< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/05/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الدليل الثامن من القسم الثاني وهو الاستدلال على الرجولة بالروايات والأحاديث الشريفة؛ ما عن أمير المؤمنين× في وصيته لابنه الحسن المجتبى×

الدليل الثامن من القسم الثاني وهو الاستدلال على الرجولة بالروايات والأحاديث الشريفة؛ ما عن أمير المؤمنين× في وصيته لابنه الحسن المجتبى× في رواية وفي رواية أخرى في وصيته لابنه محمد بن الحنفية من النهي عن أن يملّك المرأة ما جاوز نفسها، وتفصيل ذلك ذكر الكلينيî في كتاب النكاح من الكافي رواية ذكر لها سندين أحدهما عن الإمام الباقر× والثاني عن الإمام الصادق× أنهما قالا في رسالة أمير المؤمنين× إلى الحسن وفي نقل آخر في الكافي في وصية أمير المؤمنين إلى محمد بن الحنفية؛ أما رسالة أمير المؤمنين إلى الحسن فقد وردت أيضاً في نهج البلاغة فيكون ذكرها في نهج البلاغة مؤيداً لها وأما رسالة أمير المؤمنينj إلى محمد بن الحنفية فلم يرد النص الذي ذكر في أصول الكافي وفي كتاب من لا يحضره الفقيه للصدوقî وإنما ذكر الشيخ الصدوق نصاً آخر ونص على أنها رسالة أمير المؤمنين× أو وصية أمير المؤمنين إلى محمد بن الحنفية وبهذا المضمون أيضاً، إذاً رسالة أمير المؤمنين إلى ولده الحسن مؤيدة بنهج البلاغة إذ ذكر نفس النص ورسالة أمير المؤمنين إلى ولده محمد بن الحنفية مؤيدة بكتاب من لا يحضره الفقيه لكن الذي أُيِّد هو معنى الرواية وليس لفظ الرواية.

نص الرواية ما ذكره الكليني في كتاب النكاح عن الإمامين الباقر والصادق‘ أنهما قالا في رسالة أمير المؤمنين إلى الحسن× >لا تملك المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها فإن ذلك أنعم لحالها وأرخى لبالها وأدوم لجمالها فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ولا تعدو بكرامتها نفسها واغضض بصرها بسترك واكففها بحجابك ولا تطمعها أن تشفع لغيرها فيميل عليك من شفعت له عليك معها واستبقي من نفسك بقية فإن إمساكك نفسك عنهن وهن يرين أنك ذو اقتدار خير من أن يرين منك حالاً عن انكسار ـ وفي نسخة الوسائل يرين حالك على انكسارـ<([1] ).

ورواه في نهج البلاغة ضمن وصية أمير المؤمنين إلى الإمام الحسن بهذه العبارة >ولا تُملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ولا تعدو بكرامتها نفسها ولا تطمعها في أن تشفع لغيرها وإياك والتغاير في غير موضع غيرة فإن ذلك يدعو الصحيح إلى السقم والبريء إلى الريب< ([2] ).

تقريب الاستدلال أوّلاً تحقيق السند؛ ففي السند الأوّل في الكافي يوجد إرسال في أوّله كما يوجد جعفر بن عنبسة وعباد بن زياد الأسدي وهما مجهولان هذا بالنسبة إلى السند الأوّل وأما السند الثاني ففيه الإرسال أيضاً وعلي بن حسان الهاشمي وعبد الرحمن بن بثير وهما ضعيفان، وقال الكليني في الكافي بعد ذكر الحديث أحمد بن محمد بن سعيد عن جعفر بن محمد بن الحسني عن علي بن عبدك عن الحسن بن ظريف بن ناصح عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين× مثله إلا أنه قال كتب أمير المؤمنين بهذه الرسالة إلى ابنه محمدJ يعني ينص الكليني على أن هذه الرسالة قد كتبها أمير المؤمنين إلى محمد بن الحنفية ونقل الصدوق في من لا يحضره الفقيه ضمن وصية طويلة لابنه محمد بن الحنفية أنه قال: >يا بني إذا قويت فقوى على طاعة اللهP وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله® وإن استطعت أن لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فافعل فإنه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لحالها فإن المرأة ريحانه وليست بقهرمانة فدارها على كل حال وأحسن الصحبة لها فيصف عيشك<([3] ).

وأستند الشيخ الصدوق في الفقيه إلى هذه الوصية هكذا قال فقد رويته عن أبيه عن علي أبن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن من ذكره عن أبي عبد الله([4] )، هذا السند تام إلى حماد بن عيسى غريق الجحفة الذي هو أحد أصحاب الإجماع لكن الرواية مرسلة فتكون ضعيفة ولكن يمكن تصحيحها بناء على مبنى أصحاب الإجماع الذين ذكرهم الكشي& ونحن لا نبني على مبنى وثاقة كل من روى عنه أصحاب الإجماع كما اتضح ذلك في بحثنا تحقيق المباني الرجالية إذ توصلنا إلى أن كلام الكشي بالنسبة إلى أصحاب الإجماع فيه مزية وهو أنهم من بين رواة أصحاب الأئمة قد اتفقت العصابة على وثاقتهم وعظمتهم ولم نستفد تصحيح الراوي ولا تصحيح المروي فلا توجد ثمرة رجالية لأصحاب الإجماع وهو تصحيح الراوي وكل من رووا عنه ولا توجد ثمرة روائية وهي تصحيح المروي والأخذ بكل رواية صحت إليهم فلا ينظر إلى السند من بعدهم فإذا لم نقبل مبنى أصحاب الإجماع لا بثمرته الرجالية ولا بثمرته الروائية لا يمكن تصحيح هذه الرواية بناء على مبنى أصحاب الإجماع.

ويوجد مبنى آخر يمكن من خلاله تصحيح الرواية وهو ما يبني عليه شيخنا الأستاذ الشيخ مسلم الداوري~ من صحة جميع الروايات المروية في من لا يحضره الفقيه.

نحن لا نبني على ذلك ويوجد مبنى ثالث وهو قبول مراسيل الشيخ الصدوق وهذه الرواية من مراسيل الصدوق+.

ونحن لا نبني على ذلك أيضاً، إذاً هذه الرواية المروية في الفقيه سندها ضعيف كما أن الرجال المذكورين في الكافي للكليني لهذه الوصية ثقات إلا علي بن عبدك فإنه مجهول الحال فتبين أن سند الكليني في الكافي ضعيف كما أن سند الكليني في الكافي ضعيف أيضاً في رسالة الإمام إلى محمد بن الحنفية، إذاً كلتا الروايتان رسالة أمير المؤمنين إلى الإمام الحسن المجتبى وهو السند الأوّل ورسالة أمير المؤمنين إلى محمد بن الحنفية وهو السند الثاني في الكافي ضعيفان كما أن سند من لا يحضره الفقيه ضعيف أيضاً، نعم يمكن تصحيح الرواية بناء على مبنى صحة جميع روايات الكتب الأربعة كما هو المشهور بين الإخباريين أو لا أقل مبنى صحة جميع أحاديث الكافي حيث يقول المحقق الميرزا النائيني+ المناقشة في أسانيد الكافي حرفة العاجز كما ينقل تلميذه السيد الخوئي& لكننا لا نبني على صحة جميع أحاديث الكافي ولا صحة جميع أحاديث من لا يحضره الفقيه فضلاً عن صحة جميع أحاديث الكتب الأربعة فتبين أن الرواية بكلى سنديها في الكافي ومن لا يحضره الفقيه ضعيفة هذا تمام الكلام من ناحية السند.

ثانياً البحث من ناحية الدلالة وموضع الاستدلال قوله× لا تُملك المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها بتقريب أن الإمامj قد نهى أن يجعل تحت اختيار المرأة أي شيء يتجاوز نفسها وحدودها الشخصية، فكل ما لا يرتبط بنفس المرأة قد نهي عن أن يجعل تحت اختيارها ومن الواضح أن التصدي لولاية الأمر أمر يجاوز نفس المرأة وبالتالي قد نهت الرواية عن تولي المرأة لولاية الأمر فيكون توليها لولاية الأمر تمليك لها لما يجاوز نفسها وهو منهي عنه وغير مشروع.

ولكن قد يناقش في دلالة الرواية ببيان أنها ناظرة إلى خصوص الزوجة لا مطلق المرأة فالمراد بالمرأة المذكورة في الرواية زوجة الإنسان التي تعيش معه فلا يوجد عموم في الرواية الشريفة.

والجواب لو سلمنا أن الرواية ناظرة إلى خصوص الزوجة لا مطلق المرأة فإننا يمكن أن نتمسك بعموم التعليل الوارد في الرواية فقد جاء فيها فإن المرأة ريحانة أي ناعمة رقيقة وليست بقهرمانة والقهرمان هو المتصلب في الأمور والقوي على تحمل المصاعب، فهذه العلة تدل على أن جنس المرأة جنس لا يستطيع أن يتحمل ما يجاوز نفسه فإذا كانت المرأة لا تتحمل ما يجاوز نفسها في حياتها العائلية والشخصية فمن باب أولى لا تتحمل ما يجاوز نفسها في أمر عام وهام وخطير وهو التصدي لشؤون المسلمين العامة، إذاً دلالة الرواية على اشتراط الرجولة في ولي الأمر تام بلا إشكال إلا أن السند ضعيف.

إذاً الدليل الثامن على اشتراط الرجولة في ولي الأمر تام الدلالة إلا أنه ليس تاماً من ناحية السند.

الدليل التاسع ما رواه ابن شعبة الحرانيî في تحف العقول ضمن نقل قصار كلمات النبي الأكرم| أنه قال: >لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة ـ وفي نسخة أسدوا أمرهم إلى امرأة ـ<([5] ).

وهذا النص وهو النهي عن إسداء وإسناد الأمر إلى المرأة لم يرد فيه مصادر الشيعة الإمامية إلا في مصدرين؛ الأوّل تحف العقول لابن شعبة الحراني والثاني في المناقب وقد نقل عنه المحدث النوري في مستدرك الوسائل أن رجلاً قال عند الإمام الحسن× أن رسول الله| قال: >لا يفلح قوم ملكت عليهم امرأة<([6] ).

والمراد بإسناد أمر القوم إلى امرأة هو عبارة عن كون ولاية أمور الناس إلى المرأة وإسناد الأمر إلى المرأة هو بمعنى إسداء الأمر إلى المرأة على اختلاف الرواية فقد حكم| بأن إسناد ولاية شؤون المسلمين إلى المرأة نتيجته عدم فلاح الأمة فتكون ولاية المرأة للأمة منكرة وغير مشروعة إلا أن سند تحف العقول مرسل كما هو واضح كما أن سند المناقب مرسل فهو عن رجل مجهول الحال، إذاً هاتان الروايتان تامتان من ناحية الدلالة لكنهما ضعيفتان من ناحية السند، هذا من طرق الشيعة الإمامية.

وأما من طرق السنة فهذا الحديث أسانيده متعددة ومضامينه متعددة يعني نصوصه مختلفة لكنها تشير إلى معنى واحد وهو عدم فلاح من تلي أمورهم امرأة، وقد ذُكر في عدة كتب من الصحاح الستة كصحيح البخاري وسنن البيهقي وسنن الترمذي وسنن أحمد بن حنبل في مسنده فهذه الرواية يمكن أن يقال إنها من الروايات المشهورة في كتب العامة، وإليكم التفصيل.

روى البخاري في كتاب المغازي في باب كتاب النبي| إلى كسرى وقيصر بسنده إلى الحسن عن أبي بكرة قال: >نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله| أيام الجمل بعد ما كدت أن الحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم قال لما بلغ رسول الله| أن أهل فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى قال لن يُفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة<([7] )؛ ورواه البخاري أيضاً باختصار بهذا الإسناد عن أبي بكرة في كتاب الفتن يعني في كتابين في كتاب المغازي وفي كتاب الفتن([8] )، يعني البخاري كرر مرتين هذا بالنسبة إلى البخاري.

الكتاب الثاني سنن البيهقي في كتاب آداب القاضي بلفظ إسحاق بن الحسن الحربي ثم قال وفي رواية هشام >ملّكوا أمرهم امرأة< رواه البخاري في الصحيح عن عثمان بن الهيثم([9] ).

الكتاب الثالث سنن الترمذي في كتاب الفتن بسند آخر عن الحسن عن أبي بكرة قال: >عصمني الله بشيء سمعته من رسول الله| لما هلك كسرى قال من استخلفوا قالوا ابنته فقال النبي| لم يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة قال فلما قدمت عائشة تعني البصرة ذكرت قول رسول الله| فعصمني الله به قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح<([10] ).

الكتاب الرابع من الصحاح الستة روى النسائي في سننه في كتاب آداب القضاء تحت عنوان النهي عن استعمال النساء في الحكم بسنده عن الحسن عن أبي بكرة قال: >عصمني الله بشيء سمعته من رسول الله| لما هلك كسرى قال من استخلفوا قالوا بنته قال لم يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة<([11] ).

الكتاب الخامس الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين؛ صحيح البخاري ومسلم في كتاب الفتن والملاحم بإسناده عن أبي بكرة قال: >لما كان يوم الجمل أردت أن آتيهم أقاتل معهم حتى ذكرت حديثاً سمعته من رسول الله| أنه بلغه إن كسرى أو بعض ملوك الأعاجم مات فولّوا أمرهم امرأة فقال رسول الله| لا يفلح قوم تملكهم امرأة<؛ فقال صاحب المستدرك هذا حديث صحيح الإسناد([12] ).

الكتاب السادس والذي نقتصر عليه أحمد بن حنبل روى هذه الرواية بست ألفاظ، روى أحمد بن حنبل في مسنده في أحاديث أبي بكرة نقيع بن الحرث بن كلده ولم يذكر قصة يوم الجمل لكنه ذكر اللفظ بست عناوين، اللفظ الأوّل >لن يفلح قوم اسندوا أمرهم إلى امرأة<؛ اللفظ الثاني مثله لكن بتبديل لفظة لن بلفظة لا يعني >لا يفلح قوم تملكهم امرأة<؛ اللفظ الثالث >لن يفلح قوم تملكهم امرأة<؛ اللفظ الرابع مثله بتبديل لن بلا يعني >لا يفلح قوم تملكهم امرأة<؛ اللفظ الخامس >ما أفلح قوم يلي أمرهم امرأة<([13] ).

فهذا الكلام الذي ذكروه ونقلوه وحكموا بصحته قد نقلوه عن أبي بكرة واللفظ وإن كان مختلفاً لكن جميع الألفاظ تتفق في المعنى والدلالة وهو أنه >لا يفلح قوم جعلوا ولي أمرهم امرأة<، وهذا بعينه هو مفاد المرسل المنقول، قد يقال كما ناقش الشيخ محمد مهدي شمس الدين في كتابه أهلية المرأة لتولي السلطة هذه الرواية بأنها ناظرة إلى النتيجة يعني المرأة إذا وليت قوم نتيجتهم عدم الفلاح وليس مفادها النهي عن تولي المرأة للقوم؛ إلا أن الإنصاف أن الرواية في مقام الذم والعاقل لا يقدم على المذموم والمرجوح لاسيما إذا كان الذم قد ورد عن رسول الله| الذي ظاهره أنه في سياق سلب الصلاحية أو نفي الأهلية.

النتيجة النهائية: الحديث النبوي دلالته تامة كما أن رواية تحف العقول والمناقب دلالتها تامة لكن الكلام في السند؛ فالسند وإن كان صحيحاً عند العلّامة لكن الرواية العامية ليست صحيحة السند عندنا، إذاً الدليل التاسع تام من ناحية الدلالة وضعيف من ناحية السند.

الدليل العاشر عدة أخبار تدل على أن المرأة ناقصة عقل والاستدلال بهذه الروايات بملاحظة أن ولاية الأمر تحتاج إلى عقل راجح وتدبير قوي وعقل ودراية قوية يقدر بها ولي الأمر على تسهيل دفة شؤون المسلمين العامة وإدارة الأمور فإذا كانت المرأة ناقصة العقل فلا تصلح للتصدي لولاية الأمر، هذه الروايات ضعيفة السند لكنها تامة الدلالة؛ وقد يقال إن هذه الروايات ناظرة إلى نقص العقل بمعنى أن شهادة الرجل كشهادتين للمرأة كما نصت بعض الروايات ولكن يظهر من ملاحظة مجموع الروايات أن ما ذكر من أن شهادتها نصف شهادة الرجل قد ذكر من باب المثال لا الحصر وسيتضح ذلك من خلال ملاحظة الروايات.

الرواية الأولى خطبة أمير المؤمنين× وقد خطب بهذه الخطبة بعد فراغه من حرب الجمل قال: >معاشر الناس إن النساء نواقص الإيمان نواقص الحظوظ ونواقص العقول فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصيام والصلاة في أيام حيضهن وأما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد<([14] ).

وما ذكره× من أن شهادة امرأة بمنزلة شهادة رجل واحد إنما هو من باب المثال وإلا فقد صَدَّرَ الخطبة بأمر كلي وهو أنهن نواقص عقول وبنفس هذا المضمون في كتب العامة روى ابن ماجة وهو سنن ابن ماجة إحدى الصحاح الستة روى ما يقرب عن هذا المضمون عن النبي| فقد روى عن عبد الله بن عمر عن رسول الله| أنه قال: >يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار فقالت امرأة منهن جزلة ـ يعني ذات رأي ـ وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن قالت يا رسول الله وما نقصان العقل والدين قال أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا من نقصان العقل وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا من نقصان الدين<([15] ).

الرواية الثانية روى الكليني بسند معتبر عن سليمان بن جعفر الجعفري عمن ذكره عن أبي عبد الله× قال: >قال رسول الله| ما رأيت من ضعيفات الدين وناقصات العقول أسلب لذي لب منكن<([16] )، طبعاً هذه الرواية الثانية أيضاً رواها الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه مرسلاً بقوله قال رسول الله| بقوله فهي من مراسيل الصدوق الجازمة والسيد الإمام الخميني+ يبني على صحة مراسيل الصدوق الجازمة فعلى هذا المبنى تتم الرواية عنده وشيخنا الأستاذ الداوري يرى صحة جميع مراسيل الصدوق الجازمة وغير الجازمة بل صحة كل ما ورد في من لا يحضره الفقيه للصدوق.

الرواية الثالثة في الكافي ضمن حديث مالك بن أعين قال حرَّض أمير المؤمنين× الناس بصفين إلى أن قال: >ولا تُهّيِجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمرائكم وصلحائكم فإنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول<([17] ).

ورواه في نهج البلاغة أيضاً ضمن وصية له لعسكره قبل لقاء العدو بصفين([18] ).

الرواية الرابعة في كتاب من لا يحضره الفقيه باب فضل الأولاد قال الإمام الصادق×: >إذا أصاب الرجل ابنتاً بعث الله® إليها ملكاً فَأَمَّرَ جناحه على رأسها وصدرها وقال ضعيفة خُلقت من ضعف المتفق عليها معان<([19] )، فهذه من مراسيل الصدوق الجازمة، وهذا الحديث يدل على أن المرأة ضعيفة من جميع الجهات فيدل على ضعفها ونقصها من ناحية العقل أيضاً وهناك روايات كثيرة بهذا المضمون فلا تتم مناقشة الشيخ محمد مهدي شمس الدين لهذه الرواية في كتابه أهلية المرأة لتولي السلطة من أنها خاصة بخصوص واقعة الجمل وأن أمير المؤمنين كان ناظر إلى عائشة ومن خرجن معها من النساء فقد لاحظنا في الدليل العاشر أن هذه الروايات روية عن النبي قبل أمير المؤمنين وعن أمير المؤمنين وعن الإمام الصادق× فهي ناظرة إلى طبيعة المرأة والى قضية حقيقية وليست ناظرة إلى قضية خارجية، إذاً الدليل العاشر تام الدلالة لكنه ضعيف السند، نعم يمكن تصحيحه على بعض المباني وهو صحة جميع روايات الكافي أو صحة جميع روايات من لا يحضره الفقيه.

لكننا لا نبني على ذلك، النتيجة النهائية الدليل العاشر تام من ناحية الدلالة ولا أقل أنه يصلح مؤيداً لكنه ضعيف من ناحية السند فلا يعد دليلاً وإنما يصلح أن يكون مؤيداً.

الدليل الحادي عشر مجموعة روايات كثيرة دلت على أن المرأة لا تصلح أن تستشار ولا يؤخذ برأيها فإنها ضعيفة الرأي ولا يصلح أن تستشار ومن لا يصلح أن يستشار فمن باب أولى لا يصلح أن يتصدى لولاية الأمر لأن ولاية الأمر تحتاج إلى قوة في الفكر وقوة الدراية من هذه الروايات:

الرواية الأولى خبر سليمان بن خالد المروي في كتاب النكاح من الكافي قال سمعت أبا عبد الله× يقول: >إياكم ومشاورة النساء فإن فيهن الضعف والوهن والعجز<([20] ).

الرواية الثانية في نهج البلاغة ضمن وصية أمير المؤمنين إلى ابنه الحسن وفي الكافي عن أبي عبد الله× في رسالة أمير المؤمنين إلى الإمام الحسنj >إياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى أفن وعزمهن إلى وهن<([21] )، فصدر الخبر الأوّل خبر سليمان والخبر الثاني من نهج البلاغة واضح في التحذير من مشاورة النساء وذيلهما يثبت علة هذا التحذير وهو كونهن ضعيفات الرأي.

الرواية الثالثة في الكافي بسند معتبر عن محمد بن خالد البرقي رفعه إلى أبي جعفر× قال: >ذكر عنده النساء فقال لا تشاوروهن في النجوى ولا تطيعوهن في ذي قرابة<([22] ).

ومثله ما رواه عن عَمر بن عثمان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله× في حديث قال رسول الله| >النساء لا يشاورن في النجوى ولا يطعن في ذوي القربى<([23] )، قد يقال إن هاتين الروايتين ناظرتان إلى خصوص المشاورة في النجوى يعني في الخفاء ولعل السر في هذا النهي من أن المرأة لا تستطيع كتمان السر فنهي عن مشاورتها بشكل خفي لأنها لا يعتمد عليها في حفظ الأسرار فلا تدل على النهي عن مطلق المشاورة فيمكن مشاورتها في العلن لكن الروايات الأخرى تدل على مطلق المشاورة.

الرواية الرابعة روى الكليني في الكافي بإسناده عن إسحاق بن عمار رفعه ـ الرواية مرفوعة وكل الروايات ضعيفة ومراسيل مرفوعات ـ قال: >كان رسول الله| إذا أراد الحرب دعا نسائه فاستشارهن ثم خالفهن<([24] )، وقد يقال إن هذه الرواية مختصة بخصوص المشورة في شؤون الحرب ولا عموم لها.

نحن لسنا بصدد شرح ما المراد بمخالفة مشورة النساء ولسنا بهذا الصدد الكلام في النهي عن المشورة.

الرواية الخامسة روى الشيخ الصدوق في الفقيه ضمن حديث رواه عن حماد بن عمر وأنس بن محمد إن النبي| قال في وصيته لعلي× >ليس على النساء جمعة ولا جماعة ولا تولى القضاء ولا تستشار<([25] ).

ومثل هذا الحديث ما عن الخصال في رواية جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر× يقول: >ليس على النساء جمعة ولا جماعة ولا تلي الإمارة ولا تستشار<([26] ).

الرواية السادسة روى الكليني في الكافي بسند معتبر عن يعقوب بن يزيد عن رجل من أصحابنا يكنى أبا عبد الله رفعه عن أبي عبد الله× رواية مرسلة ومرفوعة فهي ضعيفة السند قال: >قال أمير المؤمنين× في خلاف النساء البركة<([27] ).

الرواية السابعة في نهج البلاغة في عداد الحكم المنقولة عن أمير المؤمنين× قال: >يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل ولا يظرف فيه إلا الفاجر ولا يضعف فيه إلا المنصف يعدون الصدقة فيه غرماً وصلة الرحم مناً والعبادة استطالة على الناس فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان<([28] ).

تقريب الاستدلال الرواية في مقام الذم فهي تشير إلى أن آخر الزمان زمان مذموم مليء بالفساد والأمور القبيحة ومن تلك الأمور القبيحة أنه الصبيان وهم من لم يبلغوا الحلم أو الرجل الكبير لكن عقله عقل صغير يكون أميراً على الناس ويكون السلطان بمشورة النساء، إذاً هذه الطائفة من الروايات مستفيضة وهي تدل على المطلوب بتقريب إذا نُهي عن استشارة المرأة وأن في خلافها البركة فمن باب أولى لا يصح أن تتولى شؤون المسلمين العامة لكن هذه الروايات ضعيفة السند، إذاً الدليل الحادي عشر تام الدلالة إلا أنه ضعيف السند ومخدوش من الناحية السندية.

إلى هنا ذكرنا أحد عشر رواية لم يصح من هذه الروايات الأحد عشر إلا الدليل الأوّل فهو تام سنداً ودلالة وأما البقية من الدليل الثاني إلى الحادي عشر فأغلبها ضعيف السند والصحيح منها قد يكون غير تام الدلالة لكنها تصلح كمؤيدات إذ أن الكثير من الروايات التامة الدلالة إلا أنها ضعيفة السند وبالتالي يحصل لدينا تواتر معنوي فلا نحتاج إلى التدقيق في الأسانيد.

 


[1] () الكافي، ج6، ص510، الحديث 3، ونقل عنه صاحب الوسائل، الباب87 من أبواب مقدمات النكاح، الحديث 1 ج14، ص120.
[2] () نهج البلاغة، نسخة صبحي الصالح قسم الرسائل الرقم 31، ص405.
[3] () من لا يحضره الفقيه، ج4، ص392، ضمن الحديث 5837؛ وقد نقل عنه صاحب الوسائل، الباب87 من أبواب مقدمات النكاح، الحديث 3، ج14، ص120.
[4] () نفس المصدر، ج4، ص513.
[5] () تحف العقول عن آل الرسول، ص35.
[6] () مستدرك الوسائل، ج14، ص263، الحديث 6، باب74 من أبواب مقدمات النكاح، ورواه أيضاً المجلسي في بحار الأنوار، عن المناقب، ج43، ص342.
[7] () صحيح البخاري، ج6، ص316، الحديث 866.
[8] () نفس المصدر، ج9، ص687، الحديث 1923.
[9] () سنن البيهقي، ج10، ص117.
[10] () سنن الترمذي، ج4، ص528، ح2262، الباب السابع عشر من كتاب الفتن.
[11] () سنن النسائي، ج4، ص227.
[12] () المستدرك، ج4، ص524.
[13] () مسند أحمد بن حنبل، ص38 و43و47و50 و51.
[14] () نهج البلاغة، الخطبة 80، ص106، نسخة صبحي الصالح.
[15] () سنن ابن ماجة، ج2، ص326، هذه الرواية الأولى نهج البلاغة.
[16] () الكافي، ج6، ص322، الحديث الأوّل.
[17] () الكافي، ج6، ص39، الحديث 39.
[18] () نهج البلاغة، قسم الرسائل، الرقم 14، ص373.
[19] () من لا يحضره الفقيه، ج3، ص482، الحديث 4700.
[20] () الكافي، ج6، ص517، الحديث 8، نقل عنه الحر العاملي في وسائل الشيعة، ج14، ص131، الحديث 2، الباب96 من أبواب مقدمات النكاح.
[21] () نهج البلاغة، قسم الرسائل، الرقم 31، ص405؛ الكافي، ج6، ص338، الحديث 7، وسائل الشيعة، ج14 ص41، ح2، الباب24 من أبواب مقدمات النكاح.
[22] () الكافي، ج6، ص517، الحديث 6؛ وسائل الشيعة، ج14، ص131، ح1؛ الباب96 من مقدمات النكاح.
[23] () نفس المصدر، ص518، الحديث 12، وسائل الشيعة، ج14، ص131، الباب96 من أبواب مقدمات النكاح، الحديث 6.
[24] () نفس المصدر، ص518 الحديث 11، وسائل الشيعة، ج14، ص29، الحديث 4؛ باب أربعة من أبواب مقدمات النكاح.
[25] () من لا يحضره الفقيه، ج4، ص364، الحديث 5762، نقل عنه وسائل الشيعة، ج14، ص155، الباب117 من أبواب مقدمات النكاح، الحديث 6.
[26] () وسائل الشيعة، ج14، ص162، الباب123 من أبواب مقدمات النكاح، ح1.
[27] () الكافي، ج6، ص518، الحديث 9؛ وسائل الشيعة، ج14، ص131، الباب96 من أبواب مقدمات النكاح، الحديث 3.
[28] () نهج البلاغة، الخطبة 22، ص303.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo