< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الشرط السادس: الإيمان في ولي الأمر

الإيمان من شروط ولي الأمر الإيمان بمعنى أن يكون شيعياً اثني عشرياً بعد اشتراط الإسلام في ولي أمر المسلمين نشترط أن يكون ولي أمر المسلمين من المؤمنين والمراد بالإيمان أن يكون معتقداً بإمامة الأئمة الاثني عشر بعد النبي| ابتداءً بإمامة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب× وانتهاء بإمامة مولانا الحجة بن الحسن الإمام المهدي # وذلك لقيام عدة أدلة على اشتراط الإيمان في ولي الأمر بل يفهم شرط الإيمان وصفة الإيمان في ولي الأمر من عدة أدلة وعدة نصوص قرائية وروائية نقتصر على بعضها ولعلها تزيد على خمسة عشر دليلاً.

الدليل الأوّل التمسك ببعض أدلة ولاية الفقيه العامة أو المطلقة فبعض أدلة النصب للولاية العامة مقيداً من الأساس بخصوص المؤمن فيمكن أن نتمسك بوحدة الحكم في أدلة النصب ونقيد الروايات المطلقة بخصوص الروايات المقيدة لولي الأمر بخصوص المؤمن ومن أهم أدلة ولاية الفقيه العامة في نظرنا مقبولة عمر بن حنظلة وقد صرحت ونصت على اشتراط الإيمان إذ جاء فيها >ينظران من كان منكم ممن روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكما<([1] )، فإن الضمير في قوله× >من كان منكم< راجع إلى ما ورد في سؤال السائل عن رجلين من أصحابنا فالجعل الوارد في قوله× >جعلته عليكم حاكماً< يكون خاصاً بمن كان من أصحابنا وليس عاماً يشمل كل من لا يؤمن بإمامتهم ولا يتبعهم^ فتدل المقبولة على اشتراط الإيمان في الحاكم وهو المطلوب، نعم أكثر أدلة ولاية الفقيه مطلق من جهة الإيمان وبما أن الحكم الثابت بهذه الروايات واحد وهو إثبات الولاية العامة للفقيه فإننا نحمل الروايات المطلقة على الروايات المقيدة كمقبولة عمر بن حنظلة:

الدليل الأوّل: على اشتراط الإيمان وفي هذا الشرط وهو الإيمان قد أبدع سماحة الشيخ محسن الأراكي~ في سرد الأدلة([2] )، كما أجاد وأفاد سماحة الشيخ المؤمن القمي&([3] ).

ونحن نذكر ما أفاده هذان الفقيهان مع ترتيب منا وبيان بعض الملاحظات الصغيرة، فيمكن الرجوع إليهما لملاحظة ما سنذكره من أدلة قد تزيد على ستة عشر دليلاً.

الدليل الثاني: على اشتراط الإيمان في ولي الأمر التمسك بدعوى الانصراف فيقال إن أدلة ولاية الفقيه منصرفة عن غير المؤمن مطلقاً فليس فيها إطلاق يشمل الشخص غير المتصف بالإيمان فيبقى الفرد غير المتصف بالإيمان باقياً تحت أصالة عدم الولاية لأحد على أحد ولا حاجة إلى البحث عن دليل يدل على اشتراط الإيمان في ولي الأمر إذ أن الأصل هو عدم ولاية أحد على أحد إلا بدليل وأدلة ولاية الفقيه ناظرة إلى خصوص المؤمن ومنصرفة عن غير المؤمن فيبقى غير المؤمن مندرج تحت عموم العام وهو عدم ولاية أحد على أحد.

بيان الانصراف، إن أدلة ولاية الفقيه العامة إنما تدل على نصب الفقيه في عصر غيبة الإمام المهدي # نيابة عنه فولاية الفقيه إنما هي نيابة عن الأئمة ووكالة عنهم^ ومن الطبيعي جداً أن من ينصب وكيلاً عنهم أو يعين نائباً عن نفسه لا يعينه ولا ينصبه إلا لثقته به واعتماده عليه والاطمئنان كل الاطمئنان إلى الوكيل والنائب في القرارات التي يتخذها ومن الواضح جداً أن الأئمة^ في الشأن العام لشيعتهم لا يثقون في إيكال أمور شيعتهم ومحبيهم إلى غير المؤمن، وقد جرت على ذلك سيرتهم^ وتدل على ذلك تصريحاتهم الكثيرة التي تضمنتها الروايات الصريحة والمتواترة عنهم^، إذاً الدليل الثاني تام وهو دعوى انصراف أدلة ولاية الفقيه العامة عن غير المؤمن لأن الفقيه الولي نائب عن الأئمة^ ومن الواضح أن الأئمة لا يطمئنون في إيكال شؤون شيعتهم العامة إلى غير المؤمن، هذا تمام الكلام في الدليل الثاني وقد اتضح تمامية هذا الدليل.

الدليل الثالث: ما دل على اشتراط الإيمان في القاضي فنتمسك بالأولوية القطعية فإذا دل الدليل على تقييد الجعل لولاية القضاء بقيد الإيمان فمن باب أولى نقيد الجعل للولاية العامة بقيد الإيمان للأولوية القطعية، إذ أن الولاية على القضاء جزء من أجزاء الولاية العامة على شؤون المسلمين العامة فإذا ثبت اشتراط الإيمان في الجزء الأصغر ثبت اشتراط الإيمان في الأمر الأكبر من باب أولى بشكل قطعي، ومن الروايات التي يتمسك بها لاشتراط الإيمان في القاضي رواية أبي خديجة قال أبو عبد الله×: >إياكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم فإني قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه<([4] ) وقد يناقش في أبي خديجة وتضعف هذه الرواية خلافاً للشيخ محسن الأراكي الذي يرى صحة هذه الرواية إلا أن الأمر سهل لأن هناك أدلة أخرى تدل على اشتراط الإيمان في القاضي ومنها عموم مقبولة عمر بن حنظلة، إذاً الدليل الثالث وهو التمسك بفحوى ما دل على اشتراط الإيمان في القاضي تام فبالأولوية القطعية نستنتج اشتراط صفة الإيمان في ولي الأمر.

الدليل الرابع: ما دل على اشتراط الإيمان في إمام الجماعة فنتمسك بفحوى هذه الأدلة فيثبت اشتراط الإيمان في ولي الأمر بالأولوية القطعية من قبيل مكاتبة البرقي وهي صحيحة السند قال كتبت إلى أبي جعفر الثاني× ـ الإمام الجواد ـ أيجوز الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدك ـ الواقفة الذين وقفوا على الإمام الكاظم× ـ فأجاب >لا تصلي ورائه<([5] )، ودلالة هذه المكاتبة على اشتراط الإيمان في إمام الجماعة واضحة وتدل بالالتزام على اشتراط الإيمان في إمام المسلمين وذلك إما لعلاقة الجزء والكل فإمامة الجماعة جزء من أجزاء الولاية العامة للمسلمين فمن مهام ولي أمر المسلمين أن يؤم المسلمين في الجمعة والعيدين وصلاة الجماعة فإذا اشترط الإيمان في هذا الجزء الصغير وهو إمام الجماعة يشترط الإيمان في الأمر الكبير وهو إمامة المسلمين العامة وإما للأولوية القطعية فمن الواضح أن إمامة المسلمين العامة أكبر وأخطر من إمامة خصوص صلاة الجماعة العادية فإذا دل الدليل على تقييد إمام الجماعة بالإيمان فمن باب أولى يكشف عن اشتراط الإيمان في ولي أمر المسلمين الذي يتصدى للشؤون العامة، إذاً الدليل الثالث وهو التمسك بفحوى ما دل على اشتراط الإيمان في إمام الجماعة تام لا ريب فيه.

الدليل الخامس: التمسك بالأدلة التي دلت على اشتراط العدالة في ولي الأمر وسيأتي بحث اشتراط العدالة في ولي الأمر وسيتضح أن من أهم الشروط في ولي أمر المسلمين كونه عادلاً والمراد بالعدالة الاستقامة على جادة الشريعة الحقة ومن الواضح أن الشريعة الحقة هي مذهب أئمة أهل البيت^ المتمثل في المذهب الجعفري الإمامي الاثني عشري، إذاً العدالة فيها جانب نظري وفيها جانب عملي، أما الجانب العملي فهو إما نفس الاستقامة وإما الملكة التي تبعث على الاستقامة وأما الجانب النظري والاعتقادي فهو الاعتقاد بالشريعة الحقة وهي ولاية علي أبن أبي طالب والاعتقاد بولاية الأئمة من بعده^ وبهذا يتضح أن من لا يعتقد بهذا الأمر ومن لا يعتقد بولاية الأئمة الاثني عشر ليس عادلاً إذ أن المراد بالعدالة الاستقامة أو الملكة الباعثة على الاستقامة في جادة الشريعة الغراء الحقة فإذا استقام الإنسان واستقام المكلف على جادة الشريعة إلا أن هذه الشريعة ليست هي الشريعة الحقة كشريعة المخالفين فإن مثل هذا الرجل لا يعد عادلاً بل يعد من الفساق فجميع الأدلة التي دلت على اشتراط العدالة في ولي الأمر تدل بالالتزام على اشتراط الإيمان في ولي الأمر، وسيأتي بحث الأدلة الدالة على اشتراط العدالة في ولي الأمر بشكل مفصل حينما نبحث صفة العدالة، إذاً الدليل الرابع وهو ما دل على اشتراط العدالة في ولي الأمر يدل بالالتزام على اشتراط الإيمان في ولي الأمر تام لا غبار عليه وهو عمدة ما تمسك به الشيخ المؤمن القميî وأوّل دليل تمسك به الشيخ محسن الأراكي~([6] ).

الدليل السادس: التمسك بالآيات والأدلة التي نهت عن إتباع الضالين والمنحرفين، فهناك جملة من الآيات الكريمة والروايات المتواترة دلت على عدم جواز إتباع الضالين والمنحرفين منها قوله P {وَلاَ تَرْكَنُواْ إلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}، ومن الواضح أن من لا يؤمن بولاية الأئمة^ ظالم لنفسه ومنها قولهP {أَفَمَن يَهْدِي إلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}([7] )، وسيتضح من خلال الروايات الأخرى التي سنوردها أنها تنهى عن إتباع الضالين والمنحرفين والظالمين لأنفسهم ولغيرهم، إلى هنا اتضح أن الدليل السادس على اشتراط الإيمان في ولي الأمر تام لا غبار عليه.

هذه الأدلة الستة قد أشار إليها الشيخ محسن الأراكي~ ونضيف إليها عشرة أدلة قد أشار إليها الشيخ المؤمن القمي لكن لم يشر إلى عشرة أدلة وإنما كان عمدة كلامه هو التمسك بالأدلة الدالة على اشتراط العدالة في ولي الأمر فجميع الأدلة التي تدل على اشتراط العدالة تدل على اشتراط الإيمان في ولي الأمر، توضيح ذلك إن الروايات دلت على وجوب أمرين:

الأمر الأوّل وجوب معرفة الأئمة^.

الأمر الثاني وجوب طاعة الأئمةl.

فتكون النتيجة إن كل من لم يعرف الأئمة وإن كل من لم يطع الأئمة فهو فاسق لأنه قد ترك واجباً من الواجبات فتنتفي عدالته، ثم ذكر طائفة للروايات الأولى الدالة على لزوم ووجوب معرفة الأئمة وذكر أربع روايات ثم تطرق إلى الطائفة الثانية التي دلت على وجوب طاعة الأئمة^ وذكر أيضاً أربع روايات فيكون مجموع ما ذكره ثمان روايات، أربع روايات تدل على وجوب معرفة الأئمة وأربع روايات تدل على وجوب طاعة الأئمة^، فيكون المخالف وهو من لم يعرف الأئمة ولم يطعهم فاسقاً وليس بعادل فإذا كان غير عادل يعني نشترط في العدالة الإيمان فيثبت اشتراط الإيمان في ولي الأمر، فهذا الاستدلال عمدته هو اشتراط العدالة فإذا لم نشترط العدالة كما هو مبنى الكثير من أئمة العامة والكثير من فقهاء العامة لا يشترطون العدالة في رئيس المسلمين يسقط هذا الدليل.

ولكننا نتمسك بنفس هذه الروايات لكن من جهة أخرى إذ أن هذه الروايات كل رواية رواية ذكرت حيثيات هذه الحيثيات تتوفر في المؤمن ولا تتوفر في المخالف فيثبت اشتراط الإيمان في ولي الأمر تمسكاً بهذه الحيثيات الواردة في الروايات ونذكر عشر حيثيات فيصير مجموع الأدلة ستة زائد عشرة ستة عشر دليلاً ويمكن زيادة الأدلة على ذلك ولا حاجة لإطالة الكلام في ذلك ونقتصر على كل حيثية برواية واحدة وأكثرها صحيح السند ولا داعي للإطالة إذ أنه توجد روايات أخرى صحيحة السند تدل على المطلوب لوضوحه.

الدليل السابع: التمسك بالروايات الدالة على وجود معرفة الأئمة^ فتكون النتيجة إن من لم يعرف الأئمة وهو المخالف قد ترك واجباً من الواجبات ومن ترك هذا الواجب أصبح من الفاسقين فينتفي شرط العدالة من هذه الروايات ما رواه الشيخ الكليني في الكافي بسنده الصحيح عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر× أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق، فقال: >إن اللهP بعث محمداً| إلى الناس أجمعين رسولاً وحجة لله على جميع خلقه في أرضه فمن آمن بالله وبمحمد رسول الله| واتبعه وصدقه فإن معرفة الإمام منا واجبة عليه ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتبعه ولم يصدقه ويعرف حقهما فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقهما، قال قلت فما تقول في من يؤمن بالله ورسوله ويصدق رسوله في جميع ما أنزل الله يجب على أولئك حق معرفتكم قال× نعم أليس هؤلاء يعرفون فلاناً وفلاناً قلت بلى ـ طبعاً في إشارة إلى الأوّل والثاني ـ قال أترى أن الله هو الذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء والله ما أوقع ذلك في قلوبهم إلا الشيطان لا والله ما ألهم المؤمنين حقنا إلا الله P<([8] ).

تقريب الاستدلال، إن المؤمن هو من ألهمه الله ولاية الأئمة^ والمخالف هو من ألهمه الشيطان ولاية غير الأئمة¥ فكيف يصح أن يتولى الشؤون العامة للمسلمين من ألهمه الشيطان ولاية فلان وفلان، إذاً الدليل السابع على اشتراط الإيمان في ولي الأمر تام لا غبار عليه، يعني هذه الرواية نتمسك بها بإحدى جهتين، الجهة الأولى إذا تمسكنا باشتراط العدالة في ولي الأمر فيكون من لم يعرف الأئمة فاسقاً وليس بعادل هكذا تمسك الشيخ المؤمن القميî لكن هذا الاستدلال لا يتم بناءً على من لم يشترط العدالة في ولي الأمر، الطريق الثاني أن نتمسك بالعناوين الدقيقة الواردة في هذه الرواية منها أن من يؤمن بالأئمة وإمامتهم يكون قد ألهمه الله هذه الولاية ومن يؤمن بولاية فلان وفلان يكون قد ألهمه الشيطان هذه الولاية ولا يصح أن يتصدى للشؤون العامة للمسلمين من يلهمه الشيطان ولاية فلان وفلان.

الدليل الثامن: التمسك بالروايات الدالة على وجوب طاعة الأئمة^ ومنها هذه الرواية وهي ما رواه الكليني بسنده الصحيح إلى أبي الصباح الكناني قال: قال أبو عبد الله× >نحن قوم فرض الله P طاعتنا لنا الأنفال ولنا صرف المال ونحن الراسخون في العلم< إلى آخر الحديث([9] ).

تقريب الاستدلال تدل هذه الرواية على أن طاعة الأئمة فرض من اللهP ومن لم يطع الأئمة يكون قد عصى فرض اللهP فيكون من الفاسقين وكيف يؤتمن على الشؤون العامة للمسلمين من يترك فرض اللهP، إذاً الدليل الثامن على اشتراط الإيمان في ولي أمر المسلمين تام لا غبار عليه.

الدليل التاسع ما دل على أن إنكارهم أو إنكار أحدهم كإنكار جميعهم ومنه ما رواه الكليني في أصول الكافي عن ذريح بن يزيد قال سألت أبا عبد الله× من الأئمة بعد النبي| قال: >كان أمير المؤمنين إماما ثم كان الحسن× إماما ثم كان الحسين× إماماً ثم كان علي بن الحسينj ثم كان محمد بن علي‘ إماما من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله¨ ومعرفة رسوله، ثم قال فقلت أنت جعلت فداك فأعدتها عليه ثلاث مرات ـ الإمام الصادق ـ فقال لي إني إنما حدثتك لتكون من شهداء الله¨ في أرضه<([10] )، طبعاً هذه الرواية نستدل بها على عنوان آخر، الرواية التي نستدل بها على هذا العنوان أن من أنكر واحداً منهم كما أنكره هي الرواية التي تلي الرواية الخامسة، ما رواه الكليني عن جابر بن يزيد الجعفي قال سمعت أبا جعفر¤ يقول: >إن ما يعرف اللهP ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت ومن لا يعرف اللهP ولا يعرف الإمام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلاله<.

الدليل العاشر: ما دل على أن إنكارهم كإنكار اللهO من ينكر الأئمة ينكر الله P ومن الواضح أن من ينكر اللهN لا تصح زعامته للمسلمين، والرواية هكذا التي ذكرناها رواية رقم 4 هكذا جاء فيها >من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله¨ ومعرفة رسوله ومن الواضح أن من ينكر معرفة الله ومعرفة رسوله لا تصح إمامته للمسلمين وبالتالي لا يصح جعل الولاية العامة للمخالف الذي ينكر معرفة الأئمة^ لأن إنكار معرفة الأئمة بمثابة إنكار معرفة الله والرسول، إذاً الدليل التاسع تام لا غبار عليه.

الدليل الحادي عشر: ما دل على أن من لا يعرف الأئمة لا يعرف اللهP ومن الواضح أن من لا يعرف الله P لا يصح أن يكون ولياً لشؤون المسلمين، العامة والدليل على ذلك عدة روايات منها ما ذكرناها وهي ما رواه الكليني عن جابر بن يزيد الجعفي قال سمعت أبا جعفر× يقول: >إنما يعرف اللهP ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منّا أهل البيت ومن لا يعرف اللهP ولا يعرف الإمام منّا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالة<.

تقريب الاستدلال من لا يعتقد بإمامة الأئمة^ ومن لا يعرف الأئمة الاثني عشر¥ إنما هو ضال ويعبد ويعرف غير الله بمقتضى هذه الرواية هذه الصغرى، والكبرى وكل من لا يعرف الله ويكون ضالاً لا تصح إمامته للمسلمين، إذاً الدليل العاشر يدل على اشتراط الإيمان في ولي الأمر.

الدليل الثاني عشر: ما دل على أن من لا إمام له فسعيه غير مقبول وهو ضال متحير ومن الواضح عدم صحة زعامة الضال المتحير الذي يكون عمله غير مقبولاً ولا يصح له أن يتصدى للشؤون العامة للمسلمين، ومن الأدلة الدالة على هذا المعنى ما رواه الكليني بسنده الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر× يقول: >كل من دان اللهP بعبادته يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول وهو ضال متحير والله شانئٌ لأعماله ـ الله يبغض أعماله ـ ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها فهجمت ذاهبة وجائية يومها ـ يعني تذهب وتأتي ـ فلما جنَّها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فباتت معها في مربضها ـ يعني باتت الذئاب مع الشياه ـ فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك فهجمت ذعرة متحيرة تائهة لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها ـ هذا حال من لا يؤمن بالولاية إذاً هو يحتاج إلى الإرشاد كيف يكون مرشداً ـ فبينما هي كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من اللهP ظاهرٌ عادل أصبح ضالاً تائهاً وإن من مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد<([11] ).

تقريب الاستدلال دل الدليل الحادي عشر وهو صحيحة محمد بن مسلم على أن من مات ولا يعرف إمامة الأئمة الاثني عشر مات ميتة كفر ونفاق وفي حياته يكون ضالاً متحيراً ومن الواضح عدم صحة رئاسة وزعامة الضال المتحير في حياته ومن يموت ميتة كفر ونفاق فمثل هذا الشخص لا يمكن أن يتصدى للشؤون العامة للمسلمين فلا تصح ولايته.

الدليل الثالث عشر: ما دل على أن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ومن الواضح أن من يموت ميتة جاهلية لا تصح ولايته العامة على المسلمين ويدل على ذلك ما رواه الكليني بسنده الصحيح عن عيسى بن السري قال، قلت لأبي عبد الله× حدثني عن ما بنيت عليه دعائم الإسلام إذا أنا أخذت بها زكى عملي ولم يضرني جهل ما جهلت بعده فقال×: >شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله| والإقرار بما جاء به من عند الله وحق في الأموال من الزكاة والولاية التي أمر اللهP بها ولاية آل محمد| فإن رسول الله| قال من مات ولا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية قال اللهP {أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}([12] )، فكان علي× ثم صار من بعده حسن ثم من بعده حسين ثم من بعده علي بن الحسين ثم من بعده محمد بن علي^ ثم هكذا يكون الأمر إن الأرض لا تصلح إلا بإمام ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه ها هنا قال وأهوى بيده إلى صدره يقول حينئذ لقد كنت على أمر حسن<([13] )، إذاً الدليل الثالث عشر تام على اشتراط الإيمان في ولي الأمر إذ أن من لا يعتقد بإمامة الأئمة تكون ميتته ميتة جاهلية ومن الواضح أن من ميتته ميتة جاهلية لا يصح أن يتولى الشؤون العامة للمسلمين.

الدليل الرابع عشر: ما دل على سلب الثواب والإيمان عمن لم يعرف ولاية ولي الله وهناك روايات تدل على ذلك منها هذه الرواية التي رواها الشيخ الكليني في أصول الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه وعبد الله بن الصلت جميعاً عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة عن أبي جعفر الباقر× فالرواية صحيحة السند صحيحة زرارة قال: >بني الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية قال زرارة فقلت وأي شيء من ذلك أفضل فقال الولاية أفضل لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن إلى أن قال ذروة الأمر وسنامه مفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن الطاعة للإمام بعد معرفته إن اللهP يقول {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}([14] )، أما لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه وتكون جميع أعماله بدلالته إليه ما كان له على اللهP حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان<([15] ).

تقريب الاستدلال بالدليل الرابع عشر دل الدليل على أن من لا يعتقد بولاية ولي الله مسلوب الثواب مسلوب الإيمان وليس له حق على الله P مهما قام بعمل صالح ومن الواضح أن ولي أمر المسلمين لا يصح أن يكون ممن لا يحصل على أي ثواب في جميع أعماله.

الدليل الخامس عشر: ما دل على أن الاعتقاد بولايتهم دين الله ودين ملائكته فيكون المخالف لهم ليس على دين الله ولا على دين ملائكته منها هذه الرواية ما رواه الكليني بسند معتبر عن إسماعيل بن جابر قال، قلت لأبي جعفر× اعرض عليكَ ديني الذي أدين الله P به، قال: >هات قال فقلت أشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله وأن علياً كان إماماً فرض الله طاعته ثم كان بعده الحسن إماماً فرض الله طاعته ثم كان بعده الحسين إماما فرض الله طاعته ثم كان بعده علي بن الحسين إماما فرض الله طاعته حتى انتهى الأمر إلي ثم قلت أنت يرحمك الله قال فقال هذا دين الله ودين ملائكته<([16] )، إذاً الدليل الخامس عشر تام.

الدليل السادس عشر: ما دل على أن الأئمة^ حكمهم في وجوب طاعتهم واحد وأن من أنكر واحداً منهم كمن أنكر جميعهم، منها هذه الرواية ما رواه الكليني عن أبي بصير عن أبي عبد الله× قال سألته عن الأئمة^ هل يجرون في الأمر والطاعة مجرى واحد قال >نعم<([17] )، إذاً الدليل السادس عشر تام لأن المخالف لا يؤمن بجميع الأئمة ومن أنكر واحداً منهم كمن أنكر جميعهم ومن أنكر جميعهم كمن أنكر الله P والرسول|.

الدليل السابع عشر: ما دل على ضلالة من لم يعرف هذا الأمر ومن الواضح أن الضال لا تصح ولايته للمسلمين، دل على ذلك هذه الرواية العظيمة معتبر سفيان بن الصمت قال سأل رجل أبا عبد الله× عن الإسلام والإيمان، ما الفرق بينهما، فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه ثم التقيا في الطريق وقد أزف من الرجل الرحيل، فقال له أبو عبد الله×: >كأنه قد أزف منك رحيل؟ فقال: نعم، فقال: فالقني في البيت، فلقيه فسأله عن الإسلام والإيمان ما الفرق بينهما، فقال×: الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الإسلام، وقال: الإيمان معرفة هذا الأمر مع هذا فإن أقر بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلماً وكان ضالاً< ([18] ) ومن الواضح أن المسلم الضال لا يصح أن يتولى زعامة المسلمين العامة، هذه أدلة سبعة عشر تامة على اشتراط الإيمان في ولي الأمر ويمكن الحصول على الكثير من الأدلة التي تدل على اشتراط الإيمان في ولي الأمر.

 


[1] () الكافي، ج1، ص67، باب اختلاف الحديث، الحديث 10.
[2] () نظرية الحكم في الإسلام، ص298 ـ 303.
[3] () الولاية الإلهية الإسلامية، ج3، ص138 ـ 146.
[4] () وسائل الشيعة، ج27، ص13، اباب الأول من أبواب صفات القاضي، ح5.
[5] () وسائل الشيعة، ج2، ص13، باب10 من أبواب صلاة الجماعة، ح5.
[6] () نظرية الحكم في الإسلام، ص298.
[8] () الكافي، ج1، ص180، الحديث 3.
[9] () الكافي، ج1، ص188، الحديث 6.
[10] () نفس المصدر، الحديث 4.
[11] () الكافي، ج1، ص183، الحديث 8، وص375، الحديث 2، نحوه الآية 18 من سورة إبراهيم.
[13] () الكافي، ج2، ص21، الحديث 9.
[15] () الكافي، كتاب الإيمان والكفر باب دعائم الإسلام، الحديث 5.
[16] () نفس المصدر، ج1، ص188، الحديث 13.
[17] () الكافي، ج1، ص187، 188، الحديث 7 و9 و15.
[18] () نفس المصدر، ج2، ص24.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo