيراد بأعلمية العامل بكتاب الله وسنة رسول الله أن هذا العامل أعرف من بقية المسلمين بإدارة شأن هذه الأمة فلا تدل هذه الرواية على اشتراط الأعلمية في ولي أمر المسلمين فضلاً عن عمال الدولة الإسلامية.

إذاً الروايات الأربعة عشر لا تدل بأجمعها على اشتراط الأعلمية في ولي أمر المسلمين فالرواية الرابعة عشر غير تامة سنداً ودلالة على اشتراط الأعلمية الفقهية في ولي أمر المسلمين.

إلى هنا تطرقنا إلى أربعة عشر رواية وقد ذكر الشيخ المنتظريî([9] )، كما ذكر الشيخ المؤمن للاستدلال على اشتراط الأعلمية الفقهية([10] )، من ذكر عشرة روايات، كما ذكر الشيخ المظاهري ثمانية روايات([11] )، كما ذكر الشيخ مالك وهبي سبعة روايات([12] )، وإذا أردنا تحقيق المسألة سنلاحظ أن عمدة البحث هو ما ذكره الشيخ المنتظري& إذ استقصى وتتبع الروايات التي يمكن أن يستدل بها على اشتراط الفقاهة في ولي الأمر وقد ذكر أربعة وعشرون رواية ورد نص أعلم في أربعة عشر رواية منها فتبقى عشر روايات أخر من هذه العشر سبع روايات ورد فيها لفظ العالم ولم يرد فيها لفظ أعلم، أربعة عشر وسبعة واحد وعشرون رواية تبقى ثلاث روايات هذه الروايات الثلاث واحدة منها مكررة هي الرواية الرابعة والخامسة([13] ) ورد فيها مفردة أعلم وهي التي ورد فيها >لم يزل أمرهم إلى سفال< ذكرناها كرواية واحدة وهي الرواية الرابعة والخامسة في ترتيب الشيخ المنتظري([14] )، بقيت روايتان هاتان الروايتان هما الرواية رقم عشرون ورقم واحد وعشرون وهما روايتان عاميتان ومضمونهما مضمون رواية سنن البيهقي اشتراط الأعلمية في عُمَّال الدولة الإسلامية ولكن لم يرد فيهما لفظ أعلم وإنما ورد فيهما لفظ أفضل ولفظ أرضى وقد استفاد منهما الشيخ المنتظري الأعلمية، لذلك لم يذكرهما الشيخ المؤمن القميî في استدلاله واكتفى بالعشر روايات التي نصت على لفظ الأعلمية.

ولذلك نحن في الترتيب قلنا أربعة عشر رواية ممكن نجعلها ستة عشر إذا أضفنا هاتين الروايتين تصير الرواية الخامسة عشر ما في كنز العمال عن حذيفة >أيما رجل استعمل رجلاً على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل فقد غش الله وغش رسوله وغش جماعة المسلمين<([15] ).

الرواية الخامسة عشر ما في كنز العمال

جاء في كنز العمال عن ابن عباس >من استعمل رجلاً من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين<([16] ).

والتحقيق: أن هاتين الروايتين الخامسة عشر والسادسة عشر حسب ترتيبنا والعشرون وواحد وعشرون في الصفحة 309 من كتاب دراسات في ولاية الفقيه حسب ترتيب الشيخ المنتظري في الجزء الأوّل قد وردتا عن حذيفة وعن ابن عباس وقد يقال إنهما غير مرويتين عن النبي| ولو تنزلنا وحملناهما على الرواية عن رسول الله| نقول لم يرد فيهما لفظ أعلم وإنما ورد في رواية حذيفة أفضل وفي رواية ابن عباس أرضى وإذا حملنا لفظ أفضل وأرضى على الأعلمية فإننا نقول فيهما ما قلناه في الرواية الرابعة عشر الواردة في سنن البيهقي من أنها إرشاد إلى حكم عقلي قد سار عليه العقلاء وهو لزوم تكليف الأكفأ والأجدر بأداء المهمة فلا يستفاد من هاتين الروايتين الأعلمية الفقهية.

النتيجة النهائية: الروايات الستة عشر نحن نقول هي روايات أربعة عشر لأن لفظ أعلم قد ورد فيها الروايات الستة عشر بناء على ضم روايتي كنز العمال للمتقي الهندي نقول الروايات الستة عشر كلها ضعيفة السند عدا الرواية الأولى صحيحة العيس بن القاسم والرواية الثانية صحيحة ابن عبد الكريم هذا من ناحية السند، وأما من ناحية الدلالة فجميعها لا يدل على المطلوب ولقد أجاد وأفاد الشيخ مالك وهبي([17] )، إذ قال الظاهر أن معنى الأعلمية في هذه الأخبار هي الأعلمية بالأحكام الشرعية الواقعية لا الأعلمية في مقام التفاضل المتعارف عليه بين المجتهدين الذين هم في أغلب معارفهم الفقهية يعتمدون على سبل ظاهرية قد لا تكون موافقة للواقع وإن كان مسموحاً بها شرعاً لذا لا يصح الاستدلال بهذه الروايات على اعتبار الأعلمية الفقهية المتعارف عليها بين الفقهاء بل تكون هذه الروايات من أدلة اشتراط العصمة في الإمام الحاكم لأنه لا يمكن لغيره أن يعرف الحكم الواقعي في كل واقعة وشأن ولا شك أن هذا هو الحكم الأولي الذي بنا عليه الإسلام ولو تنزلنا وحملنا العلم على العلم الظاهري لا العلم الواقعي فإننا نحمل الأعلمية على الأعلمية الوصفية لا الأعلمية التفضيلية ولقد أجاد وأفاد الشيخ حسين المظاهريx([18] )، حيث قال بعد أن ذكر ثمان روايات هذا جميع ما احتج به مثبت الأعلمية فقاهة في الفقيه الولي وهو بالنظر إلى تعدد أسانيده يزيد على عشرين حديثاً إلى أن يقول وكيف كان فبالنظر إلى ما بأيدينا حوله ظهر أن لا دلالة له على مذهبهم.

وتلخيص الكلام فيه أولاً إن هيئة إفعل في هذه الأحاديث ما استعملت إلا في معناها الوصفي لا التفضيلي ثم يفصل ثانياً إن من تلك الأحاديث ما صدر من مصادره^ لبيان شأن الإمامة بالأصالة والخلافة الإلهية من غير واسطة ولا ارتباط بينه وبين مسألة ولاية الفقيه نفياً ولا إثباتا.

ثالثاً إن من تلك الأحاديث ما يرشد إلى حكم العقل بتقدم الأعلم على العالم في جميع الأمور والأعلمية في كل أمر بحسبه فالأعلمية المطلوبة من الفقيه الولي غير الأعلمية المطلوبة من الفقيه المرجع وهذا واضح، هذا تمام الكلام في تحقيق الروايات الأربعة عشر التي ورد فيها مفردة الأعلم.

يبقى الكلام في الروايات التي جاء فيها مفردة عالم أو مفردة جاهل في مقابل عالم وهي تصلح للاستدلال على اشتراط العلم في ولي الأمر ولا تصلح للاستدلال على اشتراط الأعلمية كما أن الروايات التي اشترطت الأعلمية وهي الأربعة عشر رواية وقد يستدل بها على اشتراط العلم في ولي الأمر وكما ذكرها الشيخ المنتظري([19] ) حسب الترتيب التالي:

الرواية الأولى ما في نهج البلاغة في شرائط الوالي من قوله× >ولا الجاهل فيضلهم بجهله<([20] )، فهي تدل على اشتراط العلم لأنها ذكرت أن الجهل مانع من التصدي لشؤون الولاية.

الرواية السادسة عشر ما في أصول الكافي

وجاء في أصول الكافي([21] ) عن الإمام الرضا× قال: >والإمام عالم لا يجهل وراع لا ينكل تنام العلم كامل الحلم مضطلع بالإمامة عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر الله ناصح لعباد الله حافظ لدين الله<([22] )، ومن الواضح أن الرواية الأولى والرواية السابعة ناظرة إلى الإمام المعصوم¤ لا إلى ولي الأمر الذي يقوم مقامه.

الرواية الثالثة الرواية خمسة عشر ما رواه ابن قتيبة في كتاب الإمامة والسياسة عن علي× في مقام الاحتجاج >فو الله يا معاشر المهاجرين لنحن أحق الناس به لأنا أهل البيت ونحن أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله العالم بسنن رسول الله| المضطلع بأمر الرعية المدافع عنهم الأمور السيئة القاسم بينهم بالسوية<([23] )، سنلاحظ كل هذه الروايات ناظرة إلى احتجاج أمير المؤمنين على خصومه فهي خاصة بالإمام المعصوم ولا تشمل ولي الأمر.

الرواية الرابعة وهي الرواية رقم 16([24] )، ما رواه ابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة عن علي× في كتابه لأهل العراق في بيان تفضيلهم على أصحاب معاوية في التصدي لشؤون الولاية وأعمالها والكتاب طويل وفيه >وهؤلاء الذين لو ولوا عليكم لأظهروا فيكم الغضب والفخر والتسلط بالجبروت والتطاول بالغضب والفساد في الأرض ولتَّبعوا الهوى وحكموا بالرشا وأنتم على ما فيكم من تخاذل وتواكل خير منهم وأهدى سبيلا فيكم الحكماء والعلماء والفقهاء وحملة القرآن والمتهجدون بالأصحاب والعباد والزهاد في الدنيا وعمار المساجد وأهل تلاوة القرآن أفلا تسخطون وترقمون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهائكم والأراذل والأشرار منكم<([25] )، فهذه الرواية وإن كانت ناظرة إلى علم علي× ولكن فيها تفضيل لأصحاب علي وتقديمهم على غيرهم لعلمهم.

الرواية الخامسة رواية رقم 22 ما رواه الآمدي في غرر الحكم عن أمير المؤمنين من قوله >العلماء حكام على الناس<([26] )، وهذه الرواية مرسلة وضعيفة السند وقد ناقشناها في الأدلة على إثبات ولاية الفقيه العامة واتضح عدم دلالتها ولكن هذه الرواية في موطن بحثنا ليست خاصة بالأئمة^ بل فيها أيضاً حيثية تعليلية >العلماء حكام على الناس< يعني سبب الحكم على الناس هو علمهم.

الرواية السادسة رواية رقم 23 ما رواه الحراني في تحف العقول من قولهj >مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه<([27] ) وقد تطرقنا إلى هذه الرواية في الأدلة التي أقيمت على إثبات ولاية الفقيه العامة أو المطلقة وقد ذهبنا إلى أن هذه الرواية عن سيد الشهداء× التي ينقل فيها قول أبيه أمير المؤمنين إنما هي ناظرة إلى خصوص الأئمة^ ولا تشمل الفقهاء من بعدهم فهي أجنبية عن المقام ولكن تشير إلى دور العلم في التصدي لمجاري الأمور.

والرواية السابعة والأخيرة هي آخر رواية ذكرها الشيخ المنتظريî رواية رقم 24([28] )، ما في كتاب سليم بن قيس الهلالي حيث قال× >والواجب في حكم الله وحكم الإسلام على المسلمين أن يختاروا لأنفسهم إماماً عفيفاً عالماً ورعاً عارفاً بالقضاء والسنة<([29] ).

وقد تطرقنا إلى هذه الرواية فيما سبق ومن الواضح أنها ناظرة إلى تفضيل أمير المؤمنين على غيره وقد ذكرها أمير المؤمنين× في مقام بيان إن بيعته حازت على النص والشورى فهي ملزمة للعامة حسب مبناهم من الشورى، إلى هنا تطرقنا إلى أربعة وعشرون رواية قد ذكرها الشيخ المنتظري+ والكتب التي جاءت بعده كانت ناظرة إلى هذه الروايات فالشيخ المؤمن القمي& حينما ذكر عشر روايات كان ناظراً إلى ما أورده الشيخ المنتظري وقد أثبت الأعلمية الفقهية بناءً على هذه الروايات والشيخ المظاهري~ بإيراده الثمان روايات كان ناظراً إلى الروايات التي ذكرها الشيخ المنتظريî ولم يزد عليها لكنه لم يذهب إلى أن المراد بالأعلمية هي الأعلمية الفقهية وإنما المراد بأفعل التفضيل هو المفهوم الوصفي لا المفهوم التفضيلي وما ذهب إليه هو الصحيح، وهكذا الشيخ مالك وهبي في كتابه الفقيه والسلطة والأمة كان ناظراً إلى ما ذكره الشيخ المنتظري+.

والحق والإنصاف: إن أكثر من كتب في ولاية الفقيه بعد الشيخ المنتظري قد اعتمد على ما ذكره الشيخ المنتظري& إذ كان كثير التتبع فمن ناحية ذكر الأدلة من آيات وروايات وأحكام عقلية وإجماعات وأقوال العلماء والفلاسفة والحكماء فإن الشيخ المنتظريâ قد أتعب نفسه في الاستقراء والبحث والتتبع نعم من جاء بعده ربما خالفه في الاستدلالات وبعضهم بحث مباحث علمية وفقهية قوية كالشيخ المؤمن القمي في كتابه الولاية الإلهية الإسلامية ولعله من أقوى الكتب التي كتبت في ولاية الفقيه العامة بعد كتاب الشيخ المنتظريo دراسات في ولاية الفقيه.

من القسم الأوّل من الأدلة التي أقيمت على اشتراط الأعلمية الفقهية في ولي الأمر وهي الروايات الشريفة واتضح أن جميع الروايات التي اسُتدل بها على اشتراط الأعلمية في ولي الأمر لا تدل على اشتراط الأعلمية الفقهية في ولي أمر المسلمين، وإنما هي ناظرة إلى إمامة وخلافة أمير المؤمنين× فيحمل العلم فيها على العلم الواقعي لا العلم الظاهري ولو تنزلنا وحملناها على العلم الظاهري فإننا نحمل أفعل التفضيل فيها على المعنى الوصفي لا المعنى التفضيلي، فلا تدل جميع هذه الروايات على المدعى هذا من ناحية الدلالة وأما من ناحية السند فلم تصح منها إلا الرواية الأولى وهي صحيحة العيس بن قاسم والرواية الثانية صحيحة ابن عبد الكريم الهاشمي.


[1] () بحار الأنوار، ج32، ص75؛ تمام نهج البلاغة، الكتاب48، ص827.
[2] (.) الذي جمعه السيد صادق الموسوي الشيرازي ابن المرجع السيد محمد باقر الشيرازي ابن المرجع المعروف السيد عبد الله الموسوي الشيرازيâ في لبنان
[3] () فقه الولاية والحكومة الإسلامية، ج1، ص260.
[4] () الولاية الإلهية الإسلامية، ج3، ص228.
[5] () الاحتجاج، ص70 ـ 74؛ الخرائج والجوارح، ص171، الفقرات الأولى وص182 الفقرات الأخرى.
[6] () بحار الأنوار، ج68، ص189؛ نهج البلاغة، ص484، الكلمة 96؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي، ج18، ص252، غرر الحكم ودرر الكلم، ص110، الكلمة 1958.
[7] () السنن الكبرى، ج10، ص118.
[8] () الغدير، ج8، ص291.
[9] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص302 ـ 318.
[10] () الولاية الإلهية الإسلامية، ج3، ص219 ـ230.
[11] () فقه الولاية والحكومة الإسلامية، ج1، ص251 ـ 261.
[12] () الفقيه والسلطة والأمة، ص121 ـ124.
[13] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص304.
[14] () نفس المصدر.
[15] () كنز العمال، ج6، ص19، ح14653، الباب الأوّل من كتاب الإمارة من قسم الأقوال.
[16] () كنز العمال، ج6، ص25، ح14687.
[17] () الفقيه والسلطة والأمة، ص123.
[18] () فقه الولاية والحكومة الإسلامية، ج1، ص262.
[19] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص302 ـ 318.
[20] () نهج البلاغة، ج2، ص19، الخطبة 131، شرح الشيخ محمد عبده.
[21] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص305.
[22] () الكافي، ج1، ص202، الحديث الأوّل، كتاب الحجة باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته.
[23] () الإمامة والسياسة، ج1، ص19، باب إباءة علي × بيعة أبي بكر.
[24] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص307.
[25] () الإمامة والسياسة، ج1، ص136.
[26] () غرر الحكم ودرر الكلم، ج1، ص137، الحديث 506.
[27] () تحف العقول، ص338.
[28] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص318.
[29] () كتاب سليم بن قيس الهلالي، ص182.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo